بين الينابيع والفنادق الراقية الجنوب الألماني

من يتمنَّ أن يقضي أجمل الأيام ويحمل في جعبته أحلى الذكريات، فلا بدّ له أن يزور ألمانيا ولا بدّ أن تكون زيارته طويلة قدر الإمكان. وبما أنه لا يوجد من يعرف الجمال أكثر من المرأة، قرّرنا أن نأخذك عزيزتي من خلال مجلة «سيدتي» إلى عالم مفعم بالجمال والسحر والتفرّد في ربوع ألمانيا، وتحديداً في جنوبها، متمثّلاً في ولايتي «هسن» و«بادن فورتمبرغ».

المحطّة رقم 1

يمكن أن تكون مدينة فرانكفورت في ألمانيا نقطة الإنطلاق لهذه الرحلة، فهي تشكّل إحدى أقدم مدن المعارض في العالم، نظراً للكمّ الهائل والمتنوّع من المعارض العالمية المتخصّصة التي تنظّم على أراضيها، بالإضافة إلى دورها كنقطة جاذبة للمؤتمرات والإجتماعات، بفضل موقعها وسط أوروبا وألمانيا. يضاف إلى ذلك أن مطار فرانكفورت الدولي يعتبر من أهم المطارات في أوروبا والعالم. وقد تكون طائرات الـ«لوفتهانزا»، التي تتّخذ من هذا المطار مركزاً لعملياتها، خياراً مثالياً للراغبين بالسفر إلى ألمانيا لما تتفرّد به خطوط الطيران هذه من خدمات راقية ومعايير عالمية... كلّ هذه العوامل يمكن أن تجعل هذه المدينة بداية موفّقة لانطلاق رحلتك.

 

المحطّة رقم 2

ثمة ثلاثين دقيقة تفصل بين فرانكفورت والمحطّة الثانية المتمثّلة في مدينة «فيسبادن»، وهي العاصمة الإقليمية لولاية «هسن»، إذ تقع بين السفوح الجنوبية لتلال «التاونس» ونهر «الراين». وتشتهر بألقاب عدّة، من بينها «مدينة الإستشفاء العالمية» و«عروس الشمال»، علماً أنه حتى في عزّ الشتاء، تبقى ينابيع «فيسبادن» دافئةً ما يجعل من هذه المدينة وجهة مفضّلة للإسترخاء أو للإستشفاء في ينابيعها المعدنية الساخنة. ويوجد فيها 26 ينبوعاً، كما تنتشر فيها الحمّامات التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ألفي عام! ونظراً لما تتميّز به من مقوّمات جاذبة، فإن السياح يقصدونها من بقاع العالم المختلفة، خصوصاً من دول الخليج العربي والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيطاليا.

وإلى جانب توافر العلاجات الطبيعية فيها، فإن حمّام Kaiser-Friedrich-Therme يعتبر أشهر الحمّامات في «فيسبادن»، ويعود تاريخ تشييده إلى عام 1913، ويتيح لزائريه التنعّم بحمّام «الساونا» الساخن أو الإستحمام في مياهه المعدنية على الطريقة الإيرلندية الرومانية. وتوفّر هذه المدينة لزوّارها خيارات منوّعة من الحمّامات العلاجية، الأثرية منها والعصرية والتي تنقل مرتاديها إلى عالم مكلّل بالهدوء والسكينة والراحة النفسية. كما إن بعضها مخصّص في أوقات محدّدة للرجال وأوقات أخرى للنساء.

ولمن يرغب في تجربة الرحلات النهرية القصيرة، يمكن أن يتوجّه إلى «أسمانسهاوسن»، إذ يمكن الإنطلاق من هناك بأحد القوارب التي تقوم برحلات منتظمة في نهر «الراين». وخلال 15 دقيقة فقط، يمكن أن تصل إلى منطقة ريفية تدعى «روديسهايم» Rudesheim، والتي غالباً ما تزدحم طرقاتها الضيّقة بالزوّار. وفي هذه المنطقة، تنتشر بعض المحال الصغيرة التي تصطفّ إلى جانبها مطاعم متخصّصة بالوجبات المحلية، ومن هناك يمكن الوصول إلى محطة العربات الكهربائية «التلفريك» التي تمنح مستخدمها فرصة رؤية منظر رائع من علوّ شاهق. وبعد الوصول إلى أعلى قمة تطلّ على المنطقة والإستمتاع بالمنظر الطبيعي الخلاّب، تبدو العودة إلى «روديسهايم» مشياً على الأقدام مغرية، لاسيما عندما تعرف أن الوصول إلى قلب المدينة يمنحك فرصة زيارة مطعم «روديسهايم شلوس» Rudesheim Schloss، لتذوّق المأكولات الألمانية المحلية اللذيذة التي تنفرد بها هذه المنطقة.

ولعلّ أبرز ما يمكن مشاهدته في هذه المنطقة هو «متحف الموسيقى». وفي غضون دقائق معدودات، يمكن الوصول إلى محطة القطار «نيروبيرغ»، لتأخذك قطاراتها، التي تعمل بقوة دفع الماء، في رحلة قصيرة إلى قلب المدينة.

ومن أقدم المطاعم هناك، يبرز مطعم Kafer الذي يشتهر بتقديم أشهى الأطباق الألمانية إلى جانب خبز الـ«بريتزل» الشهير، والذي تزيّن جدرانه صور مشاهير العالم ولاسيما الذين قاموا بزيارة المدينة وتذوّقوا أشهى الأطباق في هذا المطعم الشهير! كما يمثّل فندق «ناساوار هوف» الذي يقع في قلب المدينة النابض ويعتبر من بين أقدم الفنادق، مكاناً يعكس حسن الضيافة بامتياز، ويتميّز بوجود بركة سباحة معدنية خاصة به. ويقع في هذا الفندق مطعم Orangerie الذي يعدّ نقطة جذب هامّة لأثرياء المنطقة، فهذه المدينة لا تزال قبلة لكل ذي مال وصيت. 

وإذا كنت تريد الإستراحة في مكان يقدّم لك كل وسائل الراحة ويمتّعك بالمناظر الطبيعية الخلاّبة المحيطة به، فما عليك إلا الإنتقال إلى فندق

«كيمبينسكي شلوس راينهارتسهاوسن» Schloss Reinhartshausen Kempinski القريب من مدينة «فيسبادن»، حيث إن الطريق إليه سيدخلك في مناطق مليئة بكروم العنب ذات المنظر الرائع.

 

المحطة رقم 3

من ارتفاع شاهق يبلغ 150 متراً، يمكن لزوّار مدينة «شتوتغارت»، عاصمة ولاية «بادن-فورتمبرغ»، مشاهدة لوحة بديعة من الطبيعة الخلاّبة للمدينة وضواحيها، وذلك من خلال زيارتهم ل «برج التلفزيون» الذي يبلغ ارتفاعه 217 متراً، ويعدّ أوّل برج تلفزيون في العالم. وقدّمت مدينة «شتوتغارت» من خلاله نموذجاً تقنياً جديداً في فن البناء، إهتدت به الكثير من مدن العالم في بناء أبراجها، حيث استفاد من الطبيعة في تصميمه، وجعل من شجرة الخيزران قدوة له عند البناء، إذ تبلغ مساحة قاعدته 10 أمتار وقمته 5 أمتار.

وتمتاز «شتوتغارت» أيضاً بحدائقها الجميلة، كـ «حديقة القصر» و«حديقة الورود» اللتين تشكّلان مكاناً للراحة والإستجمام، كما تعطي الغابات ومزارع كروم العنب الخضراء مزيداً من الروعة والجمال للأرجاء المحيطة بها!

ومن يرَ هذه المناظر الطبيعية الخلاّبة، قد لا يتوقّع أن يكون للصناعة مكان في هذه المدينة، إلا أنها بالفعل إحدى أغنى الولايات الألمانية وأكثرها ذخراً بالصناعات العالمية. وإن كنت من عشّاق السيارات، فإن مدينة «شتوتغارت» ستبهرك بما تتفرّد به في هذا المجال، إذ تمنحك هذه المدينة فرصة زيارة متحفين من أهم متاحف السيارات في العالم، هما: متحف «مرسيدس بنز» ومتحف «بورشه الجديد».

وإذا كنت من محبّي التاريخ والثقافة، فما عليك إلا التوجّه إلى قلب المدينة، وتحديداً قرب ميدان «شيلر»، حيث يقع القصر القديم Altes Schloss، كما يُوجد بالقرب من هذه المنطقة أيضاً أحد أبرز القصور في الولاية والذي يُطلق عليه إسم «القصر الجديد»Neues Schloss. وقد كان هذا القصر مقراً لملوك الولاية في العصور الوسطى، ويُستخدم اليوم كمقرّ لعدد من الوزارات وإدارات الحكومة المحلية.  

أما لمن يريد التعرّف على وجه «شتوتغارت» الثقافي، فلا بدّ أن يزور «المتحف الوطني» فيها Staatsgalerie Stuttgart والذي يعود تأسيسه إلى عام 1843. وقد أعيد افتتاحه في عام 1984 تحت إسم Neue Staatsgalerie أي «المتحف الوطني الجديد»، ويضمّ لوحات لأشهر الفنانين، كبيكاسو ومونيه.