خيم الحزن والسواد على أهالي قرية عين دار الجديدة "15كم" عن مدينة بقيق بعد الكارثة التي ألمت بهم، والتي حولت افراحهم إلى مأساة موجعة راح ضحيتها نحو 24 شخصا، وأصيب 37 آخرون غالبيتهم من الأطفال والنساء.
العروس تروي مأساتها
بعد عدة محاولات تحدثت عروس دار العين نوف هزاع الهاجري (16 عاماً) لـ«سيدتي» قائلة: «سمعنا أصواتاً غريبة بدأت وكأنها صراخ فخرج زوجي بعد الزفاف بنصف ساعة، واستغربت تأخره فتوجست خوفاً لعل مكروهاً قد حدث، وتلقيت الخبر كالصدمة الصاعقة، وسألت عن أهلي فعلمت بخبر وفاة أختي وأخي يرحمهما الله، ووفاة بعض أقاربي. «لم تتمالك نوف نفسها وأجهشت بالبكاء».
العريس: كابوس مرعب
عندها التقط زوجها العريس محمد سعد الهاجري (23 عاماً) السماعة، واعتذر عن عدم مقدرة زوجته على متابعة الحديث نظراً لعظم المصاب الجلل، وقال: «لم أتخيل أن يتحول حفل زواجي إلى كابوس مرعب أفسد فرحتنا بالزواج، وألغى سفرنا لقضاء شهر العسل».
مضيفاً بقوله: «انقطع التيار الكهربائي ثلاث مرات، وبعدها جرت الأمور بشكل طبيعي، وبعد زفافي ذهبت إلى المنزل بصحبة والدي وعمي ووالد زوجتي، وبعد ذلك انقطع التيار الكهربائي لفترة طويلة، وكنت أظن أنه انقطاع مؤقت كما حصل قبل حفل الزواج، وبعد أن طالت فترة انقطاع الكهرباء خرجت من المنزل كي أرى ماذا يحدث، ولم أكن وقتها على علم بالفاجعة حتى أخبرني والدي بما حدث. لا أستطيع أن أصف ما جرى من أحداث مأساوية دامية لم أستوعبها، حيث فقدت شقيقي وشقيقتي الكبرى و13 شخصاً من أقاربي».
أخطاء الدفاع المدني
وأبدى الهاجري استياءه من تأخر الدفاع المدني والإسعاف، وكذلك الخطأ الكبير الذي وقع فيه رجال الدفاع المدني برش المياه على الباب الحديدي الذي أصبح ملامساً للكهرباء فكل شخص حاول الهروب احترق، وطالب بتوفير قاعة للأفراح، وبتوفير مستشفى خاص، ومركز للهلال الأحمر نظراً لتأخرهم في الوصول مع الحالات الطارئة التي تحدث، كما طالب بمركز صحي كبير يخدم المنطقة والتي يصل عدد سكانها لأكثر من 10 آلاف نسمة.
وبتعويض المصابين وخاصة اليتامى حيث إن أحد أقرباء الهاجري الذي راح ضحية الحادث لديه ستة أطفال لم يبلغوا سن الرشد، وكذلك تعويض أصحاب السيارات الذين قاموا بهدم الجدار لإنقاذ المحاصرين بالداخل ودفعوا حياتهم ثمناً لموقفهم، وضحوا بأرواحهم من أجل إنقاذ الآخرين، وتعويض الآباء والأمهات الذين فقدوا أطفالهم نتيجة تأخر فرق الدفاع المدني والشرطة في مباشرة الحادث.
ناجيات من الموت
عن تفاصيل الفاجعة تقول إحدى الناجيات «أم شعيل الهاجري»: «في الساعة الثامنة مساء، بدا كل شيء عادياً حتى سقط فجأة سلك كهربائي فتطاير شرار النار منه، والدخان عند المخرج الوحيد لحفل الزواج ما أصاب المدعوات بالذعر، وتراجعن للخلف في الجهة الشمالية والغربية بعيداً عن منطقة الخطر والتصقن بالجدران، وقامت بعض السيدات بالاتصال بأزواجهنّ، أو إخوانهنّ. وبعضهنّ استنجدن بالدفاع المدني لطلب النجدة، وما هي إلا برهة حتى تجمع الشباب من فوق السور كمحاولة يائسة؛ لإخراج قريباتهم والأطفال».
وتابعت بقولها: «حاولت بعض السيدات الخروج من البوابة الوحيدة للنجاة، إلا أنهنّ لقين حتفهنّ فور وصولهنّ للمخرج وتفحمن تماماً، وسقطت الواحدة تلو الأخرى، وهنّ منكبات على وجوههنّ (ساجدات)، وعلى الرغم من كوني مريضة إلا أنني حضرت الزواج لتأدية الواجب، ولم أتوقع أن أكون من الناجيات، حيث قام ابني بإنقاذي عبر السور على الرغم من ارتفاعه. ولله الحمد نجوت ومازلت أسمع صراخ استغاثة النساء وأطفالهنّ كأنه للتو قد حدث».
فزعة الرجال
وقال ناصر الهاجري: «تلقينا اتصالاً من القسم النسائي الذي يبعد عن القسم الرجالي نحو 100 متر تقريباً أثناء تقديم العشاء للضيوف فشرعنا لإنقاذهنّ، وتوفي أثناء الإنقاذ «5» من الشباب في مواقف بطولية منهم: سعد بداح الهاجري البالغ من العمر 39 عاماً، والذي اقتحم الباب الحديدي محاولاً إنقاذ أخته وطفلها، وأمسك بالسلك الكهربائي بعد أن لف شماغه حول يده وهو يحذر النساء من الاقتراب من البوابة الحديدية لوجود التماس كهربائي، وضغط عالٍ للكهرباء نحو (13800) واط فلم تتحمل أخواته الثلاث أن يرين أخاهنّ والنار تحرقه فهرعن إليه لنجدته وتفحمن حوله محاولات إنقاذه».
مطلوب مستشفى
فيما استنكر شجاع دسار الهاجري من ذوي المتوفين عدم وجود مستشفى بعين دار بقوله: «لا يوجد طوارئ في مستوصف هذه الهجرة حيث يعمل المستوصف 8 ساعات فقط، ومن ثمَّ يغلق، وعند حدوث أي ظرف طارئ يُضطر أهالي الهجرة إلى السَّفَر إلى محافظة بقيق، كما أنّ عدم وجود مركز للدفاع المدني من أكبر المعضلات التي تواجه الهجرة، حيث يتم الاستدعاء من المحافظات القريبة في حال وقوع خطر، وهذا ما حدث بالفعل مع هذه الحادثة.
أسباب الكارثة
كشف مدير الدفاع المدني في المنطقة الشرقية اللواء عبدالله خشيمان -عقب وقوع الحادث- عن وفاة 25 شخصاً، وإصابة 30 آخرين، وأشار إلى وقوع الحادث من جراء قطع كابل كهرباء للضغط العالي نتيجة إطلاق نيران من رشاشات ابتهاجاً بحفل الزفاف على مدخل حوش مقام به حفل الزواج ما تسبب في سقوطه، وعقود الكهرباء التي تضيء منطقة حفل الزواج، وصعق كل من يلامس باب مدخل الحوش بالكهرباء، وأضاف أنّ الحفل مقام في مخيم داخل حوش مساحته25 × 25 متراً «دون ترخيص»، ومحاط بسور وباب حديدي، وتم نقل جثامين 7 سيدات وطفل من الضحايا إلى مستشفى بقيق العام، و6 رجال، و9 نساء، و5 أطفال (3 إناث وذكرين) لمستشفى أرامكو، فيما تم نقل 37 مصاباً تقريباً للمستشفيات منهم 25 في مستشفى بقيق العام، و12 إلى مستشفى أرامكو.
مراسم الدفن
وفي جامع معاوية بن أبي سفيان وسط محافظة بقيق تمت عملية تغسيل الموتى، والصلاة عليهم، وبدأت تتوالى الجنائز إلى المغسلة من مختلف مستشفيات الشرقية، كما أصاب المغسلون الأرق بسبب العدد الكبير من الضحايا، وصعوبة عملية غسل بعض الحالات بسبب التفحم الكامل للجثث، وقد شهدت المغسلة تجمهراً كبيراً من المشيعين من مناطق مختلفة، وكانت بلدية المحافظة قد شكّلت لجنة عاجلة؛ لتسهيل إجراءات تجهيز الموتى بتجهيّز خمسين قبراً.
عضو المجلس البلدي
وأوضح عضو المجلس البلدي حشر الهاجري عن مشروع إنشاء صالة أفراح، وهي مطروحة في الخطة المقبلة، وستنفذ قريباً، حيث ننتظر عرضها على المقاولين لتنفيذها في أول جلسة للمجلس، ووصف الهاجري الصالة بأنها كبيرة ومن البنيان المسلح وذات مخارج طوارئ عدة.