ينتظر المسلمون قدوم عيد الأضحى طوال العام، فهي أيام خير وبركة ومشاعر مقدسة وغفران ذنوب وتكفير خطايا، فيها يؤدي المسلمون على اختلاف لغاتهم ولكناتهم ركن الإسلام الأعظم وهو الحج؛ حيث يتهافتون من كل حدب وصوب مجتمعة أفئدتهم على حب الله، خاشعة جوارحهم تعظيماً لشعائر الله، ملبين داعين متبتلين تلهج ألسنتهم عربيها وأعجميها بالدعاء والثناء والاستغفار، وفي ظل هذه الروحانية الفريدة التي تجمع المسلمين على اختلاف مشاربهم وألوانهم من كل حدب وصوب تجدهم يطلقون على عيد الأضحى العديد من المسميات، ما بين يوم الفداء ويوم الحج الأكبر وعيد الأضحى وغيرها من المسميات التي على الرغم من تعدد ألفاظها واختلاف صياغاتها إلا أنها متفقة في معانٍ روحانية واحدة ودلالات وجدانية متفردة؛ حيث العتق من النيران ورضا الرحمن والعودة لكل حاج كمن ولدته أمه بلا ذنوب ولا معاصٍ ولا خطايا وآثام.
عيد الأضحى تكريم لنبي الله إبراهيم وولده
يقول الشيخ محمد السعدي الأزهري إمام بالأوقاف ومن علماء الأزهر الشريف لـ"سيدتي":بدأ المسلمون الاحتفال بعيد الأضحى في السنة الثانية من الهجرة النبوية، فعندما قدم رسولنا الكريم صلوات الله وتسليماته عليه مهاجراً من مكة إلى المدينة وجد أهل المدينة يحتفلون بعيدين، فلما سألهم عن هذين اليومين، قالوا: إنهم كانوا يلعبون فيهما في الجاهلية، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم "كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم اللَّه بهما خيراً منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى".
يمكنك التعرف من السياق التالي إلى: نصائح كي تعلّمي طفلك طقوس عيد الأضحى
لماذا سُمي بعيد الأضحى؟
يوضح السعدي: يحيي المسلمون في عيد الأضحى قصة نبي الله إبراهيم الخليل الذي يكرم وفادته لربه وطاعته لأمره وانتصاره على الشيطان والذي لم يمتثل لوسوسته، فعندما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل عليه السلام العزيز على قلبه، أول أبنائه الذي رزقه به الله تعالى على كِبر، صدق الرؤيا، يقول الله تعالى: "قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى"، وعندما همّ خليل الله بتفيذ أمره تعالى بنحر ابنه، امتثل ولده ولم يتردد لإرادة أبيه طاعة لله، يقول تعالى: "يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ"، ففدا الله إسماعيل عليه السلام بكبش عظيم وأمر نبيه إبراهيم أن يذبحه بدلًا من ذبح ابنه. يقول تعالى: "وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"، ومن هنا سُميت الشاة التي يقوم المسلمون بذبحِها وضُحي بها بالأُضُحية، لذلك يُسمى العيد بعيد الأضاحي أو عيد الأضحى.
يستطرد الشيخ قائلًا: "سُمي عيد الأضحى كذلك بهذا الاسم نسبةً للتوقيت (وقت الضحى) الذي تم فيه نحر "الذبح العظيم"، فالله سبحانه وتعالى يقول لنا: عن وقت ذبح الأضحية "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" أي يأتي النحر بعد صلاة العيد التي يكون وقتُها وقت الضحى".
أسماء عيد الأضحى
وفقاً لموقع euronews.com، يسمى عيد الأضحى بـ"يوم الفداء" وذلك نسبة للتضحية وفداء الكبش لسيدنا إسماعيل عليهِ السلام.
- يسمى عيد الأضحى بـ"يوم الحج الأكبر" نظراً لأنه يحل في العاشر من ذي الحجة كل سنة هجرية، ويأتي في وسط موسم الحج تالياً ليوم الوقوف على عرفات؛ حيث يقوم فيه الحجاج بأغلب مناسك الحج.
- يسمى عيد الأضحى بـ"عيد النحر" فالنحر معناه الذبح.
- ويسمى عيد الأضحى في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي بـ"عيد الضحية" نسبة للأضحية.
- يسمى عيد الأضحى في فلسطين ومصر والسودان وسوريا والأردن ولبنان بـ"عيد الأضحى" نسبة إلى نحر الأضحية.
- يسمى عيد الأضحى في المغرب العربي ونيجيريا وكذلك في مصر بـ "العيد الكبير" نسبة لمدة الاحتفال به والمرتبطة بالحج، فهي أكبر مقارنة بعيد الفطر والذي يسمى بالعيد الصغير، كما أنه وفقاً للشعائر الدينية فـ"العيد الكبير" مخصص أكثر للكبار كونه يتضمن أعمال الأضحية والحج بينما عيد الفطر لا يصاحبه شعائر دينية غير الصلاة.
- يسمى عيد الأضحى في البحرين بـ"عيد الحجاج" لارتباطه باحتفالات الحجيج بإتمام وقفة عرفات، التي تعدّ من بين أهم مناسك الحج.
- يسمى عيد الأضحى في تركيا بـ"عيد القربان" في إشارة إلى مقاصده العليا المتمثلة في الامتثال لأمر الله والتقرب إليه.
- يسمى عيد الأضحى في السنغال وغامبيا وأجزاء من مالي بـ "تاباسكي" ولهذه الكلمة جذور متوسطية ومغاربية وأمازيغية ومسيحية قديمة، وهي مأخوذة من كلمة "تافاسكي" أو "تافسكا" الأمازيغية وجمعها "تافاسكيوين"، وهي كلمة تستخدم في اللغة الأمازيغية للتعبير عن الأعياد الدينية وخاصة عيد الأضحى ومنهم من يستعملها للتعبير عن أضحية العيد.
- يسمى عيد الأضحى في الفليبين بـ"عيد التشريع". حيث يحرص المسلمون على أداء صلاة العيد قبل النحر، الذي يشترك فيه الجميع في أجواء من الفرح والبهجة.
- يسمى عيد الأضحى في شرق آسيا الإسلامية في دول إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة بـ"ماري رايا حجي".
- يسمى عيد الأضحى في الهند وبنغلاديش بـ"بكر عيد" أو "قرباني عيد" نظراً لما يقدم فيه من القرابين والأضاحي على أن الحفلات العامة والاجتماعية تقام فيه عادة في المساء، لأن المسلمين ينشغلون في الصباح الباكر بأداء صلاة العيد وشعائر الأضحية وتوزيعها، ويستمر ذبح الأضاحي أو القرابين لمدة ثلاثة أيام بعد يوم العيد، وهي "أيام التشريق".
بالنهاية فمهما اختلفت مسميات عيد الأضحى كلٌّ يطلق عليه ما يوافق هواه وثقافته واعتقاداته إلا أن الجميع يتفق على فضله وكراماته وعلى الاحتفال وفق طقوسه وعاداته، فالعيد عيد مهما اختلفت طريقة التعبير وتباينت لسانيات النطق وتعددت لغات المحتفلين، فالفرحة غامرة والسعادة جامعة والبهجة لغة اتفقت عليها كل الأفئدة.. وكل عام وأنتم بكل خير.
وبعيداً عن مسميات عيد الأضحى قد ترغبين في التعرف إلى: كيف تحتفي الشعوب بعيد الأضحى وما هي طقوس الاحتفال؟