رئيس مجلس إدارة جُلف كرافت محمد الشعالي: الإمارات قول وفعل

من أصالة الإمارات، ومن تراثها الشعبي، هناك أهمية موازية لتراث البَر حيث لاتزال تقاليد بناء السفن الخشبية مستمرة في ترسانات المدن الكبرى؛ إذ يقوم البحارة المهرة ببناء السفن بنفس الطريقة التي اتبعها أسلافهم منذ قرون، من دون الحاجة إلى استخدام الكمبيوتر أو المعدات الحديثة؛ حيث يجري تنظيم سباقات القوارب الشراعية والكبيرة والتراث البحري.

إعداد : لينا الحوراني

يتذكر أهل الإمارات أنواع السفن القديمة، بريج وهي نوع من أنواع السفن الخشبية التي تُستخدم في الأسفار البعيدة مثل الهند وأفريقيا. ثانياً "جالبوت" وأصل تسمية "جالبوت" كلمة إنجليزية تعني "قارب النزهة"، وتروي بعض الكتب أن الكلمة مشتقة من اسم المركب البرتغالي "جالبوتا"، وقد ذكر الرحالة "ابن جبير" أنه سافر في إحدى رحلاته عام 1183م على ظهر هذه السفينة؛ قائلاً: "ركبنا الجلبة للعبور إلى جدة". كلّ هذا قادنا إلى اليخوت في عصر الاتحاد والتطوُّر والرفاهية. وقد التقت «سيدتي» رجل الأعمال محمد حسين الشعالي، رئيس مجلس الإدارة في شركة الخليج لصناعة القوارب "جُلف كرافت"، في معرض إرث؛ احتفالاً بتكريمه قبل اليوم الوطني الإماراتي الـ53 بأيام، بجائزة أفضل صانعي اليخوت في العالم، في أمسترادم، في حديث عن الإمارات وصلة الحاضر بالماضي، وبمستقبلٍ مستدام.
تأسست شركة الخليج لصناعة القوارب "جُلف كرافت" في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1982، وهي تواصل إعادة تعريف مفهوم الحياة فوق المياه، بمجموعة كبيرة ومتنوّعة من اليخوت الفاخرة؛ ابتداءً من قياس 27 قدماً لغاية 155 قدماً. وتستخدم جلف كرافت أحدث التقنيات، والهندسة المتقدمة والتصميمات المبتكرة؛ لتلبية احتياجات عملائها المتميزين، من خلال تقديم مجموعة واسعة من المنتجات، تجعل من الإبحار تجربة استثنائية.

 

دمج الإرث بالرفاهية

رجل الأعمال محمد حسين الشعالي


نجحت جُلف كرافت في تثبيت موطئ قدم لها في جميع أسواق القوارب العالمية، ولاقت فئاتها إقبالاً واستحساناً كبيرين.
وقد ساهمت بيئة الأعمال التنافسية لدولة الإمارات في رفد وتعزيز دَور الصناعات البحرية المحلية؛ لتحتل مركزاً متقدماً على الساحة العالمية؛ حيث يتمتع المنتَج الوطني بالسمعة الطيبة والجودة العالية والتصاميم الراقية. هذا ما بدأ به محمد حسين الشعالي، رئيس مجلس إدارة شركة الخليج لصناعة القوارب «جُلف كرافت» حديثه، ثم قال: "تحتفل الإمارات باليوم الوطني في 2 ديسمبر، ونحن كشعب إماراتي ارتبطنا بالبحر أكثر من أيّ شيء آخر، وكل شيء في إرث الإمارات له علاقة بالبحر أو بشجر النخيل؛ لذلك نحن في هذا المعرض "إرث" أردنا أن ندمج الفكرة بين صناعة اليخوت والقوارب، التي تعني الترف والرفاهية اللذين وصلت إليهما الإمارات، وبين الإرث الإماراتي المتعلّق بالغوص، وبناء السفن وصيد السمك، والسفر المرتبط بالبحر؛ فأردنا أن نُظهر للجيل من الشباب والشابات، العلاقة بين ما هو حديث، وما هو قديم؛ لنذكّرهم بإرثهم المرتبط بالبحر، سواء أكان الغوص أو صيد السمك؛ فهذا المعرض هو دمج بين الحاضر والماضي".

 

تسعى الإمارات إلى إحداث تغيير إيجابي في سلوكيات أفراد المجتمع في مجالات متعددة، من أبرزها: الاستهلاك المسؤول.
 

عودة للجذور

عاد الشعالي بذاكرته إلى سنوات كان فيها الغواص هو الشخص الأهم على قارب الغوص ويدعمه فريق كامل. وتابع قائلاً: "كان الموسم الرئيسي لصيد اللؤلؤ في دولة الإمارات العربية المتحدة يسمى موسم «الغوص الكبير»، ويقع بين 1 يونيو و30 سبتمبر. كان الطقس، على الرغم من اشتداد درجة الحرارة، صافياً وهادئاً في عمومه؛ لذا توفّرت الظروف المثالية للغوص. وكانت مواسم الغوص الصغير تقع في شهري أكتوبر ونوفمبر، وتستمر لثلاثين يوماً فقط، وقد مرّ فيها الناس بكل المراحل. نحن عشنا أيام الفقر، ونعيش اليوم أيام الغنى، بعد تجرِبتنا لما بين بين، وعاصرنا البساطة بكل تفاصيلها؛ فالشعوب دائماً تمُر بهذه المراحل، وقد مررنا بمرحلة أسمّيها مرحلة التغريب، نريد كلّ شيء أجنبياً، وكل ما يأتي من الخارج، مثلما يحدث في بعض الدول، لكنني أرى أن جيلنا الحاضر، في مرحلة يبحث فيها عن جذوره، عن تاريخه، وأصوله وثقافته، وهذه مهمتنا نحن الجيل الأكبر، أن نقول لجيل الشباب، هذه ثقافتكم، وهذه أصولكم وهذا تاريخكم".

أفضل صانعي اليخوت

صناعة اليخوت في دولتنا لم يتجاوز الـ42 عاماً


تحدّث الشعالي عن جائزة، يراها إنجازاً للحياة، وهي مقدَّمة لأفضل صانعي اليخوت في العالم، يستدرك قائلاً: "كانت من نصيبنا في أمسترادم؛ حيث أقيم حفل كبير مع أكبر قادة صناعة اليخوت في العالم، وأنا شعرت بالفخر لأنني آتٍ من الإمارات، الدولة الحديثة، والتي لم تُعرف سابقاً بصناعة اليخوت الحديثة، وأن أحصل على هذه الجائزة، وهذا فخر لي ولكل العاملين والمزودين في جُلف كرافت، لكنه في النهاية فخر للإمارات، أن تأتي الصناعة الإماراتية وتحرز هذا المركز وهذا التكريم، من ضمن الصناعة العالمية، الأقدم منا؛ فبعض الشركات يتجاوز عمرها مئتي سنة، لكن عمر صناعة اليخوت في دولتنا لم يتجاوز الـ42 عاماً، وهذا يحمّلنا مسؤولية إضافية أننا لن نتوقف هنا، ونحن حريصون من منطلق هذه الجائزة، على تحسين العمل كلّ سنة أكثر فأكثر، وهو اعتراف عالمي ليس لي أنا شخصياً؛ بل لدولة الإمارات".

أرى أن جيلنا الحاضر، في مرحلة يبحث فيها عن جذوره، عن تاريخه، وأصوله وثقافته، وهذه مهمتنا نحن الجيل الأكبر.

 

الاستدامة عملية تراكمية

كل شيء مصنوع من قصب البامبو


تعمل شركة الخليج لصناعة القوارب على إنتاج اليخوت، والقوارب الترفيهية، المصنوعة من الألياف الزجاجية، وتقدّم المنتجات المتعددة، مثل قوارب الصيد والنزهة، وهي تحرص على الالتزام برؤية الإمارات في تحقيق الاستدامة. يقول الشعالي: "تحظى دولة الإمارات العربية المتحدة بسجل حافل في مجال الاستدامة، من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة؛ حيث تنفذ حكومة الإمارات العديد من السياسات والممارسات لتعزيز التنمية المستدامة على المستوى المحلي والعالمي. والاستدامة إذا فُهمت بأنها قرار؛ فهذا فهم خاطئ، الاستدامة هي عملية تراكمية، يجب أن تبدأ في جميع الأمكنة: في السيارات، وطريقة بناء المباني، وحماية مياه البحر. ونحن في صناعة اليخوت يهمنا خفض الانبعاثات، وعندنا دائماً كلّ ما هو جديد، مثلاً: حرَصنا على استخدام الطاقة الشمسية، والطاقة الكهربائية، بدل طاقة العوادم، لكنها عملية طويلة المدى، حتى ننظف بحارنا، وننظف مياهنا، وبيئتنا. ويمكننا كلّ سنة أن نحقق جزءاً من مبدأ الاستدامة، وهذا ما يحتاج لتكاتُف الحكومات، والشركات، والناس المستهلكين، وعالمياً ، هذا كوعي. ولو حققنا 50%، نكون قد وصلنا إلى الهدف".
وأكّد الشعالي: "أن دولة الإمارات، خلال عام 2024 الذي يحمل شعار: "قول وفعل"، تسعى إلى إحداث تغيير إيجابي في سلوكيات أفراد المجتمع في مجالات متعددة، من أبرزها: الاستهلاك المسؤول، والنقل الأخضر، وتوفير الطاقة والمياه، والزراعة المستدامة".