هل أنت قادر على قبول الآخرين؟ هل تتملكك طاقة رفض حينما تلتقي بعض الأشخاص الغرباء؟ هل تشعر عادة بالغضب أو الانزعاج أو خيبة الأمل بسبب سلوك الآخرين؟ ماذا تفعل عندما يسبب لك موقف أو سلوك أو شخص ما الانزعاج والاستياء؟ هل تلقي اللوم عليه أم على نفسك خاصة عندما يكون من الصعب تحديد ما إذا كانت المشكلة تكمن فيه أم فيك؟ وكيف تتصرف حيال هذا الموقف؟ يمكنك التعرف إلى إجابات هذه الأسئلة وأكثر في مقالنا هذا لتتعرف على بعض الأسباب التي تؤثر في تقبلنا للآخر.
الأشخاص يختلفون في وجهات النظر وفي القناعات والأفكار
يقول استشاري العلاقات الأسرية د. وحيد العادلي، خبير التنمية البشرية والعلاقات الإنسانية ومختص بالدعم الذاتي، لـ"سيدتي": العلاقات الإنسانية معقدة، لأنها تقوم على تفاعل بين كائنين، وتعتمد على طريقتهما الخاصة في رؤية الحياة. يقولون بأنه يوجد لكل شخص حقيبة ظهر خاصة به مليئة بالاعتقادات والقناعات والتوقعات، لذلك، إذا أردنا الاستمتاع بعلاقات شخصية صحية ومفيدة، فهناك أشياء معينة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار فالناس عامة لا تنتابهم نفس المشاعر عندما يتعاملون مع الغرباء أو مع الآخر المختلف، فهناك من يجد سلاسة بالتعامل والبعض قد يجد صعوبة بالتعامل، على أن جمود البعض قد يقوده إلى الانزعاج من كل تصرف صغير يقوم به الآخر المختلف، وسيشعره بالحاجة الملحة للرد والدفاع مما قد يتسبب في المزيد من التصادمية والانزعاج لكلا الطرفين".
يؤكد العادلي بأنك كإنسان، سيكون لديك شخصيتك وآرائك وأذواقك وأيامك الجيدة والسيئة، ومن ثمّ فالدخول في علاقة ذات توقعات صارمة لن يؤدي إلا إلى معاناة كلا الشخصين، فالتركيز على ما نريده أن يكون سيمنعنا حقًا من الاستمتاع بما هو عليه حقًا، ولذلك لا بد أن نتعلم أن نكون مرنين ومنفتحين على من حولنا، يجب أن نسمح لهم بأن يتصرفوا بحرية، ويجب أن نحاول الاستمتاع بمن هم عليه بدلاً من الرغبة في انتقادهم وتعديل سلوكياتهم كما نرغب، فهذا دليل على الاحترام وبادرة حب طيبة وضرورية في أي رابطة أو علاقة.
وبذكر الاحترام كأحد أهم علامات تقبل الآخر.. تتعرفي إلى 5 طرق لكسب احترام الآخرين
لا يجب أن نلوم أنفسنا طوال الوقت
يقول العادلي: "لا بد أن نكون على يقين أن توقعاتنا ليست دائمًا مبالغ فيها، وأن حكمنا على الأمور وطريقة تصرفنا ليست ضد الآخر بدون سبب، فقد يصدر عن الشخص الآخر سلوكيات ضارة وغير سارة حقًا مما يجعلنا ننحو ناحية رد الفعل القاسي، ومن ثمّ فلا يجب أن نلوم أنفسنا لدرجة خطيرة فربما الآخر هو شخص يطالب ويتهم ويهين ولا يرغب في رد ولو عُشر ما يحاول انتزاعه من الآخرين. من الواضح أنه في هذه الحالة ليست هناك حاجة لإعادة تعديل معتقداتك. ولكن، حتى في هذه الحالة، من الضروري تقبلنا للآخر كما هو . لأن هذا سيمنعنا من الانخراط في سباق مرهق لمحاولة تحويله إلى الذي نريده أن يكون".
فوائد كثيرة في تقلبنا للآخرين
- تقبل الآخر يجعلك تتجنب الكثير من السخط والشقاق. فمن منا يحب أن يقال له ماذا يفعل وكيف يفعل؟ وكذلك الآخرين لا يتقبلون منا أن نملي عليهم رغباتنا وسلوكياتنا لكي يتبعوها.
- تقبلنا للآخر يزيد القرب والتقرب من الناس، فعندما يعرف الناس أنك تقبلهم حقًا، تتطور الثقة، وينفتحون عليك أكثر، ويتطور رابط أوثق بينك وبين الآخرين.
- تقبلنا للآخر يحسن العلاقات بينك وبين الجميع فتتسع دائرة معارفك وأصدقائك مما سيحقق لك العديد من المزايا على كافة الصُعد.
- تقبل الآخر يجعلك ستختبر نموًا شخصيًا أكبر. فعندما تتقبل الآخرين، يتغير تركيزك منهم إليك، مما يسمح لك بالعمل على تعزيز مهاراتك ومواهبك الفريدة بالإضافة إلى تحسين عيوبك.
- تقبل الآخر يجعلك تستمتع بالمزيد من السلام النفسي والهدوء في حياتك فلن تعيش أجواء الجذب والشد، بل ستنعم بالسكينة والهدوء.
- قبول الآخر يسمح لنا برؤية الواقع والتصرف وفقًا لذلك ويجعل مهمتك الوحيدة هي التركيز على نفسك.
كيف أتعامل مع الآخر المختلف؟
يقول العادلي: "يجب أن نعرف أنه لايمكننا ولا ينبغي لنا أن نغير الآخرين. يمكن للناس أن يتغيروا، لكنهم سيفعلون ذلك عندما يريدون هم أنفسهم ذلك، وليس طاعة لأوامرنا، وعلى الرغم من أن قبول سمات الأشخاص المزعجة وخصائصهم وما شابه ذلك يمكن أن يكون أمرًا صعبًا للغاية. إلا أنه لا بدّ أن تتذكر أن قبول الأشخاص كما هم لا يعني أننا يجب أن نحب طرقهم المزعجة أو نتغاضى عنها، ولكن ببساطة علينا أن تقبل أن هذا هو ما هم عليه وأننا لن نغيرهم مهما حدث، فلماذا نضيع كل الوقت والطاقة والصفاء في المحاولة؟".
- نصيحة:
بالنهاية ينصح العادلي بأنه عندما يؤذيك سلوك شخص مختلف عنك وتجد أنه يزعجك، انسَ أمر هذا الشخص وركز على نفسك. قد تكتشف أنك أنت نفسك متطلب للغاية وغير متسامح وتحتاج إلى تغيير ذلك، ومن الممكن بعد التفكير أن تستنتج أن الشخص الآخر قد يكون لديه سلوكيات لا تريد الحفاظ عليها في حياتك . إما لأنها ضارة أو ببساطة لأنها غير متوافقة مع ما تتوقعه من علاقاتك.
حتى في هذه الحالة، تقبّل الآخر كما هو. تقبّل أن هذا هو الواقع، وأنك إن لم تعد تتقبله بعد الآن،فإن الطريق ليس محاولة تغيير الآخر، بل أن تقرر الابتعاد. فليس من سلطتك أن تقرر كيف يتصرف الشخص الآخر، ولكن من سلطتك أن تقرر كيف ستتصرف أنت!
ويمكنك التعرف بالسياق التالي على 10 فنون سلوكية تُرسّخ آداب التعامل مع الآخرين