في أسابيع الموضة العالمية وكذلك في الشارع، بات الفرو حاضراً في كل مكان، سواء من خلال الأكسسوارات التي تتوج الإطلالة، أو على شكل تصاميم كاملة من الفرو، لكنه بعيد عن الطبيعي، وهو اتجاه يرجّح أن يدوم. وفيما كانت عروض أسبوع الموضة جارية كان الفرو الاصطناعي منتشراً في عواصم الموضة الأربع في العالم، خاصة على مدونات الموضة والنجمات اللواتي تباهين بمعاطف الفرو ولمَ لا؟ فالمستقبل سيكون لتصاميم الفرو الاصطناعي.
ففي الواقع، منذ الشتاء الفائت، بدأت كل العلامات التجارية الفاخرة وصولاً إلى ماركات شعبية مثل زارا، Zara بطرح موديلات قائمة على الفرو الاصطناعي، على نحو لم يسبق له مثيل"، وفق كريستوفر سارفاتي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة "إيكوبيل" الفرنسية لإنتاج الفرو الاصطناعي، التي توفّر منتجاتها لنحو 300 ماركة في مختلف أنحاء العالم، والدليل على ذلك ارتفاع مبيعات الشركة بين عامي 2023 و2024 بنسبة تزيد على 15 في المئة في السوق الأوروبية وتناهز 28 في المئة في آسيا.
وبفضل شيوع صيحَة "موب وايف" mob wife (أي "زوجة رجل المافيا") وإطلالة "ليدي لايك" ladylike الأنيقة والراقية المستوحاة من جاكلين كينيدي، بات الفرو الاصطناعي اليوم يبدو مطابقاً للطبيعي، وبعيداً كل البعد عن القطع الملونة والباستيل التي كانت شائعة قبل بضع سنوات. فما هي الصيحتان؟
صيحة Mob Wife
هي صيحة انتشرت مؤخراً ومستوحاة من أفلام قديمة معروفة، ومن أبرزها فيلم Godfather وقد بدأ الموضوع مع مدونات على منصة تيك توك، مع تعليق غدا بمثابة ترند معروف وهو "إطلالة زوجة رجل المافيا هي الرائجة" (Mob wife is in). وتسابقت مدونات الموضة على هذه المنصة في تصوير لقطات لهن بمجوهرات ضخمة ومعاطف فرو وأزياء مطبعة بنقش الحيوانات البرية، لدرجة أن هذه الظاهرة استرعت اهتمام المخرج فرنسيس كوبولا Francis Ford Coppola الذي علّق عليها على حسابه على إنستغرام. مما لا شك فيه أن هذه الصيحة أتت كصيحة مطورة لصيحة "باربي كور" Barbie Core، ولكن بأسلوب أنضج. فكري سيدتي بنجمات مثل كيندال جينير وصوفيا ريتشي اللتين تجسدان هذه الصيحة وانظري إلى إطلالات مدونة الموضة كارو دور في أسبوع باريس للموضة التي تألقت بالفرو، ومن الدور التي تلبي هذه الصيحة دولتشي أند غابانا وروبيرتو كافالي.
صيحة ليدي لايك
وبدا هذا الاتجاه واضحاً في المجموعة التي أطلقتها دار كلوي Chloe للأزياء خلال أسبوع باريس للموضة لخريف وشتاء 2025- 2026، والتي اعتمدت على الفرو الاصطناعي، وذلك أسوة بما كانت ترتديه زوجات الرؤساء في منتصف القرن الماضي. لكنّ الدار الفرنسية التي لم تعد تستخدم الفرو الطبيعي منذ عام 2018، أوضحت أن مديرتها الفنية خيمينا كامالي استخدمت فرو الشيرلينغ أي جلد الغنم الاصطناعي، على شكل وشاح مثلاً، أو على أكمام سترة، أو على طية صدر معطف طويل، أو على شكل ذيل ثعلب على حقيبة.
ولم تكن كلوي الوحيدة في الابتعاد عن الفرو الطبيعي. فمنذ سنوات، توقفت دور أزياء عدة للمنتجات الفاخرة، من بينها دور عالمية مثل سان لوران Saint Laurent، وغوتشي Gucci وشانيل Chanel ودولتشي أند غابانا Dolce & Gabbana، وبُربري Burberry، واستعاضت عنها بإنتاج الملابس القائمة على الفرو الاصطناعي والنباتي، وهي خطوة مسبوقة، اتخذتها المصممة ستيلا مكارتني Stella Mccartney وهي المعروفة بالتزامها الدفاع عن قضية الحيوانات، ولكن من المتوقع أن يعتمدها الجيل الجديد من المصممين.
89 %من تصاميم الفرو في أسبوع ميلانو كان اصطناعياً في مقابل 62 % فقط في أسبوع نيويورك للموضة
وعن صيحة الفرو الاصطناعي قال مصمما دار "فاكيرا" Vaquera برين توبنسي وباتريك دي كابريو لوكالة الصحافة الفرنسية مؤخراً، واللذان عرضا هذا الأسبوع تشكيلة من الفرو الاصطناعي، إن "الفرو الاصطناعي أكثر روعة وجمالاً. ونحن لسنا مع ممارسة الوحشية على الحيوانات".
تابعي المزيد عن معاطف الفرو تتألق في أسبوع ميلانو للموضة بموديلات لكل الأجسام
ولاحظ ماتيو بوبار ديليير في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أن "العلامات التجارية التي لا تزال تستخدم الفرو الحقيقي على منصات العرض يمكن عدُّها على أصابع اليد الواحدة".
وأشارت شركة "إيكوبيل" التي تتابع السوق عن كثب إلى أن 89 في المئة من منتجات الفراء التي عُرضت خلال أسبوع الموضة في ميلانو كانت اصطناعية، في حين بلغت النسبة 62 في المئة في نيويورك، ومئة في المئة في لندن. ففي الواقع، حظرت العاصمة الإنكليزية استخدام الفرو في عروض الأزياء منذ سنوات.
وهو إجراء ينبغي أن يُحتذى به في باريس أيضاً، بحسب جمعيتي الرفق بالحيوان "بيتا" و"منظمة بريجيت باردو"، اللتين تظاهرتا في اليوم الأول من أسبوع الموضة ضد "عودة الفرو".
فصيحة الفرو الاصطناعي تترافق مع عودة الفراء إلى الواجهة، وأقرّ متجر الفرو "سام رون" في باريس بأن مبيعاته زادت منذ العام الفائت، بفضل مدونات الموضة اللواتي يلتقطن صوراً لهن بأسلوب ستريت ستايل متدثرات بمعاطف الفرو البيضاء.
وتحظى ملابس الفرو المستعملة أيضاً بشعبية كبيرة، وخاصة في صفوف جيل ما بعد الألفية الذي يهوى الأشياء القديمة، حتى أن بعض المنتميات إلى "الجيل زي" يبحثن في خزائن جداتهنّ. ووصف ماتيو بوبار ديليير الفرو بأنه "يشكل تراثاً حقيقياً"، ناهيك عن أن الفرو الاصطناعي شديد التلويث، بحسب خبراء البيئة.
وأكدت "إيكوبيل" أنها وجدت الحل من خلال إطلاق فرو اصطناعي مصنوع بالكامل من النباتات. وشدّد كريستوفر سارفاتي على أن "الماركات لن تكون قادرة بعد اليوم على القول "نحن لا ننتج فرواً اصطناعياً؛ لأنه مصنوع من البوليستر أي النفط".
وهذه المادة "الثورية" ستصبح قريباً في كل مكان. وزادت الطلبيات للشتاء المقبل بنسبة 20 في المئة عما كانت عليه العام الفائت. وقال سارفاتي "إننا نشهد اتجاهاً يترسخ مع العام المقبل".
تابعي المزيد عن انطلاق أسبوع باريس للموضة وسط امتعاض منظمات بيئية
