تحمل الخلافات الزوجية في طياتها العديد من الصراعات الداخلية لدى الشريكين؛ كالخوف من الوصول إلى نهاية مريرة تقود إلى الانفصال. لذا فمن الضروري على الشريكين العمل على حل تلك الخلافات أو التعايش معها بطرق صحية وسليمة دون أن تؤثر على حياة أحد الأطراف أو مقابل تنازلات غير متكافئة بين الطرفين.
لماذا يتخاصم الشريكان؟
غالبًا ما ينتهي الخلاف بين الأزواج بالعودة للحديث عن ملفات الماضي. فالشجار والخلاف بين الشريكين يُعد بمثابة تجربة قاسية وصعبة تتضاعف آثارها عند وجود الأطفال في المنزل. لذا فقد بات من الضروري أن يراعي الشريكان أساس الحوار البنّاء والنقاش الهادف، بالإضافة إلى التواصل المشترك عبر طرق مثالية للتعبير عن آرائنا أمام الطرف الآخر من أجل تحقيق نتائج مرضية للطرفين تحترم وجهات النظر في النقاشات دون وقوع النزاعات.
فالنجاح في القدرة على إيجاد وسيلة مشتركة للنقاش وحل الخلافات يجنب الشريكين الضغوط النفسية من الشجار المتكرر، والذي من الممكن أن يدمر صحة الطرفين. ويزيد من احتمالات الإصابة بالأمراض المزمنة، كضغط الدم على سبيل المثال.
ويشير موقع themarriageinvestors.com إلى أهمية معرفة أسباب الخلافات والبدء في البحث عن حلول بشكل تشاركي لضمان الراحة في تقديم المقترحات أثناء إدارة المشكلات، ويقدم الإجابة عن السؤال الآتي: كيف يمكننا التعامل مع الخلافات الزوجية؟ في النقاط الآتية:
"الاختلافات بين الزوجين لا تدل على انعدام الحب، بل تدل على وجود شخصيتين مختلفتين." - ديف ويليس
1. تقديم الاعتذار وتقبل الخطأ.
لابد على الزوجين أن ينتهجوا المبادرة إلى الاعتذار وأن لا يتعنت كل طرف في رأيه وإن كان يجد في رأيه أو موقفه الصواب؛ لأن المبادرة بتقديم الاعتذار من أحد الأطراف من شأنه تخفيف حدة التوتر وتصفية الذهن والحد من تصاعد المشاكل بشكل أكبر. حيث أن تقبل خطأ الآخر والتفكير بتجرد حول أساس المشكلة يساعد كثيراً على فهم الموقف ويعطي مساحة أكبر لإيجاد الحلول برويّة وهدوء.
لذا يجب أن لا يعتقد الأزواج بوجود طرف مُحِق وطرف غير محق، أو طرف كاسب وطرف خسران، فكلهما يجب أن يدرك بأنهم واحد، وبأن تقديم الاعتذار لا ينتقص من موقف أحدهما أو يجعل الآخر يظهر بمظهر المُخطئ، بل على العكس تماماْ، إن مبادرة أحد الزوجين على تقديم الاعتذار وإن كان يعتقد بأنه على صواب من شأنه أن يعزز الاحترام والخجل عند الطرف الآخر، ويخلق أجواء من المودة والمحبة والتقدير، ليراجع نفسه ويتقبل خطأه إن وجد.
2. البحث عن الدعم.
قد يظن بعض الأزواج أن حل المشكلة بينهم هو أمر يقتصر على الشركين فقط، أو يتوقف على طرف واحد دون الآخر. وهذا النمط من التفكير لا يخلو من الخطأ، فحتى لو كانت الحياة الزوجية مقدسة بما يحدث فيها ويجب أن تبقى تلك الأحداث الخاصة بين الأزواج أنفسهم ولا تتعداهم لغيرهم؛ فإن هذا الأمر لا يمنع أحدهما أو كلاهما من طلب الدعم المناسب من الأصدقاء الذين يثقون بهم أو من الأشخاص ذوي الرأي والمشورة والخبرة، فربما يكون الحل بسيطاً لتلك المشكلة ويتطلب تدخل طرف ثالث يثقون به.
ويشار بأنه لا يفضل دائماً أن تمتد تلك المشاكل لطرف ثالث، فطلب أحد الأزواج الدعم من الشريك الآخر بصراحة ووضوح دون مساعدة خارجية، قد يساعد كثيراً في الحد من الكثير من المشكلات الزوجية ويعزز تفهم الأزواج لطبيعة ظروف الطرف ل.
3. الحديث عن المشكلة قبل حدوثها.
ربما يكون الحديث عن المشكلة قبل حدوثها أمرٌ من ضرب الخيال، ولكن المقصود بذلك هو مناقشة التفاصيل البسيطة والتوقعات بين الأزواج بشكل مستمر وصريح، وكذلك التخطيط جيداً للمستقبل وتوقع العقبات والصعوبات التي قد تعترضهما، لأن توقع الصعوبات والمشكلات التي قد تحدث بين الأزواج أو تتعلق بأحدهما، يساعد على الإستعداد الجيد للتعامل مع تلك المشكلات وابتكار الحلول المناسبة لها، والحد من التوتر والصدمة تجاهها. لذلك فإن تخطيط الأزواج للمستقبل بما يحمله من عقبات ومشكلات وصعوبات يساعد كثيراً في توقع المشكلات وإيجاد الحلول المناسبة لها عند حدوثها، دون أن يؤثر ذلك على علاقتهما أو يتسبب بإرباك كبير لهما.
4. تقديم الاحترام أثناء وبعد الخلافات.
إن أهم ما يعزز الثقة والعلاقة المستمرة بين الأزواج هو الاحترام المتبادل بينهما، والذي لا يجب أن يغيب بينهما تحت أي ظرف من الظروف، وخصوصاً عن حدوث المشكلات بينهما، لأن احترام كل منهما للآخر يساعد بشكل كبير على فهم وجهة نظر كل منهما بشكل جيد، ويتمثل ذلك: بحسن استماع كل منهما للآخر وعدم مقاطعته أثناء حديثه، وإبداء التسامح إتجاه بعضهما دون ممارسة الضغط والانتقاد السلبي، وتقبل رأي وموقف كل منهما إتجاه المشكلة دون تجريح، والحفاظ على الألفاظ ونبرة الصوت وضبط النفس وعدم الانفعال، لأن عدم الإلتزام بكل ما سبق ذكره من شأنه تأجيج الصراع بين الزوجين وتضخيم المشاكل بينهما.
5. المحافظة على قنوات التواصل والاتصال.
جميع الأزواج في العالم يتعرضون للمشكلات والصعوبات والمواقف الحرجة، وقد يتطور الأمر بينهما إلى أن يتمسك كل منهما برأيه ويتعنت إتجاه موقفه دون إيجاد حل حقيقي للمشكلة، وهذا أمر متوقع. ولكن لا ينبغي على الأزواج إغلاق جميع طرق التواصل بينهما دفعة واحدة، بل يجب أن يحافظ الأزواج حتى في أكبر المشكلات التي تحدث بينهما على قنوات التواصل بينهما وأن لا يقطعوها أبداً، لأن وجود قنوات التواصل بينهما من شأنه إعادة النقاش بينهما بشكل أكثر هدوءاً ومنطقية، والتعبير عن مواقفهم بكل تجرد وحيادية بعد مرور بعض الوقت، كما وأن إبقاء قنوات التواصل بينهما والمحافظة عليها يزيد من فرصة تقديم الاعتذار بينهما بكل سهولة ودونما تعقيد .
"عندما نتعامل مع الخلافات بصدق واحترام، نقوي علاقتنا بدلاً من تدميرها." - جون غوتمان
في النهاية، يُعد غياب الخلافات الزوجية بين الشريكين بشكل تام ظاهرة غير صحية في العلاقات، تشير إلى غياب الثقة بين الزوجين من أجل إظهار اختلافات الرأي أو الخوف من التعبير بحرية عن مصادر الازعاج والقلق بينهما.
لذلك فمن الضروري أن يحرص كلا الطرفين على تطوير الأسلوب والطريقة المناسبة في طرح الأفكار والتعبير عنها بشكل واضح وصريح، دون خوف أو قلق من حدوث المشكلات أو تطور النزاعات. فالأسلوب هو الحل المثالي في التعامل مع جميع الخلافات. لذلك فمن المهم بمكانة أن يسعى الزوجان على الالتزام بالنقاش الهادئ، المتوازن والرصين، حيث أن هذا الأمر يشكل مهارة يجب على الأفراد تعلم تطويرها مع مرور الوقت.
لمعرفة المزيد حول استراتيجيات تجنب الخلافات الزوجية، ندعوك للاستمرار في قراءة هذا المقال: خطوات لحل المشاكل الزوجية المعقدة