مع تسارع وتيرة الحياة بات القلق والتوتر أمراض العصر، ما دفع إلى مزيد من الاهتمام بالصحة النفسية والتقنيات التي يمكن أن تساعد في تخفيف التوتر والقلق الذي يواجهه العديد من الأشخاص في حياتهم اليومية.
التوتر والقلق في البدايات هي اضطرابات يمكن السيطرة عليها وعلاجها بسبل غير دوائية، ورغم ذلك مضمونة الفعالية، وهو ما ناقشناه مع استشارية الصحة النفسية والجسدية والمعالجة بالطب الصيني مها بنورة، التي نصحت بمجموعة من التقنيات الفعالة والبسيطة التي يمكن تطبيقها في أي وقت، وتساهم في ضبط الجهاز العصبي وتخفيف التوتر.
إعداد: إيمان محمد
تقنيات الحدّ من التوتر والقلق
تؤكد الاختصاصية بنورة بداية على أن التوتر و القلق من الحالات التي يمكن السيطرة عليها من دون الحاجة لتركيبات دوائية، لكن إهمال الحالة يتسبب في تفاقمها وربما الوصول إلى حدّ لا تعمل معه التقنيات الطبيعية والبسيطة. وشرحت من جانبها مجموعة من التقنيات الفعّالة في الحدّ من القلق والتوتر، وهي:
التنفس العميق
أبسط شيء يمكن القيام به حيال حالة التوتر، هو الجلوس والتنفس بعمق. ترى بنورة أن التنفس العميق أحد أكثر التقنيات فعالية وبساطة في الحدّ من التوتر. والمقصود هنا ليس التنفس المعتاد الذي نمارسه للبقاء، بينما طرق أخرى في الشهيق والزفير التي تساعد على الاسترخاء.
طريقة التنفس العميق
الطريقة المثلى لممارسة التنفس العميق تبدأ باختيار شكل مريح للجسم، قد يكون من خلال الجلوس على كرسي أو التمدد على الأرض أو الاستلقاء على أريكة أو سرير. بمجرد أن تكوني مرتاحة، أغلقي عينيكِ وابدئي في أخذ نفس عميق من الأنف أولاً، وتوقفي ثواني، ثم قومي بالزفير ببطء من الفم.
يمكنكِ تكرار نفس الطريقة عدة مرات، ويفضل أن يكون العدد سبع مرات على الأقل.
وتنصح الاختصاصية النفسية بالتركيز التام خلال عملية الشهيق والزفير لضمان الحصول على الاسترخاء، فكلما استنشقت الأكسجين بعمق من الأنف، يتم تزويد خلايا الدماغ والجسم بالأكسجين اللازم لتغذيتها وتحفيز وظائفها الحيوية. أما خلال الزفير، ففكري وكأنك تتخلصين من الأفكار أو المشاعر السلبية، ما يساعد على تحسين أداء الجهاز العصبي والتخفيف من حدّة التوتر.
لا يوجد وقت محدد لممارسة التنفس العميق، يمكنكِ اختيار الوقت وفقاً ليومك ومهامكِ. لكن الأهم هو التركيز لأداء التنفس العميق بالطريقة الصحيحة.
شرب الماء
نعم، قد تبدو نصيحة درامية، لكن الاختصاصية بنورة قدمتها كوسيلة للحدّ من التوتر والقلق، وعزت أهمية شرب الماء إلى دوره في الحفاظ على التوازن الداخلي للجسم، والذي ينعكس بدوره على الجهاز العصبي. وقالت إن الجفاف، حتى ولو كان طفيفاً، تتأثر به وظائف الخلايا العصبية وتقل قدرتها على نقل الإشارات بشكل فعال. لذلك، من المهم الحفاظ على ترطيب الجسم بشكل منتظم، وخاصة في الأوقات التي يزيد فيها التوتر. حتى أن شرب الماء نصيحة متداولة حال ملاحظة أن شخصاً ما يعاني من الشعور بالتوتر المفرط، فهذا التصرف يساعد في الحفاظ على الاستقرار العاطفي والذهني، وبالتالي تقليل فرص حدوث نوبات القلق.
الرياضة
الرياضة أساس لصحة الجسد والعقل، وعندما ينتظم أي شخص في ممارسة التمارين الرياضية، فإن معدلات الشعور بالتوتر تنخفض. ليس من الضروري أن تمارسي رياضة احترافية في صالة الألعاب الرياضية، فالرياضات الخفيفة مثل المشي، تساعد في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، والتي تساهم في تحسين المزاج والشعور بالراحة. الرياضة ليست فقط مفيدة للجسم، بل تساهم أيضاً في تعزيز الصحة النفسية من خلال تحسين النوم وتقليل مستويات التوتر والقلق.
التأمل والاسترخاء
التأمل والاسترخاء تقنيات تساعد على تصفية الذهن من الضغوط، لذلك هي طرق أساسية في رحلة السيطرة على التوتر والقلق. وترجع أهمية التأمل والاسترخاء إلى أنها واحدة من أهم الأدوات التي تحسّن التركيز الذهني وتقلل من التفكير السلبي. هذه الطريقة يتخلص من خلالها الفرد من الأفكار المسببة للازعاج والقلق، كما تتاح له فرصة إعادة النظر للأشياء نفسها بطرق مختلفة. يمكن أن يُمارس التأمل في أي وقت، ويمتاز بأنه لا يتطلب معدات خاصة أو مكاناً محدداً.
اقرئي أيضاً أهم 10 نصائح لتحسين الصحة النفسية للمرأة لا تفوّتي قراءتها
تحسين جودة النوم
اضطراب النوم يؤثر على الجسم والعقل، ويرتبط مباشرة بالقلق والتوتر، لذلك هو جزء من العلاج. الحصول على قسط كافٍ من النوم يمنح الجهاز العصبي فرصة للراحة والتعافي. لذلك، من الضروري الحفاظ على نمط نوم منتظم والالتزام بساعات نوم كافية يومياً لتجنب التأثيرات السلبية على الحالة النفسية.
ورغم انتشار القلق والتوتر وتأثيرهما على جودة الحياة، فإن اتباع النصائح السابقة مثل التنفس العميق، شرب الماء، ممارسة الرياضة، التأمل، والحفاظ على نمط نوم جيد، يمكن أن يحسن قدرة الفرد على التعامل مع التوتر وتحقيق التوازن النفسي.
وتختتم الاختصاصية بنورة قائلة: "إن لم تكن هذه التقنيات فعّالة، ومازلت تشعرين بتفاقم الحالة تجب استشارة اختصاصي حتى لا يتحول الاضطراب إلى مرض ويؤثر على حياتكِ. كما أن هذه التقنيات لن تحل الأمر في ليلة وضحاها بينما فعاليتها ترتبط بشكل وثيق بالانتظام والاستمرارية والتزام الشخص في العناية بنفسه".
* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.