كيف تعزّزين الثقة في نفس طفلك؟

 


غرس الثقة في نفس الطفل مهمّة يجدر بالوالدين الاستعداد لها بالتزامن مع استقبال مولده، وهي تحتاج إلى وعي وإدراك وصبر لإنجازها. وتشكّل الثقة بالنفس أحد أهم مظاهر الصحة النفسية للطفل وتجعل منه شخصيةً قوية ومستقلّة قادرة على تولّي زمام الأمور، وهي مقدّمة لبلوغه أعتاب التفوّق والتميّز والنبوغ.

ولكن، للمبالغة في تعزيز صفة الاعتداد بالذات في نفس الطفل عواقب سلبيّة تتمثّل في: إصابته بالعظمة، وما يصاحبها من الشعور بالغرور والرغبة في لفت الأنظار وتسليط الأضواء عليه أينما كان! 

الاختصاصية في علم النفس والتقويم التربوي مريم الأمين ترشد قارئات «سيدتي» إلى كيفيّة غرس الثقة في نفوس صغارهن بصورة صحيحة.  


الثقة بالنفس عمليّة توافق وانسجام وتوازن بين رؤية الطفل لنفسه ورؤية الآخرين له، فإن رأى نفسه بصورةٍ أقلّ من حقيقتها (وإن كان مخطئاً) أصابه الشعور بالنقص والدونية، ما ينتج القلق والتوتر والتشاؤم والاكتئاب والتأتأة، وربما التقاعس عن المشاركة في الأنشطة الجماعية الممتعة إذ يشعر أنّ الآخرين يشكّلون خطراً عليه بسبب مراقبتهم عيباً أو نقصاً لديه فيميل إلى الانزواء والخجل.

ويُلاحظ أنّ الطفل الذي يشعر بالنقص غالباً ما يكون عصبياً وانفعالياً في بعض المواقف، وقد يحترف الكذب ويسرد قصصاً وهميّة عن أعماله وبطولاته أملاً في لفت الأنظار إليه.

وتعتبر أحلام اليقظة المتنفّس الذي يشبع نقصه، فيبدو شارد الذهن! ولقد وجد أنّ الأطفال الذين يفتقدون هذه الصفة أكثر ميلاً للإصابة بالاضطرابات الغذائية، وغالباً ما تنتابهم مخاوف ووساوس غير واقعية.

وبالطبع، ثمة علامات تشير إلى ثقة الطفل بنفسه أو انعدامها تتمثّل في قدرته على اتّخاذ القرار ودرجة اعتماده على نفسه ومدى اندماجه في علاقات اجتماعية تتّسم بالتفاعل الإيجابي والتعاون وحبّ المشاركة مع الآخرين.

 

أوكلي بعض

المهام لصغيرك ليشعر بأهميته

في الأسرة

 

أسباب مسؤولة

ويتمتّع الطفل خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الأولى من سنّه بثقة فطرية بنفسه، إلا أنّ هناك بعض العقبات قد تحول دون الاحتفاظ بهذه الصفة مع تقدّمه في السن، أبرزها:     

التحوّل المفاجئ في معاملة الوالدين لصغيرهما من الحنان والتدليل إلى الزجر والنهر وربما التعنيف الجسدي لتأديبه عندما يشبّ، فتبدأ مشاعر الثقة بالنفس التي كان يتمتّع بها في التأرجح.

فرض السيطرة والتحكّم والتفقّد المستمر للطفل من قبل والديه وتدخّلهما الدائم في شؤونه وعدم إيداع مساحة من حرية التصرّف له يحرمه من  اكتساب الخبرات الاستقلالية اللازمة.

التدليل الزائد والمبالغة في الحماية بحيث يجد الطفل نفسه غير قادر على التصرّف بمفرده في مواقف الحياة، فيشعر بعدم قدرته على أداء أي عمل  بنفسه.

مقارنة الوالدين طفلهما بغيره من الأطفال بحجّة دفعه إلى الاجتهاد يؤدّي إلى تثبيط عزمه واهتزاز ثقته بنفسه.

التمييز في المعاملة بين الأبناء، خصوصاً حينما يفضّل الأبوان الطفل المتفوّق أو الجميل أو صاحب المواهب عن أخيه الذي يفتقر إلى مثل هذه الصفات، ما ينتج لدى الأخير روح الانهزام والشعور بالنقص.

تكرار المنازعات والخلافات بين الوالدين تحرم الطفل من الاستقرار أو الشعور بالأمن والطمأنينة.

وجود اختلاف جسماني أو تشوُّه خلقي لافت لدى الطفل مثل: الطول أو القصر المفرط أو العرج أو الحول أو السمنة أو النحافة المفرطة أو  انخفاض مستوى الذكاء  أو التأخّر الدراسي أو تسميته باسم شاذ أو قبيح أو مستهجن أو تفاوت مستواه المادي والاجتماعي بينه وبين أقرانه ما يدفع زملاءه إلى السخرية منه فيزداد شعوره بالنقص.

 

 

 

 

يجدر بالأبوين اكتشاف مواهب صغيرهما وتنميتها

 

 

خطوات مفيدة

 

يجدر بالأبوين فسح المجال لصغيرهما لإبداء رأيه والتعبير عن أفكاره، مع تشجيعه على إظهار مشاعره بدون خوفٍ أو قيود.

تُشعر العلاقة المستقرّة التي تجمع الأبوين الطفل بالطمأنينة والاتّزان العاطفي والإشباع النفسي والهدوء الاجتماعي.

لتحقيق ثقة الطفل في ذاته، يجب أن يشعر بمدى أهميّته في الأسرة من خلال توكيله أداء بعض المهام اليوميّة.

عمل الأبوين على اكتشاف مواهب صغيرهما وقدراته وتنميتها.

الابتعاد عن عقد المقارنات بين طفلك وأقرانه حتى لا يشعر بأي نقص يفقده ثقته بنفسه.

تشجيعه بصورة دائمة وترديد على مسامعه أنّك تتوقّعين منه أن يؤدّي أفضل ما يمكن أداؤه.

تدريبه على اتّخاذ قراراته بنفسه ليعلم أنك تثقين به، فهناك أشياء يفضّل أن يختارها بنفسه.

إذا كان لطفلك عيب جسماني، ساعديه على اكتشاف مميّزاته الشخصية لإنتاج نوع من التوازن الداخلي لديه. 

قدّري جهوده وكافئيه على أفعاله وكوني كريمة في مديحك له وعبّري عن احترامك له أمام الآخرين.

امتنعي تماماً عن نقده وإظهار عيوبه أمام الآخرين لأنّ ذلك سيجعله يفقد الثقة فيك وفي نفسه.

لا تعاقبي طفلك بالإهانة أو السخرية أو بالضرب إن أخطأ، بل قوّمي سلوكه بأساليب رادعة (الحرمان من المصروف أو مشاهدة برنامج مفضّل لديه أو عزله في غرفته لبعض الوقت).

ولا تقلّلي من احترامك له أو احترامه لذاته.