مصممة الذهب والمجوهرات السعودية رنا الهندي تفاءلت بالقرار الذي سيدرس، وتنتظر تطبيقه. وقالت: «إنّ هذا القرار جيد رغم أنه ليس بالجديد، فهنالك محلات خاصة بالذهب والمجوهرات طبقت هذه البادرة في بعض محلاتها.
وأعتقد عندما تكون البائعة امرأة ستجد المشترية حريتها في الاختيار والسؤال أكثر؛ فالنساء لن يتحرجن عند الاختيار والقياس كما في السابق، كما أنّ أصحاب المحلات سيضمنون مبيعات أكثر فهناك نساء لا يفضلن التعامل إلا مع نساء مثلهنّ.
بادرة طيبة
وتضيف: «أنا كمصممة لديَّ ورشة عمل في منزلي، وأقوم بتسويق وبيع القطع التي أصممها، لكن هذا القرار شجعني أن أقوم بفتح محل خاص بي، وأباشر كل ما يدور في متجري بنفسي، وعندما كنت أزور بعض الدول العربية أجد المصممة لديهم تتخذ محلاً خاصاً لها تقوم بتصميم وبيع القطع بنفسها، وكنت أتمنى عندما أراهنّ أن تتمكن المصممة السعودية من فعل ذلك.
وأعتقد أنّ هذا القرار سيساعدنا كمصممات في بداية عملنا أن نبيع القطع بأنفسنا ونتواصل مع زبائننا، ونستعين ببائعة تساعدنا في العمل، وهذا القرار سيسمح بجود البائعات في المراكز التجارية، والآن لدينا في المنطقة الشرقية انتشار عمل المرأة كبائعة في المحلات سواء سوبر ماركت أو محلات خاصة للملابس الداخلية أو التجميل، وسيتقبل المجتمع وجودها أيضاً في محلات الذهب، ونحن الآن بانتظار إصدار قرار التأنيث».
أما مصممة المجوهرات السعودية لمياء عجاج فترى أنّ وجود المرأة في السوق كبائعة يعطي الكثير من الارتياح للزبائن، وتقول: «أعتقد أنّ المرأة أكثر كفاءة من الرجل لفهم متطلبات بنات جنسها، وهي أسهل بالتدريب على الأشياء التي تخصها وتنقلها للزبونة بشكل جيد، ووجودها كبائعة يساعد المرأة حين تقتني أي قطعة وتريد أن تقيسها، ومن ثم تشتريها، ونحن كمحل مجوهرات لدينا غرفة مخصصة للقياس تتولى أمورها امرأة وتقوم بمساعدة الزبونة على لبس القطعة، وتوصيل المعلومة لها ومما صنعت، ومن وجهة نظري أرى أنّ البائعة أفضل إذا أرادت المرأة أن تجرب قطعة من الذهب أو المجوهرات. وكمصممة أحب أن يوجد في محل المجوهرات الخاص بي بائع وبائعة لإرضاء زبائني من الجنسين».
رأي النساء بهذا القرار
أول فندقية سعودية أماني شيخون ترى أنه قرار جيد، ويفتح مجالات لوظائف جديدة للمرأة، ولكن يجب أن تدرب قبل خوض هذه التجربة. وتقول: «خطوة عمل المرأة في مجال بيع الذهب سيفتح لها آفاقاً جديدة، ولكن قبل أن يضعوها في خوض هذا المجال لابد أن تُدرب وتتعرف على المنتج الذي ستتعامل معه، وكيف يستخرج وكيف يصنع لإفادة وترغيب الزبائن بالشراء ومن ثم بيعه، وهناك صفات لابد للبائعة أن تتحلى بها ومن أهمها:
الصبر وحسن المعاملة، وأن تكون متحجبة حتى ترى الزبونة ردة فعلها عندما تشتري منها القطعة والابتسامة أحياناً تجذب الزبونة للإقبال على الشراء، وعليهم اختيار فتيات محجبات يمثلن الفتاة السعودية العاملة، ووجود المرأة للبيع في محل الذهب تعد أفضل بنسبة 70% من عمل الرجل؛ فالمرأة تستطيع أن تساعد بنات جنسها وأيضاً الرجل في اختيار نوع الهدية والمناسبة إن كانت عيد ميلاد أو زواجاً أو غيرها فهي مطلعة على الموديلات والموضة الجديدة، حتى وإن كانت وزيرة ومشغولة؛ فالمرأة مرتبطة مع الموضة وبكل جديد وملمة بها رغم مشاغلها».
سيدة الأعمال ومصممة الديكور غادة مغربي، تقول: «إنّ هذا القرار سيحل نسبة البطالة التي تعاني منها الفتيات، ووجود المرأة وعملها في الأسواق التجارية خطوة جيدة وتساعدها على الاندماج مع المجتمع أكثر، ونحن في انتظار تطبيقه على أرض الواقع».
وتشير عبير«ن» إلى أنها تخجل بالفعل من شراء سوار مثلاً أو خاتم بوجود رجل خصوصاً أنها تضطر للكشف عن معصمها؛ لتجربة السوار مثلاً وتضيف: عني شخصياً أواجه مشكلة عند كل عملية شراء، فمن ناحية أضطر إلى أن أخلع كفي الخاص بالحجاب، ثم أرتدي السوار أو الخاتم، والمشكلة أن البائع يبقى متسمراً في مكانه يشاهد السوار كي يتأكد من صحة المقاس، لكنني أشعر بالخجل بشكل كبير من الموقف؛ لذا قرار التأنيث مناسب جداً بالنسبة لي.
محلات الذهب والمجوهرات
كما التقت «سيدتي» طارق فتيحي رجل أعمال ومتخصص في بيع الذهب والمجوهرات، والذي رحب بهذا القرار، وكشف أنه استعان في محله بالعنصر النسائي سواء تصميماً أو غيره منذ زمن، ووصفها بأنها تجربة ناجحة، وقال:
«أجد أنه قرار جيد ونحن من أول المحلات التي استعانت بالمرأة، وعملت معنا كمصممة، وأتمنى إذا صدر القرار ألا يكون محدداً بحيث أن تبيع المرأة في مكان مخصص للنساء فقط، ولكن أن تتعامل بشكل عام مع الرجل والمرأة؛ لأنه من الصعب أن نخصص المرأة للبيع لبنات جنسها فقط والمفروض أن تبيع للجنسين؛ فهنالك رجال يريدون أن يفاجئوا زوجاتهم أو شقيقاتهم أو أمهاتهم بهدية ويصعب عليهم الاختيار، ووجود بائعة بالمحل سيساعدهم كثيراً للاستعانة بذوقها واختيار الهدية المناسبة».
عاملات في هذه المهنة
(أمل) فتاة سعودية تعمل لدى أحد محلات الذهب في جدة، وتقوم بمساعدة الزبونات بلبس بعض القطع لتجريبها تقول:«أعمل في هذا المجال منذ فترة حيثُ أقوم بمساعدة الزبونات لارتداء حلق أو عقد في غرفة القياس المخصصة لهنّ في المحل، كما أساعدهنّ وأخبرهنّ بسعر القطعة ومواصفاتها، وسرني جداً دراسة وزارة العمل لتأنيث محلات الذهب والمجوهرات، والسماح للفتيات السعوديات للعمل كبائعات في هذه الأماكن وخاصة أنّ الفتاة السعودية قد أثبتت جدارتها قبل فترة بالعمل في محلات بيع الملابس الداخلية والعطور والتجميل، وكانت تجربتها ناجحة، وأثبتت أنها تستطيع العمل في كل المجالات إذا توفرت لها البيئة المناسبة».
الرأي الاقتصادي
الخبير الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين مدير مركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية يرى أنّ دراسة قرار تأنيث محلات الذهب والمجوهرات يخدم المرأة ويصب في مصلحتها تماماً، ويقول: «أولاً يجب الإشادة والتنويه بهذا القرار الحكيم الذي أقبلت عليه وزارة العمل، وتدرس حالياً إمكانية تطبيقه واقعياً على محلات الذهب بتأنيث وظائفها لاسيما المتعلقة بعملية التعاطي مع الزبائن بشكل مباشر.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن وجدوا نسبة (80%) من المتقدمات لحافز هنّ من النساء، وأنّ هذا القرار هو بهدف إيجاد حلول لتخفيف الضغط عن حافز، وهذا هو الهدف المنشود بأن تسعى أجهزة الدولة بكل طاقاتها لخلق وظائف لأبناء الوطن بدلاً من الأجنبي الذي في النهاية سيغادر، والذي هو أيضاً يحول 99% من دخله لبلده.
وهذا حقه ولكن هذا يمثل ضربة قاتلة للاقتصاد الوطني حيثُ يقدر ما تحوله العمالة الأجنبية سنوياً قرابة 100 مليار ريال بدون احتساب تلك التحويلات المتعلقة بأرباح أعمالهم من التستر التجاري، وهذا استنزاف للاقتصاد الوطني، والآن بمثل هذا القرار سيتم توطين لهذه الوظائف بالتالي سيحقق دورة عوائد تشغيل هذه الوظائف داخل الاقتصاد السعودي، بالتالي يحقق مزيداً من النمو الاقتصادي ومزيداً من الرفاهية للمواطن.
فضلاً عن الأثر المباشر الذي ستجنيه شاغلات هذه الوظائف بحصولهنّ على مرتبات شهرية بمتوسط مبلغ (3000) ريال بدلاً من كونها عاطلة عن العمل ولا تحصل على شيء. فهو قرار صائب وجريء وفي الاتجاه السليم لحل مشكلة البطالة النسائية تحديداً، وهو ما يطلب من وزارة العمل تحقيقه والقيام به بكل جدية؛ لأنّ موضوع البطالة هو أحد أخطر التحديات التي تؤثر على الاستقرار والنمو الاقتصادي ورفاهية المجتمع، وهذا القرار طبعاً يخدم المرأة ويصب في مصلحتها تماماً.
وليس فقط المرأة العاملة التي ستوظف في أحد محلات بيع الذهب فحسب، بل يخدم المرأة السعودية والمرأة المقيمة في السعودية عموماً؛ لأنه سيمكنها فعلاً من حرية التعاطي مع البائعة، وحرية التصرف من دون قيود، وسيحقق المكاسب الشرعية والأخلاقية من مثل هذا القرار بإبعاد الرجال عن القطاعات النسائية، وهذا ما ينسجم تماماً مع خصوصية مجتمعنا السعودي المحافظ.
أما الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لتطبيق مثل هذا القرار فلابد من توضيح الصورة للحجم الاقتصادي الكبير عملياً بالأرقام، نحن لدينا في المملكة تقريباً (6000) محل بيع ذهب ومجوهرات مرخصة رسمياً لهذا النشاط، وكل منها على الأقل سيوظف (3-5) بائعات، وطبعاً بعضها أكثر لكن سنأخذ الرقم الأقل؛ أي سيكون لدينا نحو (20-30) ألف وظيفة نسائية.
ونحن هنا لم نحتسب سوى وظائف محلات الذهب وليس مصانع الذهب والمجوهرات، وبافتراض أن متوسط راتب الموظفة سيكون 3000 ريال، فإنه سيكون لدينا رواتب شهرية بالمتوسط 75 مليون ريال وسنوياً رواتب بمبلغ 900 مليون ريال، وهنا فقط لوظائف بائعات براتب 3000 ريال.
بينما سيكون هناك مديرات أو مشرفات وغيرها من الوظائف القيادية التي ستحظى برواتب أعلى بطبيعة الحال؛ أي أننا سنضخ سنوياً في السوق السعودي مبلغ قرابة مليار ريال بدلاً من تسربه للخارج. هذا فضلاً عن الفوائد الاجتماعية لمثل هذا القرار، حيثُ إنه بالطبع سيعزز من درجة الرضا لدى هؤلاء الفتيات وأسرهنّ بحصول بناتهنّ على وظائف نسائية محترمة وكريمة».
وزارة العمل
مصادر في وزارة العمل كشفت لـ "سيدتي نت" عن أنّ جهات عدة في الوزارة تدرس مشروعاً كبيراً لتأنيث محلات الذهب في الأسواق والمراكز التجارية وإبعاد الأجانب عن هذه المهنة، وإجبار أصحاب محلات الذهب على توظيف العنصر النسائي ودعمهم من قبل صندوق الموارد البشرية، وأكدت أنّ الوزارة تهدف حالياً إلى وضع عدة ترتيبات في دراستها حول تأنيث محلات الذهب في كافة مناطق ومدن ومحافظات المملكة، وتتضمن تلك الترتيبات:
موعد العمل، وتحديد ساعات الدوام الرسمي، إلى جانب أمور أخرى سيتم الكشف عنها بعد الفراغ من الدراسة. ويأتي هذا القرار بعد ملاحظة وزارة العمل ارتفاع نسبة البطالة بين النساء، وبلغت نسبة النساء من مجمل عدد المستفيدين من برنامج (حافز) نحو 80%، وهو الأمر الذي دعا وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية لإيجاد فرص عمل للنساء في القطاع الخاص.
وأوضح المصدر استبعاد أن يكون قرار تأنيث المحلات النسائية إلزامياً على أصحاب المحلات في حال تطبيقه.
تابعوا المزيد من تفاصيل التحقيق في العدد 1653 الذي تنشره "سيدتي"