المصور رامي رزق: أحببت بلدي أكثر بفضل التصوير وكاميرتي الطائرة

غابات الصنوبر والسنديان بعدسة المصور رامي رازق
غابات الصنوبر والسنديان بعدسة المصور رامي رازق

البدايةُ كانت مع الطبيعةِ اللبنانيَّة الخلَّابة، إذ استمدَّ منها رامي رزق إلهامه، وبها تكوَّن شغفه، وإليها تعودُ عدسته، ولو بعد حينٍ. لا يخافُ أن يندثرَ جمالُ لبنان، لأن صوره تحلِّقُ عالياً، وبعيداً، لتجدَ لها محبِّين في كلِّ أنحاءِ العالم. الخريفُ فصله المفضَّلُ لما يتضمَّنه من طقسٍ معتدلٍ، وتساقطٍ لأوراق الشجرِ بلونها الأصفر، والتصويرُ الجوي اختصاصُه الذي اشتُهر به، وقد أسهم هذا الأمرُ في أن يحترفَ كلَّ ما يتعلَّقُ بالمجال قبل نحو سبعةِ أعوامٍ، ما شكَّل أمامه تحدِّياً، لكنَّه أثبت جدارته وكفاءته عبر تصويرِ موضوعاتٍ، لم يجرؤ أي مصوِّرٍ على التعاملِ معها.

المصوّر رامي رزق

حرفتي وقدري

يمنح رامي رزق الفرصةَ لمحبِّي الطبيعةِ من خلال عدسته الساحرةِ بعد أن دفعه حبُّه لبلدته جزِّين، إحدى القرى اللبنانيَّة في محافظة الجنوب، إلى دخولِ عالمِ التصوير حيث أرادَ إظهارَ جمالِ طبيعتها عبر صوره، وأسلوبه الخاصِّ حتى أصبح مرجعاً بصورٍ، أقلُّ ما يقالُ عنها: إنها رائعةٌ إلى أقصى الحدود.
في حديثه لـ «سيدتي»، يكشفُ رامي عن سببِ تركيزه على فصلِ الخريف تحديداً في التصويرِ بالقول: «الخريفُ من الفصولِ المفضَّلة التي أحبُّها، لتميُّزه بطبيعةٍ خلَّابةٍ، ودرجةِ حرارةٍ معتدلةٍ، وفي الوقتِ نفسه تُعجبني كثيراً مظاهره مثل اصفرارِ أوراقِ الأشجار، وتساقطها، وقد التقطتُ صوراً عدة بمنطقة عيون أرغش في البقاع على أعتابِ القرنةِ السوداء عند سفوحِ سلسلةِ جبالِ لبنان الغربيَّة، شمال غربي مدينةِ بعلبك، وبدت مثل لوحةٍ فنيَّةٍ رائعةٍ جداً. هذا الأمرُ، يميِّز لبنان بفصوله الأربعة، وطبيعته التي تتحوَّلُ إلى لونٍ فريدٍ خلال فصلِ الخريف تحديداً».
ويضيفُ: «لم أعرف خلال أعوامي الأولى، أن التصويرَ، سيصبح حرفتي وقدري، لكنْ ملامحُ الشغف، ظهرت عندما بدأتُ أوثِّقُ كلَّ صورةٍ يتمُّ نشرها عن بلدتي جزِّين المصنَّفةِ من بين أجملِ بلداتِ لبنان».
جزِّين كانت الملهمةَ الأولى للمصوِّر قبل أن تأخذه بوصلته صوبَ مدنٍ، وقرى لبنانيَّةٍ أخرى، وهنا يذكرُ: «عشقتها منذ صغري. كنت أبحثُ عن المصوِّرين اللبنانيين والأجانب الذين صوَّروها، وأتواصلُ معهم لاستئذانهم بنشرِ الصورِ على صفحةٍ خاصَّةٍ بجزِّين، أنشأتها على منصَّةِ فيسبوك. كنت ألجأ إلى الهاتفِ لتصويرِ منزلٍ تراثي من هنا، وغروبٍ آسرٍ من هناك إلى أن حطَّت الدرون بين يدَي حيث وجدتُ فيها توأمَ شغفي، والوسيلةَ المفضَّلة لنقلِ الصورِ التي تسكنُ عيني. هذا التطوُّر ساعد دون شكٍّ في حدوثِ ثورةٍ بعالمِ التصوير، والأمرُ في تقدُّمٍ مستمرٍّ. لست أوَّلَ مَن استخدم هذه الطائراتِ في لبنان، لكنني حاولت أن أرى عبرها ما لم أره في الصورِ التي عاينتها سابقاً. لقد بذلتُ مجهوداً كبيراً كي ألتقط الأماكنَ من زوايا جديدةٍ».

ينصح بمتابعة من معرض الرياض الدولي للكتاب أحمدالملا: نحن مشاغبون وطموحنا كبير.

لكل مصور رؤيته وبصمته

صور للطبيعية بعدسة رامي رزق
                                       طبيعةُ الصورِ التي ألتقطها ليست موحَّدةً- تصوير رامي رزق


وحول التصويرِ بالـ «درون»، يؤكدُ رامي أنه يتساوى فناً مع التصويرِ بالكاميرا التقليديَّة، ويتابعُ: «يظنُّ بعضهم أن التصويرَ به سهلٌ، أو أنه تقني أكثر من كونه فنياً، وهذا غير صحيحٍ. لقد تعاملت معه بكلِّ دقَّةٍ، وانتبهت إلى التفاصيلِ من الضوءِ إلى الزوايا، مروراً بالألوان. منحتُ قيمةً لهذه الصورِ الثابتةِ بعد أن كانت محصورةً بالسابقِ في تصويرِ الفيديو. كنت أملكُ مروحياتٍ على سبيلِ التسلية، فقرَّرت تركيبَ كاميرا صغيرةٍ عليها كي أصوِّر لقطاتٍ من الجوِّ حتى أنا لم أكن على علمٍ بوجودها. بيتي في قريتي جزِّين قريبٌ جداً من الشلال، ولطالما كنت معجباً بهذا المنظرِ الجمالي الذي أرى أنه يشبه لبنان بتنوُّعه، وهنا أحبُّ أن أقول إن حظِّي جميلٌ لكوني من هذه القرية، كما أن طبيعةَ لبنان بمجملها، تدفعُ المرءَ إلى تصويرها بلقطاتٍ، وأفكارٍ جميلةٍ».

صور للطبيعية في الخريف بعدسة رامي رزق
                           بذلتُ مجهوداً كبيراً كي ألتقط الأماكنَ من زوايا جديدة -تصوير رامي رزق



وفصَّل المصوِّر عمله في مجالِ التصويرِ بالقول: «عملي ينقسمُ إلى قسمَين، الأوَّلُ هو التصويرُ على الأرض، والثاني مرحلةُ ما بعد التصوير، وأقصدُ تحريرَ الصورِ من خلال تعديلِ الألوان إذا احتاج الأمرُ ذلك. كاميرتي من نوع DJI Mavic 2 Pro، وأشدِّدُ على أن المعدَّات، ليست ما يصنع صورةً جميلةً. طبيعةُ الصورِ التي ألتقطها ليست موحَّدةً، إذ ألتقط صوراً لمناظرَ طبيعيَّةٍ، أو مدنٍ، وأخرى هندسيَّةٍ، لأنني أحبُّ تسليطَ الضوءِ على كلِّ جميلٍ في لبنان، وإظهارِ الصورةِ الرائعةِ التي نحبُّ أن نراها عن بلدنا».
وعن الفرقِ بين صورِ الكاميرا العاديَّة والـ «درون»، أجاب: «لا شكَّ أن الصورةَ الجويَّة لها عناصرها الخاصَّةُ تماماً مثل الصورةِ الملتقطةِ بكاميرا عاديةٍ من خلال تركيبتها الناجحةِ عبر استخدامِ الإضاءةِ الصحيحة، والزاويةِ المناسبة، إضافةً إلى موهبةِ المصوِّر بالابتعادِ عن النمطيَّة، والسعي دوماً إلى تقديمِ كلِّ جديدٍ للناس، وعليه يحلِّقُ خيالي فوق غاباتِ الصنوبرِ والسنديان».
وكشف رامي عن المشروعِ الذي يعتزُّ به أكثر من غيره بالقول: «هو مجموعةٌ من الصورِ، التقطتها عن لبنان. أصدقائي الذين يريدون إظهارَ جمالِ البلاد لمعارفهم في الخارج، يكتفون بالدخولِ إلى موقعي الإلكتروني حيث بات مرجعاً لأجملِ اللقطاتِ من شمال لبنان وصولاً إلى جنوبه».
واستطرد المصوِّر متحدِّثاً عن سعيه الدائم للتطوُّر: «الأهمُّ في أي مهنةٍ ألَّا يكتفي المرءُ بما وصلَ إليه، وأن يسعى دائماً للتطوُّر، وتحسين قدراته، وأن يبقى متواضعاً، ويتعلَّم من غيره». موضحاً أن نظرة المصوِّر لما يلتقطه قد تتبدَّل، وهو ما يحصلُ معه غالباً، إذ إن «الصورةَ التي يراها الجميع متكاملةً، قد أجدُ أن عواملَ معيَّنةً تنقصها لتصبح أجمل».
وبرفقة كاميرته الساحرةِ، قصدَ رامي أماكنَ، لم يكن يعرفها، كما عاد إلى بلداتٍ، كان قد زارها طفلاً خلال الرحلاتِ المدرسيَّة والعائليَّة، وصوَّرها بعينٍ جديدةٍ. وقد تخطى عددُ مشاهدي صوره عشرةَ ملايين دون أن يُخطِّط لأي شيءٍ. «ليس سهلاً أن تتميَّز صورةٌ وسطَ زحمةِ المصوِّرين الذين يلتقطون مشاهدَ لمدنِ لبنان وقراه من الأعلى».
وأخيراً، يعلِّقُ رامي على هذه الموضةِ الرائجة، لا سيما في منصَّةِ إنستجرام: «لكلِّ مصوِّرٍ رؤيته وبصمته، وأجملُ ما في الأمرِ، أن الجميع ينشطُ من أجل إظهارِ صورةِ لبنان الجميلة. من جهتي، أعتمدُ زوايا جديدةً، وأقلَّ قدرٍ ممكنٍ من التجميلِ والتعديلاتِ على الصورةِ الأصليَّة».

صور للطبيعية في الخريف بعدسة رامي رزق
                                   منحتُ قيمةً لهذه الصورِ الثابتةِ- تصوير رامي رزق 


من المفيد الاطلاع الى أسبوع الفضاء العالمي يحتفي بالتأثير التحويلي لتكنولوجيا الفضاء على تغير المناخ.