طلاب جامعيون، رغم ضغط الدراسة ومتطلباتها والجري لإنجاز التقارير والبحوث وصعوبة تنظيم الوقت، يضطرون للعمل لحاجة أغلبهم المادية، عمل الشباب الطلاب أشبه بظاهرة وأمر واقع في الإمارات، «سيدتي نت» سألت عدداً منهم، واستفسرت عن إيجابيات عملهم ومتاعبه.
تعمل صبا محمود في بنك بالإضافة لدراستها الجامعية، فهي طالبة في كلية الدراسات المصرفية، تبدأ عملها من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة والنصف مساءً؛ لتلحق بعدها بمحاضرتها الأولى الساعة الخامسة مساءً، وتستمر على هذه الحال حتى التاسعة والنصف، تتابع صبا: «بين ضغط العمل وعبء الدراسة ببساطة نسيت امتحاناً كان مقرراً في اليوم التالي".
ورغم مساعدة والد روزان عطية، طالبة في كلية الإعلام، لها إلا أنها توظفت، حتى لا تضطر لإيقاف دراستها الجامعية تحت أي ظرف قاهر، وتفترض روزان أن يقدر الأساتذة في الجامعة أنها تعمل، لكنهم يريدون الأبحاث والواجبات كاملة وبدون تأجيل، والطامة الكبرى أن أهلها يعتبرونها مقصّرة في عمل المنزل، تتابع روزان: «ذهبت مرة إلى الجامعة وأنا متعبة من العمل، وقد جهزت محاضرات اليوم السابق، وفوجئت بأن المحاضرات غير التي جهزتها تماماً».
حال شقيقتها رونزا عطية، طالبة إعلام، وموظفة، ليس بأفضل منها، فهي تبدأ دوامها من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة مساءً؛ لتسرع إلى الجامعة وتدخل للمحاضرة، التي تكون بدأت فعلياً ثم تعود إلى المنزل بعد الساعة التاسعة مساءً، والشقيقتان تعانيان من الإرهاق وعدم رؤية الأهل، فمصاريف الدراسة السنوية تتجاوز الأربعين ألف درهم!
خبرة مع العملاء
الغريب أن سلمى شديد، طالبة كلية إعلام والموظفة في خدمة العملاء، ترى أنها تكتسب خبرتها المستقبلية في هذا الموقع بالذات، تتابع: «كل شخص يعتقد أن لا غيره في الدنيا، بالطبع أنا أعمل لأن المصاريف كبيرة جداً على أهلي حتى أتمكن من الاستمرار في دراستي الجامعية».
ورغم صعوبة تخصص طارق حافظ، طالب هندسة معمارية إلا أنه كغيره يعمل لسد مصاريف دراسته في قسم التسجيل والقبول في جامعة عجمان التي يدرس فيها، ويعمل طارق من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية بعد الظهر، حيثُ تبدأ المحاضرة الساعة الثالثة ليضطر مثل غيره من الطلبة الموظفين لتناول الغداء في الجامعة، يبرر طارق: «لي احتياجاتي كشاب، حيثُ أقساط السيارة الخاصة بي والملابس المناسبة، ولأجلها أنظم وقتي، لكنني أشعر بالشفقة على أهلي الذين يعانون من غيابي الدائم عن المنزل».
لأجد عملاً
فيما يضطر فداء حسين، طالب إدارة أعمال، للبقاء 14 ساعة يومياً خارج البيت؛ ليتم عمله في مكتب للتنمية البشرية، ويبرر الأمر بحاجته للخبرة، حيثُ لا تشغل الشركات خريجي الجامعات الذين بدون خبرة.
أما هالة محمود، طالبة إعلام وموظفة خدمة عملاء، فقد تعبت وملَّت من العمل وضغطه، بالإضافة للدراسة وضغط الأساتذة وطلباتهم التي لا تنتهي، وتتمنى اليوم الذي يأتي وتتزوج رجلاً ثرياً يصرف عليها ويجلسها في البيت ويخلصها من العمل وقرفه.
بينما لشروق إبراهيم، طالبة آداب وموظفة، قصة أخرى جعلتها تترك العمل وتؤجل الدراسة معاً، بسبب عدم قدرة والدها على سد مصاريف الجامعة؛ إذ عملت سكرتيرة في مكتب خاص، وكان صاحب العمل زير نساء بامتياز يظن أن الموظفات جاريات عنده.. ما جعلها تترك العمل والدراسة حتى عملت مؤخراً بائعة في محل تملكه سيدة محترمة، وتمكنت من العودة ثانية للدراسة.
لا أعذار
الدكتور أنور عثمان عميد كلية المتطلبات الأساسية في جامعة الجزيرة (دبي)، بدا متأكداً أن معظم طلاب الكليات الإنسانية في الإمارات يعملون وخاصة الوافدين منهم، وذلك بسبب ارتفاع أقساط الدراسة، ويعطيهم الأعذار في تقصيرهم.
يخالفه الرأي البروفيسور محمود القطيري، أستاذ في جامعة خليفة (الشارقة)، فهو لا يعطي الطلبة الموظفين أي أعذار للتقصير في أدائهم الدراسي، فهم أمام أساتذتهم مثلهم مثل غيرهم من الطلبة.
في الوقت الذي يرى فيه الدكتور همام الشماع الخبير الاقتصادي والمحلل المالي المعتمد في شركة الفجر للأوراق المالية أن عمل الطلاب يضمن ضخ المزيد من الأموال للاقتصاد الوطني، وبالتالي ينعش الاستثمار. لم يبد رؤساء العمل راضين عن أداء موظفيهم من الطلاب، حتى أن قيس الغانم (مدير فرع أحد البنوك) يصفهم، رغم محاولتهم للاجتهاد في عملهم، بأنهم ليسوا بقدر العبء الملقى على عاتقهم، يتابع: «يستطيع أحدهم أن يأتي يوم السبت، حيثُ لديه إجازة من الجامعة، ويكمل المتأخر من عمله، لكنهم لا يفعلون ذلك».
عائلاتهم
رغم ما قد يوفره الطلاب والطالبات العاملون من ادخار مادي يساعد رب العائلة على دراستهم، إلا أن حنان السيد، ربة بيت، وهي أمّ لفتاة وشاب جامعيين ويعملان موظفين، تعيش طوال اليوم في حالة قلق شديد وخوف أن يصيبهما مكروه، وتشعر بتأنيب الضمير.
فيما لا تشجع سارة عبدالكريم (مدرسة) ابنها على العمل إضافة لدراسته الجامعية أبداً؛ لأنها تريد أن يتفرغ لدراسته التي تصفها بالصعبة والمرهقة، أما عبدالله إبراهيم، موظف، وأبٌ لشاب جامعي يعمل موظفاً، فيجد نفسه مكتوف اليدين؛ ما جعله يطلب من ابنه صراحةً أن يعمل لساعات محدودة وينفق على دراسته، يستدرك الأب عبدالله: «لكنه لم يكن على حجم المسؤولية المرجوة منه، فطلبت من ابني الثاني، وبالفعل وفقه الله ووجد عملاً لساعات قليلة، وتمكن من الإنفاق على دراسته الجامعية».
مالك طارق، موظف، يؤيد وبشدة عمل الشباب طلاب الجامعات خلال فترة دراستهم، حيثُ يعلمهم العمل في عمر مبكر الاعتماد على النفس وقيمة النقود.
تجارب سيئة
ليس عمل الشباب الجامعيين دائماً مفروشاً بالورد ومصدراً للفخر والسرور، فلبعض الطلبة قصص مزعجة، فهم مستغلون عند بعض أصحاب العمل، لشروط عملهم غير النظامية، حيثُ يروي لنا باسم خليل، طالب قانون وموظف، كيف أنه خلال عمله كموظف في خدمة عملاء في شركة خاصة، وبعد عمل مضنٍ لثلاثة أشهر لم يدفع له صاحب الشركة أجره، وجعله يؤجل فصلاً دراسياً كاملاً يعلّق باسم: «لم أستطع أن أشتكي عليه؛ لأن عملي عنده لم يكن رسمياً».