يحدّ ألم مفصل الورك الناتج عن جفافه من قدرة المريض على عيش حياة طبيعية. وقد طالت جراحة تغيير الورك تطوّرات كبيرة، مما أدّى إلى تحسين نتائجها، ليعود الورك إلى حالته الطبيعية. واليوم، أصبحت هذه الجراحة شائعة بسبب زيادة عدد المسنّين. كيف تتمّ هذه الجراحة؟ وماذا يجب أن يتوقّع المريض من نتائج بعد الخضوع لها؟ وهل من موانع للقيام بها؟ أسئلة حملتها «سيدتي» إلى الإختصاصي في جراحة العظام والمفاصل والطب الرياضي الدكتور اسكندر نعمة.
- كيف يعمل مفصل الورك في الحالة الطبيعية؟
يتألّف مفصل الورك من كرة عظمية متحرّكة داخل جرن تقع على رأس عظمة الفخذ، فيما يتمركز الجرن داخل الحوض، وتحيط به عضلات تابعة للمؤخّرة من الوراء والفخذ من الأمام، علماً أن كل ما في داخل الورك هو عبارة عن مكوّنات يغطّيها الغضروف المفصلي الذي تبلغ سماكته نحو 8 ملليمترات، كما في معظم المفاصل الكبيرة. والغضروف المفصلي قوي ولزج، مما يسمح بانزلاق المفصل بدون أية إعاقة، في الحالات الطبيعية.
- ماذا عن الخلل الذي يصيب المفصل؟
لا يتوقّف مفصل الورك عن عمله الطبيعي إلا عند زوال الغضروف المفصلي، وذلك لجملة من الأسباب أبرزها التشوّهات الخلقية التي تولد مع المرء ولا يشعر بها إجمالاً سوى في سنّ الثلاثين، لأنها قد لا تحمل أية أعراض كالآلام وغيرها. ومن بين الأسباب الأخرى المسؤولة: الإلتهاب غير الجرثومي كـ «الروماتيزم»، وذلك حين يفرز الدم مضادات للجسم تتسبّب في تآكل الغضروف، مما يؤدّي إلى إعاقة في انزلاق المفصل بشكل طبيعي، فتظهر نتوءات عظمية تزيل الشكل الكروي وتعوق الحركة.
جراحة المنظار
- ما هي العلاجات المقترحة قبل اللجوء إلى العمل الجراحي؟
إذا كانت آلام الورك تنتج عن التشوّهات الخلقية وإذا تمّ التشخيص الدقيق قبل زوال الغضروف، يمكن إجراء جراحة بالوسائل المتاحة، ومن بينها الجراحة التقليدية أو جراحة المنظار لإزالة هذه التشوّهات، مما يطيل عمر الورك. أما إذا كان المريض يشكو من «الروماتيزم»، فإن العلاج الطبّي يساعد في عدم تدهور الورك.
- ماذا يأمل الجرّاح أن يحقّق من خلال هذه الجراحة؟
يتمثّل السبب الأساسي لتغيير أي مفصل أصابه الجفاف في منع الإحتكاك الناتج بين عظمتي المفصل والذي يسبّب الألم من جرّاء ذوبان الغضروف، علماً أن تغيير المفصل بآخر اصطناعي يعيد الحياة والحركة إليه بدون ألم. ولعل الهدف هو إعادة المريض إلى حياته الطبيعية بدون ألم، ومنحه القدرة على الحركة.
تعليمات خاصة
- كيف يتمّ التحضير لهذه الجراحة؟
إن قرار المضي بالجراحة يجب أن يأخذه المريض والجرّاح سوياً، وذلك بعد أن يكون المريض قد فهم طبيعة العمل الجراحي الذي سيخضع له. ولإجراء هذه الجراحة، لا بدّ من التحضير لها كما يجب، وذلك على الشكل التالي: أولاً، يجدر بطبيب العائلة أن يفحص المريض بشكل عام للتأكّد من أن وضعه الطبي سليم ويمكنه الخضوع لهذه الجراحة. ثم، زيارة الطبيب المتخصّص ليجري له فحصاً دقيقاً لمفصل الورك. ثانياً، يجدر بالمريض زيارة المعالج الفيزيائي ليتدرّب على السير بواسطة العكّاز، مع أو دون الإلقاء بوزنه على جهة الجراحة، وذلك حسب نوعية المفصل الإصطناعي المراد استعماله.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه العملية الجراحية تستدعي فتح مفصل الورك، ما يعرّض هذا الأخير إلى الفكّ بعد العملية. ولمنع حصول ذلك بعد العملية، على المريض أن يتّبع تعليمات خاصّة ككتف الرجلين أو عدم ارتداء الجوارب بطريقة خاطئة.
ممّ يتألّف المفصل الإصطناعي؟
هناك نوعان من المفاصل الإصطناعية للورك، النوع الأول يستدعي تثبيته بواسطة لاصق قوي يربط العظم بالمعدن، والنوع الثاني لا يستدعي ذلك لأن المعدن مصنوع بشكل يسمح للعظم أن ينمو في ما بعد مباشرة على المفصل. وهذان المفصلان شائعا الإستعمال، علماً أنه في بعض الحالات تستعمل مفاصل من النوعين معاً، حيث نلصق الجزء الموجود في الأسفل، ونترك الجزء الأعلى من الورك الإصطناعي ينمو على العظم. ويعود القرار في اختيار النوع الملائم للمريض إلى سنّه وطريقة استعماله للورك وخبرة الجرّاح.
ويتألّف المفصل الإصطناعي، من:
- الجزء العلوي وهو عبارة عن جرن مصنوع من درع معدنية، وفي داخله قطعة قد تكون من البلاستيك القاسي للغاية أو المعدن أو السيراميك.
- الجزء السفلي مصنوع دائماً من المعدن.
- الجزء المفصلي الذي يعلو الجزء السفلي، مصنوع من المعدن أو من السيراميك.
مضاعفات…
- كيف تتمّ العملية الجراحية؟
يبدأ الجرّاح العمل بشقّ في الفخذ مقابل مفصل الورك، علماً أن هذا الشقّ قد يكون من الخلف أو من الأمام، وذلك حسب خبرة الجرّاح وما يفضّله للمريض. ثم، يتمّ إخراج عظمة الفخذ من الجرن، ويزال رأس الورك. ويجري تحضير الجرن لإزالة ما تبقّى من الغضروف داخله، ليتناسب شكله الداخلي مع شكل الجرن الخارجي. وبعد هذه الخطوات التحضيرية، توضع الدرع المعدنية في مكانها وتثبّت في براغٍ في انتظار نموّ العظم بداخلها، ثم نحضّر عظمة الفخذ بمبرد خاص لتتخذ الشكل الداخلي للعظام، ويتم بعدها وضع مفصل للتجربة وللتأكّد من طول القدم ومن أنها لا تتحرّك من مكانها، وبعد ذلك نقرّر نوعية المفصل المستعملة. وتتمثّل الخطوة الأخيرة في وضع كرة السيراميك أو المعدن، لنعيد الورك الإصطناعي مكان ورك المريض الذي تمّت إزالته، ويتمّ إغلاق الجرح.
- ما هي مضاعفات هذا العمل الجراحي؟ وكيف يمكن تفاديها؟
لا بدّ من تحذير المريض من مشكلات ثلاث يجري العمل على تجنّبها مع الجرّاح، ولا تتجاوز نسبة حصول أي منها الواحد في المائة. وتتمثّل هذه المشكلات، في:
- الإصابة بجلطة في الرجل بسبب انعدام الحركة مباشرة بعد العمل الجراحي، علماً أن هذه الجلطة قد تحصل إثر الخضوع الى أي عمل جراحي، مهما كان بسيطاً، وليس بسبب جراحة الورك حصراً. ويجري تجنّب حصولها بإعطاء المريض مسيّلاً للدم، إما بواسطة حقن تحت الجلد أو من خلال أدوية فموية حديثة. ومن المهم أن يعود المريض إلى السير بأسرع وقت بعد العملية، إذا تمكّن من ذلك، تفادياً لهذه المشكلة.
- الإصابة بالتهاب جرثومي للمفصل الجديد، ناتج عن وجود جراثيم في جسم المريض لا يشعر بها (إلتهاب في الأسنان أو البول). ولذا، يجدر بالمريض أن يتأكّد من أن صحته العامة بخير قبل الخضوع لهذه العملية، وأن يزور طبيب الأسنان. ومن الممكن أن ينتج هذا الإلتهاب من المستشفى، إذا كانت طريقة التعقيم المتّبعة غير كافية. وفي مجمل الأحوال، يعطى المريض حقنة من المضادات الحيوية مباشرة قبل العملية الجراحية، لتفادي هذه المشكلة.
- إمكانية خروج الورك من مكانه، ويتمّ تفادي هذه المشكلة باتّباع أساليب جراحية حديثة.