دندنة على عود حزين

سأنساك

 

في ليلتي هذه.. أستميحك عذرًا، فلن تكون نجمي الأول، ولا من أُول اهتماماتي..

في ليلتي هذه.. سترى أن أشياءً كثيرة تغيّرت واختفت بيننا، فلا أستطيع التحدث معك، أو حتى النظر إليك، فلا ترتجي مني حنينًا يعيدني للوراء.. في ليلتي هذه..

سأنساك أو أتناساك، سأحاول أن أمحو كل ذكرياتي منك، وأزيل بقايا الصور من ناظري، ولن أبقي منك جزءًا في حياتي، لا أريد سماع أي شيء عنك، أريدك أن تختفي من عالمي، وترحل إلى المكان الذي آثرته عليَّ، لأني اليوم وفي هذه اللحظة

قررت أن أبقيك مجرد طيف أهمِّشه، لا أريد أن أكون لك أكثر من ذلك..

لك سلامي.. ولك وداعي.. ولك بضع من الدعوات..

في ليلتي هذه.. سأترك لك ماضينا كتابًا قد ترغب بقراءته يومًا ما، وإلا فألقه في اليم ولا تسأل بعده عاشق بحر ولا رحّال.. يا جرحي.. ويا معذبي.. ويا أساي..

في ليلتي هذه.. قررت أن أنساك فانسني أنت أيضًا، لأن المحال بيننا هو اللقاء..   

 

فريال سعيد

 

 

الطلاق لماذا؟

 

المشهد في أروقة المحاكم، يقف كل من الرجل والمرأة، ويجلس أمامهما الأبناء (الضحية)، وفي المقابل يكون القاضي جالسًا أمام مكتبه العريض، القضية التي تنظر عن انفصال شخصين، قدرًا إنها العلاقة الإنسانية  تحكم بنطق القضاء، ليكون قاضي المحكمة هو المحدد لمسار حياة الأبناء، فإما البقاء مع الأب أو الأم أو الدخول في غياهب الأمراض النفسية، من هذا السيناريو التعيس أخذت أتعمق في ظاهرة النسب المرتفعة للطلاق، والتي فاقت النسب الأخرى للدول العربية.

أخذت أسأل هؤلاء (المتشاحنين) سواء الساعين للانفصال أو المنتهية علاقاتهم، فأجد إجاباتهم لا تدل على أنها بحجم الانفصال أو توهان الأطفال (الأبرياء).

أسألهم كثيرًا، فأجدهم من حملة الشهادات (العالية) من دكتوراه وماجستير، في حين أنهم فاشلون وفاشلات في تكوين أسرة، ولا يملكون القدرة للمحافظة على الأسرة.

 أسألهم، فأجد الغياب الكامل لمفهوم الزواج ومفهوم الأسرة، بل وغياب للثقافة بشكل عام.

 أتركهم في احتقاناتهم، فأتجه لمختصين في النفس والاجتماع، فلا أجد إجابات مقنعة تشفي ما أصابني من كآبة من رؤية لمناظر مأساوية والتي تزيد من مآسينا كعرب وتصب في تأخرنا.

هي أخطاء فادحة، يرتكبها أشخاص قرروا عدم إكمال المسيرة للكيان الأسري، دون تحريك للضمير وما سيؤول إليه مصير من كانوا السبب في وجودهم.

 كل هذه المشاهد تجعلني أبحث عن إجابات وحلول في أماكن أخرى، ربما في زمن آخر، ربما أكون مضطرًا للرجوع إلى الوراء ورجعيًا لبعض الوقت.

أحاول أن أبحث في التاريخ العتيق عن أشخاص من الأساطير، يقدرون قيمة الإنسان، عن زمن كان مفهوم الأسرة والزواج واضحًا، عن زمن كانت النظرة العبقرية للحياة وللأسرة، عن زمن أنجب المبدعين والمتميزين في الحياة، كانوا قمة في احتواء الأسرة، رغم عدم إمساكهم للورقة والقلم أو (اللاب توب)! قد أبدو باكيًا على أطلال الماضي، لكنني في الحقيقة باحث عن متنفس لمعضلاتها العصرية، وحتمًا أبحث عن المفهوم الصحيح، فهو الحل ولا شيء غيره.

 

عباس إدريس

 

أكبـر عذاب

 

أكبر عذاب هو أن تحب شخصًا بجنون، وهو وبكل بساطة لا يدري عنك!

فعندما يغيب، تحترق شوقًا له.. لكنك لا تستطيع أن تطفئ لهيب شوقك برؤيته أو بسماع صوته..

وعندما تراه، تريد أن تركض نحوه، وتقول له كل ما بداخلك، وأن تصرخ أحبك!

لكن تتردد بعدها خوفًا من أن يردك خائبًا.

 

آلاء سعد

 

 أنا......

 

من أنا…؟ أنا الأحزان وأنا دمعة العاشق الولهان، أنا الماضي البعيد.. أنا جروح الأزهار.. وردة ذبلت على طرف بستان، أنا صمت الجبال.. بعد حبيب عن الأوطان،

أنا تفكير عاجز يتمنى السؤال، وادٍ أنتظر الأمطار.. أنا بحارٌ وسط رعد وأمواج وأمطار.. حزن طفل يُتِّم تعبًا من بعد والديه، أنا فاقد للبصر وأتمنى أن أرى الألوان

أنا غريب يسأل عن عنوان، أنا كتاب بلا عنوان، أنا العاشق الذي وقف ينظر متى يرجع الهلال، ولكن بدونك.. لن أعيش في هذا الزمان.   

 

تركي فاضل

 

أوراق الواقع

 

متى تعود تلك الأيام التي لها بريق في قلبي، ولها موسيقى في مسامعي، ولها دفء في بيتي.. كنت أتمنى لكِ الفرح قبل أن أتمناه لنفسي! كنت أفديك بروحي ولا أبالي بما سيحدث لي؟! كنت أفور غضبا لزعلك، بل يجن جنوني إذا علمت بمشاكلي، كنت أجهل ما سيحدث لي إذا غدرتَ بي، بل لم أتوقع غدرك أبدا.. كنت أتشوق لسماعك، وكنت أغضب لغضبك وكنت أفرح لفرحكِ!! ندمت على كل لحظة عشتها معكِ، بل كرهت ذكرااااها.. كرهت جنوني بك وحديثي عنكِ، وكرهت قلبي الذي يدفئكِ دائما إذا لجأتِ له.. أوفيت لك من أجل مصطلح اسمه الصداقة الذي أصبح ممحيا من أوراق واقعنا العنيد.

 

شمعة الجلاس

 

مِزمَار الحَياة..

 

قَد يَبدو الهواء اليوم بِقمة الصفاء والأشجار تبدو فيها حياةً جديدة، والبحْر يبدو أنه استعان بِبعض أمواج المُحيط الضَخمة، والغيوم كَما هي، تُجمع الأمطار لِتنثرها على أرضٍ أُصيبت بِجفاف! «حياة جديدة»، كانت تُضفي على أمكنة الحزن أملاً دافئًا.. وتغرس الابتسامات دائمًا.. لكن يبقى الحزن غلافها، لكن الآن.. أنا أصبحت ضائعة! أبحث عن مَخرج تِلك المتاهة الكبيرة جدًا.

يَعمُ عليها السواد.. الحزن.. الخوف..وأيضا السماء.. غشّاها غَيم أسود كثيف!

وأصبح المكان مَهجورًا، لَيس هُناك سِوى أصوات أنيني.. أنادي، لكن ليس هناك من مجيب، لكن الأمل مازال بقلبي، فَابحثوا، ابحثوا، أبحث، إلى أن وصلت لمخرج هذه المتاهة! لأرى نورًا كثيفًا عِند تلك البوابة، اقتربت، لأراك تقف وابتسامك تظهر تلك الغمازتين الجميلتين، وخلفك.. تخبئ شيئًا! ذهبت مسرعة إليك.. ضممتك.. قبلتك.. أحسست بالأمان الذي أفتقده كثيرًا، لكن رأيت أناسا كثيرين خلفه! والكثير مِن ورد الأقحوان، ومضيت لهم وكأن شيئا لم يكن! كانت هذه حياةً قديمة لي.. تخطيتهَا والآن غارقة في محيطات النور.

مريم عبدالكريم علي

 

 

دندنة على عود حزين

 

أمام القمر

وأسفل النجوم

ودندنة على عود الأحزان

وأسمعت ألحاني للقلب الحزين

وصنعت أبيات القصيد

ولحنتها باللحن الحزين

وعزفت على الأوتار الجريحة

وتذكرتك.. تذكرت أيامك

تلك الأيام التي زخرفها الوهم والخيال

أيام خداعك لي..

نعم صدقتك واتبعتك

لكن فجأة

صحوت من غيبوبتي.. وأشرقت أمامي الحقيقة

 بأنك كنت تخدعني

وتلهمني

أنت يا من تعلقت به يومًا وتمنيته

وتمنيته دهرًا

أطل الغياب

أطل الرحيل والهجر

وأذهب.. أذهب إلى حيث لا أجدك أبدًا..

 

صاحبة الجرح السرمدي

 

 

حفرت قبرها

 

لم تكن تعرف أنها تحفر قبرها بيديها، عندما قررت أن تزوج ابنها، لقد كبر وأصبح شابًا، إنه فرحة عمرها الذي مضى، بحثت كثيرًا عن عروس تناسب ولدها الغالي، وأخيرًا وجدت ضالتها، إنها فتاة جميلة وعلى خلق، وتم الزواج على خير ما يرام وابتدأ ابنها يبعد عنها شيئًا فشيئًا!

كانت تعاتبه كثيرًا وتسأله عن سر هذا البعد، مع أن منزلها لا يبعد عنه كثيرا، يهرب من أسألتها، ويتأفف دائمًا وتضيق ذرعًا، ذهبت لزوجته، فسألتها عن بُعد ابنها عنها، نظرت الزوجة إلى الأم وقالت لها، ألم تفهمي؟ لقد أصبح زوجًا ولديه مشاغله، ردت الأم: ولكن يا ابنتي سؤاله عني لا يشغله عن عمله، إنها دقيقة من وقته فقط، لا شيء أكثر، أدارت الزوجة وجهها، وخرجت الأم حزينة.

خرجت ودموع في عينيها، وقررت فجأة أن تقتل الوحدة.

استغرب الابن غياب أمه التي لم تعد تعاتبه كعادتها، فقرر الذهاب إليها وقرع الباب فخرج له رجل.. اندهش وسأله من أنت؟ فأجاب.. أنا زوج أمك يا ولدي، خرجت الأم وقد تغيرت كثيرًا ودعته إلى الدخول، ولكنه رفض، وركض وهو يبكي على ما فعله وتذكر أمه وكيف ظلمها.

 

نوال حسن سليمان سليم

 

 

عروس في النفق

 

أحببت أن أروي قصة من قطاع غزة..، خطب ابنة عمه، كانت تقطن في السعودية قبل ثلاث سنوات، اتصل والده بشقيقه، وطلب يدها وتمت الموافقة وتقرر أن يكون الفرح في غزة بعد عام من الخطبة، ولكن إغلاق المعابر حال دون دخولها، أجّل فرحه ثلاث مرات على أمل أن يفتح المعبر، ولكن طالت الأزمة ولم يعد له صبر، نسق مع أحد القائمين على الأنفاق، حيثُ قدمت عروسه إلى الأراضي المصرية بطريقة رسمية، وقام المشرف على النفق بالتنسيق مع شريكه في الجانب المصري الذي أمّن إنزالها إلى داخل نفق ضيق ومظلم، على الرغم من توافر إنارة خفيفة في الممر ووصولها عبره تحت الأرض، حيثُ كان عريسها وأهله في انتظارها في الجانب الفلسطيني على أحرّ من الجمر، كانت رؤيته لخطيبته أعظم فرحة، وتم التحضير لحفل الزفاف بعد شهر من اللقاء، فهذه مجرد حكاية من الحكايات النهائية في أعماق الأنفاق المنتشرة تحت الأرض.

 

درويش محمد عباس