روبيرتو كافالي الأسطورة الإيطالية في عالم التصميم رحل بعيداً عن دنيانا، مخلفاً إرثاً في عالم الموضة والجمال يتعدى حدود بلاده، ويتخطى المرأة التي عشقها وكانت سراً لدخوله غمار تصميم الأزياء كما كان يردّد في لقاءاته على الدوام. لقد عاش روبيرتو كافالي Roberto Cavalli محاطاً برفاهية أسطورية، فمن منزله الشاسع في موطنه فلورنسا الذي يضم مزرعة للخيول وحيوانات برية ومنها الفهد والقرد والقطة الفارسية والببغاء، ويخته الفارع (35 هكتاراً) الذي صمّمه من وحي فيلم "باتمان" والذي أطلق عليه اسم "الحرية".
كل هذه العوامل بلورت شخصية المصمم، وأهّلته ليكون ما كانه وليترك هذه البصمة؛ لذا فمن الطبيعي أن يسلك المصممون الذين تعاقبوا على الدار خطه الأيقوني الذي شكّل هوية للدار وسبب شهرتها. ولكن هل كانوا أوفياء للدار وما البصمة التطويرية التي خلفوها على مجموعاته المتعددة من جاهزة وراقية، نسائية ورجالية وأكسسوارات وساعات وما إلى ذلك، وهل كانت تلك التعديلات ضرورية؟ وما الذي تغير في إمبراطورية كافالي التي تضم عطوراً ومفروشات وسلسلة مقاهٍ منتشرة في أرجاء العالم، ويبقى السؤال الأهم ما الذي سيتغير في عالم الموضة بعده؟ الجواب فيما يليه.
كلمات صادقة في رثاء كافالي.. تستحق التوقف عندها للتعرف إليه أكثر
"لا أستطيع تصور مصمم أبعد عن أسلوبي أكثر من روبيرتو كافالي، ولكنني لا أستطيع تصور الموضة من دونه فلقد كان معروفاً بقدرته العجيبة على تحويل أقمشة مطبعة برسوم برية إلى أزياء أنثوية ساحرة بلمح البصر، وهنا تكمن عظمته"، هذا ما نشره اليوم المصمم جورجيو أرماني Giorgio Armani الذي رثاه بكلمات معبّرة اختصرت عبقرية كافالي الذي خلف بصمة لا تشبه غيرها.
ونشرت فكتوريا بيكهام Victoria Beckham بدورها على خاصية ستوري على إنستغرام ما يلي: "ستبقى دايماً وأبداً أيقونة"، وجارتها العارضة الحسناء أدريانا ليما Adriana Lima التي أعلنت عبر مواقع التواصل: "لقد خسرنا أسطورة فلترقد بسلام!".
وبدورها كتبت النجمة جينيفر هدسون Jennifer Hudson : "لقد كان من المفضّلين لي، شكراً روبيرتو كافالي لأنك جعلت عالمنا مكاناً أفضل".
المرأة في حياة كافالي.. نور ونار
الحياة قاحلة من دون النساء، شعار لطالما ردده المصمم الذي تزوج ثلاث مرات، فزوجته الأولى سيلفانيلا جانوني التي تزوجها في العام 1964 أنجبت له ولدين، ثم تزوج في العام 77 من إيفا دورنغير التي تعرف إليها أثناء مشاركتها في مسابقة ملكات الجمال وتزوجا، وباتت شريكته في العمل التي لطالما ألهمت تصاميمه بجمالها وقوة شخصيتها، فلقد عاشت حياتها إلى جانبه ترافقه حتى على منصات العروض، اعترافاً منه بفضلها في مسيرته، ولكن قدّر لهذه الحكاية الرومانسية النهاية، فبعد نجاح مهني وثلاثة أولاد تطلق الثنائي في العام 2010، وختم كافالي بعدها بأربع سنوات مسيرته كمدير إبداعي تاركاً للدار المجال لتطوير ذاتها كما قال، عبر تسليم المهام إلى دم جديد وهو بيتر دانداسPeter Dundas الذي كان يعمل لدى إميليو بوتشي.
ومع تقلص أرباح الدار وانهيار زواجه الذي كان فأل خير عليه، باع المصمم الحصص الأكبر من أسهم الشركة إلى مجموعة كليسيدرا Clessidra قبل أن تعلن الأخيرة إفلاسها في العام 2019، لتشتريها الشركة المقيمة في إمارة دبي Vision Investment Company، ويتم تعيين فاوستو بوغليزي المدير الإبداعي منذ أكتوبر 2022.
حبر كافالي الذي لم يجف..منْ ساهم في تطويره؟
عاش روبيرتو كافالي محاطاً بعالم من الألوان والطبعات القوية ودرس في العام 1957 فن الطباعة وتطويع النسيج. كان سباقاً في الاستعانة بالطبعات البرية الدقيقة التي سرعان ما تتحول إلى أزياء مبتذلة في حال عدم إدراك تقنيات مزجها، وهذا ما سبب شهرته فلقد عرف بقصاته الجريئة في وقت لم يكن التفريغ سائداً والقصات المنخفضة مطلوبة ومقبولة، وجعل العين تتقبلها، وحمل النساء على التسابق لاقتنائها وذلك بفضل مهاراته كفنان في دمج خامات مختلفة من الأقمشة البرية بطريقة فنية جعلتها تبدو وكأنها أشبه بلوحة فنية، وإذا عدنا إلى جذور المصمم الفلورنسية نجده عاش طفولته في أحضان الطبيعة التي تأثر بها حتى في اللاوعي لديه، وشكلت وفاة والده المأساوية على يد محاربين في فلورنسا وظروف هربه مع والدته سبباً في جعل تصاميمه جريئة تحاكي الحياة وتحفّز على المغامرة، فالحياة قصيرة كما كان يردّد، وكان يريد لتصاميمه أن تجسد المغامرة والواقع وليس عالم الخيال والقصص الوردية.
قد يهمك متابعة موضة الربيع وذاكرة المكان.. تعرّفي إلى الأثر الذي تتركه المدن الملهمة
في العام 1970 أطلق المصمم ماركته واكتسب شعبيته عن طريق تقنية جديدة ابتكرها للطباعة على الجلد، وأطلق مجموعته الأولى من باريس، الأمر الذي أثار اهتمام المصممين الفرنسيين والدور العريقة مثل هيرميس وبيار كاردان اللتين شاركهم التقنية وجني الأرباح الهائلة. كما كان سباقاً في الطبع على الدنيم وترصيعه ومحاولة تفتيحه وجعله أرق وأكثر ليونة، فأطلق في العام 94 خط كافالي جينز الذي غير لاحقاً اسمه إلى جاست كافالي، وحاول خلفه فاوستو بوغليزي تطويع هذا القماش الصلب بشتى الطرق، وسعى إلى استكمال معالجة الدنيم فأطلق عدة تصاميم في خريف 2023، من هذه الخامة بتقنيات متطورة ومعالجات لتطويع هذا القماش.
" أحِط نفسك بالحب لأنه شعلة الحياة"، فالحياة من دون حب لا تستحق أن تُعاش، هذا كان شعار المصمم كما نشرت الدار على حسابها الرسمي على إنستغرام، لتعلن: "نودع اليوم وبحزن كبير المؤسس روبيرتو كافالي، الذي ولد في فلورنسا وأسس ماركة وأطلقها إلى العالمية بفضل إيمانه بأن داخل كل واحد منا فناناً أو مشروع فنان ينتظر أن يتبلور. وتقدمت الدار بأحر التعازي من عائلة الفقيد بلسان سيرجيو أزولاري، الرئيس التنفيذي لدى دار روبيرتو كافالي الذي اعتبر في كلام نشره على مواقع التواصل أن المصمم رحل جسدياً وهو باقٍ بروحه وإرثه الذي يشكل مصدر إلهام دائم".
قد يهمك متابعة وفاة المصمم روبيرتو كافالي.. ورحل أسطورة الأزياء الإيطالية