علماء الأزهر يؤيدون فتوى العبيكان بتأخير صلاة الظهر عند اشتداد الحر

أعلن علماء الأزهر في مصر تأييدهم للفتوى التي أصدرها الشيخ عبد المحسن العبيكان المستشار في الديوان الملكي السعودي بتأخير صلاة الظهر لآخر وقت لها؛ أي قبيل صلاة العصر وذلك بالمناطق الحارة اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في الإبراد مؤكدين أن الفتوى لها سند شرعي باعتبارها تتوافق مع سماحة التشريع الإسلامي الذي يدعو للحفاظ على صحة الإنسان من المخاطر.

 

أوضح العبيكان أنه جاء في السنة جواز تأخير إقامة صلاة الظهر لآخر وقتها قائلا: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا اشتدَّ الحر فأبردوا في صلاة الظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم"، وجاء في حديث آخر: قام المؤذن يؤذن في شدة الحر في صلاة الظهر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أبرد أبرد"، فمنعه من الأذان وأمره بتأخيره.. وبيّن أن الإبراد، كما جاء عن الفقهاء، هو تأخير صلاة الظهر لآخر وقتها، أي حتى يخرج الناس لصلاة الظهر والعصر معًا.

مضيفا: تطبيق سنة الإبراد مطلوب في هذه الأوقات التي تشهـد ارتفـاعا في درجات الحرارة في معظم مناطق السعودية، ولكن الإشكال في المساجد أن عامة الناس اعتادوا الذهاب إلى المساجد حين سماع نداء المؤذن بحلول وقت الصلاة، وأنه يصعب تطبيقها في المساجد العامة، وإنما لو كانت مساجد خاصة في أماكن معينة أو في القرى وجماعة المسجد كانت راغبة في الإبراد فهي متيسرة ويمكن تطبيق السنة.

 

مصلحة الإنسان

الدكتور طه حبيشي الأستاذ بجامعة الأزهر يؤكد أن الفقيه ينطلق في اجتهاده وفقهه لمصلحة الإنسان؛ لأن الشرع في الأساس جاء لمصلحة الإنسان لذلك عمل على الحفاظ على الكليات الخمس وهي الدين والعقل والمال والنفس والنسل وبالتالي فإن تجنب الأذى الذي توقعه شدة الحر من مطلوبات الدين وأوامره.

وأضاف أننا إذا عدنا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده يقول "بردوا بالظهر" أي تجنبوا الحرارة الشديدة ولا حرج إن أخرت الصلاة في وقت تنكسر فيه الحرارة، كذلك قال صلى الله عليه وسلم "اجمعوا في الوحل" أي إذا تساقطت الأمطار بغزارة بشكل يصعب الحركة فيه فلا حرج من الجمع بين الصلوات تيسيرا على المسلم، ومن هنا فإن من أفتى بجواز تأخير صلاة الظهر إلى قبيل العصر أصاب الحقيقة، محققا مقاصد الشرع والتي هي هدف الاجتهاد.

 

لا مانع شرعا

أعلن الدكتور عبد المعطي بيومي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية تأييده للفتوى وقال: لا مانع شرعا من تأخير صلاة الظهر إلى وقت الإبراد "أي قبيل صلاة العصر" حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك بالمدينة المنورة ويؤخر صلاة الظهر في أوقات الحر الشديد، كما أن أئمة الفقه جروا على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في "الإبراد بالظهر".

 

سند شرعي

د.أحمد عبد الرحمن الأستاذ بجامعة عين شمس قال: ما أورده العبيكان له سند شرعي عام وخاص، فالعموم ورد في القواعد الفقهية التي تنص على أن الضرورات تبيح المحظورات، وحرارة الجو تعتبر ضرورة ملزمة يمكن أن يترتب عليها الضرر والمتمثل في إصابة الراغب في صلاة الجماعة بالإعياء الشديد الذي يقضي على سلامة جسده، ويمكن أن يصيبه بالجفاف ويسهم في فقده حياته، ويعد في هذه الحالة قاتلا لنفسه، فالله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، وقد نهى سبحانه وتعالى عن قتل النفس، قال تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما".

أضاف: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة الظهر حتى يميل الظل مع أن وجوب صلاة الظهر يكون وقتما تصبح الشمس في كبد السماء، رغبة في أن يجد الذاهبون لصلاة الجماعة ظلا يحتمون به، فطالما أكدت المراصد الجوية خطورة الخروج إلى الشارع في وقت الفضيلة لأداء صلاة الظهر وهو المحدد بأول الوقت فإنه يجوز للمسلم الانتقال إلى وقت الجواز وهو وقت انكسار حدة الحرارة.

 

وسطية واعتدال

د.زكي عثمان الأستاذ بجامعة الأزهر أوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلب من أصحابه أن يبردوا بصلاة الظهر بمعنى الذهاب إليها في وقت لا يكون الحر فيه شديدا خاصة وأنهم كانوا يأتون الصلاة جماعة من أماكن بعيدة سيرا على الأقدام ولم تكن وسائل الرفاهية في الانتقال موجودة، كما هي حاليا وبعضهم أصابه إعياء شديد وجفاف كادوا يهلكون بسببه، فالأحكام الشرعية مبنية على الوسطية والاعتدال رافضة التطرف الفكري وذلك ثابت حتى في إقامة الحدود الشرعية فلم يكن يقبل الرسول من الرجل اعترافه على نفسه بالذنب بل يقول له لعلك قصدت كذا وكذا، وعندما حاول بعض أصحابه أن يتعبدوا وفق طريقتهم الخاصة بالصيام الدائم والصلاة التي لا تنقطع أو بعدم الزواج فالرسول رفض طريقتهم التعسفية في التعامل مع مجريات الحياة بقوله "أنا أتقاكم لله وأخشاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلى وأنام وأتزوج فمن رغب عن سنتي فليس مني".

أضاف أن وقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير كل شيء مثله أو مثليه فهو وقت مضيق وموسع، وإذا كانت هناك ظروف كالارتفاع الشديد في درجات الحرارة فيجوز في هذه الحالة امتداد صلاة الظهر إلى الوقت الموسع أي قبل صلاة العصر بقليل.

 

أصحاب الأعذار

د.أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر له بعض التحفظات على الفتوى فقال إن هذه الفتوى يجب ألا تعمم؛ لأنها تدعو إلى تأخير الصلاة وربما لا توجد ضرورة ملحة تستدعي هذا التأخير، فهذا الرأي أيضا قاله المالكية في مصنفاتهم المعتمدة بناء على قاعدة الوقت المشترك عندهم لمن يتضررون بلهيب الشمس ولفح سخونة الجو فهذه ليست قاعدة للجميع، ويتساءل هل الذين يتمتعون بالتكييف وبأجهزة التبريد المختلفة بحاجة إلى هذه الفتوى؟

قال د.كريمة إن رأي المالكية خاص بأصحاب الأعذار والأولى الامتثال لما حض عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أفضل الأعمال فعد منها "الصلاة في أول وقتها" وفي رواية أخرى "الصلاة في وقتها".

s-serif";mso-bidi-language:AR-YE'>واختتمت الدراسة بالقول: إن ما تقدم هو أكبر الدلائل على بعد المسافات بين الرجل والمرأة وقربها في نفس الوقت، إنها الطبيعة الذكرية والأنثوية، نقيضان كخطين مستقيمين لا يلتقيان إلا في بعض المنعطفات الضرورية لسير الحياة.

 

تفاصيل أوسع تجدونها في العدد 1533 من مجلة سيدتي المتوفر في الأسواق