تفيد دراسة أميركية منشورة حديثاً في "صحيفة رويال سوسايتي أوف مديسين"Royal Society of Medicine أن داء الفتقبأنواعه يصيب 15 حالة من بين كل 1000 نسمة، أيّ ما يعادل 1.5% من سكّان العالم. ويستلزم ما يزيد عن 20 مليون إصابة على مستوى العالم التدخّل الجراحي، سنوياً.
"سيدتي" تسأل الاستشاري في الجراحة العامة في مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة الدكتور أشرف بكر عن أهمّ مسببّات الفتق وأنواعه ومضاعفاته، وأفضل سبل علاجه.
ينتج "الفتق الخارجي" عن خلل في جدار البطن يسبّب خروج أجزاء من محتوياته، وهو الأكثر شيوعاً بين الحالات المصابة مقارنة بـ "الفتق الداخلي" الذي يحدث داخل البطن ويشمل "الفتق الحجابي الخلقي" لدى حديثي الولادة، والذي يحدث بسبب وجود منطقة ضعيفة في الحجاب الحاجز وليس جدار البطن. وتفيد دراسة صادرة حديثاً عن "منظمة الصحة العالمية"، في هذا الإطار، أن معدلات "الفتق الحجابي الخلقي" تبلغ حالةً واحدةً بين كلّ 2000 إلى 4000 ولادة على مستوى العالم.
أسباب عامّة
يحدث "الفتق" نتيجةً لأسباب خلقيّة يتعرّض إليها الجنين كخلل في تصنيع ألياف "الكولاجين"، ما يؤدّي إلى تكوّن منطقة ضعيفة في جدار البطن، أو لأسباب مكتسبة لدى الراشدين تؤدّي إلى ضعف عضلات البطن (ضمور العضلات لدى كبار السن أو السمنة المفرطة أو تمدّد عضلات البطن أثناء الحمل أو عقب العمليات الجراحية).
ويحدّد الأطباء مجموعة من العوامل المساعدة التي تضغط بقوّة على الأجزاء الداخليّة للبطن وتزيد من التعرّض للفتق، أبرزها:
_ تضخّم في أحد أعضاء البطن أو الاستسقاء.
_ الشدّ على عضلات البطن أثناء حمل الأوزان الثقيلة.
_ السعال المزمن خصوصاً في حالات الربو أو التدخين أو الإصابة بالأمراض الصدرية.
_ الإمساك الشديد لفترات طويلة.
_ تضخّم البروستات، خصوصاً في صفوف المسنّين.
أنواعه...
وللفتق أنواع تختلف حسب موقع خروج الأحشاء من بطن المصاب أو مكان حدوثه، وتنقسم إلى:
1- الفتق الإربي Inguinal Hernia الذي يصيب 75% من الحالات.
2- فتق الفخذ Femoral Hernia الذي يصيب من 3% إلى 5% من الحالات.
3- الفتق التالي للجراحة Ventral Hernia والذي يصيب نسبة 10% من الحالات.
4- فتق السرّة Umbilical Hernia الذي يصيب نسبة تتراوح بين 3% و8,5% من الحالات.
5 أنواع أخرى نادرة، تحدث بنسبة1% إلى 2%.
وهذه لمحة عامّة عن أنواع الفتق سالفة الذكر:
- الفتق الإربي: تفيد إحصائية صادرة حديثاً عن جامعة "أكسفورد" بإصابة نحو 500,000 شخص سنوياً بهذه الحال التي تحتاج إلى تدخّل طبّي أو جراحي، وتسجّل نتائجها أنّها تنتشر في صفوف الذكور بنسبة 20 مرّة أكثر من الإناث، علماً أنها يمكن أن تحدث في فئات الأعمار كافة.
وتسمّى هذه الحال بـ "الفتق الإربي" نسبة إلى سقوط جزء من الأمعاء من خلال الفتحة الإربية نتيجةً للتعرّض إلى الإمساك المزمن، علماً أن الفتحة الإربية تحقّق خروج الخصيتين من داخل تجويف البطن بعد تكوّنهما إلى مكانهما الطبيعي وهو كيس الصفن، وذلك في المراحل الأولى لنموّ الجنين.
أعراضه: تشمل أعراض الفتق الإربي:
- انتفاخاً في المنطقة الإربية على جانبي عظام العانة، قد يبلغ أحياناً كيس الصفن. ويكون هذا الانتفاخ أكثر وضوحاً وبروزاً عند شدّ عضلات البطن أو أثناء السعال.
- نوبات من الألم متفاوتة نتيجةً لخروج محتويات كيس الفتق أو الأحشاء وعودتها مرّة أخرى إلى داخل البطن.
علاجه: يجدر خضوع المصاب إلى الجراحة في وقت مبكر، تلافياً لحدوث المضاعفات. وتتضمّن الجراحة الخطوات الآتية:
_ استئصال كيس الفتق، بعد إرجاع محتوياته إلى الداخل.
_ إصلاح الجزء الضعيف من جدار البطن عبر استخدام خيوط الجراحة.
_ ترقيع أو ترميم المنطقة المصابة عبر استخدام شبكات صناعية معدّة من مواد خاصة خاملة، تمتاز بسرعة تقبّل الجسم لها.
وثمّة اتجاهات حديثة تقضي باستخدام منظار الجراحة الذي يمتاز بتكوّن ندوب أقلّ، وسرعة معاودة المريض إلى نشاطه الطبيعي مقارنةً بالجراحة المفتوحة.ويمكن استخدام المنظار في علاج عدد من أنواع الفتق، سواء الإربي أو الجراحي أو السرّة، ولكنّه لا يصلح في حال وجود مضاعفات كالارتداد والانسداد.
- فتق الجراحة: يعقب العمليات الجراحية بالبطن، خصوصاً تلك التي تتطلّب شقّ منتصف البطن بصورة طوليّة، كما قد ينتج عن التهاب الجرح أو التعرّض إلى العدوى إثر الجراحة.
ومن بين العوامل الأخرى المسبّبة لهذا النوع من الفتق:السمنة المفرطة والكحّة المزمنة وإزالة خيوط الجراحة قبل التئام الجرح، والقيام بحركات عنيفة في مرحلة مبكرة تلي الجراحة.
علاجه: يتمّ علاج هذا النوع من الفتق بواسطة الجراحة، مع إصلاح المنطقة المفتوحة عبر استخدام شبكة صناعية، كما يمكن اللجوء إلى منظار الجراحة لهذه الغاية.
- فتق الفخذ: يعدّ من بين أكثر أنواع الفتق حدوثاً في صفوف السيّدات نتيجةً لاختلاف التركيب التشريحي لعظام الحوض لدى الإناث مقارنةً بالذكور، فضلاً عن ضعف الأربطة وارتفاع الضغط الداخلي للبطن بسبب الحمل المتكرّر.
أعراضه: التورّم أو الانتفاخ في أعلى الفخذ، علماً أنّه تغيب في بعض الحالات أيّ أعراض ظاهرة، بل تنتج هذه الأخيرة عن المضاعفات كالانسداد المعوي، ما يؤدي إلى اكتشاف الحال بعد بلوغها مرحلةً متطوّرة، علماً أن هذا النوع من الفتق أكثر عرضةً لحدوث المضاعفات المتمثّلة في الاختناق والالتهاب.
علاجه: في حال غياب المضاعفات، يتمّ إعداد شقّ جراحي تعاد من خلاله المحتويات إلى داخل البطن، مع استئصال كيس الفتق وإغلاق المنطقة المفتوحة.
-فتق السرّة والمنطقة المحيطة: يشمل فتق حول السرّة Paraumbilical Hernia حوالي 95% من الحالات المصابة، مقارنةً بفتق السرّة Umbilical Hernia نادر الحدوث بين البالغين، علماً أن الحالة الأولى تتمركز في أعلى أو أسفل السرّة بنحو بوصتين، وغالباً ما تكون محتويات هذا النوع من الفتق عبارة عن دهون في البطن، وأحياناً من الأمعاء الدقيقة والقولون المستعرض.
أعراضه: تشمل أعراض هذه الحالة:
- التزايد التدريجي في حجم الفتق والذي قد يبلغ حدّ الضخامة! وتعرف هذه الحال طبياً باسم Megahernia ما يؤدّي إلى صعوبة ارتداد محتويات الفتق في مرحلة مبكرة، وتعرّضها للاختناق.
- اضطرابات في الهضم، تشمل: ألم البطن وعسر الهضم والإمساك الشديد في حالات الانسداد المعوي.
علاجه: ينصح، قبل خضوع المريض إلى الجراحة، خفض الكيلوغرامات الإضافيّة من وزنه في حال كان يعاني من السمنة المفرطة، وذلك تلافياً لتكرار حدوث الفتق.أمّا في حالات تضخّم الفتق Megahernia فيعاني المريض من صعوبة في التنفس إثر الجراحة، لذا ينصح بخضوعه إلى تمرينات التنفس، مع امتناعه التام عن التدخين، في حال كان مدخّناً، علماً أنّه في بعض الحالات يتم إعداد حقن تدريجي للهواء داخل البطن لتكبير حجمه.
3 مضاعفات
تنتج مضاعفات ثلاث عن أنواع الفتق المختلفة:
1 عدم ارتداد المحتويات: تتمثّل في عدم القدرة على إرجاع محتويات كيس الفتق مرّة أخرى إلى داخل البطن، والتي غالباً ما تحدث إمّا نتيجةً لالتصاق الأمعاء ببعضها أو لالتصاق الأمعاء وكيس الفتق، أو لمرور كميّات كبيرة من هذه المحتويات بصورة مفاجئة إلى الخارج. وتستهلّ مداواتها بالعلاج التحفّظي لدى الطفل المصاب من خلال رفع مستوى سريره ناحية القدم للسماح بدخول الأحشاء مرة أخرى إلى البطن، أو عبر استخدام أكياس من الثلج للتخفيف من التورّم أو استعمال المسكّنات. أمّا للبالغين فيفضّل اللجوء إلى الجراحة.
2 الانسداد: يحدث نتيجةً لانسداد خارجي بسبب وجود التصاقات، أو نتيجةً لانسداد داخلي بجسم غريب أو كتلة براز صلبة.ويتمظهر في صورة ألم في البطن وقيء وانتفاخ وإمساك شديد.
ويتمحور العلاج حول الجراحة، وذلك منعاً لحدوث اختناق الأحشاء.
3 الاختناق: يتمثّل في عدم وصول الدم إلى محتويات الفتق، وتكمن خطورته في إمكانية حدوث موت الأحشاء وتعفّنها، ما يسبّب الوفاة! وتظهر أعراضه، في صورة: ارتفاع في درجة الحرارة وزيادة في معدّل ضربات القلب وعدم إمكانية إرجاع محتويات الفتق، مع الألم الشديد عند الكشف. ويتطلّب علاجه خضوع المصاب إلى جراحة عاجلة، يستأصل خلالها الجزء المصاب من الأمعاء، إذا لم يتمّ التشخيص مبكراً.