يُطلق عليها اسم "كروز" أو "ريزورت" أوف أوف سيزون ولكنها تعتبر مجموعة عابرة للقارات Jet setter Collection ومخصصة للعطلات والإجازات التي تطلقها الماركات الراقية سنوياً إلى جانب مجموعتَيها الكلاسيكيتين لموسمي ربيع- صيف، وخريف - شتاء من كل عام، ولكن هل هي حكر بطبقة معينة؟ هل هناك حاجة لوجودها، أم أنها باتت تشكل عبئاً إضافياً يُضاف إلى مشكلة الاحتباس الحراري؟
الجواب في هذا التحقيق...
تستهدف مجموعة أزياء كروز كولكشن الزبائن الذين يريدون قضاء إجازة في مكان بعيد، يختلف بطبيعة طقسه عن المكان المتواجدين فيه، فلا يجدون مطلبهم من متاجر الدور كما هي الحال عندما يسافر الأوروبيون في الشتاء إلى بلدان البحر المتوسط الدافئة، والأميركيون إلى الجزر الاستوائية حيث المناخ أكثر اعتدالاً ودفئاً.
تابعي المزيد عن فساتين الكاب أجدد صيحات موضة شتاء 2025.. كيف وصلت إلينا؟
وتتوافر هذه المجموعة المسماة بـ Mid season ما بين شهري نوفمبر- ديسمبر، أي بعد إطلاق المجموعات الشتوية، أو في شهر فبراير كحد أقصى في البلدان الواقعة شمالي الكرة الأرضية. وتحتوي "كروز" على خزانة ملأى بأزياء مرحة وزاهية ومطبعة بالألوان، على مثال ما أطلقته دور بادجلي ميشكا وسانت جون وكارولينا هيريرا Carolina Herrera لعام 2025، وتتسم بخفة القماش وطابعه العملي وتتراوح ما بين القفطان والفساتين الصيفية والسراويل العملية والشورتات والصنادل، مع كافة الأكسسوارات من حقائب التسوق والرحلات والكروس بودي، والصنادل المسطحة أو الـ"ودج" أو تلك التي تتمتع بكعب مريح عريض.
في البداية بدأت الدور العريقة مثل شانيل Chanel وديورDior وغوتشي Gucci ومارك جاكوبس Marc Jacobs ورالف لورن Ralph Lauren بتخصيصها للنساء فقط، ولكن دوراً أخرى مثل دولتشي أند غابانا Dolce & Gabbana وإيف سان لوران Yves Saint Laurent كسرت القاعدة، وأطلقت مجموعة ريزورت خاصة بالرجال. والهدف من هذه المجموعة تلبية طلبات رجال الأعمال والمسافرين من بلدان باردة إلى بلدان دافئة، ولكن ميول النساء الشديدة للتسوق والأولوية التي يعطينها لتغيير محتوى الخزانة ولتوضيب حقيبة السفر جعل منهن الزبائن الأكثر إقبالاً على هذه المجموعة. لذا فغالبية ما نراه اليوم يستهدف النساء بالدرجة الأولى ثم الرجال، كما أن كلفة إطلاق المجموعة لا يستهان بها، لذا فالماركات الراقية هي الأكثر نشاطاً في هذا المجال وتليها الماركات الرياضية ذات الطراز العملي مثل Diesel التي أطلقت مؤخراً مجموعة استهدفت فيها النساء والرجال وارتكزت على أقمشة الدنيم واللاميه البراقة.
كروز كولكشن.. تجسيد للعولمة
في عالم صغير بات التنقل فيه سهلاً إذ ينتقل المرء من أستراليا إلى أوروبا أو الولايات المتحدة بسهولة، باتت مجموعات المصممين ضمن خط"كروز" التي يطلقها كل من أستراليين وعرب وآسيويين مثل دار بادجلي ميشكا Badgley Mischka ومطلباً لمتاجر التسوق الأميركية والأوروبية لتبيعها بين شهري نوفمبر إلى مايو بالتزامن مع التصاميم الشتوية، بفضل ازدياد الطلب عليها. اليوم تغير مفهوم العرض والطلب وتبدلت عقلية المستهلك النهائي لتواكب التطور التكنولوجي فباتت هذه المجموعة ضرورة أساسية ولم تعد رفاهية للأثرياء.
مجموعات الكروز ومخاطر الاحتباس الحراري
الأزمة الاقتصادية وتأثير زيادة إنتاج الملابس على المناخ جعلت بعض الدور تتردد في إطلاق مجموعات كروز، ومن يتابع الزاوية الاقتصادية لعالم الموضة يتبين له أن العام 2021 شهد عودة إطلاق مجموعات كروز مع شانيل وتلتها دار ديور التي قدمت عرضها في اليونان، رغم تخلي دار غوتشي Gucci آنذاك عن الفكرة لتتبناها لاحقاً وقد أطلقت مؤخراً مجموعة ريزورت لصيف 2024. وفيما ترددت دور أخرى في تجميد هذا الخط نظراً للأرباح المادية التي تدرّها كروز كولكشن للدور، شكلت جائحة الكورونا متنفساً طبيعياً وامتداداً لهذه المجموعة التي لبت بطابعها العملي وألوانها الزاهية رغبة الناس في التفلت من الواقع عبر مشاهدة الأفلام الترويجية التي تم تنفيذها ضمن خطة تسويق رقمية ذكية، وساهم البيع الإلكتروني عبر المواقع التجارية التابعة للدار في الترويج لها، فصورت دار لويس فويتون مجموعتها كروز من مطار JFK كينيدي في نيويورك وتفاعل الناس مع مجموعة كروز التي أطلقتها دار غوتشي Gucci من باحة كنيسة وستمنستر آبي البريطانية.
هذه المجموعة الدافئة والمشرقة شكلت تجسيداً لحاجات المرأة العربية والآسيوية والجنوب أميريكة حيث المناخ أكثر اعتدالاً.
ما فائدة الاستثمار في مجموعة كروز ؟
هي متواجدة في المتاجر وتحتوي على قطع خفيفة مع كارديغان وكنزات ومعاطف أحياناً وتبقى من نوفمبر حتى مايو. تعتبر جزءاً أساسياً من أرباح الدور الراقية ومن أبرزهم بالمان وشانيل، التي تصل نسبة مبيعاتها المرتفعة إلى حدّ تحقيق نسبة 30% من العائدات، الأمر الذي يصعب على الماركات العالمية إيقافها وبالتالي التخلي عن آداة تسويق فعالة، ولكنها في المستقبل ستتخذ مبادرات أكثر حزماً فيما يتعلق بالمجموعات الجاهزة والراقية لتحويلها رويداً إلى تصاميم صديقة للبيئة.
لهذه الأسباب لا يطلق المصممون العرب مجموعات كروز
في لبنان يطلق المصممون اللبنانيون العالميون مجموعات جاهزة وراقية، ومن أبرز الأسماء القليلة التي تركز على مجموعات كروز و"ما قبل الخريف" Pre Fall، زهير مراد وإيلي صعب، وهناك أسماء عالمية مثل طوني ورد وربيع كيروز وجورج حبيقة لا تمتلك مجموعات كروز، ويعود الأمر إلى عدة أسباب نختصرها بما يلي:
نعيش فترة ما بعد الكورونا بأسلوب مختلف فلقد عدنا إلى الحياة بنظرة أكثر واقعية، وتقلصت عناصر البذخ والإبهار في حياتنا، وسيطرت أزياء عصرية من نوع ستريت ستايل.
التضخم والأزمة الاقتصادية العالمية تفترض الاقتصاد والترشيد في الإنفاق، مع تبني سياسة الموضة البطيئة التي تفترض التروي في الإنتاج وصناعة الملابس، وتبني سياسة الأولويات.
وأخيراً، لقد اعتدنا في الشرق على رؤية مصممين بارعين في مجال الكوتور والخياطة اليدوية بحيث نولي أهمية للقماش والتفصيل في الوقت الذي تقترب فيه مجموعات الكروز العربية من مفهوم الموضة الجاهزة أو ما نسميه Pret a Couture، لذا فمن الطبيعي التنبؤ بنجاح المجموعات الكلاسيكية لأن الكروز الذي نراه في المجموعات العربية يختلف بروحه عن مجموعات الكروز التي يطلقها المصممون الأوروبيون أو الأميركيون حتى بالنسبة للأسعار، بدليل أن مهرجان "كان" الأخير شهد ظهور عدة نجمات بفساتين مطرزة للمصمم زهير مراد من مجموعة كروز الفاخرة، الأمر الذي يجعل المستهلك أحياناً يفضل الإنفاق على خط الملابس الجاهزة أو الراقية لمصمم عربي، أكثر منه على تصاميم "كروز" ما دام الفارق المالي بسيطاً بين الاثنين.
تابعي المزيد من موديلات فساتين طويلة وميدي شتوية لأناقة دائمة في كل الأوقات