تدربي على الانتقال من التفكير السلبي إلى الإيجابي




كثير من الناس يتحدثون عن التفكير الإيجابي والفوائد، التي من الممكن أن يجلبها للأشخاص بشكل عام، وللمرأة بشكل خاص، فحقيقة وجود مجتمعات يكاد ينعدم فيها التفكير الإيجابي ألقت ببعض الظلال على الموضوع، وجعلت التفاؤل في الحياة أمرًا نادرًا، إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يشهده المجتمع العصري من مشكلات تجعل حتى أكثر المتفائلين يغوص في عالم من الحيرة.. «سيدتي» رصدت دراسة حول هذا الموضوع، أصدرتها جامعة «أونيبار» في مدينة ساو باولو، ومن أبرز ما جاء فيها هو أن التفكير الإيجابي لا يصنع الأعاجيب؛ ولكنه الأداة التي تساعد على طرد المواقف التشاؤمية جدًّا في الحياة.. فهل تُدركين ذلك؟

 

لا يصنع المعجزات

الدراسة التي أصدرتها مجموعة من أساتذة الجامعة تطلق على نفسها اسم «أكثر المتفائلين وأقل المتشائمين»! تشير إلى أن التفكير هو حالة ذهنية يتدخل فيها العديد من العوامل المهمة وغير المهمة وحتى التافهة، ويعتمد الموقف الإيجابي حصرًا على هذه الحالة من التفكير، فإنْ كان ما يفكر فيه المرء إيجابيًّا، فإن ذلك يعكس موقفًا إيجابيًّا؛ يساهم إلى حد كبير في نجاح فكرة مطروحة عن موضوع أو ظاهرة من الظواهر الاجتماعية، إنه النجاح في فكرة محددة وليس معجزة تقلب الكيانات، وفي هذا الصدد قال البروفيسور أنطونيو كارلوس أمادور «60 عامًا» أستاذ التحليل النفسي في الجامعة: «إن التفكير بمفهومه العام ذو نفوذ على السلوكيات والصحة النفسية للناس، فإن كان إيجابيًّا فإنه دليل على الصحة النفسية للشخص، وإنْ كان سلبيًّا فإنه دليل على وجود مشكلة سلوكية تعكس موقفًا تشاؤميًّا».

 

يؤثر على الحياة

أوردت الدراسة أن التفكير يؤثر على الحياة إن كان ايجابيًّا أو سلبيًّا، لأنه يؤثر على كل ما يفعله الإنسان، لأنه مليء بالطاقة وتركيزها على ناحية إيجابية يسهم في إعطاء شعور بالرضا، حتى إنْ لم تكن النتائج متكاملة أو مثالية، فالناس الأكثر نجاحًا في الحياة هم الذين يركزون تفكيرهم لإبراز الطاقة الإيجابية الموجودة عندهم، فالسباح الذي يريد نيْل بطولة العالم للسباحة، على سبيل المثال، ويتدرب ثماني ساعات في اليوم، يجب أن يُكرس كل طاقاته الكامنة للتفكير الإيجابي بنيْل البطولة، لأن التدريب وحده دون التركيز الذهني لا يفيد.

 

الثقة للمرأة!

الاختصاصية النفسية لودلين موريرا «47 عامًا» أستاذة علم النفس السلوكي في الجامعة قالت في الدراسة: «إن التفكير الإيجابي بالنسبة للمرأة يعني الشعور بالثقة بالنفس، وهو يتأثر بعدة عوامل في مسيرتها، مثل حياتها الزوجية الناجحة وأولادها الجيدين وزوجها الناضج».

وأضافت لودلين: «هذه العوامل مجتمعة لا بد أن ينجم عنها تفكير إيجابي عند المرأة يزيد من ثقتها بنفسها على الصعيد الشخصي، فتشعر أنها قادرة على تحقيق رغباتها والاقتراب أكثر فأكثر من السعادة المنشودة في الحياة، ولا تفيد كل هذه الأمور إن كان التفكير السلبي هو من إحدى سمات شخصية امرأة معينة، فمع وجود كل المقومات التي تقربك من السعادة، يتدخل العامل التشاؤمي الناجم عن التفكير السلبي ليفسد الأمور الإيجابية، ولكن الشيء الأكثر تأثيرًا عليها هو شعورها بذاتها وكيانها؛ فعلى سبيل المثال، إذا اعتقدت المرأة وفكرت أنها قبيحة فإن ذلك التفكير يؤثر على سلوكها العام، ويبقى شغلها الشاغل هو ما يفكر به الآخرون عنها، 

تعلّق لودلين: «مثل هذا التفكير خطير جدًّا على ثقة المرأة بنفسها؛ لأنها يجب أن تقبل نفسها بالشكل الذي هو عليه، لأنه لم يكن لها قرار في اختياره».

 

ما يراه الآخرون

ليس من المهم جدًّا أن تقيِّم المرأة نفسها طبقًا لما يراه فيها الآخرون، حسب ما ورد في الدراسة، لأن الأذواق الخارجية تختلف وتتفاوت في إصدار الأحكام، الأهم هنا هو أن تكتشف المرأة بنفسها ما الإيجابي والجميل في شخصيتها لإبرازه ولفت انتباه الآخرين إليه عبر السلوك الإيجابي، الذي هو بالطبع ناجم عن التفكير الإيجابي في الذات.

ومن المهم أيضًا أن تفرّق المرأة بين ما تفكر به وما تفعله، وفي هذه الحالة يمكنها التغلب على التفكير السلبي.

وترى الدراسة أن هذا يتضمن نوعًا من المعاناة، ولكنه، في المفهوم الأصح، يجب أن يُسمى بالجهد الشخصي المبذول، فحتى إنْ ورد في ذهن المرأة تفكير سلبي يتوجب عليها كبحه وإظهار الجانب الإيجابي في شخصيتها، ومع استمرار التدرب على ذلك، فإن التفكير السلبي يتحول إلى إيجابي، وخاصة عندما تتلقى مديح الآخرين لها لقيامها بشيء جميل في الحياة.

 

الإيجابي والموقف

أكدت الدراسة أنه ينبغي على الناس عمومًا، والمرأة خصوصًا، أن تدرك أن مجرد التفكير الإيجابي لا يحل المشاكل والعقد، إنْ لم يكن مترافقًا بمواقف تعكس الإيجابية العامة، وهنا لا يكمن الحل في الخارج وإنما في الداخل، أي داخل المرأة؛ لأنه هو الذي ينفذ ما تقوم به، وهو الذي يصنع التغييرات، ومن خلال نظرتكِ للآخرين ولمنْ هم حولك تدركين ما يريدونه منك، وما ينبغي أن تفعليه أنت بالذات، وهنا بالتحديد يتدخل الموقف، أي اتخاذ موقف يعكس رد فعلك على العوامل الخارجية، الموقف قد يكون إيجابيًّا أو سلبيًّا، وتحديد ذلك يعتمد على مدى تفسيرك لما يريده منك الآخرون.

وأضافت الدراسة أن المرأة التي تجد في عيون الآخرين نظرة شك تجاهها، تستطيع من خلال اتخاذها لموقف إيجابي متفائل أن تقلب هذه النظرة وتجعلها في صالحها.

 

الحاسة السادسة

عندما يقيِّم الآخرون المرأة بشكل إيجابي، فإنها تشعر بالراحة والسعادة، وعندما يقيِّمونها بشكل سلبي فإنها تشعر بالحزن وفقدان الثقة بالنفس، وحل هذا الأمر عند المرأة يعتمد بشكل كبير على مدى نموها العاطفي، فإنْ كانت عواطفها تتمتع بالنمو يكون رد فعلها على الانتقادات الموجهة لها هو احترام آراء الآخرين، وإنْ لم تكن العواطف على درجة كافية من النمو، فإن الانتقادات الخارجية غالبًا ما تُدخل التشاؤم إلى تفكيرها، وهنا يبدأ الصراع بين التفكير الإيجابي والتفكير السلبي.

وأضافت الدراسة أن النمو العاطفي المكتمل عند المرأة هو بمثابة ميزان الحرارة أو النافذة الزجاجية الشفافة، التي تجعلها تشعر أو ترى في أعين الآخرين ما يمكن أن يقال عنها.. عواطفها تسخن كميزان الحرارة عندما ترى البيئة حولها ساخنة حول ناحية ما في شخصيتها، وتبرد هذه العواطف كميزان الحرارة عندما تشعر ببرودة البيئة المحيطة بها تجاه شيء ما في شخصيتها.

وفي النهاية يمكن القول إن التفكير الإيجابي مرتبط بشكل مباشر بالحاسة السادسة عند المرأة، والتي تلعب فيها العواطف دورًا كبيرًا في تقدير وتخمين الأمور التي تخصها من مواقف الآخرين.

توصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن التفكير الإيجابي قادر على جلب السعادة للمرأة، لأنه هو الذي يُشغِّل ميزان حرارة عواطفها، ويقوِّي من تركيزها على معرفة الأمور بشكل متفائل وصحيح وإيجابي.

 

هل الانتقال إلى التفكير الإيجابي (صعب) (سهل) (له شروط)؟

شاركوا عبر مساحة التعليقات.