عقدت ندوة حوارية بعنوان "الاحتفاء بالإبل في الشعر العربي بين الفصيح والشعبي"، تحدث فيها عضو هيئة التدريس في قسم البلاغة والنقد التابع لجامعة أم القرى الدكتور سعود بن حامد الصاعدي، والناقد الأستاذ فايز ذياب الشمري، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2024م، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار "الرياض تقرأ".
ندوة حوارية
ناقش ضيوف الندوة العلاقة العميقة بين الثقافة العربية والإبل، وارتباطها برموز تتداخل في الشعر العربي لتشكل صورة شاملة عن العلاقة بين الإنسان والإبل، وتعكس القيم الثقافية والاجتماعية في المجتمع العربي.
وتحدث الدكتور سعود الصاعدي عن تأثير الإبل في الشعر العربي، مشيرًا إلى أن الإبل ليست مجرد حيوانات، بل تمثل رمزًا ثقافيًّا عميقًا في التراث العربي، لارتباط وجودها بحياة البدو وصمودهم في الصحراء، متناولاً كيف أن الإبل كانت موضوعًا شائعًا في الشعر العربي القديم، مع كثير من الأسماء والصفات التي تنسب إليها، وهذا يعكس العلاقة الوثيقة بين الشاعر ورفيقه من الإبل.
وقدم الصاعدي نموذجًا تحليليًّا لفهم العلاقة بين الشعر والإبل، يتكون من عناصر مثل الاسم، والوسم، والقاموس، والناموس، موضحًا كيف يمكن لهذه العناصر أن تساعد في فهم الشعر العربي، مناقشًا أهمية الأفق الشفاهي في الشعر القديم والشعبي، وكيف أن الإبل تمثل جزءًا من هذا الأفق، مما يعزز من استمرارية الشعر وتطوره، متطرقًا إلى كيفية استخدام الشعراء للوسم علامةً على الهوية والقبيلة، وكيف أن القاموس اللغوي المتعلق بالإبل يوجد في كثير من قصائد الشعراء، مما يعكس غنى اللغة العربية.
وأشار إلى أن الإبل ساهمت في تشكيل الصور الشعرية، حيث يمكن أن تعكس صفات الإبل جماليات الحياة في الصحراء وتحدياتها، موضحًا أن العديد من الشعراء، مثل امرئ القيس والمتنبي، تناولوا الإبل في قصائدهم، معبرين عن مشاعرهم وتجاربهم من خلال استعارات تتعلق بالإبل.
تأثير الإبل على الشعراء
ونوه الدكتور الصاعدي بأن وجود الإبل كانت له تأثيرات عميقة في حياة الشعراء في الصحراء، حيث كانت الإبل رفيقًا أساسيًّا للشعراء، فاستخدموها في التنقل عبر الصحراء، مما ساهم في تشكيل تجاربهم الشخصية وكتاباتهم، وشكلت الإبل مصدر إلهام شعري، حيث استخدم الشعراء صفاتها ومميزاتها في تصوير جماليات الحياة الصحراوية، مما أضاف عمقًا للصور الشعرية.
وأضاف: ارتبطت الإبل بالصمود والكرامة، مما جعلها رمزًا للهوية الثقافية والشجاعة في مواجهة تحديات الحياة في الصحراء، وساهمت في تشكيل التراث الثقافي، حيث كانت موضوعًا متكررًا في الشعر العربي القديم، مما يعكس أهمية هذه الحيوانات في حياة البدو، كما أنها أدت إلى تنمية اللغة الشعرية، حيث ابتكر الشعراء مصطلحات وألفاظًا تتعلق بالإبل لتعبر عن تجاربهم ومشاعرهم، مما أثرى القاموس اللغوي العربي.
وفي إطار الندوة الثقافية ، أشار الأستاذ فايز الشمري إلى العلاقة العميقة التي تربط الشعراء بالإبل، والتي تعكس القيم الاجتماعية والقبلية مثل الكرم والوفاء. وأوضح أن هذه العلاقة جعلت الإبل تبرز في القصائد كجزء أساسي من الهوية الجماعية، حيث استخدم الشعراء الإبل كوسيلة لسرد قصصهم وتجاربهم، مما ساهم في نقل الثقافة والتاريخ الشفهي عبر الأجيال.
وحسب الشمري، تُعتبر الإبل رمزًا للكرامة والصمود في مواجهة قسوة الصحراء، مما جعلها نقطة إشعاع في التراث العربي. وتظهر الإبل في العديد من الأمثال والأشعار، حيث تعكس التشبيهات المرتبطة بها مكانتها السامية في نفوس العرب. فعلى سبيل المثال، يتم تشبيه الناقة بالنعام في السرعة وبالبقر الوحشي في القوة، مما يعكس تميزها في البيئة الصحراوية.
كما تناول الشمري مسألة الأسطورة في الثقافة العربية، متسائلًا عن إمكانية تشكيل عقل العرب لصورة أسطورية عن الإبل. ولفت إلى تداخل العناصر الأسطورية في الأدب العربي القديم والحديث، مما يعكس دور الإبل كمصدر للإلهام والإبداع.
في ختام حديثه، أعرب الشمري عن اعتزازه بمكانة الإبل في الثقافة العربية، مشددًا على ضرورة استمرار البحث والدراسات لفهم أعمق للعلاقة التاريخية بين الإنسان والإبل عبر العصور. وأكد أن الإبل تحمل في الشعر العربي العديد من الرموز والدلالات المهمة، منها الصمود والكرامة، حيث ترمز إلى قدرة الإنسان العربي على التكيف والبقاء في ظروف الصحراء القاسية.
للمزيد الاطلاع على: الرياض تقرأ بكل لغات العالم في معرضها الدولي للكتاب 2024.
كما أشار إلى أن الإبل ليست مجرد وسيلة للتنقل، بل تُعتبر رمزًا للثراء والرفاهية، إذ كانت تُستخدم في التجارة والتنقل، مما يدل على مكانة صاحبها الاجتماعية. ودعا الشمري إلى المزيد من الدراسات لفهم هذا التراث الغني الذي يربط الإنسان بالإبل ويعكس عراقة الثقافة العربية عبر الزمن.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة اكس