يشعر الكثير من الناس بالتوتر أو الغضب أو خيبة الأمل عندما يخبرهم شخص ما بما لا يحبونه أو ما لا يعتقدون أنه جيد في موقفهم أو سلوكهم أو عملهم، فمن المعروف أن النفس البشرية تستعذب من يمدحها، وتأسى لمن ينتقدها أو يجرحها، وعلى الرغم من أن النقد في كنهه وماهيته ما هو إلا إظهار للعيوب، فإنه يراه الكثيرون أمراً مسيئاً، في حين أن الانتقادات ليست ذات جوانب سلبية فقط، فهناك انتقادات بنّاءة تساعدنا على التفكير في جوانب معينة وحتى التحسن والتطور والتنمية على المستوى الشخصي. بالسياق التالي، التقت "سيدتي" د. سارة جابر، خبير تنمية بشرية وتعديل سلوك؛ لتحدثك حول كيف تواجه المناقشات الصعبة؟ ونصائح تساعدك على تقبل النقد.
لماذا لا نتقبل النقد؟
تقول د. سارة لـ"سيدتي": "في كثير من الأحيان لا يُتقبل النقد بشكل جيد لدى بعض الناس، حيث يشعر الكثيرون بالتوتر أو الغضب أو خيبة الأمل عندما يخبرهم شخص ما بما لا يحبونه أو ما لا يعتقدون أنه جيد في موقفهم أو سلوكهم أو عملهم. وقد يولّد هذا موجات من الرفض أو الضيق لدى بعض الأشخاص، فلماذا لا نتقبل النقد؟
هذا السؤال قد يتبادر إلى مخيلتنا في كثير من الأحيان عندما نتعرض لنقاش حاد أو لتعليق ما ناقد نعتبره مُحرجاً أو مؤذياً، ومن ثم نستقبل النقد على أنه هجوم شخصي أو محاولة للتقليل من الشأن، لذلك نشعر بالإهانة ونتفاعل وفقاً لذلك، فالرد الشائع جداً على المحادثات والنقاشات الصعبة، والتي تتجه إلى الانتقاد واللوم؛ يكون بإظهار موقف دفاعي، والميل إلى "رمي الكرة بعيداً" للتنصل من المسؤولية أو اللجوء إلى أسباب خارجية نلقي عليها اللوم، وهذا التصرف بالطبع غير صحيح وغير فعّال، والأفضل أن نضع هذا الشعور بالخوف من النقد جانباً وننظر إلى ما وراءه. في بعض الأحيان، حيث يؤدي انعدام الأمان أو العجز في المهارات الاجتماعية إلى تفضيل رد الفعل الدفاعي هذا تجاه النقد".
تؤكد د. سارة أنه من الأهمية بمكان أن نتذكر دائماً أننا لسنا أشخاصاً مثاليين، ولا نجنح نحو الكمال، فلدينا جميعاً جوانب يجب تحسينها، كما أن هذا النقد ما هو إلا رأي من حولنا فينا أو في تصرف ما أقدمنا عليه، وهذا أمر يخضع لوجهة نظر شخصية، فلا توجد حقيقة مطلقة، ولا بد من تقبل النقد والتعامل معه بذكاء وحكمة.
قد ترغبين في التعرف إلى الانتقاد بين المسموح والممنوع بحسب قواعد الإتيكيت
نصائح تساعدك لتتعامل مع المحادثات الصعبة وتتقبل الانتقاد
تقول د. سارة: "قد يضطر الإنسان للدخول في نقاش ومحادثات صعبة، سواء مع رئيس العمل أو الزملاء أو حتى الأصدقاء والأقارب، وقد تتسبب هذه المحادثات في إزعاجنا لحد كبير، خاصة عندما تحمل بين جنباتها النقد واللوم، على الرغم من أن هذه المحادثات من الممكن أن تسبب لنا الضيق، كما تحدثنا عن النقد من قبل، إلا أن هذا النقد الناتج عن المحادثات الصعبة من الممكن أن يحمل بطياته فُرصاً للتعلم وطرقاً لفهم أفضل لوجهات النظر المختلفة، ولذلك فعندما نتلقى انتقادات، فمن المستحسن تقبل النقد، والتوقف والتفكير في محتواها والتفكير فيما يحاول هذا الشخص المنتقد إخبارنا به، ومن ثَمَّ يمكننا التعرف إلى بعض جوانب سلوكياتنا التي يمكننا تعديلها إذا أردنا، حتى يمكننا التطور والتغيير للأفضل، وهذه نصائح تمكننا من ضبط وتيرة المحادثات الصعبة عبر قبول النقد والرد بحزم":
حافظ على هدوئك
حاول ألا تنجرف في العاطفة التي يولدها النقد بك، فتنفعل سريعاً، توقف وفكر في محتوى تعليق الشخص المنتقد.
مارس الاستماع النشط
بمجرد أن نكون هادئين، ستكون لدينا القدرة على الاستماع بنشاط إلى الشخص الذي ينتقدنا؛ أي الاهتمام بالمشاعر والأفكار والآراء وسنكون أكثر تركيزاً في محتوى النقد.
خذ وقتك قبل الإجابة
التسرع والإجابة دون توضيح أفكارنا مسبقاً يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية ويمنعنا من تقبل النقد، ولذلك فكر في الرسالة وحللها بتروٍ؛ لكي تجد الحجج المناسبة للرد على المنتقد.
تقبّل نفسك
تقول د. سارة: "كما تحدثنا من قبل، فلا يوجد أحد مثالي أو كامل الأوصاف، وجميعنا نرتكب الأخطاء، ولذلك لا تضغط على نفسك بشدة، ليس من الضروري أن تكون تصرفاتك على المحك وتسير بطريقة معينة، اسمح لنفسك بالفشل. تذكر أن الأخطاء تسمح لنا أيضاً بمواصلة التعلم".
تجنب اللوم
حاول ألا تتلقى النقد باعتباره هجوماً شخصياً. لن يسمح لك الموقف الدفاعي بالتعامل مع النقد بذكاء أو بحكمة، ولن تتمكن من اتخاذ قرار بشأن ما إذا كنت توافق أو تتفق أم لا مع من ينتقدك.
عبّر عن رأيك
إذا كنت تعتقد أن الشخص الذي ينتقدك على حق أو أنك توافق على بعض الأشياء، فأخبره بذلك وعبّر عن مشاعرك وأظهر نواياك. من ناحية أخرى، إذا كنت لا توافق على الرأي، جادل في رأيك بحزم وثق بأفكارك الخاصة، ولا تكن هجومياً أو دفاعياً، ولا ترفع من صوتك أثناء الحديث أو تنفعل بقوة.
انظر لنصف الكوب الممتلئ
لا تجنح سريعاً إلى الحكم على أن المنتقد يريد أن يؤذيك أو يهينك، وانظر في أن ما يقوله لصالحك، فالنقد البنّاء يمكن أن يساعدنا على التحسن كأشخاص، ولذلك تقبل النقد واشكر الشخص المنتقد، واطلب منه مقترحات لكي تغير الموضوع أساس النقد، واعلم أن مقترحاته قد تكون ثرية ومفيدة للغاية.
وإذا أردت التعرف إلى المزيد من السياق ذاته، فتابعي الرابط لكي تتعلمي تقبل النقد حتى ممن هم أصغر منك