لاشك في أن الثقافة هي عنصر أساسي من عناصر رسم الهوية، والثقافة العلمية هي أحد فروع الثقافة بوجه عام، وهي ترتبط بالعلوم الطبيعية والبيولوجية على وجه التحديد، ونحن الآن نعيش في عصر تستحدث فيه كل يوم معارف جديدة، وتتفتح به آفاق لم تكن معروفة من قبل، ولذلك أصبحت الثقافة العلمية ضرورة موضوعية ملحة في ظروف علمية وتكنولوجية عالمية تتسم بإيقاع متسارع في حركتها وتأثيرها وإنتاجيتها.
الثقافة العلمية أعمق من الثقافة العامة
يقول الأستاذ أحمد فرحات الباحث بعلم الاجتماع بكلية آداب جامعة طنطا لسيدتي: الثقافة العلمية هي ميدان فرعي من ميادين الثقافة العامة، ولها خصوصية، فهي تتميز عن الثقافة العامة، إنها أعمق من أن تكون مجرد معلومات عن العلم والتكنولوجيا، وهي ترتبط بالعلوم الطبيعية والبيولوجية على وجه التحديد، وهي تسهم في تكوين جيل قادر على الإنتاج والإنجاز في مجال العلم والتقنية؛ من أجل بناء عقول قادرة على تفكير علمي في كل شيء، وهي ليست عملية مؤقتة أو محددة، وإنما عملية مستمرة تتغير وفق المستجدات العلمية التكنولوجية الحديثة، وتتأثر بالبيئة الخارجية وبمسار المجتمع بشكل عام، وبمنظومة القيم والأفكار والتوجهات السائدة فيه.
مفهوم الثقافة العلمية
يقول أحمد فرحات إن الثقافة العلمية هي عملية تربوية توعوية، تستخدم وسائل مناسبة لتخلق لدى أي فرد سلوكاً علمياً يتّسم بالإبداع والابتكار والتحليل، يستطيع من خلاله أن يفهم الحياة الجديدة والحديثة من حوله، خصوصاً تلك العلوم المتعلّقة بعجلة التكنولوجيا الحديثة، ويشمل مفهوم الثقافة العلمية المعارف البينية التي تربط العلوم الطبيعية بالإنسانية باعتبارها أدوات ضرورية لوصف العلم بصورته الواقعية، أي إنها السبب في إثراء الأفــراد بمعلومــات وظيفيــة مرتبطــة بــالعلم وتطبيقاته، وفي تفكير علمي في حل قضايا العلم ومشكلاته، والتفكير الابتكاري نحو تقبل كل ما هو جديــد، ومعرفة كل المــستجدات في مجــال الاختراعــات العلميــة والاكتشافات والمهارات العقلية والاجتماعية ومهارات الاتصال في مجال العلم وتطبيقاته.
أهمية الثقافة العلمية
لا يمكن إغفال قيمة الثقافة العلمية التي لابد أن تكون حاضرة في فعالياتنا وأنشطتنا الثقافية؛ لما لها من أهمية كبيرة للفرد وللمجتمع كتوليد أفكار جديدة تخدم الفرد والمجتمع.
-
بالنسبة للفرد
فهي ترتقي بفكر الفرد، وتستهدف إكسابه الطرق إلى المعرفة، وليس فقط تزويده بالمعرفة، فإنه يستطيع أن يمتلك رؤية غنية ومثيرة للكون، وأن يستخدم المبادئ والمهارات العلمية لاتخاذ القرارات الشخصية السليمة، وتوفر لهم القدرة على التفكير المنطقي في مختلف الأمور التي تواجههم، وهي تمنح الأفراد الثقة للاستجابة الذكية للأفعال، والمجريات التي تحدث في الطبيعة، ومراقبة البيئة الشخصية لهم، فلاشك في أن وجود الفرد المثقف علمياً يسهم في توفير قاعدة جماهيرية واعية لتقدم ونشاط الحركة العلمية.
-
بالنسبة للمجتمع
الثقافة العلمية تجعل المجتمع مستشعراً لقدر العلم ومدركاً لمكانة العلماء، وتساعد في وجود مجتمع علمي عريض يملك ثقافة تولد حراكاً فاعلاً يسهم في المسيرة الحضارية، فإن وجود أفراد داخل المجتمع مثقفين يسهم في زيادة الإنتاجية الاقتصادية وفي رخاء الدولة وتفعيل المشاركة في صنع القرارات العامة والقدرة على إعطاء آراء هادفة ومبنية على أسس علمية وموضوعية، والإلمام بالتقنيات المرتبطة بحياة الفرد والمجتمع والقدرة على فهم ومتابعة المستجدات وممارسة منهج التفكير العلمي في الحياة اليومية، فهي تنشئ في البيئة والمجتمع حافزاً للنشاط العلمي، وتقوم بتطوير الوعي حول تفاعل العلم والتكنولوجيا والمجتمع.
وإذا أردت التعرف إلى الفارق بين الثقافة والعلم تابعي الرابط الفرق بين الثقافة والعلم
مصادر الثقافة العلمية
قراءة الكتب المدرسية والكتب العلمية العديدة
تعتبر القراءة واحدة من أكثر مصادر الثقافة انتشاراً على مر العصور، وليس المنهج المدرسي وحده فقط هو السبب في خلق ثقافة علمية، لكنه يؤسس لوجود مجتمع علمي عريض يملك ثقافة تتفاعل، وتسهم في المسيرة الحضارية، والكتب والمراجع العلمية والأدبية تقدم لنا رؤى جديدة، ومعلومات وأفكاراً ومفاهيم متعددة، وأفكاراً مبتكرة في مجالات، كعلوم الطب، والفيزياء، والأحياء، وغيرها، كذلك تساهم قراءة هذه الكتب في زيادة التحصيل المعرفي لدى الفرد بشأن أحدث التطورات في المجالات التقنية والابتكار، وبالتالي تساعد في تطوير ثقافته.
الدوريات العلمية والتقنيّة
وتعتبر من أهم مصادر الإنتاج الفكري التي تحتوي على العلوم الجديدة والحديثة في مختلف المجالات والتخصصات، وتقوم بخدمة البحث العلمي والباحثين في مختلف التخصصات، وتتميز بإيضاح جميع المستجدات من المكتشفات والأبحاث العلميّة وتعّرف الجمهور بالعلماء والمخترعين وتسهم في إيجاز وتبسيط العلوم.
وسائل الإعلام المختلفة
إن وسائل الإعلام في المجتمع الحديث تشكل أدوات ممتازة لنشر الثقافة العلمية، بل وتلعب دوراً متميزاً في نشرها وتنمية الخيال العلمي لدى الأفراد، وعصر المعلومات أفرز نمطاً إعلامياً جديداً يختلف في مفهومه وسماته وخصائصه ووسائله عن الأنماط الإعلامية السابقة، لذلك أطلق عليه اسم عصر الإعلام الجديد حيث يتميز بالسرعة في إيصال المعلومات إلى الشرائح المستهدفة، كما يتم من خلالها التواصل بين الأفراد، ويسهم في تفاعلهم مع بعضهم البعض بسهولة ويسر وبدون تكلفة.
الإنترنت
فقد أصبح متنفساً حقيقياً ومصدراً لا غنى عنه لأي مثقف، حيث يستطيع أي شخص بسهولة عبر مُحرِّكات البحث الوصول إلى ما يحتاجه من معلومات، فتعتبر منحة علمية مجانية لمن يعرف استغلالها، ولقد أصبح مصدراً لا غنى عنه لأي مثقف لما يحتويه من مواد متنوعة، كان الحصول عليها سابقاً غاية في الصعوبة والكُلفة.
الموسيقى
الموسيقى تعبر عن ثقافة أي شعب وتعزز التواصل الثقافي، وتمنح أي فرد فهماً أعمق للثقافات المختلفة، ويتم تبادل الموسيقى بسهولة بفضل التقنيات الحديثة.
السفر
السفر والتفاعل مع ثقافات مختلفة يجعل أي فرد أكثر انفتاحاً على غيره، وبالتالي يصبح أكثر انفتاحاً على نفسه، والسفر يسهم في إثراء المعرفة والفهم الثقافي لأي فرد، ويسهم في تعزيز المرونة الإدراكية في العقل، والقدرة على التنقل ما بين الأفكار.
وفي الرابط التالي يمكنك التعرف إلى أعظم العلماء العرب تأثيراً على العالم..