كيف ظهرت المرأة في الأدب الشكسبيري؟

ليدي ماكبث واحدة من أشهر الشخصيات النسائية لشكسبير (الصورة من Anne-Christine POUJOULAT : AFP)
ليدي ماكبث واحدة من أشهر الشخصيات النسائية لشكسبير (الصورة من Anne-Christine POUJOULAT / AFP)

لطالما عانى شاعر آفون الملحمي ويليام شكسبير الابن النجيب لفكر وفن عصر النهضة الأوروبية بامتياز، الشاعر والكاتب المسرحي والأديب المبدع باتهامات وصمته بأنه متحيز بطريقة أو بأخرى ضد المرأة، حتى أنه أدين من قبل الكثيرين بتهمة كراهية النساء وهي تهمة جائرة، فبطلات أعماله مثل كليوباترا وجولييت والليدي ماكبث وروزالند وبورشيا وبياتريس وميراندا، وغيرهن سيدات تركن أكبر الأثر عند القراء وجمهور المسرح والسينما أينما كانوا، بالسياق التالي سيدتي تحدثك (من موقع theimaginativeconservative.org) عن المرأة بأدب شكسبير وكيف صورها وكيف نظر إليها بمختلف كتاباته ومسرحياته، فهل حقاً أنصف شكسبير المرأة أم أنه كان جندرياً ذكورياً كعصره الذي لم ينصف المرأة إلا فيما ندر.

كفاح الشخصية الأنثوية عند شكسبير

الادعاء بأن شكسبير كان متحيزاً بطريقة أو بأخرى ضد المرأة هو أمر ليس حقيقياً - المصدر: unsplash by Tim Wildsmith


يلفتنا كثيراً أن غالبية الشخصيات النسائية الرئيسية في أدب شكسبير لم يكنّ إلا شابات متحمسات منخرطات في مؤامرات رومانسية تدور حول اختيار الزوج، كما كان للصراع بين الأب وابنته بشأن من يمثل الخاطب المثالي القدرة على خلق مشاجرات خطيرة خلال الأحداث، وقد تطرق شكسبير مراراً وتكراراً لمثل هذه المشاجرات في كتاباته. على أن الملاحظ بنساء شكسبير كفاح الشخصية الأنثوية الشابة لتحرير نفسها من سيطرة الذكور، فوفقاً لموقع theimaginativeconservative.org فإن الادعاء بأن شكسبير كان متحيزاً بطريقة أو بأخرى ضد المرأة هو أمر ليس حقيقياً، وعامة فبراعة شكسبير تكمن في القصص المثيرة التي استخدمها في مسرحياته، والمخزون الغني من الشخوص الأنثوية والذكورية التي يمتزج فيها الخير والشر والعاطفة والعقل، واللغة الشعرية البليغة، والبراعة في التلاعب بالكلمات والألفاظ، والمفردات الجديدة.

المرأة الضعيفة عند شكسبير

شخصية "جولييت" كانت أضعف نساء شكسبير - (الصورة من Photo by PABLO PORCIUNCULA / AFP)

أضعف نساء شكسبير هي جولييت والتي عانت كطفلة غير مستعدة للدخول عنوة في عالم البالغين. ومما يجعل الأمور أسوأ وكارثية (عبر أحداث الرواية) أنها عانت من إهمال الوالدين وإساءة معاملتهما. فخلال الرواية كرس شكسبير لبراءتها وضعفها عبر عمرها الصغير والذي يبلغ ثلاثة عشر عاماً والذي لم يوقف انخراطها في كل الأحداث اللاحقة وهي ما زالت طفلة، وهو نفس عمر ابنته سوزانا في الوقت الذي كان يكتب فيه المسرحية.
يتجلى ضعف نساء شكسبير كذلك في شخصية أوفيليا في استعدادها للتصرف ضد ضميرها، حيث تكون بمثابة الطعم الذي يستخدمه والدها في محاولة للإيقاع بحبيبها هاملت. لقد أصبحت بيدقاً متردداً في مكائد والدها حيث خانت الرجل الذي تحبه بناءً على طلب والدها الشرير. ومن الواضح أن هاملت يدرك هذه الحقيقة، وهو ما يفسر غضبه. وكان أملها الوحيد هو الهروب من الشر الدنيوي ومكائد والدها، وعندما قتل هاملت والدها، فقدت عقلها بسبب الجنون الذي أدى إلى وفاتها. ومن ثمّ ترتبط المأساة المحيطة بوفاة جولييت وأوفيليا بالإهمال القاسي لوالديهما.

صورة ذاتية مستوحاة من أوفيليا من هاملت لشكسبير - المصدر: unsplash by Cynthia Smith

ويبدو ضعف المرأة في نساء شكسبير من خلال ديسديمونا التي تخلت عن والدها المحب لأجل زواج غير حكيم مع عطيل الغيور والمسيء، ويتجسد هذا الضعف في رغبتها في تصديق حكايات عطيل الطويلة عن بطولته في الأراضي الأجنبية، حيث جرفها عرضه المتفاخر للشجاعة، وتفاقم من خلال سعيها الغزلي للبطل الوسيم. ومن ثمّ فديسديمونا ظهرت كامرأة متهورة للغاية لدرجة أنها لا تستطيع أن تستمع إلى صوت الاعتدال أو كلمات الحكمة التحذيرية.

شخصية ديسديمونا من مسرحية "عطيل" - (الصورة من GIUSEPPE CACACE / AFP)

وبالسياق التالي يمكنك التعرف على أفضل اقتباسات شكسبير للحياة الحديثة

نساء يظهرن قوة مميتة ومسيطرة عند شكسبير

شخصية "السيدة ماكبث" تعد أشهر نساء شكسبير الشريرات القويات - ( الصورة من Wildbild / AFP)

لعل أشهر نساء شكسبير الشريرات القويات هي السيدة ماكبث التي لا تقهر. إنها شريرة جداً لدرجة أنها تكاد تكون بمثابة شيطان أنثى. ويتجلى هذا أكثر وضوحاً من ادعائها المتفاخر بأنها سوف تسحق أدمغة أطفالها من أجل متابعة طموحها للقوة والسلطة، وعبر أحداث الرواية تظهر الليدي ماكبث أقل شراً من زوجها، بمعنى أنها لا تستطيع أن تطرد تماماً صوت الضمير الذي لا يظل خافتاً حتى النهاية.
من النساء الشريرات عند شكسبير اثنتان من بنات الملك لير الثلاث، ريغان وجونريل، ويبدو ذلك من خلال سعيهما للتمكين الذاتي. كما هو الحال مع الليدي ماكبث، على أنهن اكتشفن، بعد فوات الأوان، أن السعي الجنوني للتمكين الذاتي هو أمر مدمر للذات.

"ريغان وجونريل" من النساء الشريرات عند شكسبير (الصورة من William Marsh)

أقوى امرأة ظهرت بالأدب الشكسبيري كانت كليوباترا "الفرعونة المصرية"، وهي ليست المرأة القاتلة المطلقة ليس فقط على مسرح شكسبير ولكن على المسرح الآخر الذي يمثل دراما التاريخ البشري. يتبع أنطوني وكليوباترا بالضبط نفس مسار التدمير الذاتي الذي اتبعه روميو وجولييت، لكنهما أسوأ بكثير لأنه ليس لديهما عذر سذاجة الشباب وبراءته وحماقته وتهوره، فليس لدى أنطونيو وكليوباترا مثل هذا العذر، فكليهما متمرس بالحياة عاشا كثيراً من التجارب لكنهما يفشلان في النهاية في السماح لخبرتهما بالتغلب على تهورهما.

أقوى امرأة ظهرت بالأدب الشكسبيري كانت كليوباترا - (الصورة من ratworldmag)

المرأة العنيدة عند شكسبير


يظهر كفاح وعناد الشخصية الأنثوية الشابة لتحرير نفسها من سيطرة الذكور. في روميو وجولييت، عندما تتسلل جولييت من منزلها لتتزوج روميو، ثم تتظاهر بموتها هرباً من الزوج الذي اختاره لها والدها، وفي عطيل، تتسلل ديسديمونا أيضاً ليلاً لتتزوج من الرجل الذي اختارته ضد رغبة والدها، وفي ملكة الجنيات، في حلم ليلة منتصف الصيف عبر تيتانيا الفخورة والتي سعت لتحدي سلطة الذكور. وعلى الرغم من أن هؤلاء البطلات سعين لتحرير أنفسهن من آبائهن، إلا أنهن لم يتحررن من سيطرة الذكور تماماً.

المرأة الذكية عند شكسبير

اللافت بروايات شكسبير هو ارتداء النساء زي الرجال في العديد من الأعمال غالباً كأداة درامية لتعزيز الحبكة. من خلال جعل شخصياته النسائية ترتدي ملابس متقاطعة، أعطى شكسبير لنفسه الفرصة لوضعهن في مواقف كان من الممكن أن يُمنع فيها النساء في الحياة الواقعية مستظهراً ذكائهن وسرعة بديهتن وفطنتهن ففي رواية "الليلة الثانية عشر أو سمها كما تشاء" تتنكر فيولا في هيئة الشاب "سيزاريو" وتعرض مساعدة الدوق أورسينو في التودد إلى الكونتيسة أوليفيا، وهو أمر لم يكن من الممكن أبداً لأي امرأة نبيلة أن تفعله، وفي رواية تاجر البندقية، لا يستطيع أي من الشخصيات الذكورية أن يفكر في طريقة لإنقاذ أنطونيو من عقد يسمح لمقرض المال شايلوك بأخذ "رطل من اللحم" من جسده. ولكن عندما تصل بورشيا الشابة الذكية إلى المحكمة متنكرة في زي محامية، فإنها تُظهر ذكاءً قانونياً لا تمتلكه أي شخصية ذكورية أخرى.

شخصية "بورشيا" من مسرحية تاجر البندقية لشكسبير- (الصورة من Photo by Frank PERRY / AFP)

المرأة الناضجة عند شكسبير

اللافت بأعمال شكسبير هو ميله إلى تقديم المرأة الناضجة على أنها مخادعة، بل وخطيرة. فهاملت يعتقد أن والدته متواطئة في اغتيال الملك، كذلك فإن الليدي ماكبث تقدم مثالاً آخر لامرأة مسنة مخادعة. ربما تقدم كليوباترا المثال الوحيد للمرأة القوية والناضجة التي يصورها شكسبير على أنها نبيلة وكريمة.

برأيك.. كيف ترى المرأة في الأدب الشكسبيري؟ - (الصورة منMANOOCHER DEGHATI / AFP)


وإذا أردت التعرف شخصياً على شكسبير تابعي الرابط لتتعرفي أكثر على شخصيته من أسماء أطفاله الغريبة إلى أسلوبه الشخصي الجرئ... شكسبير لم يكن مملًا...!