تكوين صداقة من المهارات التي ينبغي أن يتعلمها الطفل مع بداية دخوله مرحلة الحضانة، وعلى الأم أن تدرك أن الأمر ليس بالسهل؛ فسيظل الطفل يتعلم ويحتاج إلى الكثير من الفرص لدخوله في علاقة صداقة، وممارسة كونه صديقًا جيدًا ومقبولًا معًا، ومن الناحية النفسية والتربوية يحتاج الأطفال عمومًا لاكتساب بعض المهارات الاجتماعية بداية من عمر ثلاث سنوات وربما قبل؛ حيث يمارس العديد منهم- فعليًا- من خلال بعض الأنشطة مع أطفال آخرين في المنزل أو مع أبناء الأقارب أو الجيران ومن خلال التمارين الرياضية.
والأطفال في هذا العمر حريصون على تكوين صداقات، وبحلول أربع سنوات يتمكن معظمهم من التمييز بين "صديقي" والأطفال الآخرين الذين يعرفونهم، ويكون لديهم فكرة واضحة عن أصدقائهم ويمكنهم تسميتهم، بل إنهم يبحثون عنهم ويلعبون معهم، وفي هذا الشأن نجد بعض الأطفال يستجيبون ويكوّنون صداقات بسهولة، بينما يجد آخرون صعوبة في تكوين الصداقات ويحتاجون إلى وقت لمشاهدة ما يحدث قبل الانضمام إلى أي مجموعة.
وبمناسبة قدوم عام جديد 2025: ما رأيك في إعداد أمسية تحكين فيها وتسردين حكايات عن أهمية الصداقة للطفل ووجوب الاحتفاظ بصديق، ومع قراء "سيدتي وطفلك" أدار الحديث الدكتور محسن بيومي أستاذ علم النفس بمعهد البحوث.
مساعدة الأطفال -قبل المدرسة- على تكوين صداقات
- قومي بمنح طفلك فرصة اللعب مع أطفال آخرين، ومن الجيد أن يبدأ تكوين الصداقات بصديق أو صديقين، بدلاً من الكثير من الأطفال خاصة إذا كان طفلك خجولًا أو بطيئًا في المواقف الاجتماعية.
- تحدثي مع طفلك حول من يلعب معه، ولماذا يحب اللعب معه، وأنواع اللعب، ثم يمكنك التحدث إلى الآباء الآخرين حول مواعيد اللعب سواء في منزلك أو في حديقة أو في مكان آخر.
- امنحي طفلك وأصدقاءه خيارات مختلفة للعب على سبيل المثال، يمكنك أن تقولي: "هل ترغبون في اللعب بالمكعبات أو السيارات؟" وامدحيهم عندما يتفقون على قرار واحد.
- ضعي ألعاب طفلك الخاصة بعيدًا عندما يأتي الأصدقاء، هذا يمكن أن يوقف الجدال والنقاش بينهم من البدء، وانتبهي فقد يكون من المطمئن لطفلك أن يكون بالقرب منك، خاصة إذا كان الأطفال لا يعرفون بعضهم البعض جيداً.
- راقبي ما يحدث؛ سيساعدك هذا في معرفة ما إذا كان الأطفال يستمتعون فقط ببعض اللعب الخشن، أو ما إذا كان اللعب يخرج عن نطاق السيطرة، وعندما تصبح الأمور صعبة للغاية فسيحتاج الموقف إلى التدخل.
- ضعي حدًا زمنيًا لتاريخ اللعب أو تشغيل الجهاز، فعندما يتعب الأطفال فغالبًا ما يجدون صعوبة في التعاون والاستمرار، لهذا من الجيد إنهاء وقت اللعب مع رغبة الجميع في القيام بذلك مرة أخرى في وقت لاحق، وابعدي عن طفلك بعض الوقت عندما يصبح أكثر ثقة، على الرغم من أهمية أن تكوني على دراية بما يحدث.
خطوات تكوين مهارات الصداقة لدى طفلك
يختار بعض الأطفال اللعب مباشرة مع الآخرين؛ فيتعلمون بشكل غير مباشر المهارات التي تساعدهم في تكوين صداقات الآن وفي المستقبل؛ مثل كيفية المشاركة والتناوب والتعاون والاستماع وإدارة الخلافات ورؤية وجهات نظر الأخري.
مهارات الصداقة تظهر لدى الأطفال أيضًا حالة اللعب في ركن المنزل، ويكون عليهم أن يقرروا أيضاً الأدوار التي يجب عليهم القيام بها، وماذا يفعلون، ومعها يتعلمون كيفية الاستجابة للآخرين، ما يمنحك أساسا جيداً لمساعدته على تكوين صداقات بطريقة تناسب مزاجه.
التفاوض عند اللعب مع شقيقه بالمنزل، وتحديد ما سيلعبه أو من سيستخدم لعبة معينة، وهنا يمكنك وصف وشرح ما يحدث وقول: هذه فكرة رائعة أن تستمع لبعضكما البعض قبل أن تقرر ما الذي ستلعبه.
ولأن التحدث والاستماع من المهارات المهمة لتكوين الصداقة، يمكن أن تكون الوجبات العائلية وقتًا رائعًا لممارسة هذه المهارات، وإعطاء طفلك فرصة لممارستها.
ومن المهارات أيضا: تعليم الطفل ثقافة تقبل الفوز والخسارة ،ويمكنك سيدتي الأم أن تكوني نموذجًا لها، عندما يمارسها الطفل أثناء الأنشطة العائلية،على أن يكون معلم طفلك قادراً على مساعدتك بتقديم المشورة.
مهارات أساسية لن يتعلمها طفلك في المدرسة..فلا تتجاهليها
عندما يتصرف الأطفال بعدوانية
علمي طفلك أن الخلاف العرضي مع صديق أمر طبيعي، ولكن إذا بدأ الصراخ أو الضرب فعليك التدخل وتوجيه سلوك الأطفال، وكوني واضحة بشأن ما يجب أن يتوقف ولماذا.
اللعب الفردي عادة لا يدعو للقلق في الواقع، غالبًا ما نرى طفلين يلعبان جنبًا إلى جنب كل منهما يقوم بأشيائه الخاصة، وهذا لأن الأطفال في هذا العمر ما زالوا يتعلمون كيفية اللعب معًا.
إذا بدا طفلك غير متأكد من كيفية المشاركة في اللعب، أو أن الأطفال يتركونه في كثير من الأحيان، أو إذا كان هو نفسه لا يريد اللعب مع الآخرين، فهناك أشياء يمكنك القيام بها للمساعدة مثل:
شجعي طفلك على مشاهدة ما يفعله الآخرون؛ حتى يتمكن من معرفة كيفية الانضمام إليهم.
تحدثي عن الطرق التي يمكن لطفلك أن يبدأ بها اللعب ودعوة الآخرين للانضمام.
أشرحي لطفلك أنه من الطبيعي أن يشعر بالوحدة في بعض الأحيان، وأن معظم الناس لا يتفقون مع كل شخص يقابلونه.
قومي بالتخطيط - قبل دخول المدرسة- لبعض مواعيد اللعب مع أطفال آخرين، ما يساعد على شعور الطفل بثقة أكبر.
تحدثي إلى معلمي المدرسة واشرحي ما يحدث إذا كان طفلك يتحدث عن مشاكل مستمرة في اللعب مع أصدقاء المدرسة في المرحلة الأولى، أو مشاكل مع بعض الأطفال على وجه الخصوص.
أهمّية وجود الصداقة في حياة الطفل:
الشعور بالانتماء: تُساعد الصداقة الطفل على الشعور بالانتماء إلى مجموعة، فهو بحاجة لتقوية الأنا الداخليّة، أو للتأكّد من أنّه جذّاب ومرغوب، وعند إشباع رغبته هذه، تتعزز ثقته بنفسه.
الصداقة شيء مهم في حياة الأطفال: حيث تساعدهم على نمو اجتماعي سليم تعكس نموًا نفسيًا متوازنًا، الصداقة عنصر فاعل في تنمية الشخصية السوية.
صداقة الأطفال تتخذ مذاقًا خاصًا: تحكمه البراءة في التعامل التلقائي، والميل الطبيعي للتعاون، المشاركة في الأسرار، الاهتمام المتبادل، التسامح والعمل الجماعي والمصالحة مع الآخر.
للصداقة فوائد كثيرة منها:
اندماج الأطفال مع المجتمع بشكل سوى، وعندما يكون ذلك منذ الصغر فإنه يبعد عنهم شبح العزلة والانطوائية التى قد تعرض الأطفال للكثير من الأمراض النفسية؛ مثل الإصابة بأمراض الفصام؛ نتيجة للخوف وعدم الثقة بالنفس.
الصداقة تشكل العالم الخارجي للطفل، حيث يصب فيها الطفل طاقته من النشاط واللعب والتفاعل معهم، بروح المنافسة الإيجابية بعيدا عن العنف.
على الآباء الاهتمام بتحفيز أبنائهم على تكوين صداقات مختلفة، وتعليمهم أسس اختيار الصديق الأمثل، وكذلك طرق التواصل معه والحفاظ على استمرارية العلاقة بينهما.
للآباء دور هام في تشكيل الوعي لدى الأبناء، بأهمية تكوين الصداقة بشكلها الصحيح من خلال الأقارب والمعارف، سواء في المدرسة أو النادي والجيران.
ويكون إرشاد الطفل من بعيد دون تدخل مباشر، و مراقبة اختيار أصدقائه بطريقة غير ملفتة للصغير؛ حتى لا يشعر أنه مراقب في كل تصرفاته.
وهذا يجعله غير مستمتع بجوانب الصداقة المختلفة، وقد يبتعد عن تكوين صداقات، طالما أنه لن يتوفر لديه حرية اختيار الصديق وطريقة تعامله معه.
لابد أن يتمتع الصغير بالحرية في طريقة اختيار وتكوين الصداقات، حتى إذا أخطأ، وسوف يظل هكذا بين الصواب والخطأ حتى يجد الصديق المناسب الذي يروى عطشه بدلًا من الجلوس وحيدًا أو اللعب بمفرده.
المهم في الصداقة أن يتعود الطفل منذ الصغر على أن يكون مع آخرين قد يكونون زملاء أو أصدقاء أو أقارب، والانخراط والاندماج معهم كفيل بأن يحرك غريزة الصغير في أن يبحث عن الصديق الخاص به.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طيب متخصص.