أعراض مثيرة للقلق!
ابنتي في السادسة والنصف من عمرها، ترتيبها السادس بين إخوتها، كلامها فصيح، أحيانًا تبهرنا بملاحظاتها، ما يقلقني حركتها الكثيرة، والتصاقها بي وبوالدها أو أحد إخوتها، إذا جلست بمفردها تنكس رأسها إلى الأرض، وتحدث نفسها، تحب التقليد، وتصدر حركات بهلوانية، فما الطريقة المثلى للتعامل معها، كي لا تتحول أفعالها إلى تمرد على الأسرة؟ وهل أراجع المختصة بالإرشاد النفسي؟
المهرة
أختي السائلة من الصعب تحديد ما تعاني منه ابنتكِ، فلم توضحي إن كان اضطراب الحركة الزائدة مصحوبًا بالتشتت والاندفاعية، كما إنني لا أستطيع أن أحكم على بعض التصرفات التي تقلقك بأنها غير طبيعيـة؛ لأنّ هناك معايير معينة مثل شدة وتكرار ونوعيـة السلوك الذي يبدو غريبًا من أجل الحكم عليـه، كما إنكِ لم تذكري شيئًا عن دراستهـا، وهل التحقت بالروضة والتمهيدي؟ أم أنهت عامها الأول في المدرسـة؟ وكيف هو مستواها الدراسي؟ هل الحركات التي تقلقكِ تحدث في كل الأوقات وعند الآخرين، أم في المنزل وأمامكم فقط؟ هل كانت تعاني من مرض أو من أعراض التشنج خلال طفولتها المبكرة؟ هل لديها مشكلة في التحكم في تبولها؟ وكيف هو تعاملها مع الأطفال؟ هل تنام بين أبويها؟ هل لديها مخاوف محددة؟ هل هناك أحد من إخوتها صدرت عنه نفس التصرفات عندما كان في مثل عمرهـا؟ وكيف هي طريقتك في التعامل معها، بالضرب أم التهديد أم التخويف أم بطريقة مرنة؟ ومنذ متى بدأت تلك الأشياء المزعجة في الظهور؟
هذه الأسئلة تحتاج إجابة حتى نستطيع الحكم على سلوكها، وخير من يساعدكِ المختصة النفسية، ومن خلال تشخيص الحالة ستوضح لكِ التحليل النفسي لتصرفاتها، وهل هي سوية أم غير سوية، وفي كل الأحوال سترشدكِ إلى الإجراءات المناسبة في كيفية التعامل معها.
أواجه مشكلاتي بلامبالاة!
أنا مضطربة نفسياً، وأحس أنني لست إنسانة سوية؛ فعندما
تمر عليّ بعض المواقف الصعبة لا أهتم لها، وأتعامل معها بلامبالاة، وبعد فترة أعود
لأحاسب نفسي، وأحيانًا أحس بأنني أريد الهروب من الموقف الصعب حتى ولو بالموت،
سواء كنت أنا صاحبة الموقف أو معايشة له، تسيطر عليّ فكرة فراق زوجي، ولا أتحمل
مجرد تخيل أنني سأفقده بالموت بعد فترة الله أعلم بها، مع يقيني أن الكل سيموت،
وأحيانًا يشط بي التفكير وأقول: أريد أن يموت زوجي الآن حتى أعيش تلك اللحظة التي
أخافها، أو أموت أنا وأتخلص من تلك الفكرة التي ترعبني.
أرجو منكم مساعدتي لأتغلب على هذه الوساوس.
هاربة من الحياة
أختي السائلة ذكرت أن هناك بعض المواقف تتعاملين معهـا بلامبالاة، ولا تهتمين في لحظة الموقف ثم تعودين لتحاسبي نفسكِ، ولست أدري هل محاسبتكِ ولومكِ لذاتكِ عائد إلى معالجتكِ الخاطئة؟ أم أنّ معظم المواقف التي تحدث لا تسمحين لنفسكِ بالتفكير فيهـا، ولا تقبلين باستشارة الآخرين؟ لا شك أنّ كلًا منا تواجهه مواقف ويتعامل معهـا، وبعد ذلك يكتشف الكثيرون تسرعهم أو أنّ مواجهتهم لم تكن صحيحة، بما في ذلك مواقف يفترض التريث فيهـا لأنها مواقف مصيرية -كالتخصص في الجامعـة أو الزواج والطلاق- بينما بعض المواقف تكون عادية ومتكررة ويوميـة ومتوقعـة، لكن يختلف الناس في درجـة أهميتهـا، فما أراه موقفًا عاديًا يراه غيري موقفًا مهماَ جدًا.
بشكل عام، من الطبيعي أننا إذا فشلنا في أي موقف فإننا نشعر بالإحباط والأسى ولوم الذات وتمني الموت واتهام ذواتنـا بأننـا أقل في الفهم أو لسنا طبيعيين، كما أن محاسبة النفس سلوك إيجابي إذا كانت في حدودها الطبيعية، وإذا كانت تستهدف الاعتراف بالخطأ والاستفادة من التجربــة كخبـرة تزيد من رصيدنا للتعامل مع المواقف القادمــة، أما الهروب أو الاعتذار أو التبرير فإنها تعد أساليب سلبية ترسخ عجزنا وخوفنا وتوجسنا وتوقعنا بأننـا سنخسر وسنفشل، فنفضل الهروب من مواجهة المشكلة أو الموقف، لكننا نجد أنفسنا مستمرين في توترنا، وتظل المشكلة على ما هي عليه، ما يعني أن الهروب أو التأجيل لن يغيّرا شيئًا، بل يزيدا من تفاقم المشكلة.
وما دامت المواقف والمشاكل -أيًّا كانت شدتها ونوعيتها- مزعجـة لنا وتحدث التوتر والتحفز للمواجهة، فإن الاستشارة هي الطريقة الإيجابية للتعامل معها والخروج منها بنتائج إيجابية، وفي نفس الوقت علينـا أن ندرك حقيقـة أنّ البشر ليسوا سواء في التعامل مع مشاكلهم ومواقفهم؛ فالبعض ينجح والبعض يخفق، وليست هناك حلول جاهزة أو معدّة للمواقف أو المشاكل، وأيضًا لكل قرار نتخذه إيجابيـات وسلبيات، فإذا وازنـَّا بين الإيجابيات والسلبيات وتوكلنا على الله وتحملنـا بعض الآثار التي قد تحدث أو نتوقعهـا، كانت النتيجة إيجابية.