«سان موريتز» و«لوسيـرن»: ثنائية الشتاء والصيف

كلّما زرت «سويسرا» مرّة، تتعلّق بذاك البلد الخلاّب وتتنامى دهشتك من روعة تلك الطبيعة الفاتنة حتى لو كنت قد قصدت المكان ذاته أكثر من مرة، فكيف لو حالفك الحظ وقصدت مناطق للمرة الأولى، كما حصل معنا حين زرنا مدينتي «سان موريتز» و«لوسيرن» بدعوة من «هيئة السياحة السويسرية» بالتعاون مع «الطيران السويسري» و«ريال يورب» الممثّلة لشركات المواصلات العامة المختلفة في سويسرا والعديد من البلدان الأوروبية والعالمية الأخرى؟

منذ وصلنا «مطار دبي الدولي»، بدأنا نلمس حسن الضيافة السويسرية، كما هي العادة، حيث الاستقبال المميّز والحرص على راحة الوفد الإعلامي كان بادياً للعيان. وتكرّس ذلك في «مطار زيوريخ»، تلك المدينة البديعة التي وصلت شهرتها مشارق الأرض ومغاربها.

 

«سان موريتز»

من هناك توجّهنا إلى «سان موريتز» بواسطة قطارات عدّة فاخرة مريحة، جعلت من الساعات الخمس التي قضيناها على الطريق مجرّد دقائق معدودة، خصوصاً وأننا لم نوفّر لحظة استمتاع بالمناظر البديعة لتلك الطبيعة الفريدة، حيث تتناغم الألوان وتتنافر لتشكّل لوحة من الإبداع المفرط في الجمال... من الأخضر وتدرّجاته إلى البني الخافت أو الساطع، وصولاً إلى حزمة الألوان التي تتباهى كالورود المنوّعة في نسج ثوب قشيب قلّ نظيره!

حين وصلنا إلى «فندق شويزرهوف»، لم نتوانَ عن الصعود إلى غرفنا والاستعداد لبداية مغامرة سياحية من الطراز الأول، فـ «سان موريتز» تلك المدينة الصغيرة التي لا يزيد عدد سكانها على 5 آلاف نسمة، تعدّ من أهم المقاصد السياحية في العالم لمحبّي التزلّج في الشتاء والمغامرات الرائعة في الصيف، وهي تقع في مقاطعة «إنغادين» في الجنوب السويسري قريباً من الحدود الإيطالية، وتغفو على ضفة بحيرتها الصغيرة التي تتجمّد شتاءً لتمسي مرتعاً للفعاليات والمسابقات الرياضية والاجتماعية المختلفة، كرياضة «البولو« على الخيل ومسابقات التزلج والألعاب المنوعة.

بعد غداء لذيذ في أحد مطاعم الفندق، توجهنا إلى أشهر مخبز للحلويات في المقاطعة، حيث شاهدنا طريقة تحضير الكعكة الأشهر في المدينة وما حولها، وفي المساء انتقلنا إلى «فندق لاودينيلا» بواسطة عربة تجرّها الخيول، ليستقبلنا طاقم الفندق هناك حيث قضينا أجمل الأوقات في مطعم «زيت» المشهور بالبيتزا إذ يقدّم 104 أنواع منها، وهو بذا يعدّ الأشهر عالمياً على هذا الصعيد.

 

يوم أبيض القسمات

قبل أن ننهي عشاءنا بدأت ندف الثلج تبشّر بيوم غد أبيض، وما إن عدنا إلى غرفنا حتى صار تساقط الثلج كثيفاً جداً، في مشهد لا ينسى... وحين استيقظنا صباحاً، كانت الثلوج قد غطّت المنطقة كلّها بارتفاع يصل إلى متر كامل، وهو أمر جعلنا نستبشر بمغامرة ألبية تنتظرنا في مشوارنا المقرّر إلى «ديافوليزا» تلك القمة الشاهقة من جبال الألب، والتي انتقلنا إليها بعد رحلة بالسيارة بواسطة عربة معلّقة لنشهد أجمل أماكن التزلج والمغامرات ونتناول غداءنا في المطعم القابع على رأس الجبال البيضاء.


في منتصف طريق العودة، عرّجنا على مطار للحوّامات لتقلّنا إحداها في جولة أسطورية فوق قمم «جبال الألب» جعلتنا نشعر بأننا نعوم فوق السحاب في حلم جميل.

مساءً، انتقلنا إلى فندق «إن لين» في قرية «باريل»، ومررنا خلالها بقرى ساحرة عدة كـ «لا بونت» و«زوز»، وهناك تجوّلنا في ذاك الفندق الجميل وتناولنا عشاءنا في مطعم «فيفاندا»، الذي يعطي مثالاً عن فن الضيافة السويسرية.

 

«لوسيرن»: مدينة تخطف الأبصار

في صباح اليوم التالي، كنّا على موعد الانتقال إلى مدينة «لوسيرن» في وسط سويسرا، وكانت واسطتنا القطارات المريحة التي انتقلت بنا إلى القمم البيضاء والغابات الخضراء، قبل أن يحطّ بنا آخرها في محطة المدينة الضخمة الواقعة في وسطها، وهناك فضّلنا الانتقال سيراً على الأقدام نظراً إلى قرب المحطة من فندقنا «شويزرهوف»، وهو من أشهر فنادق المدينة ويحمل الاسم نفسه لفندق «سان موريتز» إلا أنه مختلف ولا يتبع المالك نفسه.

و«لوسيرن» مدينة تخطف الأبصار، نظراً لجمالها وموقعها البديع، فهي تتمركز على كتف «بحيرة لوسيرن» العملاقة وتتزنّر بالخضرة والجبال الشاهقة المكلّلة بالثلوج من كل الجهات، إضافة إلى كونها واحدة من أشهر المدن السياحية في أوروبا...

لم يدم وجودنا في الفندق طويلاً، فقد كنا على موعد مع رحلة بالقارب انتقلنا في خلالها عبر البحيرة الواسعة إلى مدينة «ويجز» الصغيرة، والتي تتمتّع بطبيعة لا يمكن وصفها، حيث انتقلنا إلى فندق «بارك ويجز» المطل على البحيرة والمشهور بحفلات الزفاف الفاخرة وتوفير أعلى سبل الراحة والاستمتاع لمن يهوى المنتجعات الصحية والسياحية، وهناك تناولنا عشاءً سويسرياً لذيذاً في أحد مطاعمه الفاخرة... لنعود بعدها إلى فندقنا حاملين أحلى انطباع عن المكان.

 

البرج والجسر الخشبي

في الصباح، رافقتنا دليلتنا في جولة استطلاعية تعرّفنا فيها على تفاصيل المدينة وما تضمّه من صروح تاريخية وأسواق وأماكن للتسلية والمتعة، ولعل أشهرها برج وجسر «لوسيرن» الخشبي المغطّى على ملتقى نهر روس وبحيرة «لوسيرن» ويعدّ رمزاً للمدينة، ويتميز بلوحاته الفنية الرائعة، وقد تمّ بناؤه عام 1333، بطول 200 متر تشاهد على امتدادها 120 لوحة مثلّثة معلّقة تسجّل تاريخ المدينة وتتحدّث عنه، وقد تعرّض الجسر إلى حريق كبير عام 1993، إلا أن السويسريين رمّموه بشكل ممتاز!

أمّا المدينة القديمة فتضمّ أبنية تعود إلى القرون الوسطى، حيث تزيّن معظم واجهاتها الرسوم الملوّنة، كأنها خارجة من الحكايات، كما تتوزع النوافير الغريبة في شوارعها وساحاتها الضيّقة، فيما تزهو أبوابها الخشبية بزخارفها اللافتة، من هنا بدت وكأنها متحفٌ كبير، يحلو التجوّل في أرجائه، فكل بناء هو عبارة عن تحفة من نحت وزخارف وتماثيل بلمسات إبداعية.

بين الأرض والسماء

بعد تلك الجولة المنعشة في المدينة الفاتنة، انتقلنا إلى «كرينز» وفيها محطة العربات المعلقة الصغيرة التي نقلتنا مع مرشدتنا كوليت إلى محطة العربات المعلقة الكبيرة حيث كانت واسطة رحلتنا إلى قمة «بيلاتوس» حيث يقع فندق فاخر ومنتجع للتزلج والمغامرات على الجبل المغطى بالغابات الخضراء المكلّلة بالبياض أحياناً...

وبعد جولة سريعة في مرافق المنتجع، تناولنا غداءنا في مطعم يطلّ على مناظر جبلية مذهلة. ومن هناك أعددنا برنامج رحلة العودة المماثل لرحلة الذهاب، لكنها كانت مبلّلة بمطر خفيف منعش.

مساءً التقينا مدير التسويق والمبيعات في فندق «شويزرهوف»، على عشاء مميز تبادلنا معه أطراف الحديث عن السياحة السويسرية وعن خدمات الفندق ذي الإطلالة الرائعة على بحيرة «لوسيرن» والخطط المستقبلية للمدينة لجذب المزيد من السياح العرب والخليجيين على وجه الخصوص.

فرصتنا الأخيرة كانت في تلك الليلة لنكتشف ليل المدينة المثير، حيث المقاهي والمطاعم المنتشرة في كل مكان على ضفتي النهر وحول محيط البحيرة والتي توفّر مختلف الخيارات لجميع الأذواق.

نظام السفر السويسري: دقّة متناهية

حول نظام السفر السويسري المتطور والمريح، يقول المدير الإقليمي لـ «ريال يوروب» وليد أحمد: «نظام السفر السويسري هو الأكثر كفاءة في العالم من حيث الدقة والتناغم بين عناصر شبكة النقل العام، سواءً كانت قطارات أو سفن أو حافلات. ويعد البوابة المثالية لاكتشاف روعة وجمال الطبيعة السويسرية خاصة بما يقدّمه من بطاقات وتذاكر أكثرها شهرة بطاقة السفر السويسرية «سويس باس» التي تمنح حاملها السفر في رحلات غير محدودة عبر شبكة النقل السويسرية ومسارات القطارات البانورامية ضمن فترة زمنية متتالية أو مرنة (تبدأ بأربعة أيام وتصل إلى شهر)، بالإضافة إلى مزايا وتخفيضات عديدة أخرى».

تتوافر تذاكر وبطاقات السفر السويسرية داخل دولة الإمارات عبر وكلاء السياحة المعتمدين لدى «رايل يوروب» أو عن طريق الموقع الإلكتروني: www.raileurope-gcc.com

 

«شويزرهوف» لوسيرن والإطلالة الساحرة

يقع «فندق شويزرهوف» Schweizerhof ذو الـنجوم الخمس والمدار عائلياً في البلدة القديمة في مدينة «لوسيرن»، على ضفاف البحيرة. ويبعد عن محطة القطار المركزية 5 دقائق مشياً على الأقدام كما يسهل الوصول منه إلى جميع النقاط المثيرة للاهتمام، ويضم 101 غرفة وجناح من مساحات مختلفة، حيث توفّر بعض الغرف مناظر مطلّة على البحيرة والجبال، كما يطل بعضها على باحات مدينة «لوسيرن» القديمة. تتميز جميع الغرف بالأناقة والراحة وتشمل مرافق «السبا» و«الساونا» الفنلندية و«الساونا» الحيوية، ويطلّ كلاهما على بحيرة «لوسيرن» و«جبال الألب». وتم تجهيز غرفة اللياقة البدنية بمعدّات حديثة.

ويمكنكم التمتع بالمأكولات السويسرية والغريبة اللذيذة من لائحة المأكولات الانتقائية المتوافرة في مطعمي «بافيون» Pavillon و«غاليري» Galerie. وعندما يكون الطقس لطيفاً، يمكنكم تناول العشاء في الهواء الطلق على «التراس»، تحت أشجار النخيل والزيتون، كما الاستمتاع بموسيقى البيانو الهادئة وسط أجواء مقهى الطابق الأرضي الأنيق.

يقع فندق «شويزرهوف» Schweizerhof التقليدي (من فئة 4 نجوم) في مركز بلدة «سان موريتز»St Moritz  وعلى بعد 3 دقائق مشياً على الأقدام من سكك «كانتاريلا» Cantarella الحديدية المعلقة وتوفّر غرفه اللطيفة الأنيقة، التي يبلغ عددها 82 غرفة من الأحجام المختلفة، إطلالة ممتازة على البحيرة. ويمكنكم الاستمتاع بأطباق المطابخ المحلية الممتازة واستعادة نشاطكم في مساحة الاسترخاء على سطح الفندق عبر «الساونا» أو حمّام البخار.