حوارٌ مؤثرٌ، دغدغ المشاعرَ لتناوله العلاقةَ بين أمٍّ وابنها، يثابران بجدٍّ ودون كللٍ أو مللٍ من أجل رسمِ مستقبلٍ جميلٍ لعلامةِ "باسيل سودا Basil Soda"، والحفاظِ على إرثِ هذه الدارِ العريقة. لا تجمعُ دينيز وجاد سودا هذه الرابطةُ فقط، فالعلاقةُ بينهما مجبولةٌ أيضاً بالعملِ والتعبِ والحبِّ المشتركِ للفنِّ والإبداع. أمورٌ كثيرةٌ تناولناها في "سيدتي" خلال لقائنا معهما، لنصلَ إلى خُلاصةٍ، قالتها دينيز، وهي أن جاد، الذي لم يخذلها يوماً، المستقبلُ الذي تراه وتشعرُ به.
حديثنا مع جاد ودينيز، بدأ حول المهامِّ التي يؤدِّيها كلٌّ منهما في المحترفِ الخاصِّ بـ"باسيل سودا"، فكان الجوابُ من جاد: «لا يوجدُ دورٌ محدَّدٌ لكلّ واحدٍ منا. نحن نعملُ بطريقةٍ تكامليَّةٍ، ودائماً ما نتناقشُ في الآراءِ، ونصلُ إلى حلٍّ وسطٍ. عندما رحل والدي عام 2015، لم أشعر بأنني في موقعٍ مناسبٍ، أو أنني مرتاحٌ لأكملَ هذه المسيرة، لذا تسلَّمت والدتي الدفَّة، وقامت بكلّ المهامِّ، وفي 2017 بدأت بإنشاءِ علامتي الخاصَّةِ، وكان ذلك بالنسبةِ لي بمنزلةِ حقلِ تجاربَ لأحدِّد ما الذي سأسيرُ على نهجه، ومنذ الموسمِ الماضي، وأنا أصمِّمُ مجموعاتِ باسيل سودا».
من جهتها، علَّقت دينيز: «لم يحدث أن اختلفنا على فكرةٍ معيَّنةٍ، فكلّ ما في الموضوعِ، أن جاد لديه وجهةُ نظرٍ ما، بينما أرى الأمورَ بمنظارٍ مختلفٍ، لكننا دائماً ما نصلُ إلى حلٍّ وسطٍ بالنقاشِ والإقناعِ، لأن ما يهمُّنا، أن تكون القطعةُ منبثقةً من روحِ المجموعةِ، وأن تنالَ إعجابَ الزبونةِ، وباختصارٍ شديدٍ، أن تكون منطقيَّةً". مضيفةً: "كلّ الأفكارِ تكملُ بعضها، وطبعاً كلّ واحدٍ حسب دوره. لم نصل أبداً إلى طريقٍ مقفلٍ، وهذا لا ينطبقُ فقط على العملِ، بل وعلى علاقتنا في المنزلِ أيضاً، فنحن لم نكن نعيشُ بوصفنا عائلةً مؤلَّفةً من أبٍ وأمٍّ وابنٍ، ولسنا اليوم مثل أمٍّ وابنها، فالحواراتُ والنقاشاتُ دائماً قائمةٌ بيننا. جاد صديقنا، وليس فقط ابننا».
قد يهمك أيضاً: 7 أكسسوارات تحتاجين إليها لإطلالة مشرقة في يوم الأم
بعيداً عن العمل
يكشفُ جاد عن أن هناك عنصراً كبيراً، يجمعه بأمه، وهو الفنُّ. يقولُ: «نحن دائماً على تواصلٍ في هذا المجالِ».
أمَّا دينيز فتذكرُ: «أنا أحبُّ آراءه بوصفه عنصراً شاباً في حياتي، ويُعجبني أننا من جيلَين مختلفَين. حياتنا الاجتماعيَّةُ قريبةٌ جداً من بعضها، والفنُّ بالتحديد أكثرُ ما يجمعنا، ويمشي في عروقنا. جاد يُشبهني كثيراً عندما كنتُ في عمره، لذا أشعرُ بأنه قريبٌ مني جداً، ودائماً ما نخرجُ للغداءِ، أو العشاءِ، ونمضي أوقاتاً ممتعةً معاً».
ويتدخَّلُ جاد هنا، ليضيف: «لطالما اعتبرتُ أبي وأمي صديقَي المقرَّبَين، وكنتُ أتحدَّثُ معهما حول أمورٍ شخصيَّةٍ، لا أرتاحُ أن أناقشها حتى مع أصدقائي، خاصَّةً أن لديهما خبرةً، ورأيهما يهمُّني».
ومثل أي أمٍّ، تنصحُ دينيز ابنها، وترشده، وتبدي رأيها في كثيرٍ من أحواله، لكنها في النهاية، تتركُ الحريَّة له ليأخذ قراره بنفسه.
ويُعقِّب على ذلك جاد: «من الصحي أن ننفصلَ في بعض الأحيانِ، لأتَّخذ قراري لوحدي».
الخطأ في حياة جاد
توضحُ دينيز، أنها لم تَلحظ يوماً أي أخطاءٍ تُذكر لدى ابنها، وتظنُّ أن ذلك يعودُ إلى أنها ووالده، كانا قريبين جداً منه، إلى جانبِ محاولتها، مدفوعةً بغريزةِ الأمِّ، حمايتَه بشتَّى الطرقِ.
وعن المشكلاتِ التي قد تعترضهما، تجيبُ دينيز: «الصعوباتُ التي مررتُ بها وباسيل، كانت أكبرَ من الصعوباتِ التي يمرُّ بها جاد اليوم، ومختلفةٌ بشكلٍ كبيرٍ. هذا لا ينفي أن جاد يعملُ في زمنٍ صعبٍ جداً، والمنافسةُ فيه قويةٌ. كلّ إنسانٍ بعمرٍ معيَّنٍ، يمرُّ بهذه الظروفِ الصعبةِ. لقد كنا في عمرٍ أصغر من جاد عندما تغرَّبنا عن بلادنا، ولم نكن نملكُ المالَ، وبدأنا من تحتِ الصفرِ، وعشنا ظروفَ الحربِ. جاد لم يضطر إلى أن يبدأ من تحتِ الصفرِ. الآن تغيَّر العصرُ كثيراً، وباتت الحياةُ أسهل».
وهنا يتدخَّلُ جاد: «بالحديث عن الأبِ، أنا أؤمن بأن أكثرَ إنسانٍ تهمُّه مصلحة ولده، هو الأبُ. أنا في عمرِ العشرين، خسرتُ والدي، خسرتُ السندَ. كنتُ في حاجةٍ للنصحِ، خاصَّةً في العملِ، وطبعاً أمي قامت بالواجبِ في هذا الموضوعِ، بل ولعبت دورَ شخصَين، لكنَّ وجوده يبقى أمراً مختلفاً».
الحفاظ على إرث باسيل سودا الأب المؤسس
يفصحُ جاد عن أنهما عانيا كثيراً للحفاظِ على إرثِ باسيل، فقد تربَّى على معاييرَ معيَّنةٍ، منها نوعيَّةُ الحياةِ وطريقةُ التصميمِ، مشدِّداً على أنهما في العملِ، يخطيان كلّ خطوةٍ بعيون باسيل.
بينما قالت دينيز: «طبعاً عانينا، خاصَّةً بالنسبةِ إلى أوضاعِ البلدِ، فالناسُ لا تريدُ أن ترى دمعتك، بل تبحثُ عن القوةِ لديك. كنا نعملُ على ترجمةِ قوتنا، وإظهارِ أن روحَ باسيل ما زالت معنا. لقد كانت عمليةً صعبةً جداً أن نحافظَ على إرثه، وتتطلَّب ذلك عملاً مستمراً».
ويستطردُ جاد: «الإنسانُ يفشلُ عندما يتوقَّفُ عن التجربةِ، إذ على كل شخصٍ أن يمضي قُدماً».
أحدث الأعمال الحاليَّة
تلقائياً، يباشرُ جاد حديثه عن أعمالهما الحاليَّة. يقولُ: «نحضِّرُ الآن لأوَّلِ عرضِ أزياءٍ من تصميمِ جاد سودا لباسيل سودا، وسيأتي في ذكرى مرورِ عشرةِ أعوامٍ على آخرِ عرضٍ لباسيل قبل أن يرحل عن هذه الدنيا. سيتكوَّن من مجموعةٍ من الأزياءِ الراقية لإعادة إحياءِ العلامةِ بدمٍ جديدٍ».
وتضيفُ دينيز: «في هذه المجموعةِ، أتدخَّلُ بطريقةٍ بريئةٍ، وأعرضُ وجهةَ نظري، لكنَّ الرأي الأخيرَ لجاد في هذا المجال. همِّي الأساسُ مواكبةُ جاد ليبلغ نجاحه. لقد كان في إمكاني، بعد وفاةِ باسيل، أن أحضِّرَ عروضَ أزياءٍ، وأن أظهرَ بها للعلن، لكن هذا لم يكن هدفي من الأساس. نحن لم نتوقَّف يوماً عن التصميم، وكنتُ أحبُّ أن أرى زوجي على المنصَّةِ، وجاد وراءه. هذا ما أقومُ به بالضبط منذ وفاةِ باسيل. لقد كان ذلك وعداً مني لزوجي، وابننا، وحتى لي، بأن يصل جاد إلى هذه النقطةِ واقفاً على قدمَيه بنجاحٍ. جاد قطعَ مرحلةً كبيرةً، وفخورةٌ جداً به". وتتابعُ: "آمنتُ بقدراتِ جاد قبل أن يتكلَّم حتى. إنه شخصٌ محاطٌ بهالةٍ، ولديه سلامٌ داخله، لذا لم أشعر إطلاقاً بأنني قد أفشلُ معه. هو لم يخذلني أبداً، والحمد لله. أنا أؤمن بموهبته كثيراً، ومتأكدةٌ من أنه سيصلُ إلى مرحلةِ باسيل، بل وسيتجاوزه أيضاً. هذه رؤيتي لجاد».
مشروعاتٌ حاليَّةٌ ومستقبليَّةٌ
عن هذا السؤالِ، تجيبُ دينيز: «خلال جائحةِ كورونا، جاءتنا فكرةُ إطلاقِ متجر Basil Soda Concept Store في مصر، وحقاً افتتحناه قبل شهرين. مَن لا يشعرُ بالناسِ، ليس من الناسِ، ونحن نعلمُ أن الناسَ في حاجةٍ إلى شراءِ منتجاتٍ في متناولِ الجميع، وأن تكون متاحةً لهم بأقلِّ تكلفةٍ. كذلك أصبحت المناسباتُ مختلفةً عن ذي قبل، وصارت الأمورُ أسهل، لذا افتتحنا هذا المتجرَ في مصر". وتضيفُ: "فكرتُه أنه متجرٌ، نبيعُ داخله كلّ شيءٍ من الأزياءِ إلى الكتبِ، والعطورِ، والأوشحةِ، والحقائبِ، وحتى الأحذية. كلّ ما نعرضُه من إصداراتنا. نحن محاربون، ونسعى إلى تقديمِ الأفضل. نحن مثابرون إلى الأمام».
ماذا عن المستقبل؟
بكلّ عاطفةٍ، تقولُ دينيز: «جاد هو المستقبل».
اقرئي أيضاً: في يوم الأم: فساتين حوامل موضة ربيع 2024 لإطلالة مميزة