هل الصراحة قبل الزواج تساعد على نجاحه، أم قد تكون سببًا في فشله؟ بمعنى هل من الأفضل أن يتصارح المقدمان على الزواج عن ماضيهما أم يلتزمان الصمت؟ والصراحة المقصودة في كل شيء، سواء كانت في مشكلة عاطفيه، أو نفسية، أو ابتلاء بمرض، أو الإصابة بعاهة جسدية، أو المرور بأزمة مالية، أو قضية اجتماعية، أو حتى سلوكية، وهل الصدق يحتاج منَّا إلى توعية وتنوير، فالمصارحة، والصدق أصلهما الثقة، وأي غموض يعتبر تسربًا للشك، الذي يبدأ يغوص في الأعماق، ويؤدي إلى فقدان الإحساس بالأمان؛ لأن الثقة فُقدت، فهل الأفضل الإفصاح، والراحة، أم الكتمان، والألم، إن موضوع الصراحة يعتمد على أسباب كثيرة حسب ثقافة كل فرد، وتفكيره، ونظرته، وصفاته، فهناك فئة تؤيد الاعتراف بكل شيء حتى يتم بناء الحياة الجديدة على ثقة متبادلة، وهناك فئة ترى أنه لا توجد مبررات للمصارحة، وإحياء الماضي؛ لأن ما فات قد مات، وانتهى وهو ملك للشخص نفسه، وعلى كل طرف أن يعايش الواقع الجديد كما هو ما دام قد اختار شريكه باقتناع، ورضا تامين، فالحياة بدأت منذ اللحظة التي تم الارتباط بها، ولا مجال لاسترجاع الماضي الذي يجب نسيانه، لكن ماذا لو حدث طارئ ما بعد الزواج، ونبش الماضي، مهما كان الأمر صغيرًا فقد يتفاقم، وتبدأ بعدها المشاكل التي قد تصل إلى حد الانفصال.
كلنا نتفق على أن الصراحة من أهم المبادئ التي تبنى عليها حياة زوجية خالية من القلق، وهي التي تزرع الثقة المتبادلة، والاستقرار الزوجي السعيد القائم على أرض مستقرة، فهل يحق لكل فرد أن يحتفظ بداخله بأسراره من دون أن يخبر الطرف الثاني، خاصة أن لكل منهما أسراره، كما وقد تكون هناك أمور يحتفظ بها أحدهما خوفًا على سعادته، أو لعدم الإحراج وجرح مشاعر الطرف الآخر، أو أن تكون تلك الأسرار لا تعني أهمية للطرف الآخر، ولا تمس كبرياءه، ولا كرامته، فهي ذكريات وانتهت بحلوها ومرِّها فلمَ تفتح الأبواب الموصدة التي قد تعطي مجالاً لتسابق الوساوس، والظنون، وتراشق نيران الشكوك، خاصة أن مفهوم الصراحة عند الرجل مفهوم صوري، أي مجرد شعار ينادي به قبل الممارسة، وينكس عند المعاشرة، فمهما بلغت ثقافته، فرغم معرفته التامة بأن كل ما حدث قد أصبح في حكم كان، لكنه في قرارة نفسه يهرب منه، ويرفضه، وينعكس ذلك على تصرفاته.
ومن الطبيعي أن يحلم أي رجل بأن يكون هو ماضي وحاضر ومستقبل من سيتزوجها، ويظل يبحث عن فتاة أحلامه ليكون هو صاحب الكلمة التشريفية الأولى في صفحة حياتها، وبالتأكيد الأخيرة رغم أنه يفتخر بماضيه، وبرجولته، ومطلوب من المرأة أن تسامح، وتعفو، وتصفح، وتتجاوز عن ماضيه.
فأي تجربة تعتبر في نظر الرجل ماضيًا في حياة الفتاة حتى لو كان زواجًا سابقًا، أو مشروع خطبة، أو أي علاقة كانت مهما صغرت، أو كبرت فيبدأ يحسب عليها خطواتها، ويسجل حركاتها، رغم أن ماضيها قد ولى ومضى في حال سبيله، وحصل ما حصل نتيجة لظروف أليمة، وضغوط مريرة.
وقد يعلق البعض بأن الرجل في البداية قد يتقبل الصراحة بكل تقدير، واحترام، ورحابة صدر، لكنه في قرارة نفسه غير راضٍ، أو قد يتقبل صدقها على مضض نتيجة لعدم تمكنه من إظهار غيرته، لكنه في المقابل قد يظل طوال حياته يخفي هذه الغيرة، هذا لو استمر أصلاً معها، لأنه سيقوم بتوجيه التلميحات، والإشارات غير المباشرة التي قد تزيد الحياة سوءًا، وتعقيدًا… وهذا هو الواقع، عمومًا فالآراء قد اختلفت حول مساحة، وحدود وأهمية هذه الصراحة بين الطرفين قبل الزواج.
أنين الحياة
«سيـدتي... قد تفّجرتِ كبركانٍ ثائر بعد خمودٍ دامَ أعوامًا، ينفُثُ نيران القهر وألوان الظلم والتحررّ من عُبوديةِ الرجلِ الذي طوقتكِ دهرًا وهوَ لا يعلمُ لمَ فعلَ ذلك! فقط لأنها الطريقة التقليدية الجاهلية التي ترى المرأةَ ككائن وليس ككيّان! فيتعامل معها كتعامله مع باقي ممتلكاته».
محمود النزغة