تقع بعض الأمهات في خطأ كبير حين يعتقدن ان الطفل لا زال صغيرًا، وكل ما يهمه أن يأكل ويلعب وينام، وتغفل الأم أن الطفل يبدأ وفي سن مبكرة في البحث عن ذاته وكيانه واستقلاله الشخصي كشخصية مستقلة لها رأيها وكيانها وسط أفراد الأسرة، خاصة لو كان هناك عدة أطفال في العائلة، ولذلك فالأمهات يقعن في هذا الخطأ بأن الطفل لا يتأثر باسلوب التهميش والتوبيخ مثلًا، رغم أنه يقلل من شخصيته وقيمته أمام نفسه وأمام الآخرين.
كما تهتم الأم بصحة طفلها ورعايته فيجب أن تسعى لكي تربي طفلًا ذا شخصية قوية واثقة من نفسها، وتبدأ هذه الثقة في قدرة الطفل على تقدير ذاته ومعرفة إمكانياته وقدراته، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عبد الحكيم ابو جبارة، حيث أشار إلى 3 أسئلة وجهيها لطفلك لكي يستطيع تقدير ذاته وبناء ثقته بنفسه، بناء على شعوره بقيمته ودوره الفعال في العائلة والمجتمع، ومن بينها مثلًا سؤاله عن الشخص الأكثر قربًا منه وغيرها في الآتي:
السؤال الأول: ما أكثر صفة تحبها في نفسك؟
- وجهي هذا السؤال المباغت لطفلك، حين تجلسين معه في جلسة هدوء وراحة ومصارحة، يعني أن تتفرغي كليًا لكي تكوني بكل حواسك ومشاعرك مع طفلك وتسألينه عن نفسه، فأنت حين تلقين هذا السؤال عليه في لحظات الهدوء التي تعم المنزل في المساء مثلًا، وبعد الانتهاء من حل الواجبات وبدء الاستعداد لقضاء وقت طيب أمام شاشة التلفاز، يمكنك أن تسألي طفلك هذا السؤال وهو عن أكثر صفة يحبها في نفسه، وهنا سوف يخبرك الطفل عن صفات يراها في نفسه ويتمنى أن تريها في حال أنك لم تكوني تقدمين له التقدير المناسب، وقد يرد عليك بأنه يرى نفسه إنسانًا جيدًا بلا أخطاء، وهنا يجب أن تنتبهي من محاولة طفلك لإخفاء عيب في شخصيته أو مشكلة لديه في تقديره لذاته، وعليك مساعدته في وضع يده عليها.
- قومي بسؤال طفلك هذا السؤال لكي يشعر طفلك بالفخر بنفسه وبأنك تقدرينه كإنسان مهم وفعال في الأسرة، وبأن الصفات الجيدة والطيبة التي يتحلى بها تسهم بشكل كبير في تكوين أسرة متحابة ومتماسكة، وحين ترين الخجل قد بدا على طفلك يمكنك أن تساعديه في الرد على هذا السؤال مثل أن تسأليه: ألا ترى معي أنك طفل معطاء؟ وهذا السؤال سوف يعزز من ثقة طفلك بنفسه، وهذا السؤال الذي سوف تلقينه عليه من طرق لتقوية ثقة طفلك بنفسه بالإضافة لطرق أخرى يمكن اتباعها، وحين تسألينه هذا السؤال يمكنك تذكيره بالمواقف التي ظهرت فيها هذه الصفة لديه، مثل مساعدته لإخوته الصغار أو تبرعه بأشياء لديه لأطفال فقراء أو قضاء بعض الوقت مع المسنين وكبار السن.
السؤال الثاني: من هو الشخص الذي تحب أن تتواصل معه دائمًا؟
وجهي السؤال الثاني لطفلك وتوقعي الإجابة عليه، ولكن لا تبدي ابتهاجك التام ويجب أن تردي على هذا السؤال بخيار آخر لديك، فحين تسألين طفلك عن أكثر شخص يحب أن يكون بالقرب منه، فمن الطبيعي أن يكون رده أنه يحب أن يكون قريبًا منك دائمًا، فيجب أن تقولي له وماذا عن الأب، لأنه من الضروري أن يكون الطفل مستشعرا لأهمية دور الأب في الأسرة وبالتالي فيجب أن يعرف الطفل أن مساحة الأب والأم لديه يجب أن تكون متساوية، وحين تسألين طفلك هذا السؤال فأنت تساعدينه في تقدير ذاته؛ لأنك قمت بمنحه فرصة للصراحة، إضافة لأنه حين يشعر بقيمة الوالدين في حياته فسوف يزداد ثقة بنفسه، وبأن لديه والدين رائعين، كما أنه سوف يقدر ذاته، وحين يقدر الإنسان ذاته فهو يفرض على الآخرين احترامه وتقديره.
السؤال الثالث: أخبرني عن أشياء تفرحك وأخرى تحزنك
- وجهي لطفلك سؤالًا يتكون من شقين، وهو عن الأشياء التي تفرحه وبالمقابل عن الأشياء التي تحزنه وتصيبه بالغضب أيضًا وليس فقط الحزن، وهذا السؤال الذي يجب أن تقوم الأم بطرحه على طفلها لكي تستطيع أن تلتقط جوانب القوة والضعف في شخصيته، ووضع طريقة للتعامل معها، كما أن الطفل نفسه سوف يكتشف أن تقديره لذاته يأتي من باب أن يعرف أن هناك أشياء يمكن الاستغناء عنها ولا يجب التعلق بها، كما أن أهمية الأشياء تكون تدريجية، فهناك شيء أو نظام يعرف بالتخلي فليس بالضرورة أن يكون حب الطفل لأداء الواجب فوق طاولة المطبخ يعني ألا يحل الطفل واجبه المدرسي إلا فوق هذه الطاولة وفي وجود أمه.
- انتظري من طفلك أن يجيبك عن الأشياء التي تغضبه وهي قد تكون بسيطة أو تافهة بالنسبة لك، ولكنها ليست كذلك بالنسبة للطفل، ولذلك فيجب أن تقدري مشاعره، وتقدير مشاعر الطفل من أهم الخطوات التي تعزز ثقته بنفسه وتشعره بقيمته في أسرته، وبأنها تفرح لفرحه وتحزن لحزنه، وبالتالي فيجب أن تتناقشي معه حول الأمور التي يخبرك أنها تزعجه وتأخذي الأمر بجدية وتحاولي حلها معه.
- ضعي يدك على هواية أو مهارة لدى طفلك وساعديه على تنميتها ويجب أن تعرفي أن هوايات الأطفال تبدأ معهم في عمر مبكر جدًا، كما أن معظم الأبطال حول العالم يؤكدون أن حبهم لمهارة معينة في صغرهم كان الدافع الأول لهم لتنمية هذه المهارة وتحولهم إلى أبطال فيها، فيمكنك أن تستغلي حب طفلك لنبش أرضية الحديقة أو سقي الزرع لكي تكتشفي مهارات البستنة وتنسيق الحدائق والزهور لديه، وهكذا يجب ألا توبخي طفلك أنه يلوث ملابسه بل هو يكتشف الطبيعة من حوله حين يلعب بالتربة وينبش أرضية الحديثة ويحاول أن يزرع بذورًا أو فسائل صغيرة بيديه الصغيرتين.
قد يهمك أيضًا: ما أهمية التواصل النوعي مع الطفل لتعزيز ثقته بنفسه وبناء شخصيته المستقبلية؟
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.