كيف يمكنك أن تصف الشخصية القيادية؟ وكيف يختلف تأثيرها ودورها عن الشخصية الناعمة في بيئة العمل؟ هل تعتبر أن الشخصيات القيادية تتحمل مسؤوليات أكبر في اتخاذ القرارات؟ وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على فعالية العاملين وقيادة الفريق؟ وهل تفكر بأن الشخصيات القيادية تتمتع بمستوى أعلى من التأثير الإيجابي أثناء قيادة الفريق مقارنة بالشخصيات الناعمة؟
غالباً ما قد تفكر في أن الفرق بين الشخصية القيادية والناعمة كالفرق بين اللون الأبيض والأسود في اختلافه، ولكن الحقيقة التي يجب عليك أن تدركها؛ هي أن هناك العديد من المناطق الرمادية التي قد تجمع الاختلافات والتشابه بين الشخصيتين.
ويشير موقع" seedscientific.com " إلى تعريف بعض الأشخاص على أنهم مهيمنون أو خاضعون أو ناعمون في تعاملهم مع الموظفين أثناء قيادة الفريق على النحو الآتي، ووفقاً لتصنيفات معينة.
" المدير يقول: اذهب، بينما يقول القائد: هيا نذهب." - جون سي. ماكسويل
أهمية القيادة وتأثير الشخصيات على الفرق والمؤسسات
تعد القوة بتعريفها البسيط القدرة على التأثير على الآخرين في مكان العمل، فقد نميل إلى التفكير في القوة كعنصر ناتج عن السلطة التي يكتسبها الأفراد بالعمل، فالأشخاص في الأعلى يتمتعون بسلطة أكبر من أولئك الذين في الأسفل. ويمكن أن تأتي قوة الفرد في مكان العمل من المؤسسة نفسها، من حيث أدوار الفرد ومسؤولياته وإمكانية الوصول إلى الموارد. ومع ذلك، هناك أشكال أخرى من القوة تنبع من شخصية الفرد وخبراته وتعليمه، ولا يمكن للمنظمة أن تمنحها أو تسلبها منها.
لذلك تعد الشخصيات القيادية هي القوة التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل أداء الفريق، وبالتالي نجاح الأفراد وتطورهم. ويشكّل التفاعل بين أساليب القيادة وتفاعلات الفريق والسلوكيات الفردية جوهر عمل ونهج الفريق. لذلك فإنه من الضروري أن نفهم طرق تأثير الشخصيات القيادية على الفريق وتطوره وحركته باتجاه المستقبل؛ من خلال عدة نقاط مهمة، أبرزها:
- الشخصيات القيادة تمثل الأسلوب المثالي لمساعدة الأفراد والجماعات على العمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة، فالقيادة يمكن أن تحول الموظفين والمديرين إلى أشخاص ماهرين في وظائفهم، فهي تتيح للمديرين توجيه فرقهم للقيام بالعمل الصحيح عن طيب خاطر. في المهام عالية المخاطر.
- تؤثر الطريقة التي تتصرف بها الشخصيات القيادية على كيفية عمل فرقهم ومدى نجاحهم. فالقيادة لا تتعلق بشخص واحد أو بمسمى وظيفي، إنها علاقة مبنية على الثقة والواجب والأهداف المشتركة، وتتعلق بتأثير أساليب القيادة على الأداء التنظيمي.
المغامرة لا تتوقف هنا! استعد للمزيد من:
تعريف الشخصيات القيادية وسماتها
تميل أنواع الشخصية القيادية إلى أن تكون حازمة وواثقة وتحليلية، فالشخصيات القيادية تميل لأن تكون مسيطرة وتتحمل مسؤولية المواقف. وغالباً ما يكونون جيدين في اتخاذ القرارات ويميلون إلى أن يكونوا قادة بالفطرة. وعادة ما تكون أنواع الشخصية الناعمة أكثر خجلاً وانطوائية، ويفضلون المتابعة بدلاً من القيادة، وغالباً ما يذعنون للآخرين عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار. لذلك تعد من أبرز السمات التي تتمع بها الشخصية القيادية هي الصفات الآتية:
- تسعى الشخصية القيادية إلى النجاح، فالوعي الذاتي والقدرة على القيادة هو حجر الزاوية، لذلك لا يمكن أن يكون تأثير القيادة مرئياً إلا إذا كان القائد واعياً بذاته. فالأشخاص القائدون لديهم بوصلة أخلاقية قوية توجه حياتهم وقراراتهم. ويجب عليهم أيضاً أن يفهموا بشكل كامل دورهم ضمن الهيكل التنظيمي للشركة وما هو متوقع منهم.
- تعد الشخصية القيادية نموذجاً يحتذى به، هو إحدى أقوى الأدوات التي يمتلكها القائد لإلهام فريقه. تأثير القيادة الجيدة يؤدي إلى نتائج أفضل. إن القول المأثور بأن الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات؛ ينطبق بشكل خاص على أفعال الشخصيات القيادية. فالقادة يسعون جاهدين لإطلاق الإمكانات غير المستغلة لدى أعضاء فريقهم. ويُظهرون المرونة والصمود في التغلب على التحديات؛ لأن ذلك يزرع الثقة والإصرار في الفريق.
- تعتبر الشخصيات القيادية أن عملية اختيار الفريق بمثابة اختبار حقيقي لأي قائد، حيث يكشف عن قدرته على تحديد المهارات والمعرفة المناسبة. فالقائد الماهر يختار أعضاء الفريق الذين لا يفهمون رؤية القائد فحسب، بل يقدمون أيضاً خبرات محددة إلى الطاولة. علاوة على ذلك، ينبغي للقادة المتحمسين أن يهدفوا إلى توظيف الأفراد الذين يشاركونهم نفس الحماس لعملهم.
- تمتلك الشخصيات القيادية رؤية واضحة تماماً لمستقبل الشركة، بما في ذلك موقعها داخل الصناعة وإستراتيجية خدمة العملاء الخاصة بها. يعملون على تحديد الأهداف القابلة للتحقيق بخطوة حاسمة في تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة. إن خريطة الطريق الواضحة هذه لا ترشد القائد فحسب، بل تزود الفريق أيضاً بالإحساس بالاتجاه.
- تقدّر الشخصيات القيادية فريق العمل، لذلك فالفريق هو أثمن ما يملكه القائد، والوحدة داخل هذا الفريق شرط أساسي للنجاح. يجب على القادة تعزيز الشعور بالانتماء والوحدة بشكل مستمر بين أعضاء الفريق. عندما يشعر كل فرد في الفريق وكأنه جزء من عائلة متماسكة، يصبح التغلب على العقبات أسهل، مما يمهد الطريق للنجاح الجماعي.
نصيحة: يجب على أصحاب الشخصيات القيادية أن يكونوا ماهرين في تحويل أفكارهم إلى خطط قابلة للتنفيذ. إن الفهم الشامل يساعد القائد على توجيه الشركة بشكل أكثر فعالية.
تعريف الشخصيات الناعمة وسماتها
يمكن لبعض العلامات الرئيسية أن تشير إلى أن شخصاً ما يحمل مهارات الشخصية الناعمة في العمل. فالشخصيات الناعمة يشار إليها بوصفها شخصيات لديها رغبة قوية في إرضاء الآخرين، وغالباً ما يضعون احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهم الخاصة. وقد يتردد أصحاب المهارات الناعمة في التعبير عن آرائهم أو تأكيد أنفسهم في المحادثات. وقد يجدون أنفسهم أيضاً منجذبين إلى الأشخاص المهيمنين أو المسيطرين أو القادة. ومن أبرز سمات الشخصيات القيادية الناعمة، هي:
- تعطي الشخصيات الناعمة الأولوية للذكاء العاطفي والعلاقات الشخصية في توجيه الفريق بالعمل، مما يخلق بيئة يكون فيها انسجام الفريق والرفاهية العاطفية في المقدمة والمركز.
- تتفوق الشخصيات الناعمة في بناء روابط الولاء والثقة، وتشجيع الحوار المفتوح وردود الفعل الهادفة بين أعضاء الفريق في سياق العمل؛ لتعزيز شعور قوي بالوحدة والانتماء، وغالباً ما يُترجم إلى فريق أكثر سعادة وتماسكاً.
- تشجع الشخصيات الناعمة في القيادة الروابط العاطفية القوية والدعم المتبادل، مما يجعل الفرق أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع التحديات.
- تسعى الشخصيات الناعمة في العمل إلى الالتزام بروح "الناس أولاً"، وعادة ما يؤدي إلى اهتمام مرتفع بمستويات أعلى من رضا الموظفين، وانخفاض معدل إنتاج الموظفين، لكن روح التعاون التي تجدها الشخصيات الناعمة في إدارة الفريق تؤدي في النهاية إلى دفع الأداء على المدى الطويل.
- في النهاية، يمكن للشخصيات الناعمة في القيادة أن تخلق فريقاً متناغماً وذكياً عاطفياً، على الرغم من أنها قد تواجه أحياناً صعوبة في اتخاذ القرار في الوقت المناسب أو حلّ النزاعات. وهذه أبرز الفروقات بين الشخصية القيادية وأصحاب المهارات الناعمة في مجال قيادة الفريق بالعمل:
نصيحة: إن التركيز على الانسجام والتوافق يمكن أن يطغى في بعض الأحيان على الحاجة إلى النقد البناء أو العمل الحاسم، مما قد يعيق الأداء أو الحل السريع للقضايا.
التأثير والقوة في القيادة
تعطي الشخصيات القيادية الأولوية لاتخاذ القرار الجماعي، وتعزيز مناخ الاحترام المتبادل والمشاركة النشطة. فالشخصيات القيادية تعمل كبناة للتوافق في الآراء، ويشركون أعضاء الفريق في حوار هادف ويشجعون ملكية النتائج. ومن حيث تأثيره على ديناميكيات الفريق، فإن هذا النهج التشاركي يميل إلى أن يكون له تأثير موحد، ويعزز العلاقات بين أعضاء الفريق.
كذلك تعتبر الشخصيات صاحبة المهارات الناعمة من الصفات الشخصية التي ترتبط بالتفاعلات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية في قيادة العمل والموظفين، فالشخصيات الناعمة تعزز التواصل الفعّال والفعّالية في التحدث والاستماع، وتسهم في بناء علاقات جيدة بين القادة والموظفين، مما يؤدي إلى بيئة عمل إيجابية.
لكن قد يعاني بعض القادة ذوو الشخصيات الناعمة من صعوبة اتخاذ قرارات صارمة، مما قد يؤثر على فعالية الإدارة في بعض الحالات. كما أن بعض الشخصيات الناعمة قد تواجه صعوبة في إدارة الوقت والمهام بشكل فعّال، مما قد يؤثر على تنظيم العمل والإنتاجية.
التفاعل مع الفريق والمؤسسة
تتبع الشخصيات القيادية أسلوب القيادة الديناميكي، وهو أسلوب تحويلي للقيادة يتجاوز مجرد إدارة المهام والأشخاص. إنه يبثّ الحياة في المنظمات والفرق، ويزودهم بالطاقة والإبداع والقدرة على التكيف. فالشخصيات القيادية ليسوا مجرد متفاعلين؛ إنهم عوامل استباقية للتغيير. إنهم يدركون أن الثابت الوحيد هو التغيير نفسه وبناء ثقافة تنظيمية لا تتكيف فحسب، بل تزدهر في البيئات المتغيرة باستمرار.
وتحاول الشخصيات صاحبة المهارات الناعمة تبني ثقافة الحوار المفتوح، ويدعون إلى وجهات نظر مختلفة، ويقدرون النقد البناء، ويرون في كل منها فرصة للنمو. علاوة على ذلك، فإن الشخصيات الناعمة تتمتع بالمرونة في اتخاذ القرارات، وعلى استعداد لتغيير إستراتيجياتهم مع تطور المواقف. إنهم غير ملزمين بالتقاليد، ولكنهم منفتحون على الأفكار والابتكارات الجديدة.
التحديات التي تواجه القادة في توجيه الفرق وتحقيق النجاح:
تتمتع الشخصيات القيادية وأصحاب المهارات الناعمة، على حد سواء، في مكان العمل بالحديث بمرونة والاستعداد للتكيف مع تحولات التكنولوجيا واتجاهات الصناعة ومتطلبات السوق. ويجب عليهم أن يكونوا قدوة يحتذى بها، وأن يظهروا المرونة ويتقبلوا التغيير باعتباره فرصة للنمو. ويشار إلى أبرز التحديات التي يمكن أن تواجه الشخصيات القيادية في إدارة الفريق بالنقاط الآتية:
- تحديات التواصل والاتصال مع كامل أعضاء الفريق، والصعوبات في نقل الرؤية والتوجيه بشكل فعال لأعضاء الفريق.
- التعامل مع النزاعات بين أعضاء الفريق بشكل فعّال وبناء، والتوازن في الحفاظ على الهدوء والتعامل مع الصراعات المحتملة.
- فهم احتياجات وتطلعات كل فرد وتحفيزهم لتحقيق أقصى إمكانياتهم، في بيئة عمل ملهمة ومحفزة.
كما ويشار إلى أبرز التحديات التي تواجه الشخصيات الناعمة في إدارة وقيادة الفريق والموظفين في العمل، من خلال النقاط الآتية:
- تميل الشخصيات الناعمة إلى تجنب الصراعات وتفادي المواقف الصعبة، مما قد يؤدي إلى عدم تحقيق التوازن الأمثل بين القيادة الفعّالة والمحافظة على العلاقات الإيجابية.
- قد يكون التحفيز وتشجيع الفريق بالنسبة إلى الشخصيات الناعمة تحدياً كبيراً، حيث قد تتجنب الشخصيات الناعمة إشعال التنافس أو التحفيز بوتيرة عالية.
- يتجنب القادة ذوو الشخصيات الناعمة تقديم النقد البناء بشكل صريح، مما قد يؤدي إلى عدم تحسين أداء الفريق بشكل فعّال.
- تتأثر الشخصيات الناعمة بمشاعر الآخرين بشكل قوي، مما قد يؤثر ذلك على القدرة في اتخاذ القرارات البناءة.
"المدير يمشي أمام الفريق، بينما يسير القائد بينهم. المدير يحدد الاتجاه، بينما يشجع الزعيم الروح ويبث الثقة." - لياو تزو
كيفية تطوير القيادة باستمرار وتحسين الأداء القيادي
يعزز القادة الناجحون، سواء القادة من الشخصيات القيادية أو الناعمة، ثقافة التعلم المستمر، حيث يتم تشجيع الفرق على اكتساب مهارات جديدة والابتكار. إنهم يدركون أن التغيير يمكن أن يكون مقلقاً، لذا فهم يعطون الأولوية للتواصل المفتوح، وتهدئة المخاوف والشكوك بالشفافية والتعاطف.
وفي هذا المشهد المتغير باستمرار، تتشابك أساليب التغيير والقيادة. فالقادة الذين يستطيعون الإبحار في مياه التغيير المضطربة، وإلهام وتمكين فرقهم على طول الطريق، هم الذين يقودون مؤسساتهم إلى آفاق جديدة، على الرغم من اختلاف قدرات الشخصيات في القيادة وطبيعة تعاملها وتأثيرها على الفريق في الشركة والمؤسسة.