يكثر الحديث في هذه الأيام في كثير من الأوساط وخاصة الأوساط ذات العلاقة بالعقارات حول الرهن العقاري، وحول مدى أهمية هذا القانون وفيما لو كان تطبيقه سيعود بالفائدة على السوق العقاري وعلى بقية الأسواق وبالتالي على الحركة الاقتصادية على اعتبار أنّ سوق العقارات في بلادنا يعتبر من الأسواق القيادية ذات القدرة على توجيه السوق ودفعه سواء باتجاه الصعود, أو الهبوط لما لهذا السوق من حجم ضخم إذا ما قورن بأي سوق آخر.
حمدان يوسف العتيبي الخبير الاقتصادي وصاحب الباع الطويل في مجال العقارات يجيبنا حول قانون الرهن العقاري ومدى فائدة هذا القانون, وهل سيعود بهذه الفائدة على المواطن أو المستهلك العادي.
ما المقصود بالرهن العقاري؟
إنّ الرهن العقاري هو قانون ينظم العلاقة بين الدائن والمدين, ويضعها في إطار قانوني يضمن لكل منهما حقه، وينظم بالتالي في حال حدوث مشاكل لا قدر الله آلية انتقال المرتهن من ملكية المدين إلى ملكية الدائن, وبالتالي فهو يضمن لصاحب المال حقه مما يساعده على منح القروض بصورة أسهل وأسرع.
وما الجديد في موضوع الرهن العقاري؟
إنّ قانون الرهن العقاري يعتبر جديداً ككل في السعودية، فهذا القانون لم يكن موجوداً بالسابق إي أنّ الجهات المانحة أو الممولة بتعبير آخر لم تكن قبل هذا القانون تستطيع أن ترهن الأرض أو العقار وذلك لعدم العمل بهذا القانون بالمملكة، وقد كانت البنوك وهذا هو الأسلوب الذي يتبعه الجميع الآن تركز بشكل كبير على أن يكون صاحب القرض أو الشخص الذي يطلب التمويل يحصل على دخل شهري مثل الراتب مثلاً, وأن يقوم بتحويل هذا الراتب عليها مباشرة كنوع من أنواع الضمان لحقوقهم, وبالتالي فلم تكن هناك فرصة للجميع بالحصول على قروض عقارية, ولم تكن البنوك أو الجهات الممولة تستطيع أن تؤمن المبالغ التي تقرضها وبالتالي فقد كانت الأمور تسير بشكل محدود جداً، أما الآن فقد اختلفت الصورة بشكل كبير حيث إنّ الممول يستطيع أن يضمن حقوقه برهن العقار والحصول عليه في حال لم يلتزم المدين بالتسديد وهو الأمر الذي لم يكن مصرحاً به في السابق، فهو بكل بساطة يضع يده على العقار ويبيعه ويسيل ثمنه, ويحصل على حقه كاملاً, ويعيد ما تبقى من هذا الثمن للمدين باعتباره الجزء الذي قام بتسديده.
وفي حال هبوط أسعار العقارات كما حدث في أسواق الأسهم مثلاً فهل هناك ما يضمن للبنوك حقها؟
تاريخياً تعتبر أسواق العقارات من الأسواق الأكثر ثباتاً، والدارج أن ترتفع أسعارالعقارات مع مرور الوقت لا أن تهبط، وبالتالي فإنّ الهبوط يعتبر غير وارد إلى حد كبير، هذا من جهة أما من جهة ثانية فإنّ البنوك أو الجهات الممولة تقوم أولاً وقبل كل شيء بتقييم العقار وفق معاييرها هي والتي غالباً ما تكون متحفظة، ويقوم بهذا التقييم أناس متخصصون جداً، وبعد هذا التقييم المتحفظ تقوم البنوك بصرف نسبة معينة من قيمة العقار المقيّمة, ولا تقوم بتمويل المبلغ كله كأن تقوم بدفع 70% أو 60% من قيمة العقار وبالتالي فإنه حتى في حالة حدوث هبوط ما فإنها ستبقى في أمان على الأقل بنسبة كبيرة جداً، وفي حال حدوث ما هو غير متوقع كأن تهبط الأسواق بشكل كبير ومبالغ فيه فهنا تحدث الأزمة المالية للجهات الممولة, كما حدث في أمريكا وبعض دول أوروبا حيث تسببت الأزمة في إفلاس الكثير من البنوك والتي لم تستطع أن تسترد رؤوس أموالها مما صعّد وزاد من حجم الأزمة وزاد من تمددها وانعكاسها على كثير من الأسواق غير السوق العقاري، وأود أن أؤكد هنا أنه على الرغم من أنّ قانون الرهن العقاري لابد سيعود بالفائدة على الأسواق وسينعشها، ولكن يجب التعامل معه بحذر ويجب عدم الانفتاح به أكثر من اللازم حيث إنه سلاح ذو حديين بإمكانه أن يدمر الاقتصاد مثلما بإمكانه أن ينعشه.
هل تظن أنّ قانون الرهن العقاري سيساهم برفع الأسواق وزيادة الأسعار؟
بشكل عام إننا نستطيع الجزم أنّ قانون الرهن العقاري يزيد من حالة الطلب بالسوق نظراً لضخ كميات كبيرة من الأموال عن طريق القروض، وبالتالي فإنّ المعادلة الحسابية تقول إنّ الأسعار سترتفع بدون شك نظراً لهذه الزيادة في الطلب مثل الحال في أي سوق آخر يتأثر بالعرض والطلب بل إنّ المحرك الرئيسي له هو العرض والطلب فهو يرتفع بزيادة الطلب ويهبط بزيادة العرض، وحسب توقعي الشخصي فأنا أظن أنّ الأسواق سترتفع لدرجة معينة بعدها ستبدأ بالتشبع فتعود للاستقرار من جديد بسبب زيادة العرض الذي نتج عن مشاريع جديدة وكثيرة تم تمويليها نتيجة إقرار قانون الرهن العقاري.
من وجهة نظرك الشخصية هل تظن أنّ هذا القانون قانون الرهن العقاري سيعود بالفائدة على المواطن أو المستهلك بشكل عام؟
بدون شك فهذا القانون ربما يكون جديداً بالنسبة لنا ولكنها تجربة قديمة, ومعمول بها في كثير من دول العالم ونستطيع أن ندرس هذه التجارب ونحللها ونحاول أن نستفيد من أخطاء غيرنا لكي نجني الثمار على الوجه الأمثل، فنحن لسنا مضطرين أن نتعلم من أخطائنا فمن الأفضل أن نتعلم من أخطاء غيرنا خاصة وأنّ غيرنا هذا له باع طويل بهذه التجربة.