تنتاب أسرة المولود الجديد مشاعر تتنوّع بين الفرح العارم بهدية الله والشعور بالمسؤولية المادية والعاطفية والتربوية تجاه هذا «الضيف الجديد»، فكيف الحال إذا رزق الزوجان طفلين توأمين؟
هل تتمثّل الطريقة المثلى في تربيتهما بتعزيز استقلالية كل منهما أم بصهر شخصيتيهما واختزالهما بكيان واحد؟ سؤال حملته «سيدتي» إلى الإختصاصية الإجتماعية ريتا معلوف:
بداية لا بدّ من الإشارة إلى نوعين من التوائم: الحقيقي وغير الحقيقي. ويكون الشبه كبيراً، في النوع الأول، سواء لناحية الشكل أو الصفات والخصائص التي تحملها الجينات، ممّا يرفع احتمال الإصابة بالأمراض نفسها التي تنتقل إليهم عن طريق الجينات من الأهل، وذلك بخلاف النوع الثاني الذي يكون بمنأى عن هذا الإحتمال.
أمّا فيما يتعلّق بتماثل مستوى الذكاء والتمتع بمواهب ومقدرات معيّنة سواء كانت فنية أو بدنية أو فكرية فليس من الضرورة أن يكونا متشابهين، وكذلك الأمر بالنسبة للطباع والميول وردّات الفعل. من هنا، تشدّد الإختصاصية معلوف على ضرورة احترام خصوصية كل من التوأمين والتعامل معه على أنه شخصية مستقلة وكيان بحدّ ذاته، ممّا يحتمّ على الأم أن تعمل على اختيار الملابس والألعاب الخاصة بكل منهما، تعزيز قدراته ومواهبه وهواياته، النظر إليه كشخصية مستقلّة بكل ما تحمله من نقاط قوة أو ضعف وتجنّب مقارنته بشقيقه التوأم أو دفعه إلى التشبّه به أو أن يكون نسخة طبق الأصل منه. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن معاملة التوأمين على أنهما شخص واحد تحمل مخاطر عدّة، منها: ذوبان الهوية الخاصّة والشخصية المستقلّة لكلّ منهما، نشوء نزعة إتكالية لدى أحدهما على الآخر، فقدان عنصر التميّز والتفرّد بحيث ينظر إليهما وكأنهما كيان واحد.
غيرة وتنافس
ولكن، يجدر الإنتباه إلى ضرورة عدم التمييز في معاملتهما ظناً بأننا نعزّز من استقلاليتهما، فنثني على أحدهما إذا ما كان يتمتع بموهبة تفوق أخاه أو إذا حقق نجاحاً ولم يكن لشقيقه التوأم الحظ الوافر منه. فمن شأن ذلك أن يولّد غيرة بينهما وتنافساً قد يتجاوز الحدود المقبولة ليغدو كرهاً أو حنقاً يسود علاقتهما، لاسيما وأن الشعور بالذنب لدى التوأم يكون أشدّ، في ظل وجود من يردّد على مسامعه «أنتما توأمان حقيقيان، فلماذا يتمتع شقيقك بكل هذا الذكاء والمهارات أم أنت فلا؟».
كما ينبغي على الأم عدم معاقبة أيّ منهما أمام الآخر أو مكافأته حرصاً على مشاعرهما وتجنّباً لإثارة الغيرة أوالإستياء لدى أيّ منهما.
رغم التماثل الجسدي والنفسي بين التوأمين، يجدر بالوالدين أن يعاملاهما كطفلين مستقلين
صداقات محدودة
لقد ثبت علمياً أن التوأمين يتفاعلان عاطفياً، بحيث يشعر أحدهما بالآخر إذا ما كان يعاني من شيء ما وذلك دون الإخوة الباقين. هذه العلاقة المميّزة بينهما قد تدفع التوأمين للإكتفاء بها بدون اللجوء إلى تكوين صداقات جديدة خارج إطار العائلة، ما ينعكس سلباً على حضورهما الإجتماعي وتفاعلهما مع أقرانهما ومشاركتهم النشاطات والمناسبات المختلفة. لذا، يجدر بالوالدين حضّ التوأم على الإنفتاح على الآخرين والعمل على اكتساب صداقات جديدة للإطلاع على ثقافات ووجوه مختلفة.
تعزيز استقلالية التوأم
رغم التماثل الجسدي والنفسي بين التوأمين، يجدر بالوالدين أن يعاملاهما كطفلين مستقلين، لكل منهما شخصيته وميوله وقدراته، وذلك وفق الخطوات التالية:
النظر إليهما باعتبارهما شخصيتين مستقلتين لكل منهما مميزاتها وصفاتها ورغباتها.
إحترام حرية الطفل التوأم باختيار ما يرغب به من ملابس وألعاب وكتب وممارسة الهوايات التي يميل إليها.
تشجيع الطفل التوأم على تكوين صداقات جديدة خاصة به.
الفصل بين التوأم في المدرسة بحيث يلتحق كلّ منهما في صفّ بعيداً عن الآخر بهدف تعزيز استقلاليته وتفرّده.
خاص بالأمهات
تشهد الأم فترة صعبة بعد الولادة تسمّى بـ«اكتئاب ما بعد الولادة» قد تمتدّ إلى 6 أشهر، وتتمثل أعراض هذه الحالة، في: الإفراط في الإهتمام بالمولود الجديد أو إهماله بشكل تام، توتر علاقتها مع المحيطين بها، البكاء... لذا، يجدر بالزوج أو المقربين منها دعمها معنوياً وعملياً، من خلال مساعدتها بالإهتمام بالطفلين ورعايتهما ومشاركتها الأعباء والمسؤوليات المرهقة المترتبة عليها، كما تشجيعها على تخصيص وقت لراحتها وممارسة هواية محبّبة إليها أو القيام بزيارة إحدى صديقاتها أو أي نشاط آخر قد يخفّف من شعورها بالتوتر والإرهاق.