تعدّ طريقة القبعات الملوّنة وسيلةً حديثةً لتعليم الطفل طرق التفكير الإيجابي، وتعتمد فكرتها على تقسيم وتفنيد التفكير إلى أنماط ستة مختلفة، يتمثّل كل نمط منها بقبعة خيالية تعبّر عن جانب من التفكير.
"سيدتي" بحثت مع الإختصاصية في علم نفس الأطفال في "مركز تنمية الفكر" الدكتورة دعاء الحذيفي، مدلول كل قبعة وكيفية تطبيقها كوسيلة تعلّم الطفل طريقة التفكير السليم.
ممّا لا شك فيه أن لكلّ قبعة من قبعات التفكير الملوّنة مدلولاً يحمل داخل طيّاته نمطاً مختلفاً يمثّل جانباً من جوانب التفكير بالصورة التي تساعد الطفل، خصوصاً من تتراوح أعمارهم بين 8 و13 سنة، على سرعة إدراك وفهم عناصر الموضوع محور التفكير، بدءاً بالأوراق البيضاء الفارغة والمراد بها جمع المعلومات، وانتهاءً باتّخاذ القرار والنتيجة المراد الوصول إليها. وفي هذا الإطار، سنطرح مدلول كل قبعة ملوّنة وطريقة تطبيقها كوسيلة حديثة تعلّم الطفل طريقة التفكير المتوازي، علماً أنها قبعات خيالية وليست حقيقية.
1- القبعات البيض
يطلق عليها إسم "طريقة التفكير الحيادي"، ويرمز إليها بالورق الأبيض الفارغ المراد ملؤه بالمعلومات والبيانات حول المشكلة موضع التفكير، وذلك من خلال طرح مجموعة من الأسئلة التي تساعد طفلك على تنظيم أفكاره وتفنيدها بالشكل الصحيح، أبرزها:
- حدّدي لطفلك موضوع البحث الذي سيمثّل محور تفكيره. على سبيل المثال: هل تؤثّر مشاهدة التلفاز في نفسية وسلوك الطفل؟
- إطلبي من طفلك جمع المعلومات والبيانات اللازمة، التي عادةً ما تكون في شكل أرقام وإحصائيات حديثة يتمّ الحصول عليها من خلال الإطّلاع والبحث في المواقع المتخصّصة عبر شبكة الانترنت، أو عن طريق تصفّح الكتب والجرائد اليومية.
- شجّعي طفلك على مواصلة البحث وجمع المعلومات، مع عدم الإستهزاء بأفكاره ومجهوده المبذول، ومكافأته معنوياً إذا قام بإنجاز ما طلب منه، كالثناء عليه بالعبارات التشجيعية والجمل التحفيزية (عمل رائع، مجهود ممتاز، بورك فيك).
2- القبعات الحمر
ترمز إلى التفكير العاطفي للطفل، وهي مجموعة المشاعر والعواطف التي تتكوّن بعد مرحلة جمع المعلومات حول المشكلة موضوع التفكير. لذا، هي بعكس البيض لأنها لا تميل إلى المنطقية في التفكير، كما أنها تهتمّ بالمشاعر بدون حقائق. ويجدر بالأم السماح لطفلها باستخدام القبعة الحمراء في التفكير، من خلال التركيز على نقاط هامّة، أبرزها:
· السماح له باستخدام بعض الجمل التي تعبّر عن مشاعره مثل (في رأيي، من وجهة نظري، هذا ما أعتقده، حدسي يخبرني، بشعوري الداخلي).
· لا تطلبي مبرّراً أو تفسيراً لإحساس طفلك تجاه المشكلة موضوع التفكير، واهتمّي فقط بإبراز مشاعره تجاهها، كمشاعر السرور أو الثقة أو الغضب أو الإستقرار أو القلق أو الحب أو الخوف أو الكره.
· قلّلي، قدر الإمكان، من استعمال القبعة الحمراء خلال عملية التعلمّ مقارنة باستعمال القبعات الأخرى، واستخدميها كوسيلة ترفيهية حصراً ينفّس فيها طفلك عن مشاعره تجاه الفكرة موضع البحث.
3- القبعات السود
ترمز القبعة السوداء إلى التفكير التشاؤمي، وهو نوع من أنواع التفكير السلبي المرتكز على النقد المنطقي، الذي يهتمّ بدراسة المشكلات والصعوبات التي يمكن أن تواجه الطفل لدى قيامه بالبحث حول الفكرة موضوع التعلّم ومحاولة تنفيذها. ويظهر في صور عدّة، كشعور الطفل بعدم قدرته على مواصلة البحث والتوصّل إلى نتيجة مرضية تحقّق هدفه أو التشاؤم وعدم التفاؤل باحتمالات النجاح أو تركيز الطفل حصراً على الجوانب السلبية للموضوع ونقده الدائم للآراء التي تحفّز مواصلة نجاحه. ولتفادي هذه الجوانب السلبية، يجب مراعاة مجموعة من الأمور، أبرزها:
· يجدر بالأم توظيف استخدام القبعة السوداء بالقدر الذي يحقّق الحذر من الفشل ولا يصيب صغيرها بالخوف الشديد.
· عدم الإفراط في ارتداء الطفل تلك القبعة حتى لا تؤدّي إلى تخاذله وفشل عملية التعلّم.
4- القبعات الصفر
ترمز إلى التفاؤل والتطلّع إلى الأمام، وهي ترتبط بالتفكير الإيجابي، ما يشجّع الأفكار المبتكرة والإتجاهات المبدعة للطفل، من خلال إيداع مساحة من العمل يبرز فيها مواهبه وقدراته التي تعتمد على الإستعداد للتجريب والإقدام. ويلزم لنجاح استخدام القبعة الصفراء الإهتمام بنقاط عدّة، أهمّها:
· إدعمي رأي طفلك من خلال مناقشته في النتيجة المبدئية التي توصّل إليها من خلال عملية البحث، مع أهمية إيضاح نقاط القوة والضعف والتركيز على الجوانب الإيجابية أكثر.
· إحرصي أن يرتدي طفلك قبعته الصفراء بعد القبعة السوداء مباشرة لإحداث التوازن اللازم لإتمام عملية التعلّم.
· إهتمي بتعزيز احتمالات النجاح، مع التقليل من التركيز على الجوانب السلبية أو احتمالات الفشل المتوقّعة، وذلك لمساعدة الطفل على تخطّي الحاجز النفسي السلبي الكامن وراء عملية التعلّم.
5- القبعات الخضر
ترمز إلى التفكير الإبداعي للطفل، وقد ارتبطت باللون الأخضر المأخوذ من لون الأشجار والحقول اليانعة الدالّة على التطوّر والإزدهار، كما شبّهت نمو النبتة الوليدة بإنتاج فكرة جديدة. لذا، تعتبر قبعة الإبتكار والإبداع. ولدى قيام الطفل بارتدائها، فإنه يفسح المجال لتشغيل التفكير الإيجابي لديه بما يؤهّله إلى إيجاد أساليب إبداعية جديدة نحقّق من خلالها الهدف من وراء عملية التعلّم. ولإنجاح هذه العملية، يجب مراعاة بعض الأمور، أبرزها:
· ناقشي طفلك في أفكاره الجديدة التي تكون وليدة عملية التعلّم محور التفكير، مع محاولة حصر الإيجابيات المعزّزة ومناقشتها من خلال إلقاء الضوء على التجربة والوسيلة التي نمّت تلك الأفكار الجديدة.
· قومي بطرح مجموعة من البدائل المستوحاة من آراء طفلك وأفكاره الإبداعية.
· أطلبي من طفلك تدوين نتائج بحثه كخطوة أخيرة لعملية التعلّم، معبّراً عن الخبرات التي مرّت عليه، بدءاً بالقبعة البيضاء وانتهاءً بالخضراء.
6- القبعات الزرق
ترمز إلى التفكير الشمولي المتحكّم في عمل القبعات الخمس الأخرى. ويأتي اللون الأزرق ليعبّر عن الهيمنة والتحكّم في العوامل المرتبطة بعملية التعلّم، مصحوباً بعنصري الرقابة والتنظيم لمراحل التفكير الأخرى. لذا، تعدّ القبعة الزرقاء أداةً تقييميةً هامّة، تقوم الأم من خلالها بإنهاء عمل طفلها وتقييمه، وذلك باتّباعها مجموعة من العناصر المهمة أبرزها:
· مساعدته على استخلاص النتائج التي توصّل إليها من خلال عملية التعلّم، مع تفنيد أهم الأفكار المناسبة التي يمكن تدوينها.
· الطلب إليه أن يعدّ تقريراً ملخّصاً وكتابة خاتمة تفكيره، حتى يشعر بأهمية ما توصّل إليه من نتائج.
· تعزيز مشاعر السرور لديه بنجاحه في إتمام عملية التعلّم، مستخدمة الأساليب التحفيزية، فكما أعطاكِ طفلك يجب أن تعطيه وتكافئيه.