الأم.. رمز الحنان.. على مر الزمان، تجلب لنا الأمان، من المؤكد أن الشهرة والمجد والسعي وراءهما قد أخذا حيزاً كبيراً من حياة الأمهات الشهيرات، لكنهن لم يضحين بأغلى أمنية تختلج في قلب كل أنثى، ألا وهي الأمومة، في سبيل تحقيق أهدافهن في مجالات العمل العام، سواء في الفن أو المجتمع.
أشهر الأمهات في أميركا
من أشهر الأمهات في أميركا إليانور روزفلت الأم، التي أطلق عليها الرئيس هاري ترومان «السيدة الأولى في العالم»؛ تكريماً لإنجازاتها في مجال حقوق الإنسان، لمشاركتها الفعلية في أول ميثاق عالمي لحقوق الإنسان، ورغم أن إليانور من العائلات الثرية ثراء فاحشاً، لكن طفولتها كانت حزينة بعد وفاة والديها، فقد كان الرئيس روزفلت عمها الذي فضل ضمها إليه عقب وفاة والدها، وخلال تلك الفترة التقت بفرانكلين، الذي كان ضمن عائلة روزفلت، وأعجب بها، وتزوجها، كانت إليانور تعزف عن حضور حفلات العشاء والاستقبال، وكانت تفضّل حمل أطفالها الخمسة إلى ساحل ماين لقضاء بعض الوقت معهم، بدأت إليانور حياة جديدة، حيثُ أدى تبني الكونغرس قانوناً يعطي للمرأة حق التصويت إلى تعاطيها العمل السياسي؛ إذ التحقت برابطة المرأة الناخبة «سيتي كلوب»، انتخبت عام 1928 مديرة لمكتب أنشطة المرأة في الحزب الديمقراطي، وصارت أقوى نساء أميركا؛ إذ سجلت حضوراً بارزاً في الساحة السياسية الوطنية، بعد ثلاث سنوات عاد فرانكلين إلى ممارسة الحياة السياسية، وأخبر فرانكلين زوجته إليانور بأنه يخطط للترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية عام 1933.
عقدت إليانور ندوة صحافية خُصصت للنساء، أرسلت من خلالها تصريحاً لزوجها، تحثه فيه على أنه آن الأوان لتعيين المرأة في مناصب حكومية، وأكدت أن جميع المواطنين الأميركيين حتى السود يجب أن يتم إدراجهم في برامج زوجها الانتخابية، وقد وصفت أفكارها في الصحف الأميركية بأنها جديدة، وبأنها نوع آخر من السيدات الأُول. أصبح فرانكلين الرئيس الثاني والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية، لكن منصب السيدة الأولى جعل إليانور تقطع أكثر من 40 ألف ميل لتعطي ندوات وتزور مدارس ومعامل، وتنقل ما تقف عليه من خلال عمودها الشهير في يومية «يومي» من وقائع، حيثُ كتبت «لقد قضى الكساد على كل شيء. لقد مر بمناطق بأكملها»، وبناء على ذلك كتبت تقريراً ووضعت برنامجاً؛ لمواجهة الأمر رفعته إلى الحكومة بواشنطن.
وبفضل زوجته تمكن فرانكلين من الفوز بنتيجة ساحقة خلال انتخابات 1936 لولاية ثانية، وكانت شهرتها تعادل شهرة الرئيس، بل كانت نداً له. وفي عام 1940 ألقت إليانور خطاباً مرتجلاً في المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي في شيكاغو، جعل زوجها يحقق فوزاً تاريخياً غير مسبوق، ويفوز بولاية ثالثة.
ورغم إصرار إليانور على فرانكلين بألا يتقدم إلى ولاية رئاسية رابعة، بعد أن تركت الحرب العالمية بصمتها على حالته الصحية فقد دخلها وفاز بها. وقبل أن يُتم سنته الأولى في ولايته الرئاسية الرابعة، سافر فرانكلين عام 1945 إلى جورجيا للعلاج، لكن مكالمة هاتفية تلقتها إليانور بعد وقت قصير أخبرتها بأن الرئيس توفي إثر نزيف دماغي.
شغلت منصب أول رئيس للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وأشرفت على صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكان يُنظر إليها على أنها «واحدة من أكثر النساء في العالم المحترم»، و«موضع احترام الجميع»، وفي عام 1999 كانت في المراكز العشرة الأولى من قائمة غالوب لمعظم الناس إعجاباً من القرن العشرين.
نجمة هوليود
ولا نستطيع أن ننسى أنجيلينا جولي، وهي إحدى نجمات هوليوود، والتي تبنت طفلها الأول في عام 2002 من كمبوديا، وقامت بتبني طفلة أخرى من أثيوبيا، وتبنت أيضاً طفلاً آخر من فيتنام، كسرت الممثلة الأميركية أنجيلينا جولي الصورة التي تعوَّد جمهور السينما عليها لنجمات هوليوود في ملابسهن الشفافة، فظهرت أمام عدسات الكاميرا، وهي ترضع أحد أطفالها. وقالت يمكن للعالم بأسره أن يحبني أو يكرهني، ولكن الحقيقة أنني أستيقظ مع أطفالي وأنا في منتهى السعادة.
الفنانة والأعمال الإنسانية
ومن أشهر الأمهات العاملات بمجال الفن الممثلة أودري هيبورن التي ولدت في بروكسل عاصمة بلجيكا، وكانت وحيدة أبويها؛ المصرفي الأيرلندي «جوزيف فيكتور أنثوني راستون»، والهولندية الأرستقراطية، البارونة السابقة «إيلا فان هيميسترا»، وفارق الأب؛ الذي كانت تربطه بأودري علاقة وطيدة، العائلة، وهي لاتزال شابة في مقتبل العمر، فاختارت الحياة مع أمها بأرنهام في هولندا.
في سن السادسة التحقت بمدرسة داخلية في بريطانيا، ولظروف الحرب العالمية الثانية تم نقلها لهولندا لإكمال دراستها، وبعد النجاة من الحرب القاسية عادت مرة أخرى إلى بريطانيا، وبالتحديد لإكمال دروس الباليه التي ابتدأتها في هولندا. قضت أودري هيبورن، العقود الثلاثة الأخيرة من حياتها في قرية بضواحي لوزان بسويسرا.
وتعد من أجمل نساء القرن العشرين، وفي منتصف الستينيات اعتزلت الفن، وكرست الفترة المتبقية من حياتها للعمل الإنساني مع اليونيسيف منذ عام 1954، وعملت في بعض المجتمعات الأكثر حرماناً وفقراً في أفريقيا وأميركا الجنوبية وأسيا بين عامي 1988و1992، ويذكر أنه قد تم منحها الوسام الرئاسي للحرية؛ تقديراً لعملها كسفيرة للنوايا الحسنة لليونيسيف في أواخر عام 1992.
أشهر الأمهات في الأدب
أما الروائية التشيلية الشهيرة إيزابيل الليندي فهي واحدة من أشهر الأمهات وأقواهن، حاصلة على العديد من الجوائز الأدبية المهمة، ومن الأسماء المرشحة دائماً للحصول على جائزة نوبل. تُصنف كتاباتها في إطار الواقعية السحرية، وتنشط في مجال حقوق المرأة والتحرر العالمي. من أهم رواياتها: بيت الأرواح، وإيفالونا. كانت الصدمة الأعظم في حياة الليندي وفاة ابنتها باولا في 1993 عن عمر ثمانية وعشرين عاماً، بعد دخولها في غيبوبة بسبب مضاعفات مرض البورفيريا، تقول الليندي: «أخذوا ابنتي شابة حية بحالة جيدة، وأعادوها جثة هامدة..».
كانت تأثيرات وفاة باولا على أمها شديدة، لكن الليندي كانت طوال حياتها امرأة قوية، فحوّلت ألمها إلى كتاب جميل استعادت فيه طفولتها وذكرياتها، أسمته باولا على اسم ابنتها، وخصصت ريعه لدعم مراكز علاج السرطان.
أما الشاعر المنتحرة سيلفيا بلاث شاعرة أميركية وروائية وكاتبة قصص قصيرة، فقد أدى الزخم الكبير في دراما حياتها إلى قدومها على الانتحار أكثر من مرة، رغم سطوع نجمها في كتابة الشعر والرواية، حيثُ حصلت على أعلى جائزة في العالم للشعر، وهي جائزة بوليتزر، وكانت هذه بعد وفاتها، حيثُ توفي والدها وهي في الثامنة من عمرها، مما أصابها بهزة عنيفة في عقيدتها، وقد تزوجت ثلاث مرات، انتقلت مع الأخير إلى إنجلترا، وأقامت هناك، لكنها أصيبت بحالة اكتئاب شديدة دفعتها إلى الانتحار أكثر من مرة، وفي آخر مرة أصرت على أن تطعم طفلتها وطفلها قبل أن تنتحر بدقائق، فقامت بوضع الإفطار لهما، كما قامت بإطعامهما بنفسها، ثم تركتهما جانباً؛ لتضع حداً لحياتها الكئيبة.
وكذلك الكاتبة الأميركية هيلين كيلر آدامز أديبة ومحاضرة وناشطة أميركية، وهي تعتبر أحد رموز الإرادة الإنسانية، حيثُ إنها كانت فاقدة السمع والبصر، واستطاعت أن تتغلب على إعاقتها، وتم تلقيبها بمعجزة الإنسانية لما قاومته من إعاقتها، حيثُ إن مقاومة تلك الظروف كانت بمثابة معجزة. حيثُ قامت بحملة لصالح الصم والمكفوفين، وتعد الأولى التي حصلت على ليسانس الآداب، وقد كرست جزءاً كبيراً من حياتها لجمع الأموال لصالح المؤسسة الأميركية للمكفوفين، وفي عام 1999 تم إدراج اسم هيلين كيلر في قائمة مؤسسة جالوب لأكثر الشخصيات في القرن 20 التي يعجب بها الناس على نطاق واسع، وقد تم تسمية 27 يونيو بيوم هيلين كيلر للاحتفال بذكراها في أميركا، وقد تم نشر12 كتاباً والعديد من المقالات عنها.
أميرة القلوب
الأميرة ديانا الزوجة الأولى للأمير تشارلز ولي عهد إنجلترا، وأم الأميرين ويليام وهاري منذ زواجها عام 1981 ظهرت على أغلفة المجلات، ونشرت أخبارها في الصحف، كما ارتبط اسمها بالأعمال الخيرية، وخاصة المتعلقة بمكافحة الإيدز والألغام، وقد لقبها الشعب الانجليزي بأميرة القلوب؛ نظراً لحبه الشديد لأعمالها الخيرية في كافة أنحاء العالم، حيثُ كان لها نشاط خيري وإنساني على نطاق واسع من خلال حملاتها لمكافحة الإيدز والألغام، وظلت شعبيتها متوهجة، حيثُ كان الكثير يعجب بها من خلال تعاطفها الطبيعي مع الفقراء.
أشهر أم في السينما
الفنانة فردوس محمد، والتي جسدت شخصية دور الأم لأغلب فناني السينما المصرية، بالرغم من صغر سنها عنهم في أغلب الأحيان، ولكن موهبتها الفريدة لم تجعل أحداً يشعر بهذا الاختلاف الزمني، وقد لقبتها الصحافة الفنية بلقب أمِّ السينما المصرية، وشاركت بأفلام شباب امرأة وغزل البنات، إحنا التلامذة مع فريد شوقي، حكاية حب مع عبدالحليم حافظ، وعنترة بن شداد، وصراع في المينا، ولعبت دوراً هاماً في رد قلبي، والأم التي تردد الأمثال الشعبية في قمر 14.