قامت مجموعة مؤلفة من سبعة أشخاص من جنسيات عربية مختلفة من خارج المجلة، بدخول مكتب المجلة والموقع ومواجهة فريق العمل هناك ومطالبتهم بالتوقف عن العمل فوراً. ليس هذا فحسب بل أعلنت المجموعة المقتحمة أنها ستصبح هيئة التحرير الجديدة للموقع، «سيدتي نت» تكشف ما حصل.
عملية منظمة
اكتمل عددهم عند الثانية عشرة، وتوجهوا فوراً إلى قاعة الاجتماعات في المبنى، أخذوا أماكنهم على الكراسي السوداء الكبيرة، وبدأوا بفرد الأوراق والمجلات ومراجعة المواد التي كان الفريق الأصلي يقوم بإعدادها، وأعلنوا عن أنفسهم على أنهم هيئة التحرير الجديدة. وبالطبع كان هذا التصرف تطبيقاً لخطة سرية تم إعدادها مع مديرة التحرير في مكتب دبي، وشارك فيها الزملاء والزميلات.
خبر عاجل
في الساعة العاشرة صباحاً من يوم 19 نوفمبر صدر على موقع «سيدتي نت» خبر بعنوان: بيان رقم واحد، وأتى البيان على الشكل التالي: حدث غريب يجري في مكاتب «سيدتي»، سنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً.
وهنا بدأ سيل الاتصالات والرسائل على موقع المجلة وعلى صفحات الفيسبوك وتويتر، ولم يجب احد عن استفساراتهم، فكل الخطوط الهاتفية لا ترد.
حتى أن مواد الموقع لم يتم تحديثها طوال اليوم، ولكن عند الواحدة ظهراً صدر البلاغ رقم 2، وجاء نصه كالتالي: نأسف للإعلان أن فريق «سيدتي» سيتوقف عن العمل، وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً.
في الخامسة مساءً ظهرت كل المواد الجديدة دفعة واحدة، وأكثر ما أثار الاستغراب والتساؤلات، هو ظهور صورة لطفل مع كل مادة تظهر على الموقع، والتعريف به على أنه محرر جديد. ثم بلاغ رقم 3 من إدارة «سيدتي».
الاعتراف
خرجت «سيدتي» عن صمتها ونشرت الخبر التالي:
قراءنا الأعزاء، نحن إدارة مجلة وموقع «سيدتي» نعترف أننا قمنا بلعبة بسيطة، وبنوايا طيبة، الغرض منها الاحتفال بالأطفال بيوم عيدهم العالمي المصادف في 20 نوفمبر 2012، ففي اجتماع التحرير الأسبوعي، اقترحت مديرة التحرير هاديا سعيد الفكرة، وشارك الفريق في وضع سيناريو لها حيثُ قررنا أن يشاركنا الأطفال عملية التحرير واختيار الموضوعات.
لثقتنا بأن الجيل القادم يحمل كثيراً من الوعود والأفكار الخلاقة، حيثُ تم عرض الموضوعات المقترحة عليهم وتبسيطها بلغتهم قدر الإمكان، وأتيحت لهم حرية الاختيار، وقد فاجأنا الأطفال بحسن اختيارهم، والأفكار الجميلة التي يملكونها، وتصرفوا بحنكة وحكمة الكبار، وكانت سعادتهم ظاهرة لأنهم يشاركوننا هذه التجربة، وقد حاولنا قدر الإمكان أن يكون العمل حقيقياً، وأن يكونوا هم أصحاب الخيار في انتقاء المواد. وسننقل لكم كل التفاصيل وما حدث في الكواليس وما فعله الأطفال لاحقاً.
وصول الأطفال
أول الحاضرين إلى مكتب «سيدتي» كانت تالا المغازجي، 8 سنوات، الصف الثالث، فقد وصلت الساعة العاشرة صباحاً وجلست بين فريق «سيدتي» تقلب في الأوراق وتراجع مواد قلنا لها إنها ستختار فيما بينها، وكان عليها أن تنتظر ساعة قبل أن تحضر أمنية حمد، 9 سنوات في الصف الرابع، وهنا بدأت كلتاهما تتعارفان، ولم تمض 15 دقيقة إلا وهما صديقتان وتتنقلان بين مكاتب «سيدتي»، وتتبادلان الأحاديث مع فريق العمل، وكانتا تسألان حول كل شيء في موقع العمل.
بعد تالا وأمنية وصل عمر رباح (11 عاماً) وسميح نجا (13 عاماً)، وكانا يتصرفان بحيوية ملحوظة، وأخيراً جاءت مريم، كانت مريم طفلة إماراتية عمرها 6 سنوات، ترتدي الزي الإماراتي التقليدي، تحاول استكشاف المكان من حولها.
بعد مريم دخل شقيقها الأصغر عبدالله، وعمره 5 سنوات، كان شديد الخجل، يختبئ خلف والده، ما أثار استغراب والده صفوان السويدي، أما محمد الشقيق الأكبر فقد كان في الصف الرابع، بدأ يتفحص المكان من حوله، وكأنه يتساءل متى سيبدأ العمل.
في قاعة الاجتماعات كان علينا نحن المحررين أن نشرح للأطفال كيف سيساعدوننا، بدأ محمد يقرأ في صفحات الصحة والتغذية، ومن ضمن عدة مواد قدمناها له لم نعرف لماذا لفت انتباهه موضوع عن الحوامل، وكان أحياناً يبدو عليه الانزعاج من بعض العبارات، لكن اكتفى باختيار الموضوع دون أن يعلق.وفي ذات الوقت كانت تالا وأمنية، تتناقشان وتراجعان بعض العبارات في الأوراق أمامهما.
أما مريم بثيابها المزركشة فقد كانت تؤشر بأصبعها إلى عنوان بعينه، ومن ثم تابعت قراءة النص، ونسيت وجودنا. وبدا سميح منهمكاً جداً وهو يقلب في صفحات تطبيق «سيدتي» على الأيباد، وقد أثارته صورة لموضوع حمل عنوان «أصرخ كي لا أموت».
ولم يستطع إخفاء ضحكته الطفولية وهو يقدم نفسه لنا على أنه محرر في موقع سيدتي، وقال إنه اختار مادة لقسم «رجل وامرأة» ووقع خياره على موضوع عنوانه: «صاحب السوبر ماركت يتحرش بي»، وقد برر سبب اختياره للموضوع بأنه يحب القصص التي تحدث في السوبر ماركت..
إشارة نصر
بعد عمر بدأ سميح بتقديم نفسه على أنه المحرر الجديد، وقال إنه من بين ثلاثة موضوعات في قسم «شخصية اليوم» اختار موضوع «نائلة الخاجة عاشقة الفن السابع»، وبرر سبب اختياره بسبب حبه للسينما، ومن ثم قام بتوجيه إشارة النصر للكاميرا.
وجاء دور عبدالله ولم نعرف سر اختياره مادة في قسم «سيدتي وطفلك» بعنوان: «كيف تستعدين لاستقبال أول مولود»، وبدأ يؤشر على كثير من الكلمات والعبارات حتى خرجت المادة من بين يديه أشبه باللوحة الفنية.
أما تالا، فأمسكت بمادة «أزياء تنكرية» وقالت لنا: سوف أختار موضوعاً جميلاً وسيعجبكم، وهو عن الأزياء التنكرية للأطفال؛ لأني أحب الحفلات، وقامت بتظليل العنوان بالكامل. وعندما اقتربنا من الصحفية الصغيرة أمنية، وجدناها وقد وضعت الدائرة الملونة حول موضوع بعنوان: «بين الفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي»، من قسم «سيدتي التعليمية»، ودون أن نسأل أمنية عن سبب اختيارها، نظرت إلينا بعينيها الملونتين قائلة: «أنا أحب ارسم اللوحات».
تعب المحررون الصغار وجاعوا وكان يجب أخذ استراحة، وكانوا يضحكون وكأنهم يعبرون عن سعادتهم في هذا اليوم الذي لن ينسوه، وسيتذكرون عندما يكبرون أن أول عمل قاموا به في حياتهم كان في «سيدتي»، ومن يدري فقد يضعون ذلك في سيرتهم الشخصية عند التقدم لعمل في المستقبل.
في استوديو «سيدتي»
بعد الغداء كان على الأطفال الانتقال لاستوديو سيدتي ليتحدثوا عن أمانيهم في عيد الطفل العالمي، وبدأوا بتحضير تلك الأماني، وكانت البداية مع سميح، الذي حاول جاهداً التحدث بالفصحى.
وقال: أتمنى للأطفال الأفضل لأنهم يملكون كل شيء، فنحن نملك الكمبيوتر والأيباد وكل الأجهزة الإلكترونية الحديثة، أما عمر فقد تمنى للأطفال أن يكون لديهم ما يحتاجونه من مال وملابس وطعام وتسالٍ، وجاءت أمنية تالا شديدة البراءة إذ تمنت أن يتمكن كل أطفال العالم من الخروج للحدائق كلما أرادوا. بينما تمنت أمنية أن يستطيع الأطفال الحصول على التعليم.
كواليس
- أثناء العمل نامت مريم وكان علينا إيقاظها، وكان أصعب ما واجهنا جعلها تتحدث.
- عندما قدم عبدالله نفسه أمام الكاميرا راح يقوم بحركات مضحكة من فمه.
- عندما سألنا تالا عن أمنياتها قالت إنها ضاعت.
- لم يصدق والد مريم أن أبناءه بهذا الهدوء.
- رفض سميح العمل معنا لأنه ليس فتاة ليعمل في مجلة للسيدات.
- رفض الطفل الفلبيني الذي وجد في المكتب مصادفة الدخول مع الأطفال وقال لأمه إنهم يبدون مختلفين عني.
بعد أن انتهى الأطفال من يوم عمل حافل، ودعوا طاقم عمل سيدتي، وحملوا هدايا تذكارية من المجلة وغادروا المكتب، وكان ثمة اتفاق بيننا أن ندعوهم مرة أخرى لمساعدتنا وتزويدنا بأفكارهم الخلاقة.
للمزيد قراءة هذا الموضوع