متاجر الأزياء الراقية المستعملة تحقق مبيعات قياسية.. المستهلك راض فماذا عن أصحاب الماركات؟

هيرميس Hermes-  مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight©
هيرميس Hermes-  مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight©

ضجت وسائل الإعلام مؤخراً بخبر عن سيدتين تستعينان بجلد الأسماك النافقة لتصميم ملابس ومجوهرات تمهيداً لصنع حقائب في المستقبل، فالسيدتان Marta Sosa و Mauren Castro تقطنان في كوستا ريكا في قرية تبعد بضعة كيلومترات عن العاصمة سان خوسيه، فتلك الفضلات لم تعد تُرمى في البحر ما يسبب تلوثه، ولكنها تستعمل في صناعات أخرى، الأمر الذي يصب في إطار إعادة التدوير. تلك البادرة الفردية وغيرها من المبادرات التي باتت الدور التجارية تتلقفها تكشف الوعي المتنامي وحس المسؤولية تجاه الكوكب الذي نقطن جميعنا تحت سماء واحدة، فماذا بشأن الماركات الراقية ودور الأزياء العالمية؟

توماسوزسكي- مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight


ما لاحظناه فوراً أن الماركات العالمية ترى في استبدال الجلود الطبيعية بالجلود النباتية حلاً تستسيغه أكثر من تقبلها لسوق الملابس المستعملة، لأن هدف دور الأزياء العالمية ليس الترويج لتصاميم الدور القديمة بل للمجموعات الجديدة، وذلك عن طريق خلق حاجات جديدة تخلق رغبة لدى المستهلك لزيادة الاستهلاك.
انطلاقاً من هذه الدوافع أقامت دار بوما Puma حلقة نقاش للمقارنة ما بين الجلد الطبيعي والنباتي والمخاطر البيئية التي تحدث عن كل جانب منهما، وحملت هذه السلسلة الممتدة إلى سبع حلقات العنوان التالي: Know Your Stuff وسيتم طرحها على مدى أسبوعين عبر قناة يوتيوب الخاصة بالدار. وللراغبين يمكن زيارة الموقع التالي: https://foreverbetter.com/en لمعرفة المزيد من المعلومات.

ملخَّص حلقات KnowYourStuff التي تمتد حتى 17 أكتوبر الجاري

هيلين أنطوني Helen Anthony - مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight


الحلقة 1 - استعد معي لمعرفة KnowYourStuff# - بث مباشر للكشف عن محتوى الجلد الطبيعي مقارنةً بالجلد النباتي.
الحلقة 2 – الجلود: الإيجابيات والسلبيات – بث مباشر بتاريخ 7 أكتوبر 2024 لفهم الحقائق والمزايا والعيوب المتعلقة بالجلود والبدائل الجلدية، وذلك لتسليط الضوء على الجلود باعتبارها منتجاً ثانوياً لإنتاج لحوم البقر، واعتبارات رعاية الحيوان ومعالجة مخاوف إزالة الغابات.
الحلقة 3 – تطوُّر PUMA المستمر – بث مباشر وزيارة المقر الرئيسي لشركة PUMA وتعقد مناقشات تكشف عن منتجات الجلد التاريخية التي استخدمتها PUMA في الماضي.
الحلقة 4 – المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الجلود – بث مباشر من مصنع دباغة الجلود في تايلاند لاستكشاف عملية دباغة الجلود والاستخدام الكيميائي في إنتاج الجلود.
الحلقة 5 – ماذا عن الماء؟ – بث مباشر يتناول استكشاف مدبغة الجلود ومعالجة المياه والصرف الصحي في إنتاج الجلود.
الحلقة 6 – البدائل – بث مباشر والنقاش يدور حول البدائل الجلدية.
الحلقة 7 – هل تعلم KnowYourStuff# حيث تتم مشاركة الدروس، مع فرصة الفوز بزوج من أحذية PUMA RE:SUEDE.
متاجر الأزياء المستعملة.. هل تصب في إطار الاستدامة؟

إترو Etro- مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight


قبل الغوص في هذا الموضوع الحساس يجب أن نعي أن ارتداء أزياء مستعملة كان مصدر خجل وإحراج لدى المستهلك وخاصة النساء، ولكن توارث التصاميم والملابس والأكسسوارات من جيل لآخر جعل عنصر الشباب أكثر تقبلاً للفكرة، وخاصة إذا كانت التصاميم تحمل توقيع دور راقية مثل ديور وشانيل غوتشي لويس فويتون أو حتى سان لوران، لكن انتشار جائحة الكورونا وإقبال الناس في تلك الفترة على التسوق الإلكتروني أضف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية العالمية التي كانت الدور تمر بها في العام 2020 جعلت النساء أكثر تقبلاً للفكرة، فباتت النساء فخورات باقتناء حقيبة من شانيل بحالة جيدة أو وشاح من هيرميس أو حتى صندوق من لويس فويتون، فلقد نجحت هذه الفكرة باستقطاب زبائن جدد لم يكنّ يحلمن باقتناء الماركات، وجعل أصحاب الثروات يلجأن إليها خاصة بالنسبة للمجموعات المحدودة القديمة التي تعود إلى عقود ماضية والتي باتت بحكم المفقودة إلا إذا وصلت إلى متجر للأغراض المستعملة Thrift Store.


سوق الماركات المستعملة

لويس فويتون Louis Vuitton- مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight


تخيلوا فستاناً من ماركة راقية بـ500 يورو وحذاء من تصميم مبدع راحل بمبلغ متواضع، فأمام مخازن الألبسة المستعملة الراقية يتدافع الناس لشراء الملابس التي تتمتع بحال جيدة، الأمر الذي يسبّب امتعاض الدور الأصلية لأن المبيعات تكون على حساب المجموعات الجديدة، فالدور الراقية لا يمكنها تخفيض الأسعار لمنافسة الأزياء المستعملة. لقد كسر الحجر الصحي حاجز الخجل فباتت الطبقة الميسورة أكثر جرأة في تجربة اقتناء تصاميم قديمة أو مستعملة، والتباهي باقتنائها كاسرة حاجز الخوف والتكتم على الموضوع، فالماركات الراقية لا تجري تخفيضات إلا بنسب قليلة وليست كلها، فالبعض قد يلجأ إلى إتلاف التصاميم التي لا تباع أو إعادة تدويرها على إجراء تنزيلات تطال أسعارها. كما أن المنتجات القديمة المنفذة يدوياً خاصة لدى دور مثل ديور وشانيل كانت تنفذ بطريقة أرقى بعيدة عن الماكينة والتكنولوجيا وكانت تحافظ على جودتها لمدة أطول، فالتصاميم القديمة أفضل من الحديثة. وتشير المعلومات التي ذكرتها وكالة الصحافة الفرنسية أن أكثر المبيعات تتم إلكترونياً، ربما لتفادي الإحراج عبر دخول المتجر أو لسهولة الدفع بالبطاقة مع إمكان الاستبدال.
تابعي المزيد من الاستدامة شعار اليوم الثامن من أسبوع باريس للموضة لصيف 2025

 

فيرساتشي Versace- مصدر الصورة Launchmetrics/Spotlight


وأوردت التقارير الأخيرة أن هذا السوق بلغ نحو 45 مليار يورو في العام 2023 محققاً تقدماً بنسبة 4 إلى 6 % على مدار السنة، وذلك بناء على الدراسة التي قدمتها الشركة الاستشارية العالمية Bain & Company، فهذا السوق لم يكن موجوداً قبل العام 2009 ولكنه تنامى بشكل تصاعدي نظراً لأسعاره التنافسية في مجال الرفاهية، الأمر الذي دفع بمجموعة كيرينغ التي تمتلك غوتشي وسان لوران إلى المساهمة في متجر Vestiaire Collective، فبالنسبة للمدير المالي للمنصة السيد برنارد أسطا يشكل الثمن عنصر إغراء للمستهلك الذي كان يحلم باقتناء تصاميم راقية، ولهذا السبب يمكننا فهم الدافع الذي أدى إلى ابتكار معرض خاص بالتصاميم الراقية المستعملة في فرنسا وهو ReLuxury الذي سيجري في نوفمبر المقبل.
بشكل عام يعتبر نقاد الموضة أن اعتياد المستهلك وخاصة النساء على التصاميم الراقية المستعملة سيؤدي حتماً إلى شراء تصاميم راقية جديدة ستدر أرباحاً على الماركات الأصلية، ولكن السؤال الأهم الذي تخشاه الماركات الراقية هو الترويج لتصاميم مزورة، لذا فمن الضروري تجنيد طاقم للتأكد من أصالة تصميم الأزياء قبل تقديمها في المتجر، الأمر الذي تدركه تلك المتاجر وتحرص عليه، لعلمها أن الدور تتحين الفرصة للتشهير بأعمالها وعلى رأسها المجموعة العملاقة LVMH التي تبذل جهداً جباراً لمحاربة التصاميم المزورة.