بات مشهد المرأة التي تنزل من سيارتها، مهما كانت فخامتها، وهي تحمل أكياسًا وعلبًا كرتونية، منظرًا مألوفًا لكل من يراها، وبالمقابل توجه المرأة أصابع الاتهام للرجل الذي تندرج مصروفاته بحكايا «تحت الطاولة» كما يقال، فهل يعقل أن الرجل أكثر إسرافًا من المرأة ؟
كشفت دراسة حديثة أجرتها إحدى الجامعات في الإمارات حول سلوك الادخار لمواطني دولة الإمارات أن النساء هن الأكثر إقبالاً من الرجال على الشراء وأكثر إسرافاً، وأقلهم حرصاً على الادخار، وغالبيتهن يتجهن نحو الإسراف لتجنّب الإحساس بالاكتئاب.
كما خلص استطلاع أجرته البروفيسورة كارين باين، من جامعة «هيرتفورشير» البريطانية، أن جولات التسوق والإنفاق ليست سوى متنفس ينظم عواطف وأحاسيس النساء، أي أنه وسيلة تخدير للمشاعر السلبية أو عدم الرضا عن الحياة.
بينما يقول علماء نفس إن الركود الاقتصادي يضع الجنس الناعم أمام خيار الإسراف في الإنفاق، أو تزايد مخاطر تعرضهن لأمراض نفسية. وقال 79 % من المشاركات في المسح، وعددهن 700 مشاركة، إنهن ينغمسن في التسوق والإنفاق للترفيه عن الذات..
من الصغر
تعقيباً على هذه الاستطلاعات ترى ناهد داود المري، سيدة أعمال في دبي، أن معظم النساء يعملن بالمقولة التي تقول: (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، وهذا موجود في كل البلاد العربية وليس الإمارات، ولكن بحكم الحياة المليئة بالبذخ هنا نجد أن المرأة تريد أن تصرف الكثير وخاصة على الموضة والماكياج
وتعترف الأديبة والكاتبة نهى كمال بأنها مسرفة جداً، وخاصة على الموضة والماكياج، وقد انفلت زمام الأمر من يدها، حسب تعبيرها، وتتابع: «المرأة مسرفة بطبعها سواء من مالها أو مال زوجها، ولكن الرجل أكثر ادخاراً».
من الطرفين
تستوقف رأيهما سارة خليل موظفة؛ لأنها ترى الإسراف أحياناً يكون من الطرفين، والمرأة ربما مسرفة أكثر من الرجل بحكم مسؤولية الرجل عن الأسرة، تستدرك: « أنا أصرف كل الراتب على الموضة والماكياج والهدايا، وقليلاً ما أصرف على البيت، فزوجي هو الذي يتحمل عملية الصرف»!
وبحكم دراسة سميرة عليان، طالبة جامعية تتخصص في التسويق، بدت متهجمة وجازمة أن النساء يشترين أغراضاً ليست ضرورية، وخارج حدود إمكاناتهن، ويدفعن بالرجال إلى دفع فواتيرهن؛ من أجل إرضاء رغباتهن الجنونية.
ليس صحيحاً
لم تجد خولة عبدالمنعم، ربة بيت، تحليلات قريناتها صحيحة، وشنت هجوماً كبيراً على الرجال، وتقول: «أتعجب من الرجل الذي يسمح لزوجته بأن تبذر كل هذا المال أمام عينيه دون أن يعترض! كل ذلك ليجعلها تسكت عن تصرفاته الأكثر تبذيراً، فأعتقد أن الرجل أكثر إسرافاً من المرأة وخاصة على متعته».
فيما تتساءل مصممة الأزياء ناهد عبدالكريم: «كيف تدخر المرأة والأسعار في ارتفاع مستمر ومخيف، والرجل يصرف أكثر على نفسه ورحلاته وإلكترونياته».
الرجال: نحن الأكثر ادخاراً
لم يرض الكاتب أحمد إبراهيم أن يرمي أحكامه جزافاً، فمن الأكثر إسرافًا يحتاج إلى إحصائية دقيقة، وهي غير موجودة في الإمارات، لكنه يرجع الإسراف إلى العادات والتقاليد الاجتماعية ويتابع: «هناك الإسراف على الولائم، والأفراح والمهوربأي حال الرجل الإماراتي هو يدخر أكثر من المرأة»!
رغم أن الزوجة برأيه هي الأكثر إسرافاً، لكن خالد العيسي، موظف، لم ينكر وجود عاقلات منهن يحسنّ التوازن بين الادخار والإنفاق، يستدرك: «أعتقد أن الرجل أكثر ادخاراً من المرأة؛ نظراً لأن احتياجاته للكماليات أقل».
أما سالم علي، موظف حكومي، فيتهم المرأة بالإسراف الشديد دون اهتمام بقدرات الرجل، يتابع: «كما يقول المثل عندنا (من جيب عمك ما يهمك)، فالمرأة لا تفكر سوى بالجري لشراء فستان قبل أن ينتهي مقاسه».
بدا فوزي سعيد، موظف في وزارة، مستسلماً، ووجد أن الموضوع نكأ جرحه، فزوجته مسرفة جداً، وبعد أن تنهي ما في جيبه تقول: «الرجاء السموحة لا تزعل مني والله كان قصدي خير».
فيما يعتقد سالم سعيد المحيسن، موظف، أن الفتاة الإماراتية تعودت على الصرف والإسراف والتبذير منذ صغرها، يستدرك: «هي تصرف وتتسوق والخادمة تربي أطفالها! أسهل شيء عند فتياتنا أن يقلن لبعضهن تعاليْن نتسوق».
مادامت الفتاة تشتري سيارة أغلى من سيارة الشاب وهي مجرد طالبة، فكيف لا تكون مبذرة برأي سعيد راشد حمد، موظف، يتابع: «هي عادة تصرف لتهرب من واقعها، فالفتاة تهرب من عنوستها، والمتزوجة من مشاكلها الأسرية وعندما يتدخل الرجل تقول له: «إيش دخلك هذه الفلوس فلوسي وأنا حرة فيها أصرف اللي أبغيه»!
عواقب وخيمة
حب المرأة للإسراف أكثر من الرجل جاء نتيجة للنشأة الأولى في حياتها، وقد تكون لحالة البذخ أو حالة الفقر، برأي الخبير الاقتصادي جمال عجاج، ويتابع: «تبين من خلال دراسة ميدانية عن المشكلات الاقتصادية التي تواجه الشباب والفتيات أن معظمهم لا يعرفون ماذا يشترون لا يحددون نوع السلعة قبل الإقدام عليها».