توقعات الخبراء.. انتعاش اقتصادي في 2009 بدلاً من 2010!

يقول محمد طلال يوسف الخبير المالي: «إنّ الأوضاع المالية كانت ولا تزال تحت الدراسة والمراقبة, وذلك من قبلنا ومن قبل العالم أجمع وكل من يهتم بالاقتصاد فيه، والسبب بدون شك هي الأوضاع الاقتصادية السيئة وغير الطبيعية التي مرت بالجميع بعد الأزمة المالية العالمية، والضرر الكبير الذي طال أغلب شرائح المجتمع بما فيها الطبقات التي كانت دوماً بعيدة كل البعد عن أي حسابات اقتصادية, وهي طبقة العمال والبسطاء والتي تعرضت أعداد كبيرة منهم لضغوط مادية أحياناً, ولترك للعمل أحياناً أخرى؛ وبالتالي فقد أصبح هؤلاء من ضمن المتأثرين بها بطريقة مباشرة, وللمرة الأولى».



 

الخبير محمد يوسف يقول:» إنّ الأوضاع كان يتوقع لها أن تشهد انفراجاً ملحوظاً في منتصف العام القادم، كما أشارت بعض التوقعات أنّ الانفراج سيكون تدريجياً في 2010م, ولن يكتمل في العام نفسه، وكانت بعض الآراء تظن أنّ مجرد وقف النزيف والحد من الخسائر هو بحد ذاته تقدم وإنجاز، وازدادت مؤشرات التفاؤل بعد ذلك لتؤكد أنّ الأسوأ قد وصل فعلاً وأنّ العام 2010 سيحمل بعض التقدم، وإن كانت هذه الآراء متواضعة حول مقدار هذا التقدم إلا أنّ مجرد حدوث تقدم يعني أنّ الأزمة قد ولت, وأنّ الاقتصاد قد تعافى بشكل شبه كلي، والآن نحن نرى أنّ الآراء المتواضعة تبدأ بالخروج عن تواضعها لتقول إن العام 2009 نفسه قد شهد بعض التقدم, وأنّ هذا التقدم سيترجم إلى أرقام في نهاية العام وفي نتائج الربع الرابع ليكون الوضع في العام القادم وضعاً طبيعياً للاقتصاد, وهذا ما أكد عليه صندوق النقد الدولي من خلال رئيسه دومينيك ستراوس, والذي صرح بقوله: إنّ الاقتصاد العالمي سوف يبدأ بالانتعاش أواخر هذا العام بدلاً من النصف الأول من 2010 حسب مؤشرات الصندوق الراهنة», وأوضح أنّ الانتعاش قد يبدأ قبل النصف الأول من عام 2010 في أواخر 2009. وأضاف أنّ أحدث توقعات الصندوق تظهر أنّ النمو العالمي قد يبلغ 3% في العام المقبل بعد إنكماش بنسبة 1% في 2009م».

لماذا قد تكون الاستجابة للصعود بطيئة بينما كانت الاستجابة للتراجع سريعة جداً؟

طرحنا هذا السؤال على الخبير المالي والذي بادر بالقول:» إنّ الأمور ليست بهذه الطريقة، فالاستجابة للهبوط كانت سريعة لأنّ أغلب الشركات والبنوك والمستثمرين كانوا داخل السوق فعلاً وتعرضوا لخسائر حقيقية مما يعني أن يحاولوا الهروب والخروج من الأسواق بشكل سريع جداً وبالتالي مزيد من الهبوط والتعثر لتلك الأسواق؛ حيث يبث هذا النوع من الخروج حالة من الرعب مصاحبة لنوع من انعدام الثقة التي تتأثر بها الأسواق الأصغر والمستثمرين الأصغر معاً. أما عن بطء الاستجابة لصعود الأسواق وعودة الثقة لها فالموضوع ببساطة شديدة يتلخص بمدى هبوط هذا السوق في البداية ومدى تعرض المستثمرين فيها للخسائر من جهة أخرى، والأهم من ذلك هو مدى ثقتهم بهذا السوق وهل هناك من هو على استعداد للتجربة والمخاطرة في سوق ليس هناك ما يثبت أنه سوق رابح ومتماسك سوى إعلانات القائمين عليه وعلى الاقتصاد بشكل عام. كل ما في الأمر أنّ العودة تتأخر لأنّ الجميع يراقب وينتظر ويحاول ألا يكون بالسوق إلا بعد أن يرى الآخرين يحصدون الأرباح وبالتالي تبدأ القناعة بالعودة له لأنّ السوق الآن يمكن أن يحقق الربح».

 

توقعات المرحلة المقبلة في المنطقة

كما أسلفت فإنّ عودة السوق كما كانت مرتبطة بثقة عملائه فيه، وثقة العملاء مبنية بالدرجة الأولى على قوة السوق الفعلية ومدى تأثرها بما حدث بالأزمة المالية العالمية، وبالتالي وحيث إنّ أسواقنا كانت وبحمد الله من أقل الأسواق العالمية تأثراً بالأزمة، وبما أنّ الطريقة التي قامت بها حكوماتنا أثبتت أنها طريقة ناجحة, وحدت من الخسائر بشكل واضح فإن أسواقنا بشكل عام هي في طليعة الأسواق المتعافية والتي سوف تعود لها ثقة عملائها, وبالتالي ستعاود تلك الأسواق النهوض وتحقيق الأرباح بالشكل الذي يرضي هؤلاء العملاء بإذن الله تعالى. وهذا حقيقي ومتوقع على المستوى العالمي فها نحن نشاهد الإعلانات والتوقعات التي تقول إن اقتصاد المملكة العربية السعودية قد تقدم, أو تلك التي تقول: إنها بيئة اقتصادية من أفضل البيئات على مستوى العالم، وعلى الرغم من وجود أزمة مالية عالمية وقوية جداً بشكل لم يحدث من قبل فقد لاحظنا انخفاض مستوى معدلات التضخم مما يعني اقتصاداً أفضل ومناخاً اقتصادياً واستثمارياً صحياً ومفيداً.

 

ضرورة تنويع الاستثمارات

ويؤكد الخبير المالي في النهاية على أنه من أهم الخطوات التي يجب أن نعمل على تطويرها فتح آفاق جديدة من الاستثمارات والصناعات, ومحاولة الخروج من دائرة الاستثمارات الموجودة بكثرة والتي أصبحت مستهلكة نظراً لكثرة العاملين بها مثل: الاستثمارات في العقارات مثلاً، ومحاولة التوجه للاستثمارات الصناعية والتصدير والتي تعني بدون شك اقتصاداً حقيقياً وثابتاً, وهذا ما لاحظناه مثلاً لما حدث لدولة مثل الصين, وكيف كانت آثار الأزمة المالية عليها أقل بقليل عن غيرها من الدول الأخرى. وأود التنويه هنا بأنّ الكثير من الحكومات في المنطقة وعلى رأسها حكومة المملكة العربية السعودية قد انتبهت مؤخراً لهذا الدور وبدأت بالتشجيع عليه واستقطاب المستثمرين للدخول فيه.