أبدى بعض المطربين والمطربات رغبتهم في تسجيل القرآن الكريم، ورفع الأذان بصوتهم على شرائط كاسيت وسيديهات الأمر الذي أثار حفيظة علماء الدين، وجعلهم يختلفون حول مشروعية هذا الموضوع. فالمؤيدون يرونه ظاهرة طيبة لكن بشروط والمعارضون يقولون إنه استخفاف بكتاب الله.
البداية
عندما صرح المطرب علي الحجار بأنه حصل على موافقة الأزهر كقارئ للقرآن الكريم، وأوشك على الانتهاء من تسجيل المصحف الشريف كاملاً ترتيلاً وتجويداً بحسب أحكامه الأصلية التي يجيدها تماماً، وكشف الحجار أنه بدأ منذ فترة بتسجيل القرآن الكريم بصوته في ستوديو خاص به داخل منزله للتسجيلات الصوتية والموسيقية.
قال: من شجَّعني على تسجيل القرآن هو اعتماد الأزهر لي كمقرئ، بعدما استعانت بي الدكتورة زينب زمزم في برنامجها «قصص الأنبياء والصحابة رضوان الله عليهم»؛ كي أقرأ في كل حلقة منه سوراً قرآنية توضح أسباب نزولها في ثلاثة مواضع من الحلقة.
وحول ما إذا كانت تلك التجربة تجعله يعتزل الغناء قال الحجار: حتماً ستفرض عليّ شروطاً أعلم جيداً أنه يجب وضعها في الاعتبار.. برغم كوني أضع بداخلي رقيباً على أي أغنية قبل أن أضعها أمام أعين الرقابة، ولكن عند قراءتي للقرآن بشكل فيه إشهار يجب أن أعيد حساباتي في مسألة الغناء.
كما أعلن الفنان محمد الحلو عن رغبته في تسجيل القرآن الكريم بصوته أيضا كذلك المطربة شيرين عبد الوهاب كانت قد أبدت استعدادها في رفع الأذان بصوتها.. ولكن ماذا عن رأي رجال الدين في هذه الظاهرة؟
رأي الأزهر
الدكتور أحمد رفاعي عبد الله، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وقارئ بلجنة التأليف والترجمة والنشر التابعة لمجمع البحوث الإسلامية أكد أن القرآن لا يجب أن يتغنى به أحد، وقد اختلف العلماء في قراءته بالألحان منذ القدم إلى يومنا هذا، فنص على كراهتها الإمامان أحمد بن حنبل ومالك بن أنس.
وأجاز آخرون رفع الصوت في قراءة القرآن والجهر والتطريب والتغني به، لأنه أوقع في النفوس وأسمع في القلوب، وهم: أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وغيرهم.
وأضاف: لابد أيضا أن يستشير الحجار مشيخة المقارئ المصرية أو مجمع البحوث الإسلامية قبل الشروع في الأمر، ولابد أن يحدد الرواية التي سيقرأ بها منذ البداية؛ لذا فإذا كان أي مطرب جاداً في التجربة فعليه أن يعي ماذا سيقدم فيما بعد؛ لأن تسجيل القرآن بصوته سيفرض عليه خطوطاً حمراء يجب ألا يتخطاها.
علم القراءات
الدكتور مصطفى الشكعة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، يرفض بشدة ما يثار حول قيام أو شروع بعض الفنانين أو المطربين بتسجيل القرآن الكريم بصوتهم؛ لأنه ليس من السهل لأي شخص أن يقوم بقراءة القرآن وتسجيله، وإنما يوجد ما يسمى بعلم القراءات الذي لابد وأن يكون قارئ القرآن الكريم على دراية ووعي تام به، أما أن يقوم أحد المطربين بتسجيل القرآن الكريم ويتم نشره بين الناس وبعد أيام قليلة نجده يتغنى بكلمات خليعة فهذا مرفوض، ويستحسن أن يقوم من يرغب في تسجيل القرآن بصوته أولا بدراسة علم القراءات وإتقانها، وبعد ذلك يقرر اعتزال الفن فهذا أقل شيء لمن يريد تسجيل القرآن من الفنانين بصوته.
قضية هامة
الدكتور حامد أبو طالب، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، يشير إلى قضية مهمة جدا لابد من الاحتكام إليها، وهي إذا قام الشخص الذي يريد تسجيل القرآن بصوته والذي أنعم الله عليه بنعمة حسن الصوت بتجويد القرآن الكريم، وتلاوته قاصدا بذلك توجيه هذه النعمة في خدمة القرآن، وإسماع الناس وتشجيعهم على سماعه فهذا بلا شك تصرف حسن يثاب عليه إن شاء الله وفقا لنيته.
أما إذا كان مجرد تسجيل للقرآن بصوته ثم يعود ثانية للغناء فالأفضل له ألا يقوم بتسجيل القرآن بدلا من أن يخلط بين الغناء والتلاوة؛ لأن الخلط يذهب هيبة كتاب الله ومكانته في نفوس الناس، وقد يخلط المستمع بين الآيات التي كان يرتلها المطرب «الفلاني»، وبين غيرها من الكلمات التي يشدو بها في أغانيه، وبالتالي يحدث الخلط بين عمل صالح وآخر طالح؛ لذلك فعلى من يريد تسجيل القرآن بصوته من المطربين اعتزال الغناء نهائيا حفاظا على هيبة كتاب الله ومكانته في قلوب المسلمين.
أما بالنسبة لرغبة المطربة شيرين عبد الوهاب في رفع الأذان بصوتها فتقول الداعية الإسلامية ملك زرار: تجربة شيرين في رفع الأذان بصوتها حرام من الناحية الشرعية؛ لأن المرأة يجب أن تتسم بالحياء مع الله، مستشهدة بموقف المطربة المعتزلة ياسمين الخيام التي تتمتع بعذوبة الصوت في تلاوة القرآن، ورغم ذلك ترفض تسجيله بصوتها.
وقالت الداعية الإسلامية: أحيانا نجتمع في مسجد الحصري، وكثير من السيدات يردن أن يسجلن بعض المقاطع على هواتفهن للسيدة ياسمين، وهي تتلو القرآن الكريم، إلا أنها ترفض تماما، مضيفة أن الخيام عادة تعلق قائلة: «إنها تخجل أن يسمعها رجل، لا لأن صوتها عورة، بل لأن صوت المرأة به بعض من النعومة، وإن كانت غير مقصودة.
وأعربت الدكتورة ملكة عن استيائها الشديد من طلب بعض المطربات مثل نجاة الصغيرة أن تسجل القرآن بصوتها، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا يوجد نصّ شرعي يحرم ذلك، لكنها ترى أن موقفها هو اجتهاد شخصيّ. واعتبرت تسجيل الفنانة الراحلة أم كلثوم للقرآن الكريم بصوتها ليس قاعدة حتى نستشهد بها، وأضافت زرار أنها وإن كانت ضد قيام النساء بتسجيل القرآن أو الأذان فإنها ليست ضد قيام الرجال من المطربين بتسجيله خاصة إذا كان يمتلك أحكام الترتيل والتجويد مثل الفنان علي الحجار.