الجميع متفقون: أساتذة تربية الطفل وعلماء الطب النفسي على أن الحب هو الطريقة المُثلى، والوسيلة الناجحة لتربية أبناء أسوياء موفقين دراسياً وحياتياً، والمقصود بالحب، نشأة الأطفال على حب الوالدين وتبادله بينهما، والعيش وسط جو من الترابط الأسري، يسوده الاحترام والرعاية من الجانبين.
والسؤال: كيف يظهر الآباء حبهم للأبناء، مع الاحتفاظ بحقهم في التوجيه والحزم وضبط السلوكيات؟ وما هي ملامح الحب الإيجابي الذي يسعد الأبناء ويساعدهم على النمو؟ وكيف يكون الحب أحدث الوسائل لتربية الطفل وعقابه كذلك؟ يجيب على التساؤلات الدكتورة فاطمة الشناوي استشاري طب النفس ومحاضرة التنمية البشرية.
حاجة الرضيع للحب
إن كان الطفل يحتاج إلى اللبن أو الطعام لكي ينمو جسدياً، فهو يحتاج إلى الحب لكي ينمو عاطفياً ونفسياً، فبدون الحب لن ينضج الطفل ويصير شاباً أو رجلاً ناضجاً.
ومن السلوكيات الصحيحة للأم واتجاهاتها الإيجابية يتعلم الطفل، والإشباع العاطفي يعد أهم احتياجات الطفل في هذه الفترة؛ لتقوي شخصيته وتضعه على الطريق السوي .
لهذا واجب كل أم أن تخاطب رضيعها وتتحدث إليه بلطف وحنان، حتى وهو لا يفهم كلماتها، ولكن عندما تستخدم- لغة الجسد- كتفيها وتعابير وجهها وابتسامتها وكل جسمها، فإنها تؤكد له حبها، وتصل رسالتها.
هذه المشاعر المتبادلة المتصلة تؤثر في الرضيع كثيراً ،حتى إن كانوا دون السنة الأولى من عمرهم؛ بوجود الطعام ينمو جسدياً، و مع إظهار الحب ينمو عاطفياً ونفسياً.
نظريات علم النفس تقول: " الطفل الرضيع يحتاج كغيره من أفراد الأسرة إلى الحب ويتعطش إليه منذ الأسابيع الأولى لولادته، مثل البالغين في بحثهم عن السعادة والكمال بالحب.
هل تودين الاطلاع على..أهم أسرار لغة الجسد؟
قواعد تربية الطفل بالحب
إصدار الأوامر بالمنزل وتفسيرها
هذا الأسلوب يساعد الطفل على تطبيقها بشكلٍ أفضل، شريطة أن يكون التفسير قصيراً؛ بينما لا يبدي الأطفال اهتماماً بالجمل الطويلة، وإصدار الأوامر دون شرح، ما يجلب للوالدين الكثير من المتاعب والإزعاج.
الامتناع عن ضرب الطفل
أو مجد دفعه، أو صفعه، أو إهانته؛ كلها أساليب تتسبّب في إخافته، وتدمير ثقته بذويه، وتُعلّمه أنّ العنف وسيلة مقبولة لحلّ المشاكل، ومن الممكن أن يستخدمها.
ضرورة ضبط النفس :
من جانب الآباء أمام بعض السلوكيّات المزعجة من الأطفال ؛ كالعناد، أو الردود غير المُهذّبة، رغم أنها جزء ومرحلة طبيعية من عمليّة النمو ؛ لذا يجب على الوالدين ضبط النفس والتحلّي بالصبر.
متى تنتهي فترة العناد عند الأطفال؟
على الوالدين التعبير عن حبّهما:
نعم إعلان الحب لطفلهما بشكلٍ صريحٍ وواضح؛ كقول: "أنا أحبّك دائماً" حتّى في الأوقات التي يطلبان منه تعديل سلوك معيّن، أو وقت إخباره عن عدم رضائهما عن شيء فعله.
معرفة الطفل لما يجب فعله وما عليه تجنّبه:
فإذا كان الطفل كبيراً بما يكفي ليفهم ما طُلب منه، يُمكن إخباره بذلك مباشرة، أمّا إذا كان الطفل أصغر سنّاً، فيجب على الوالدين اكتشاف ما يستطيع فعله.
"أحبك" كلمة يجب ترديدها مرات:
نعم ! إن أهم شيء أن يتذكر الآباء قولها للطفل على نحو متكرر؛ والأطفال يحتاجون إلى الشعور بالحب بطرائق مختلفة، بما في ذلك أن يقال لهم، إنهم موضع الحب والاهتمام.
أن يخبروهم بحبهم:
على الآباء أن يخبروا أطفالهم بحبهم، بدافع رغبتهم في ذلك؛ ومن دون سبب محدد أو لفعل صواب قام به الطفل، وتذكري أيتها الأم دائماً ألا تستخدمي عبارة أحبك لتهدئة المناخ قبل عرض مشكلة تحتاج لمواجهة بينك وبين الطفل.
لا تفوتك فرصة ملامسة أطفالك:
أطفالك صغاراً كانوا أو كباراً، عليك باحتضانهم في كل وقت، ليشب الأبناء بالحب؛ كأسلوب حياة وتربية و منهج لا بد من التعامل به بشكل يومي، حتى يتعاملوا به هم أيضاً مع الآخرين.
أن يتخذ الآباء الحب منهج حياة يسود بينهم:
وتعويد الأبناء على الحب مهمة ليست صعبة، ولكن يمكن أن نتخذه منهج حياة يسود بين أفراد الأسرة أولاً، ليكون الحب مستقبلاً هو المحرك الرئيسي للتعامل.
سيدتي الأم: قدمي الهدية رشوة ليحبك طفلك:
تربية الأبناء بالحب إحدى طرق التربية الحديثة، ولكن يحدث أحياناً أن يصعب تعليم ابنك أن يحبك دون شروط، أو مقابل كالرشوة أو تقديم هدية، كوسيلة للحصول على الحب.
ولكن لا مانع فالهدية وسيلة جميلة للتواصل بين الأفراد على المستوى العاطفي، وفرصة لتعليمهم أن قيمة وأهمية الهدية في معناها وليس في ثمنها، وأنها لا تقتصر على شيء مادي، بل يمكن أن تكون تصرفاً معنوياً.
طرق لتقوية رابطة الحب بين الأبناء بالحزم
الحب أجمل ما يحمله الإنسان في داخله، ولكن صعاب ومشاكل الحياة وطريقة التربية قد تهدم جزءاً كبيراً من هذا الشيء الجميل، لذلك يجب أن ننتهج - نحن الآباء - الحب مع تربيتنا لأطفالنا، حتى نخرج أجمل ما فيهم.
وتكون التربية بالحب والحزم معاً، فالأطفال يحبون ويتأقلمون مع القواعد والحدود والنظام، ويحتاجون أيضاً إلى أن تكوني حازمة في توضيح التصرف الصحيح من الخاطئ.
لا تتردي في وضع القواعد وتنفيذها، سيحبك أولادك- لا شعورياً- لأنك أم حازمة وواضحة وتضعين القواعد التي يلتزمون بها ويتعلمون بها التصرف الصحيح من الخاطئ.
استمعي لأبنائك: حتى لو كانوا لا يجيدون التعبير عما يريدون بالكلام، في السنوات الأولى من العمر لن يعرف أبناؤك أحداً أفضل منك، فاستمعي لهم، ففي بعض الأحيان كل ما يحتاجه الطفل هو أن يتكلم.
عندما تستمعين إليهم سيتعلمون أن يستمعوا للآخرين، وعليه فأنت لا تخدمين أبناءك فقط، ولكنك تربين أولاداً يستمعون للآخرين، وأتيحي لهم الفرصة لمساعدتك في أشياء بسيطة، ما يعزز الحب بينك وبينهم.
لا يجب أن يكون أسلوب التربية مملاً ومتعباً، احرصي على الاستمتاع به وإضافة قدر من المرح لتعزيز الحب بينك وبين أبنائك، ومن جانب ثانٍ ابعدي طفلك عن مشاهد العنف في التليفزيون.
وراقبي برامج ومسلسلات الأطفال التي تتسلل من خلالها فكرة العنف إليهم، وسيحبك أبناؤك لأنك لا تضربينهم ولا تعاقبينهم جسدياً، وسوف يتعلمون أن هذا خطأ ولن يتصرفوا بهذا الشكل في حياتهم أبداً.
ومن الحب أيضاً أن تكوني موجودة دائماً بجانبهم، وتشعريهم بحبك ليحبوك إلى الأبد، وأن تكوني عقلانية، فلا تُحمّلي أطفالك فوق طاقتهم ولا تطلبي منهم ما لا يعرفونه أو يفهمونه، فتزداد ثقتهم بأنفسهم.
* ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.