يظن كثيرون ، خاصة ممن لم يوفقوا في مشروعاتهم أو حياتهم بشكل عام أن السبب في هذا الفشل ليس إلا سوء في الحظ، والحقيقة أنّ سوء الحظ أو سوء الطالع هذا ما هو في النهاية إلا ذريعة أو حجة يعزي بها الإنسان نفسه، حيث يربط فشله فيها بقوى خارجية أكبر منه لا تريد له النجاح بشكل أو بآخر، والحقيقة أنّ النجاح بحد ذاته له أسس وقواعد مهمة منها العملية، ومنها أيضًا العلمية التي لابد من تطبيقها للوصول له وتحقيقه، والأكيد أنّ كل ناجح طبق أو يطبق هذه الأسس حتى بغير علم منه أحيانًا، أو ببساطة شديدة يجهل من خلالها أنه بذلك يطبق أدق متطلبات وأساليب العلم الحديث في النجاح، وهو الغاية التي لا يصبو إليها كل مستثمر فقط، وإنما كل إنسان على وجه الأرض.
يقول
جمال أبو زيد أستاذ علم الإدارة: للوصول للنجاح بعد توفيق الله تعالى لا بد من إتقان صفتين رئيستين، حيث إنّ هاتين الصفتين هما الأساس المتين الذي ينطلق منه كل ناجح، ويرتقي بعد ذلك بصفات فرعية مشتقة ليكمل أو يعزز نجاحه، وهاتان الصفتان هما:
أولاً: إتقان التفكير
وثانيًا: إتقان التطبيق
وهما صفتان مرتبطتان ببعضهما البعض؛ فالتطبيق وإتقانه يكون لما توصلنا إليه من خلال تفكيرنا، أما التفكير نفسه فما هو إلا ترتيب لأولويات المتطلبات طبقًا لأهميتها أو الحاجة لها في مختلف النواحي سواء الحياتية أو الاستثمارية.
ولتطبيق وإنجاز هذه المعادلة علينا اتباع ما يلي:
ترتيب الأولويات:
فنحن وفي اليوم الواحد فقط نمتلك العديد من الواجبات والمتطلبات المراد تنفيذها، وغالبًا وهي فطرة بالإنسان ما يميل الذهن للأمور الأقل أهمية، وذلك لما تتطلبه من مجهود أقل ووقت أقل نستطيع خلاله أن ننجز أكثر من عمل واحد، مما ينعكس سلبًا على الأمور الأكثر أهمية، وهي التي تم بذلك تأجيلها برغم أنها أكثر أهمية من سابقاتها، ولتجاوز هذه المرحلة وإتقانها علينا أن نتبع الخطوات التالية:
ترتيب الأمور حسب الأهمية من مرحلة التفكير؛ فصرف جزء يسير من الوقت في ترتيب الأمور حسب الأهمية يحقق لنا ذلك.
عمل جدول يومي للأعمال التي نقوم بها ومحاولة الالتزام به.
رفض كل عمل غير مهم ما دامت هناك أعمال مهمة.
استغلال أفضل الأوقات.
اقتناص الفرص:
فكلنا يعرف قيمة الفرصة خاصة عندما تذهب، فنحن دومًا نحاول اقتناصها عندما تصبح بعيدة عن متناول أيدينا، والفرص تأتي متنكرة وتذهب ساخرة وهذا السر وراء تضييعها من قبل الكثيرين.
وصاحب المبادرات والنجاح هو الذي يقفز على الفرصة كما يقفز الطير على الحب، أما غيره فينتظرها؛ لكي تأتي إلى أحضانه، وعلى كل لابد لنا أن نعرف خصائص الفرصة وهي:
الفرصة تأتي ضبابية غير واضحة المعالم.
الفرصة لا تبطئ، فالزمن ليس في مصلحة من يريد اقتناصها.
تأتي الفرصة متكافئة ومتساوية للجميع.
الفرصة بعد أن تذهب لا تعود.
ولكي نمتهن ونتقن استغلال واقتناص الفرص لابد لنا من التالي:
الاستعداد المسبق: فالخطوة الأولى لصيد الفرص هي التزود المسبق بأسباب اغتنام الفرص، فالناجحون والفاشلون يجدون معًا الفرصة؛ لكن الناجح يستعد لها فيصيدها.
القفز على الفرصة حينما تأتي دون تأخير: فالفرص لا تبالي بمن لا يبالي بها، وهي لا تتكرر، وهذا يعني أن نتصرف تجاهها وكأنها الفرصة الأخيرة، فإذا رأينا شبح الفرصة، فعلينا أن نبادر إليها، ولا ننتظر إلى أن تتحول إلى كتلة، فعندما تتراءى الفرصة فهذا مجال الاستعجال والحركة وليس مجال الركون.
استغلال الفرصة من دون وضع شروط لها: فالفرصة هي التي تفرض شروطها، وهذا يتطلب أن نقبل بواقع الفرص.
التمسك بالفرصة بقوة وعدم التردد في ذلك: فالكثير يخشى النجاح إذا كان فجائيًا فلا يبادرون إلى الفرصة.
بذل قصارى الجهد:
وهي المرحلة الثالثة المطلوبة بعد ترتيب الأولويات واقتناص الفرص، فالإنسان في داخله طاقة كامنة تقدر بأضعاف أضعاف ما يستخدمه منها، ولو أننا سخرنا جزءًا يسيرًا من هذه الطاقة الكامنة فبكل تأكيد ستكون حياتنا مختلفة تمامًا، فعلينا الآتي:
الالتزام بمواعيد محددة: فليس هناك ما يحفز على النشاط كوجود موعد أخير جازم وصارم، فالموعد كلما كان أكثر جزمًا شق على النفس نقضه.
المواظبة على الحركة: بأن نأخذ متسعًا من الوقت للتخطيط المتزن ولكن دون أن يصرف الوقت كله، فلنباشر بكل ما نقدر عليه من عمل فنحن لا يمكننا تكديس الحيوية بعدم استعمالها.
السباق مع النفس: فإذا كنا قد أدينا مقدارًا معينًا من العمل أمس فنحاول أن نزيد عليه اليوم وسرعان ما نكتشف أنّ قدراتنا أكثر مما كنا نتوقع.
نلتزم الجد والاجتهاد: فالنجاح دومًا هو مولود الجد والاجتهاد معًا.
وبعد إتمامنا للمهارات السابقة لابد أيضًا أن نتأكد من إتمام ما يلي:
تحقيق إنجازات يومية:
إنّ الناجحين لا يستغرقون في أحلام اليقظة بتحقيق أمانيهم مرة واحدة، بل يحاولون إنجاز شيء في كل يوم والاقتراب عبره إلى تحقيق الأهداف. فكل خطوة في اليوم الواحد تعني ثلاث مئة وستين خطوة في السنة الواحدة.
المواظبة على التجديد والإبداع:
التجديد سر استمرار الوجود؛ فالبقاء على حالة واحدة معناه الموت، والتجديد قانون هذه الحياة، فلقد كان خلق الإنسان تجديدًا عظيمًا في الكون، ثم جاء التغيير الدائم واختلاف الليل والنهار والفصول والولادة والوفاة، ومن يتناغم معه فيطور عمله ويجدد فيه ويأتي دائمًا بالجديد فسيكتب له النجاح.
إتقان فن العلاقات العامة:
النجاح لعبة اجتماعية يقوم بها الإنسان في محيط الناس، وليست لعبة فردية؛ لذا فإننا لن ننجح إن لم نكن قادرين على بناء علاقات عامة، فما تكسبه أنت من الناس يحدد مدى نجاحك، وما تخسره منهم يكشف عن مدى فشلك؛ لذا فإنّ إجادة فن الصداقة هي الخطوة الأولى نحو النجاح