رئيسة اتحاد المسلمين الليبراليين في أوروبا لميا قدور لـ«سيدتي»:

لميا قدور، سورية الأصل، مسلمة ليبرالية، ملتزمة لكن من دون حجاب، وتمثل صوت غالبية مسلمة صامتة، وقوة مضادة في وجه منظمات تمثل الإسلام المتشدد، فهي تنظر إلى الإسلام بعقل مع مراعاة الظروف الزمانية والمكانية، صنعت الكثير في المجتمع الألماني الذي وجدت فيه مكانًا تنطلق منه إلى المجتمع الأوروبي لنقل صورة غير نمطية عن الإسلام.

أثارت ضجة كبيرة حين أصدرت في عام 2008 كتابًا بعنوان «القرآن للأطفال والكبار»، تُرجم إلى عدد من اللغات الأجنبية، والضجة الأكبر التي ما زالت تثيرها كونها من دون حجاب، ورأيها في ذلك أيضًا، وترى في كتابها كتاب «امرأة ألمانية مسلمة» أن الإسلام سوف يبقى دائمًا في ألمانيا؛ لأنَّ تكيّف المسلمين مع المجتمع الألماني يعتبر أمرًا حتميًا.

مع لميا قدور كان هذا الحوار الذي باحت فيه بالكثير عن حياتها والصعوبات التي واجهتها، ورأيها في الـ«ربيع العربي»، والشباب والمرأة..

بداية حدثينا عن الكتاب والضجة التي أحدثت الكثير من الجدل حوله داخل ألمانيا وخارجها؟

يعتبر هذا أول كتاب للقرآن خصيصًا للأطفال باللغة الألمانية السهلة، عنوانه «القرآن للأطفال والكبار»، ويتألف من 12 فصلاً، يتناول كل منها موضوعًا معينًا مع الاستعانة بالنصوص القرآنية، ولم يتبع ترتيب سور القرآن الكريم، بل ناقش مثلاً مفهوم الربوبية في الإسلام، والخلق، وعلاقة الإنسان بالإنسان، والأنبياء والرسل، ثم نساء ورد ذكرهن في القرآن، ثم كيفية عبادة الله، وأخيرًا الجنة والنار، هذا الكتاب وضعني عند البعض على القائمة السوداء.

وماذا عن ردود الأفعال حول الكتاب؟

البعض وصفني بالكفر، والبعض طالب بأن أغادر ألمانيا بسبب العنصرية التي يعاني منها المسلمون عمومًا، والعرب خصوصًا في ألمانيا، فكانت ردود الأفعال عنيفة تجاهي جدًا.

بوصفكِ رئيسة اتحاد المسلمين الليبراليين في أوروبا ما المهام التي تقومين بها من خلال هذه المكانة؟

 الشيء الأكثر أهمية حول عمل الاتحاد الليبرالي الإسلامي في ألمانيا جهدنا للحفاظ على استخدام الاجتهاد.

ما مفهومكِ عن الإسلام السياسي، وهل تعتقدين أن هناك رابطًا بين الإسلام والسياسة؟

الديمقراطية هي الرابط الكبير بين الإسلام والسياسة، وهناك تحدٍّ كبير مع كل دين في التعامل مع الديمقراطية، وأرى أنه لابد من فصل الدين عن السياسة.

عمركِ 33 عامًا، ومسيرتكِ حافلة بالكثير من المؤلفات والمواجهات والتكريم، هل هذا دليل على احتواء المجتمع الألماني لمهاجرة مسلمة سورية؟

أعترف بأنني إنسانة محظوظة، ولديّ الكثير من الحظ، لقد واجهت تمييزًا وعنصرية كبيرين بسبب كوني مسلمة، لكن طريقتي في إدارة حياتي بتقديم الأهم على المهم كان له دور كبير في إنجاز ما تم إنجازه.

من أهم الداعمين لكِ، وهل كان لأحد أفراد الأسرة دخل في نجاحاتكِ؟

والدتي التي لعبت دورًا مهمًا وكبيرًا في تكويني، وكثير من المسلمين ممتنون جدًا لعملي، ووالدتي عملت على إعادة وبناء الثقة بالنفس لدى المسلمين ذوي الأصول العربية، وثقافتهم العربية.

أنتِ تنادين بفكر إسلامي ليبرالي كيف يتقبل المجتمع الأوروبي عمومًا والألماني خصوصًا هذا الفكر؟

متقبلون جدًا لهذا الفكر الإسلامي الليبرالي المعاصر، والألمان أو غيرهم من الأوروبيين يفضلون التعامل مع أصحاب هذا الفكر.

هل تعتقدين أنّ رسالتكِ للغرب وصلت؟

نعم، رسالتي وصلت إلى الغرب، مع العلم أنني أتعرض لافتراءات من التيار اليميني المتطرف الذي يراني أكثر تشددًا، ويعتبر أنني أتبنّى فكرًا محافظًا، وأمثل دور الليبرالية لأنشر أفكاري وأدعو إلى الدين، وهذا غير صحيح؛ لأنني لا أتدخل في عقيدة الآخرين، ولا يعنيني من يرغب في اعتناق الإسلام ومن لا يرغب.

هل استطعتِ الانصهار في المجتمع الألماني لذا تقبلكِ؟

 الذين يعيشون في أقلية هنا «كونها مسلمة في مجتمع غالبيته مسيحيون» يشكل تحديًا كبيرًا لكل واحد منا لخلط الخلفية الخاصة مع ثقافة وعقلية الدولة التي يعيشون فيها، وهنا يتعرض المسلمون في كثير من الأحيان للتمييز ضدهم.

ما الصعوبات التي واجهتكِ، والصعوبات التي ما زالت تواجهكِ؟

هناك الكثير من الصعوبات التي تواجهني منها: أنا أعلم الأطفال الإسلام الليبرالي، وأعمل وأدرس في نفس الوقت، وكذلك العمل على الإسلام المعاصر مع التعليم بطريقة خاصة للأطفال المسلمين الألمان، وهنا في ألمانيا يتعلم الطفل منذ الروضة أن يستعلم عمّا لا يفهمه، وأكافح ضد الذين يتمسّكون بالتصورات التقليدية ويرفضون أي تفسير مختلف.

تشاركين في الكلمة الأسبوعية للمسلمين عبر القناة الثانية للتلفزيون الألماني، فما الجديد الذي تقدمينه في كل أسبوع؟

أنا لا أتكلم في كل أسبوع، لكننا نحاول الحديث عن مواضيع مختلفة تتعلق بحياة المسلمين في ألمانيا، ومحاولة التوفيق بين الأفكار من أجل التأقلم مع المجتمع الألماني، ولسوء الحظ أن معظم المسلمين في ألمانيا تعليمهم أقل جدًا، لذلك من الضروري أن ينصب تركيزنا على العملية التعليمية الرئيسة التي تكمن في تربية الأطفال والبالغين.

ما رد فعلكِ تجاه قضية مقتل مروة الشربيني المصرية التي استشهدت في قاعة محكمة ألمانية؟

بالطبع من العار أن تقتل إنسانًا في المحكمة، وأعتقد أنه ينبغي أن يكون ذلك تحذيرًا لمجتمعنا، علينا أن نستمر في العيش معًا في سلام.

برأيك هل هناك إسلام أوروبي، وآخر عربي، وثالث أميركي؟

مبادئ الإسلام هي دائمًا نفسها، بغض النظر عن المكان الذي يعيش المسلمون فيه، ولكن هناك بالطبع ثقافة البلد التي يتعامل معها المسلمون طوال اليوم، وهي بالطبع مؤثرة.

رئيسة اتحاد المسلمين الليبراليين غير محجبة، كيف يرى مسلمو ألمانيا ذلك، وهل لديكِ إصرار على عدم ارتداء الحجاب، أم هو مرحلة مؤجلة في حياتكِ؟

ليس عندي أي مشكلة مع الحجاب، وأضعه حين أصلي، لكنني أتحدث عن العصر الحالي، وظيفة الحجاب أن يوفر للمرأة الحماية، لكنني أجد أنه اليوم لا يقوم بهذه المهمة، وكتبت مقالاً عن ارتداء الحجاب بالمعنى الأصلي للبسه، هو في رأيي لن يضيف لي، ولن يقلل مني وأنا أعيش في ألمانيا، ومن الضروري ألا تجبر النساء المسلمات على ارتداء الحجاب؛ فالحجاب كان يستخدم في عهد النبي محمد _ صلى الله عليه وسلم_ لحماية المرأة، لكن هذه الحماية لم تعد في يومنا هذا.

ما طموحاتكِ المستقبلية على المستوى الشخصي والعملي؟

أحاول الانتهاء من دراسة مهمة في التعليم الديني الإسلامي، وبعد ذلك سنرى ما سيجلب الله.

ما موقفكِ مما يحدث في سوريا الآن؟

أنا فخورة جدًا بأن الشباب العربي يقاتلون من أجل مزيد من الحرية، ولا يهم في أي بلد.

ألا تأخذكِ المهام الكثيرة التي تقومين بها من لميا قدور؟

ما أعيشه من دراسة وعمل وتعليم هو لميا قدور، لا تأخذني مشاغلي أبدًا من لميا قدور؛ لأنني أرتب أوراقي ترتيبًا جيدًا يساعدني على النجاح.