تعد العشر الأوائل من شهر ذي الحجة من أفضل الأيام التي يتقرب فيها العبد من الله سبحانه وتعالي، وفيها يوم عرفة وهو من أفضل الأيام التي تعد فرصة لطلب العفو والغفران واستجابة الدعوات وتحقيق الأمنيات وتجديد العهد مع الله جل وعلى.
كما تعتبر هذه العشر الأوائل من أفضلُ أيام السنة، لاجتماع أمهات العبادات فيها، وهي: (الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج)، ولا يأتي ذلك في غيرها من أيام السنة؛ فقد أقسم اللهُ تعالىٰ بهذه الليالي فقال: {وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2].
أهمية العشر الأوائل من ذي الحجة
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَىٰ اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» أخرجه الترمذي وأيامه هي الأيام المعلومات المقصودة في الآية الكريمة: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...} [الحج: 28]؛ فهي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة.
ماذا يقال في العشر من ذي الحجة؟
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ -أي عشر ذي الحجة-، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ «قول: لا إله إلا الله» وَالتَّكْبِيرِ «قول: الله أكبر» وَالتَّحْمِيدِ «قول: الحمد لله». [أخرجه أحمد في مُسنده].
فضل الذكر في العشر من ذي الحجة
قال تعالى: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ» (البقرة: 203).
وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلا بُشِّرَ، وَلا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلا بُشِّرَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ».
وقد خص النبي -صلى الله عليه وسلم- الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، بكثرة التحميد والتهليل والتكبير، وهي: «الحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»، ويعتبر العمل الصالح في الأيام العشر من ذي الحجة هو أحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من أيامٍ أعظمُ عند اللهِ ولا أحبُّ إليه العملُ فيهن من أيامِ عشرِ ذي الحجةِ».
أعمال العشر من ذي الحجة لغير الحاج
ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها في هذه الأيام العشر الفضيلة، وخاصة لغير الحاج، الآتي:
- الصوم: يسن صوم أول تسعة أيام من ذي الحجة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس، وصيام يوم عرفة: وقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب على اللّه أن يكفّر السّنة الّتي قبله والسّنة الّتي بعده» رواه مسلم.
- كثرة الذكر: يستحب الإكثار من الذكر والتهليل والتكبير والتحميد والدعاء في العشر من ذي الحجة، قال الله عز وجل: ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، والمحافظة على نظافة الأماكن العامة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» (موطأ مالك).
- قيام الليل: وذكر ابن رجب الحنبلي في كتاب لطائف المعارف أن: "قيام ليالي العشر، فمستحب"، وكان سعيد بن جبير – وهو رواي هذا الحديث -، عن ابن عباس – رضي الله عنه – إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا حتى ما يكاد يقدر عليه، وروي عنه أنه قال: " لا تطفئوا سرُجُكم ليالي العشر "، تعجبه العبادة – كما جاء في كتاب سير أعلام النبلاء.
- قراءة القرآن الكريم: لقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم- أن من يقرأ القرآن الكريم له ضعف الحسنات والجزاء الذي يحسبه الله تعالى له، والدليل على ذلك الحديث النبوي الشريف: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ“.
- الصدقة: تعد الصدقة و ذكر الله عز وجل من أعظم أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة، كما ورد في قول الله تعالى: «لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ» [الحج: 28]، والأيام العشر الأوائل من ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف فيها العمل ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وتعتبر الصدقة هي خير عمل يقوم به المسلم في هذه الأيام، وأكد الحافظ ابن حجر العسقلاني (في كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري)، أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي (الصلاة والصيام والصدقة والحج)، ولا يأتي ذلك في غيره.
أفضل العبادات في العشر الأوائل من ذي الحجة
ومن أفضل العبادات في العشر الأوائل من ذي الحجة الإكثار من ذكر الله، ومن أفضل الأذكار:
- التهليل: والمقصود به قول: "لا إله إلا الله"، وهي شهادة الإسلام، وأول أركانه وعنوان التوحيد، وقد فسر أهل العلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار منها في العشر من ذي الحجة المباركة، أنها أيام الحج التي يتوجه فيها الناس إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها موحدين طائعين منيبين راجين رحمته ومغفرته، خائفين من عذابه، فكان من أكثر الأذكار مناسبة في هذه الأيام التهليل، وقد وردت العديد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، في فضل التهليل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة، كتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما أتى به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد" رواه البخاري ومسلم.
- التكبير: والمقصود به قول: الله أكبر، وفي التكبير دلالة على تعظيم المولى عز وجل، فهو إقرار بأن الله تعالى أعظم وأكبر من كل شيء، وأنه هو المستحق وحده بالعبادة، وفيه دلالة أيضًا على التوحيد الذي يعد واحدًا من أعظم مقاصد الحج، وقد صرح أهل العلم أن أصح الصيغ الواردة في التكبير في أيام العشر من ذي الحجة، هو ما رواه عبد الرزاق عن سلمان بسند صحيح قال: كبروا.. الله أكبر الله أكبر كبيرا، وعن عمر وابن مسعود: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
- التحميد: الحمد لله، والحمد هنا يكون على كافة النعم التي رزقه الله بها، وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديث عن ذلك، حيث قال: “كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ”.
فضل يوم عرفة
يعد يوم عرفة من أفضل الأيام عند الله سبحانه وتعالي، ومِن الأحاديث النبوية التي تتحدث عن فضل يوم عرفة ما أخرج أحمد، وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في (الأسماء والصفات) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا عبادي جاءوني شعثا غبرا" وما روتهُ عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "ما من يوم أكثر من أن يُعتَق الله فيه عبيداً من النار مِن يومَ عرفة، وإنه ليدنو يتجلى، ثم يُباَهِي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهدوا ملائكتي أني قد غفرت لهم".
وهو يوم عِتق من النيران، ومَغفِرة لذنوب العِباد، من آمن منهم وعمل أعمال صالحة، فيقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ).
يعتبر دعاء يوم عرفة من العِبادات العظيمة التي يجب على العبد اغتنامها، فوُرِد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: (خيرُ الدعاء، دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، رواه الترمذي.
يمكنك أيضًا قراءة: ماهو التكبير المطلق وصيغته ومتى يبدأ
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة اكس