الصداقة تعتبر إحدى القيم الإنسانية والاجتماعية الراقية التي تجمع بين شخصين أو أكثر على أساس المودة والثقة والاحترام المتبادل، فهي تعبير عن المشاعر الصادقة والتواصل العميق بين الأرواح، وهي التي تهوِّن طول الطريق وتجعلنا لا نشعر به، وهي دائماً علاقة قائمة على المشاركة الوجدانية، وتتميز بالاستمرارية والتجرد من المنفعة، بالسياق التالي "سيدتي" التقت استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية د. منى خليل في حوار حول معنى الصداقة وأهميتها في حياتنا.
الصديق هو السند والمعين في مواجهة الصعاب
تقول استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية د. منى خليل لـ"سيدتي": الصداقة من أهم العلاقات الاجتماعية التي يمكن أن يشكلها الإنسان في حياته، وتُنسج من خيوط الثقة والتفهم والدعم المتبادل، فتجعل الحياة أكثر جمالاً وأكثر قوة، فالصديق الوفي هو السند الذي نعتمد عليه في كل الصعاب التي تواجهنا، وهو الأمر المنافي للإحساس بالوحدة، فالإنسان يحتاج ليكون بجانبه شخص يشاركه همه، ويخفف عنه أعباء الحياة، ويرافقه المخاطر دون أن يخشى شيئاً، ويشاطره كافة المشاعر والتحديات، ويسانده ويتعاطف معه ويكون ملاذاً له في كل ما يتعرض له من مشكلات.
فوجود الصديق يقوي من قابليته ودافعيته نحو الحياة، ويزيد من تحمله للصعاب، فيبقي بجانبنا في وجه التحديات الصعبة، ويمكننا الاعتماد عليه بثقة والاستناد إليه.
تعرف كيف تكسب الصديق الحقيقي وما المعايير؟
أهمية الصداقة في حياتنا
تقول د. منى خليل إن الصداقة رابطةٌ قوية تجمع بين القلوب وتزرع المحبة والتعاطف، ولها أهمية كبيرة في حياتنا:
تقليل الضغوط الداخلية
من خلال الأصدقاء يمكننا الإفصاح عما بداخلنا من الضغوط الداخلية، فيجعلنا ننسى مذاق الوحدة ووحشتها، ويجعلها من المستحيل أن تدخل إلى نفوسنا أو حياتنا، ويمكننا من التحدث في كافة الموضوعات التي تحتاج إلى الفضفضة فيها، ويعطينا القدرة على التعبير عن الذات والسيطرة على التوتر الذي يعوق الحياة الاجتماعية.
الدعم العاطفي والنصيحة
يقدم الأصدقاء الحقيقيون الدعم العاطفي والنفسي والمادي والمعنوي لنا أثناء مواجهة تحديات الحياة، وفي كلّ وقت وتحت أي ظرف، بل والمساندة في الأوقات الصعبة، ويقدّمون النصائح الصادقة النابعة من القلب، فيساندوننا لتطوير ذاتنا، ويدعموننا لنتخذ القرارات الصائبة، ويشدون من أزرنا في أوقات الألم والفرح واليأس، فيستمعون إلينا ويفهمون مشاعرنا ويقدمون يد العون والتشجيع، ويمدوننا بالثقة والامتنان.
الشعور بالانتماء
تعطي الصداقة الشعور العميق بالانتماء وتعزيز الشعور بالأمان وبالعمل الجماعي، وبالطمأنينة والاندماج في مجتمع الأصدقاء، ويشعر الإنسان بالراحة والقبول والتقدير عندما يكون لديه صداقات قوية ومتينة.
التنمية الشخصية
الصداقة لها قيمتها الأخلاقية والوجدانية في تشكيل شخصية الإنسان، فهي تساهم في نمو شخصية الإنسان، وتحقيق النمو النفسي والاجتماعي السوي له، فهي ليست وسيلة لغاية شخصية أو لتحقيق منافع شخصية، بل عطاء بدون مقابل، ويمكن للأصدقاء أن يكونوا في عون بعضهم البعض في اكتشاف قدراتهم وتحقيق إمكاناتهم الكامنة، وتوفير بيئة آمنة لهم.
التواصل والتعلم الاجتماعي
تعزز الصداقة مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي، فلها مردود صحي وإيجابي يعود على علاقتهم الاجتماعية بالمجتمع من حولهم، وتنمية التواصل وتعلم المشاركة وتقدير الآخرين، وتساهم في تنمية خبراتنا الاجتماعية في كافة المواقف التي قد نتعرض لها، فيمكن للأصدقاء أن يتبادلوا الآراء والأفكار والخبرات، وتعزيز فهمهم للعالم من خلال تبادل المعرفة والتجارب.
اكتساب عادات إيجابية
تعمل الصداقة على اكتساب الشخص للعادات الإيجابية المرغوب فيها، فوجود الشخص وَسَط مجموعة من الأصدقاء الإيجابيين يحفزون على عمل الخير، وعلى أن يكون شخصاً أفضل، فالصداقة تعمل على اكتساب خبرات جديدة وتبادلها بين الأصدقاء وبين بعضهم البعض، وتمنحهم فرصة للتعلم والتطوير وتبادل المعرفة والمهارات، وتشجعهم على الاهتمام بالآخرين، والاستفادة من تجاربهم بصدق وأمانة والإسهام في تحسين حياتهم.
إدخال البهجة والسرور
الأصدقاء سبيلٌ لإدخال السعادة والسرور والراحة في قلوبنا، وتوسع أفقنا وتعطينا طاقة إيجابية كبيرة، كما أن جلسات الأصدقاء دائماً ما تعكس حباً يبعث البهجة، وتنتشر فيه المواقف المضحكة بما يبعث السرور على النفس، وتجعل الحياة أكثر جمالاً بوجودهم في حياتنا وبمحبتهم الصادقة.
المشاركة
مشاكل الحياة وصعابها لا تنتهي ولكن عند وجود أصدقاء حقيقيين وأوفياء يشاركوننا تفاصيل الحياة بحلوها، نتقاسم معهم هذه المشاكل ويكونون إلى جوارنا في لحظات الحزن قبل أوقات الفرح، وهذا يكفي لكي نعيش في سعادة واطمئنان.
التفاهم
العلاقة بين الأصدقاء لابد أن تُبنى على أسس متينة من الود والحوار والتفاهم، وإعطاء النصيحة وتبادل الرأي والمشورة وإحسان الظن والتغافل عن الزلات، ولابد أن يكون الأصدقاء متشابهين معاً في العادات والصفات الشخصية، ولذلك نجد أن الخلافات تقل بينهم، فإنّ التفاهم في الصداقات مبني على احترام الاختلاف وتقبّل الآخر، وهذا هو ما يضفي على الصداقة معنى ومذاقاً مختلفاً عن كلّ العلاقات الإنسانية الأُخرى.
الصحة العقلية والجسدية
بالتأكيد فإن الصداقة لها تأثير إيجابي على الصحة العقلية والجسدية، فيمكنها أن تقلل من التوتر والقلق، وتعزز السعادة والرفاهية العامة، وتحسن صحة القلب والمناعة، مما يجعل الدماغ في أحسن حالاته وتساعد على تقليل مخاطر الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية الخطيرة من ضمنها الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم، ويمنح الشعور بالرفقة والأُنس والأمان ويمنع الشعور بالعُزلة والوحدة.
الثقة والأمان
الصداقة الحقيقية تمنح الشخص المشاعر الجميلة كالثقة والاطمئنان، والأمان ويمكنك الاعتماد على الأصدقاء في الأوقات الصعبة والمشاركة بكل صدق وصراحة، مع الثقة التامة في سرية المعلومات.
ويمكنك التعرف على المزيد من ذات السياق فهذه هي صفات صديق العمر فهل لديك أصدقاء حقيقيون؟