في لقاء حصري مع المصمم اللبناني الشاب بيتر عبد الكريم، نغوص في تفاصيل مسيرته الإبداعية التي تجمع بين التراث اللبناني العريق والابتكار العصري في عالم الأزياء. من خلال هذا الحوار، يفتح بيتر قلبه ليفصح عن قصته الملهمة في عالم التصميم، وكيف تحوّل شغفه بفن الأزياء إلى مهنة تجسد شخصيته وتاريخها الثقافي. يشاركنا في هذا اللقاء رؤيته للمستقبل، وصعوبات البداية، وكيف استطاع خلق لمسته الفريدة في صناعة الأزياء اللبنانية والعالمية. تابعوا معنا هذا اللقاء المميز مع بيتر عبد الكريم لتتعرفوا إلى تفاصيل أكثر عن عالمه الإبداعي، وكيف أصبح اليوم أحد الأسماء اللامعة في تصميم الأزياء.
- ما الذي ألهمك في البداية وكيف بدأت في هذا المجال؟
منذ كنت صغيراً، كنت أمتلك شغفاً عميقاً بالتصميم. بدأت مع مجال الهندسة المعمارية، وهو المجال الذي كنت أكن له حباً كبيراً وكنت أعتقد أنه موجه لي. تابعت هذا المجال بكل حماس حتى حصلت على شهادة في هذا التخصص. ولكن، كان لدي شعور داخلي دائماً أن هناك شيئاً ناقصاً. كان قلبي يشتاق إلى نوع آخر من التعبير الإبداعي. أردت استكشاف خيالي بطريقة جديدة وحيوية، فانتقلت إلى عالم الموضة.
كانت الموضة تناديني، وأدركت أن شغفي الحقيقي لا يكمن في المباني أو الهياكل، بل في مرونة وفن التصميم الذي توفره الأزياء. اتخذت قراراً جريئاً بمتابعة هذا النداء، وانطلقت في عالم تصميم الأزياء. التحقت بإحدى مدارس الأزياء الشهيرة في الشرق الأوسط، متحمساً للغوص في كل ما يقدمه هذا العالم.
كل يوم، كنت أضع قلبي في تعلم كل جديد، وتطوير مهاراتي، وفهم فن صناعة شيء جميل من الصفر. وكلما درست أكثر، تأكدت أكثر أن هذا هو المكان الذي أستحق أن أكون فيه. أصبحت الموضة بالنسبة لي أكثر من مجرد مهنة، بل وسيلة للتعبير عن روحي.
قد يهمك أيضاً: المصمم ساهر ضيا لـ«سيدتي»: في عالم الموضة الراقية لا وجود للصيحات!
- ما التحديات التي واجهتها؟
من أكبر التحديات التي واجهتها كانت إيجاد صوتي الفريد في صناعة مليئة بالتنافس. في البداية، كان من الصعب التوازن بين احترام التقاليد وبين ابتكار تصاميم تبدو جديدة ومبتكرة. كان هناك أيضاً تحدٍ في إيجاد المواد المناسبة والحرفيين المهرة لإحياء رؤيتي مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة. على المستوى الشخصي، كان عليّ التغلب على لحظات من الشك الذاتي، وتعلم الثقة بحدسي واحتضان رحلتي الإبداعية. ومع كل تحدٍ، أصبحت مصمماً أكثر مرونة وتفكيراً، مما عزز شغفي بابتكار قطع فريدة ومميزة.
- من كان له تأثير عليك عندما بدأت في التصميم؟
أكبر إلهام لي كانت دائماً جدتي. كانت تمتلك ذوقاً رائعاً في الأناقة وتقديراً عميقاً للحرفية، وهو ما نقلته لي. كان من الرائع مشاهدتها وهي تخيط وتبدع بكل عناية وحب، وهذا غرس فيّ حب التفاصيل الدقيقة وفن الحرفة وراء كل قطعة. أثّر ذلك في رغبة تصميم فساتين ليست فقط جميلة، بل مليئة بالمعاني، حيث دمجت القصص الشخصية في كل تصميم. علمتني أن الأناقة خالدة، وهذا المبدأ لا يزال يوجه عملي اليوم. مع مرور الوقت، شكلت هذه التأثيرات أسلوبي الذي أصبح مزيجاً بين التقنيات التقليدية والجماليات المعاصرة، مما دفعني لابتكار تصاميم تكرم التراث وتحتفل بالرفاهية العصرية. هذه التأثيرات زرعت فيّ التزاماً بالكمال وإيماناً بأن كل فستان يجب أن يروي قصة فريدة وشخصية.
عروس 2025 بين الحلم والواقع
- مجموعة الأعراس الأخيرة لفتت الأنظار، ما كان الإلهام وراء هذه المجموعة؟
الموضوع "La Vie" أي احتفال بالحياة والفردية. إلهام مجموعة الأعراس لعام 2025 جاء من جوهر الحياة نفسها، التي تتجسد في كل تصميم وقماش وتفصيل. "La Vie" هو احتفال بجمال وتعقيد وفرادة الحياة، وهو ما يعكس الرحلة التي تبدأها كل عروس. هذه المجموعة تدور حول البدايات الجديدة، والاحتفال بالفردية، حيث تكون العروس نفسها، أصيلة ومتألقة في أهم يوم في حياتها.
- هل هناك عناصر معينة تحب تضمينها في مجموعات الأعراس؟
تصميم فساتين الأعراس يتطلب فهم أحلام العروس ومشاعرها وفرديتها. تتضمن العناصر الأساسية عادة التطريز الدقيق، التطريز اليدوي، الأقمشة الفاخرة، والقصات التي تبرز الجمال. يمكن أن تدور المواضيع حول الأناقة الخالدة، الأنثوية الرومانسية، أو الرقي المعاصر. أحب التركيز على خلق فساتين تشعر كل عروس بأنها شخصية ومتفردة.
- ما الذي يميز تصاميمك عن غيرها؟
ما يميز تصاميمي حقاً هو الاتصال الشخصي العميق الذي أسعى لإيجاده مع كل عروس. كل فستان يتم تصميمه ليعكس قصتها الفريدة، حيث أدمج الفن اللبناني التقليدي، مثل التطريز اليدوي الدقيق والأقمشة الفاخرة، مع تفاصيل مستوحاة من شخصيتها وأحلامها ورؤيتها ليومها الخاص. هدفي ليس فقط تصميم فستان جميل، بل خلق تجربة لا تُنسى، لضمان أن تشعر العروس بالاحتفال والتقدير وأن تكون هي نفسها تماماً. هذا اللمس الشخصي، إلى جانب التوازن بين التراث والحداثة، يعرّف نهجي في التصميم.
- ما المشاعر التي تأمل أن تشعر بها العرائس عند ارتداء تصاميمك؟
آمل أن تشعر العرائس بالإشراق والثقة والتميز عند ارتداء هذه التصاميم. الهدف هو إثارة شعور بالجمال الخالد والفرح، مع ضمان أن الفستان يكون امتداداً لشخصيتهن. تم تصميم الفساتين لتكون تعبيراً عن الأناقة، بينما تحتفل بفرادة كل عروس.
- كيف توازن بين الحداثة والتراث؟
إن دمج العناصر اللبنانية التقليدية أمر بالغ الأهمية للاحتفال بجذورنا الثقافية. تقنيات مثل التطريز المعقد، والترصيعات الدقيقة، والأقمشة الفاخرة هي أساسية في هذه التصاميم. فيما يتعلق بالحداثة والتراث، أحرص على دمج هذه العناصر التقليدية مع القصات المعاصرة، والأنسجة المبتكرة، والتوجهات العالمية في التصميم، مما يخلق مزيجاً متناغماً يجذب العرائس المعاصرات مع تكريم الماضي في الوقت نفسه.
الإلهام الشخصي
- هل يمكنك وصف عملية إبداعك وكيف تجد الإلهام لكل مجموعة؟
تبدأ عمليتي الإبداعية بحكاية. أستمد الإلهام من الذكريات الشخصية، مثل أناقة جدتي، ومن مراقبة العالم من حولي، الطبيعة والفن وحتى المشاعر التي أراها في الناس. كل مجموعة تبدأ بموضوع مركزي، غالباً ما يكون مستمداً من قصة أرغب في سردها، سواء كانت عن الحب، أو الصمود، أو التراث الثقافي.
بعد ذلك، أرسم الأفكار، وأجرّب الأنسجة، وأختار الأقمشة التي تعكس المشاعر التي أريد التعبير عنها. أعمل عن كثب مع الحرفيين لضمان أن كل التفاصيل، من التطريز إلى القصات، تتماشى مع القصة. إنها عملية شخصية ومعمقة، مدفوعة برغبتي في خلق فساتين تتردد عاطفياً وبصرياً مع النساء اللاتي يرتدينها.
- كيف تدمج تراثك اللبناني مع الاتجاهات العالمية؟
دمج تراثي اللبناني مع الاتجاهات العالمية في الموضة يتطلب احترام التقاليد مع البقاء مبتكراً. أدمج في تصاميمي عناصر تعكس القصات المعاصرة والجماليات العالمية.
لتحقيق هذا التوازن، أظل مطلعاً على الاتجاهات العالمية مثل القصات الحديثة، المواد المستدامة، ولوحات الألوان الحالية، بينما أدمجها مع الأناقة الخالدة والتفاصيل الغنية التي تميز الأزياء اللبنانية. يتيح لي هذا المزيج خلق مجموعات تشعر بأنها مرتبطة بعمق بالهوية الثقافية، وتلقى صدى لدى العرائس من جميع أنحاء العالم.
الخطط المستقبلية
- هل لديك مشاريع أو مجموعات قادمة تثير حماسك؟
نحن متحمسون للغاية لمشروعنا القادم: إطلاق أول مجموعة هوت كوتور للربيع والصيف، التي سيتم الكشف عنها في الأشهر المقبلة. هذه المجموعة ستكون خطوة مهمة بالنسبة لنا، وستحدد خطاً جديداً وصورة تعكس جوهر الموضة نفسها. لا يمكننا الانتظار لمشاركة هذا الفصل الجديد معكم ورؤية كيفية تفاعل كل من يراها.
- كيف ترى مستقبل الموضة اللبنانية، وأين تضع علامتك التجارية؟
مستقبل الموضة اللبنانية مشرق للغاية، حيث يستمر تراثنا وحرفنا في جذب السوق العالمي. لقد ترك المصممون اللبنانيون بصمات كبيرة على الساحة الدولية، وأعتقد أن هذا الاتجاه سيتصاعد. مع تقدير الجمهور العالمي للتصاميم الفريدة عالية الجودة، سيستمر تأثير لبنان في عالم الموضة في التوسع، خاصة ونحن ندمج بين العناصر التقليدية والحديثة في إبداعاتنا.
بالنسبة لعلامتي التجارية، آمل أن أساهم في هذا التقدير العالمي عبر إنشاء تصاميم ترتبط بعمق بالثقافة اللبنانية، وفي الوقت نفسه تلقى صدى لدى العرائس والعملاء من جميع أنحاء العالم. أود أن أضع علامتي التجارية كرمز للأناقة الخالدة، حيث يلتقي التراث بالابتكار، وتقدم قطعاً تتجاوز الحدود وتتحدث إلى جمهور عالمي مع الحفاظ على تلك العلاقة الشخصية والمعنوية مع كل عميل.
- ما النصيحة التي تقدمها للمصممين الطموحين في سوق تنافسية مثل لبنان؟
نصيحتي هي أن تظل صادقاً لرؤيتك بينما تتبنى العمل الشاق والمرونة التي تتطلبها صناعة الأزياء. في سوق تنافسية مثل لبنان، من المهم أن تستمد قوتك من تراثك، ولكن أيضاً أن تجد صوتك الفريد، شيء يميز تصاميمك عن غيرها.
لا تتوقف عن التعلم، سواء كان ذلك من خلال إتقان تقنيات جديدة أو فهم جانب الأعمال في الموضة. ابنِ علاقات مع الحرفيين المهرة والموجهين الذين يمكنهم إرشادك وإلهامك. والأهم من ذلك، كن صبوراً ومثابراً؛ فالنجاح لا يأتي بين عشية وضحاها. استمر في شغفك، وثق في حدسك.
تابعي أيضاً: المصمم جاد سودا يحتفل بإرث والده بمجموعة كوتور ساحرة