فتيات.. متعلمات.. مشعوذات!

4 صور
الحياة من حولنا تتطور، كل شيء أصبح أسهل وأسرع، الاتصال أصبح عبر الموبايلات مثلاً، وقديماً كان يتم عبر الهاتف وتحويل الخطوط المرهق، والذي يستغرق وقتاً وصبراً، وقبل ذلك بعصور سحيقة، كان الاتصال يتم بوساطة النار والطبول، فلم لا تتطور أساليب السحر كذلك؟!!
يقول أحد الرقاة المعروفين: الجن يتطور تبعاً لتطور الإنسان، ويستفيد من التكنولوجيا، وإليكم هذه القصص التي وقعت حقيقةً، لا خيالاً.. فإحدى الشابات في غزة، أدمنت مواقع السحر، وتعلُّمَ فنونه عبر الشبكة العنكبوتية، وأوقعت بها الشرطة مؤخراً، وهي تستخدم طرقاً تكنولوجية حديثة.

سحر تكنولوجي

تقول في اعترافاتها: كان في القديم، يتم السحر بوساطة الحصول على أثر الشخص، مثل قطعة من ثياب لم تغسل، أو يتم إجراء تحقيقات بوليسية؛ حتى يتوصل الساحر لمعرفة اسم أم الشخص المراد التأثير عليه بالسحر، ولكن الآن أصبح كل شيء تكنولوجياً، حسب قولها، فهي استطاعت أن تعد سحراً باستخدام قطع من العلكة؛ التي تقدمها الفتيات لبعضهن بعضاً، ويتم وضع السحر فيه للفتاة المراد تعطيل زواجها مثلاً أو رسوبها في الامتحان، ومقابل ذلك تدفع الفتاة التي تبغي الانتقام من تلك مبلغاً كبيراً، ولا تتوانى عن بيع مصاغها أو حتى «بيع نفسها» مقابل أن تحقق انتقامها بتأمين مبلغ من المال، وهناك سحر يتم بالمصافحة؛ بمجرد أن تربت على كتف أو ذراع من تريد سحرها، وهناك سحر يتم عبر الهاتف؛ بمجرد سماع صوت المراد سحرها؛ حيث يتم انتقال السحر إليها، وهناك ما يوضع في كريمات الشعر أو علب الماكياج، وتضرب مثلا عن سحر أعد لعروس في ليلة زفافها؛ للتفريق بينها وبين زوجها؛ وقد تم وضعه لها في علبة «الجل»، مثبت الشعر، بالتآمر مع مصممة الشعر التي ذهبت إليها العروس في ذلك اليوم المشهود؛ فتم الفراق بدلاً من الزواج، وهناك سحر يتم بمجرد قراءة جملة في ورقة؛ حيث قدمت إحدى النساء ورقة لفتاة يراد رسوبُها، على أن تقرأها، مدعية تلك السيدة أنها لا تجيد القراءة، وبمجرد أن قرأتها وقع السحر، ورسبت الفتاة في التوجيهي رغم تفوقها.

استغلال

وأضافت هذه الساحرة الصغيرة، أنها قد تعلمت فنون السحر من الإنترنت، ونفت أن يكون أحدٌ من عائلتها قد عمل به سابقاً، وهي تفتخر بقدراتها التي اكتسبتها بنفسها؛ مؤكدة أن باب العمل في السحر والشعوذة، مفتوح في غزة لكل من يستطيع ممارسة القليل من السحر، ويمتلك مهارة الإقناع، وتقول متهكمة: أما باب الشكوى فمقفل؛ لأن المواطن يخشى على نفسه من الفضيحة، في مجتمع محافظ، تنتشر الشائعات داخل أزقته المكتظة بسرعة كبيرة؛ فالخوف من الفضيحة يشجع الساحر، أو من يدعي السحر، على التمادي في السيطرة على « الزبون»، وتؤكد، أنه من السهل جداً، أن توقع فتاة بشعة بشاب جميل وثري، ولكن تأثير السحر؛ أي سحر المحبة، يزول سريعاً؛ فلذا يقع الطلاق لا محالة، وتذكر قصة عن فتاة، أعدت لها سحراً وضعته في عبوة مياه غازية وتقول: «لم يؤثر بها السحر؛ لأنها ذكرت اسم الله قبل أن تشرب، وهذه أفشل عملية قمت بها رغم أن صاحبتها دفعت مبلغاً كبيراً لي».

1000 مشعوذ

القانوني الفلسطيني، كارم نشوان، يقول: إن ظاهرة الشعوذة تنتشر وتتزايد، ويُقدر عدد المشعوذين المرصودين من قِبل الشرطة، بألف شخص، موزعين في أنحاء غزة بحسب تقديرات الشرطة، ولكن العشرات غيرهم يعملون في الخفاء، ولا توجد إحصاءات دقيقة لثرواتهم، ولا يُلقى القبض إلا على شهير غير مستتر، أو من اشتكى عليه الضحايا، ويبقى العدد الأكبر منهم طليقاً؛ بسبب قصور القوانين وضعف إجراءات المكافحة وجهل الأهل وإحجام غالبية المتضررين عن رفع شكاوى قضائية؛ خوفاً من إلصاق تهمة الجهل بهم.

وعن الموقف القانوني من هؤلاء، يقول: غالباً ما تصل تلك القضايا للمحاكم عند تعرض الضحايا للاغتصاب والتحرش فقط، وقليلاً ما يُبلّغ عن مبالغ مالية يتم تقاضيها من الضحايا، حيث توجه للمتهمين تهمة «جنحة الضرب والتحرش الجنسي»، استناداً لقانون العقوبات الفلسطيني لعام 1963، والمعمول به في غزة، من دون أن تثبت عليهم جرائم الاغتصاب والتحرش الجنسي؛ بخاصة أن الضحايا يخشون تقديم دلائل تثبت تعرضهم لذلك، وتنتهي القضية لدى الشرطة، بتوقيعهم على تعهدات بعدم ممارسة السحر والشعوذة، ثم يطلق سراحهم، وبالتالي فهم يعاودون ممارسة نشاطهم.

متاجرة بمشاكل الناس

مدير عام الشرطة الفلسطينية في غزة، الرائد أيمن البطنيجي، يقول: طبقة معينة من المجتمع الفلسطيني تتعامل مع السحر والشعوذة، لافتاً إلى متابعة جهاز المباحث العامة هذا الأمر بشكل حثيث وملاحقته لعدد كبير من السحرة والمشعوذين في مناطق مختلفة من قطاع غزة؛ مؤكداً أن 15% من هؤلاء الدجالين، لديهم رواتب وعمل ودخل آخر، وأكثر من 75% لا يملكون مصدر دخل آخر؛ لذلك يستغلون هذا العمل المشين كمهنة للمتاجرة بمشاكل الناس.

وأردف الناطق باسم الشرطة «أغلب من يمتهن هذا العمل، أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، والغالبية منهم وضعهم الأمني والأخلاقي سيئ، ولكن اللافت في الفترة الأخيرة ظهور مشعوذين صغار السن ورثوا العمل من آبائهم وأجدادهم، وربما تربوا في بيئة عملت في هذا المجال طوال حياتها وعبر الأجيال، وربما وجدوا أن هذا العمل مربح ومريح، في ظل البطالة المتفشية بين صفوف الشباب».
نفوس ضعيفة

ضعف النفس والإيمان

أستاذ الفقه والشريعة في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور إبراهيم أبو جلمبو، يقول: كثيرات من الطالبات يعانين من السحر والشعوذة، ولديهن مشكلات اجتماعية ونفسية وصحية؛ بسبب التغرير بهن من قِبل زميلات أو صديقات أو قريبات أو جارات، السحر موجود في القرآن، ويلجأ إليه ضعيف النفس والإيمان، وخاصة النساء اللواتي تتملك الغيرة قلوبهن، وينسين عقاب الله في الآخرة، ويبحثن عن السعادة في الدنيا، فترى الواحدة منهن مستعدة أن تسلك أي طريق في سبيل أن تحصل على خطيب زميلة أو زوج صديقة، وتنسى تماماً، أن الله هو موزع الأرزاق والأقدار.
وعن طريق تأثير السحر في الإنسان يقول أبو جلمبو:
يدخل الجن إلى جسم الإنسان في حالات الغضب الشديد، أو الخوف الشديد، وإما يسلط من قبل ساحر، أو في حال إيذاء الإنسان له بطريق غير مقصود؛ كسكب الماء على الجن، أو حرقه بعقب سيجارة مثلا.
أما طريقة تسليط الساحر الجن على الإنسان، فيقول: يظل الجن يلف حول الشخص المراد سحره؛ حتى يتحين الفرصة لدخول جسده إذا ما غضب أو نسي ذكر الله أو انهمك في الملذات، فإذا دخل الجن في الإنسان، فيكون هدفه إما إيذاء الشخص، وإما التمتع به، كدخول جن ذكر جسم إنسانة أنثى، وإذا سلّطه الساحر فيكون مخصصاً لتحقيق هدف ما: إما تدمير الإنسان، وإما منع فتاة من الزواج، أو منع الحمل لدى النساء، أو لتفريق الزوجين، أو إصابة الشخص بمرض يعجز عنه الطب.