تأمين الحاجات الأساسية للطفل من ضرورات التربية السليمة، والأهمية ترجع لأنها الضمان الوحيد لنشأة طفل سوي نفسياً وصحياً وعاطفياً واجتماعياً، والخطوة الأولى تبدأ بالتعرف إلى احتياجات كل مرحلة عمرية للطفل على حدة بملامحها النفسية والمادية ومشكلاتها كذلك، والأهم كيفية التعامل مع الطفل بصورة أفضل، ليصبح هذا النهج المطلب الأسمى الذي يسعى إليه معظم الآباء.
والآن عليك أن تسألي نفسك: هل تقتصر علاقة الآباء بأطفالهم على توفير الطعام والشراب والكسوة فقط؟ وماذا قدمت أنت من كل هذه الأساسيات التي ذكرها الأطباء، وأُفردت من أجلها البحوث والدراسات؟ وكم تمتلكين من مهارات الصبر والهدوء والتقبل والمرونة في تعاملك مع طفلك؟
في هذا التقرير سنتناول هذه الاحتياجات الأساسية للأطفال بعامة، ثم نخصص الكلام بالتفصيل عن المراحل العمرية من 5-11 عاماً، اللقاء واستشاري طب النفس وتعديل السلوك الدكتور بهاء أحمد الدالي للشرح والتفسير.
الاحتياجات الأساسية للأطفال بعامة
هناك العديد من الاحتياجات الأساسية التي يجب إشباعها وتحقيقها لدى الطفل؛ حتى يشب سوياً طبيعياً، ويتمتع بقدر كاف من الصحة الجسمية والنفسية والعقلية، وأهم الحاجات الأساسية للأطفال هي:
- الحاجة إلى إشباع الحاجات العضوية الفسيولوجية: كالمأكل والمشرب والتنفس والإخراج، والنوم والراحة والمسكن المناسب، والعلاج من الإصابة بالأمراض.
- الحاجة إلى الشعور بالأمن والاطمئنان: فالأطفال بحاجة دائمة إلى الشعور بالحب والتقبل والعطف والحنان والعناية والرعاية، وبصفة خاصة من الوالدين والإخوة والأخوات.
- الحاجة إلى اللعب والمتعة: حيث يميل الأطفال إلى الحركة والانطلاق، وهذه الحاجة تشبع لديهم الشعور بالمرح والسعادة والسرور، واكتساب المهارات الاجتماعية والحركية.
- الحاجة إلى الشعور بالاستقلال والحرية: حيث يميل الأطفال إلى القيام ببعض الأعمال بأنفسهم، ودون مساعدة من الآخرين، مما يشبع بداخلهم الشعور بالاستقلالية، واستهلاك طاقتهم الزائدة.
- الحاجة إلى المعايير الدينية والقيم الأخلاقية: حيث يحتاج الطفل إلى الضوابط والمعايير التي تضبط سلوكياته وأفعاله وتصرفاته، ويتعرف من خلالها إلى الحلال والحرام والصواب والخطأ.
- الحاجة إلى التقدير الاجتماعي: وتمثل حاجة الأطفال إلى الشعور بمكانتهم وأهميتهم ومركزهم داخل الأسرة والمجتمع، وتعطيهم الحرية للتعبير عن رأيهم واحترام أفكارهم، وهوايتهم ورغباتهم المشروعة.
- الحاجة إلى جماعة الرفاق والصداقة: وتلك الحاجة تمثل ضرورة أساسية لدى الأطفال، وتعني النمو والنضج، والتفاعل الاجتماعي السليم مع أقرانه وأصدقائه وكل المحيطين.
- الحاجة إلى الشعور بالنجاح والإنجاز: حيث يحتاج الأطفال بصفة عامة إلى الشعور بالنجاح والتفوق والقدرة على الإنتاج والإنجاز، وبالتالي الحصول على التقدير والإشادة والاستحسان من المحيطين حوله.
- الحاجة إلى الإرشاد والتوجيه: يحتاج الأطفال دائماً إلى الملاحظة والمراقبة والنصح والتوجيه، وهذا يعد في حماية وسلطة في الوقت نفسه من الوالدين والراشدين؛ تحمي الطفل وتحافظ عليه وتعدل من سلوكياته إلى الأفضل.
احتياجات أساسية للطفل من 5 حتى 11 سنة
أثبتت معظم الدراسات التربوية والنفسية أن الاتفاقيات المباشرة الصريحة مع الطفل في هذا العمر تحديداً، لها أثرها الطيب على سلوكه، والصداقة بين الوالدين والطفل التي تبدأ في المرحلة المبكرة، يسهل استمرارها في المراحل التالية، وهي الأكثر صعوبةً وتعقيداً، فاحرص أيها الأب وأيتها الأم على تأمين الحاجات الأساسية لطفلك أولاً، لتستمتعا بعد ذلك بصداقته طوال العمر.
احتياجات الطفل: 5 سنوات
الطفل في هذه المرحلة العُمْرية يحتاج إلى الاحتضان كثيراً، وسيكون هذا بمثابة أساس لاستكشافه العالم، واستقلاليته وشعوره بالثقة لتكوين علاقات صحّية وسليمة فيما بعد.
شجع الطفل على أي شيء به حركة، خاصةً إن كان ذلك في إطار مجموعة أو فريق، سيتعلم الطفل من ذلك مبادئ كالتناوب والتكيف مع الآخرين والعمل الجماعي، والتفاهم والتنازل والروح الرياضية.
خصص وقتاً يومياً للعب مع طفلك وقضاء الوقت الخاص معاً، سيمنح ذلك طفلك الفرصة ليدخلك إلى عالمه، فتفهم ما يجري في حياته وداخل عقله الجميل.
إن طرح عليك أسئلة محرجة، فأجب بكل بساطة دون توتر، ودون أن تولي الأمر اهتماماً مبالغاً فيه، وإلا زاد فضوله، وأشعره بأن هذا أمر طبيعي، مع التركيز على خصوصية بعض المناطق من الجسم لحمايته من أي إساءة.
طرق ونصائح للتعامل مع أسئلة طفلك المحرجة
احتياجات الطفل: 6 سنوات
يحتاج الطفل أن تشير إلى ما أحسنَ فِعْله وأن تمدحه، امتدِح المجهود أكثر من النتيجة، واجتنِب المديح الزائد واحرِص على أن تُعرّفه بأنه مُميَّز، وكذلك الآخَرون من دون تدليل زائد.
احتياجات الطفل: 7 سنوات
أنصِت إلى ما يقوله، وأيد مشاعره وتعاطف معها، واعلم أنك لستَ مضطراً لأن تُوجِد حَلاً لمشكلاته، ناقِش مع طفلك كيف يمكنه أن يحل المشكلات التي يواجهها، أعطِه مساحةً وشجِّعه على التوصل إلى حلول بنفسه، واجعَل تركيزك على الإيجابيات.
احتياجات طفل السنة الثامنة
حين تمتدح سلوكه الجيد، كن مُحدَّداً فيما يتعلق بما فَعَل، وأجتنِب المجادَلات قدر ما تستطيع، فتفكيرهم في هذه المرحلة سوف يعني أنه حتماً على حق، لذا عليك أن تطلب من طفلك أن يشرح وجهة نظره، وأن تشجّعه أن ينظر للأمر من زوايا مختلفة، أيضاً اقضِ الكثير من الوقت مع طفلك لتؤسِّس علاقةً راسخةً؛ من أجل مراحل التباعُد القادمة في سنوات المراهقة.
احتياجات طفل التاسعة
وفِّر للطفل فرص الاستقلالية واتخاذ القرارات بنفسه، ولا تكن شديد الانشغال أو كثير التوجيهات، وشجِّع طفلك على أن يبدأ التفكير في الأمور من وجهة نظر أخرى، فمثلاً: اسأله ماذا قال فلان عن هذا الأمر؟ أو كيف كان يشعُر في رأيك عندما حدَثَ ذلك؟
مرحلة الطفولة المتأخرة: 10 و11 سنة
يحتاج الطفل في هذه السن أن لا تعطيه وعداً لن تتمكن من تنفيذه، لا تتجادل معه كثيراً، بل استمع إليه واتخذ قرارك، وقم بإنهاء الجدال سريعاً.
دعه يتمرد عليك في مساحات آمنة، ودعه يجرِّب أشياءَ مختلفةً، ويعبِّر عن رأيه، ويتخذ القرارات بنفسه حين يكون ذلك مناسباً.
اعرف حدودك، وكن مستعداً لتحمُّل العواقب، عندما يتخذ الطفل قراراً سيئاً.
العقاب -إن كان لابد من العقاب- يكون على السلوك، وليس هجوماً على هويّة الطفل.
ملاحظة من "سيدتي وطفلك": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.