عمري 12 عاماً، فوجئت ذات يوم بأبي يدخل البيت بفتاة تلبس ثوب زفاف أبيض، إنها زوجته الجديدة، أي زوجة أبي، ستعيش مع أبي في الطابق السفلي من البيت، ونعيش أنا وأمي وإخوتي في الطابق العلوي، .. بسرعة تذكرت قصة سندريلا، لدي أم حقاً، ولكن أبي رجل ظالم.
حين رأيتها بثوبها الأبيض، تخيلتها الساحرة الشريرة وهي تحمل عصاها السحرية بدلاً من باقة الورد، مرت أيام على وجود تلك المرأة في البيت، أمي تلتزم شقتها ولا تكلم أحداً، وأنا وإخوتي لا نرى أبانا، الذي أصبح ملكا لامرأة أخرى، شعور باليتم يملأ حلقي، حين أعود من المدرسة في الظهيرة، أراها تجلس معه في حديقة البيت يتحدثان ويتهامسان، أسأل نفسي: ما الذي أعجب أبي بهذه الفتاة التي لا تعرف شيئاً من الحياة، سوى تزيين وجهها، بل تلطيخه؟
أمي امرأة كاملة وسيدة مجتمع وربة بيت مثالية، والجميع يشهد لها بالخلق، ولكن ما حدث هو زلزال قلب حياتنا، لا أدري كيف ستمر الأيام القادمة، هل سينفذ صبر أمي، وتتركنا ثأراً لكرامتها، أم ستبقى صامدة، وتهدر عمرها وشبابها من أجلنا؟ ولو تركتنا أمي كيف سأعيش مع زوجة أب؟
شبح ثوب سندريلا ينام معي كل ليلة في السرير، أخطاء الآباء تؤرق أحلام البنات المراهقات مثلي، لا أريد أن أصبح سندريلا يوماً حتى لو قابلت فارس الأحلام، لأن وجود أمي في حياتي أكبر وأعمق، ولكن جرحي يكبر وخوفي يتعاظم، زوجة أب يعني بالنسبة لي حياة تنهار بلا أسباب، أو لسبب واحد أن أبي فكر بنفسه فقط!
فهل هكذا كل الرجال؟
مراهقة خائفة
الاختصاصي النفسي، "محمد صادق" يرى أن الفتاة بطبعها لديها حب لا يوصف لأمها، وفي نفس الوقت بداخلها خوف غير طبيعي وجاهز وحاضر من زوجة الأب، حتى لو لم تظهر تلك الأخيرة في حياة الفتاة ومراهقتها، ولأن قصة سندريلا أسهبت وصفت عذابها ومعاناتها من زوجة ترى الفتيات كلهن يضعن صورة وحشية لزوجة الأب، هذا شكل نقمة وكراهية للأب الذي أتى بتلك المرأة للبيت لتحتل مكان أمها كما أن الفتاة المراهقة تسرح بخيالها وترى تلك الزوجة بين أحضان والدها، وتتذكر حرمان أمها وتضحيتها، فتزداد نقمتها وكراهيتها للرجال، وليس لزوجة الأب حيث تراهم خونة وغدارين.
دور الطب النفسي يبدو قاصراً أمام معاناة فتاة ستمر بهذه الظروف ويبقى دور الأم الأصلية والصديقات والخالات والجدة كبيراً في التهوين على الفتاة، لأنها لن تسمع لدروس مرتبة من طبيب نفسي ولكنها ستعايش ظروفاً مشابهة عن طريق جدتها مثلاً عن فتاة نجحت في حياتها رغم وجود زوجة أب فيها.