التأمل هو ممارسة قديمة تعتمد على تهدئة العقل والتركيز على اللحظة الحالية بهدف تحقيق السلام الداخلي والانسجام النفسي، في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه الممارسة تحظى بشعبية متزايدة في العالم، وفي العالم العربي خصوصاً بسبب الفوائد الصحية والنفسية التي تعود بها على الأفراد.
إليك تجربتي في ممارسة التأمل وأثره على الصحة النفسية وفق اختصاصية علم النفس فانيسا حداد:
ما هو التأمل؟
التأمل هو تقنية تدرّب العقل على التركيز والاسترخاء من خلال أساليب مختلفة تشمل التنفس العميق، التأمل الموجّه، أو حتى الجلوس في صمت والتأمل في الطبيعة أو الذات، لا يتطلب التأمل معدات أو مكاناً خاصاً، ما يجعله مناسباً للجميع تقريباً.
فوائد التأمل على الصحة النفسية
تقليل القلق والتوتر
التوتر هو أحد أبرز التحديات النفسية التي يعاني منها الإنسان في العصر الحديث، سواء بسبب العمل أو الدراسة أو العلاقات، يُظهر البحث العلمي أن ممارسة التأمل بانتظام تساعد على تخفيض مستويات الكورتيزول، وهو هرمون التوتر، وبالتالي تهدئة الأعصاب وتحسين المزاج.
تحسين التركيز والانتباه
يعاني الكثير من الأشخاص من تشتت الذهن وصعوبة التركيز بسبب الاستخدام المستمر للتكنولوجيا والإفراط في المعلومات، يساعد التأمل على تدريب العقل على الانتباه للحظة الحالية، مما يعزز القدرة على التركيز وإتمام المهام بكفاءة أكبر.
زيادة الشعور بالرضا والسعادة
يعزز التأمل، من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة وتقليل التفكير المفرط في المشاكل، الشعور بالسعادة، يُعتقد أن هذه الممارسة ترفع مستويات السيروتونين والدوبامين، وهما من الناقلات العصبية المسؤولة عن تحسين المزاج.
تعزيز القدرة على التعامل مع المشاعر السلبية
يعاني كثير من الأفراد من الاكتئاب أو مشاعر الحزن والغضب التي تؤثر على حياتهم اليومية، التأمل يساعد على مواجهة هذه المشاعر بدلاً من الهروب منها، من خلال قبولها والاعتراف بها بطريقة هادئة وغير قضائية.
تعزيز جودة النوم
الأرق واضطرابات النوم هي مشكلات شائعة ترتبط بشكل كبير بالتوتر والقلق، يساعد التأمل على تهدئة العقل والجسد، مما يُسهم في تحسين جودة النوم ويجعل استرخاء الجسم أسهل.
تقوية الثقة بالنفس
يمكن أن يساعد التأمل على تعزيز الشعور بالثقة بالنفس من خلال تعزيز الوعي الذاتي والتقدير الذاتي، الشخص الذي يمارس التأمل يصبح أكثر وعياً بأفكاره ومشاعره، مما يمكِّنه من التعامل مع التحديات بثقة.
ربما تهمك قراءة 5 نصائح لتحسين الحالة المزاجية لا تدعيها تفوتك
كيف تتم ممارسة التأمل؟
إذا كنت ترغبين في الاستفادة من فوائد التأمل؛ يمكنك اتباع الخطوات البسيطة التالية:
- اختيار مكان هادئ: تأكدي من اختيار مكان خالٍ من الضوضاء والإلهاءات.
- الجلوس على نحو مريح: لا تحتاجين إلى تطبيق شكل معين في الجلوس، فقط اجلسي بطريقة تشعرك بالراحة.
- التركيز على التنفس: ابدئي بأخذ أنفاس عميقة وبطيئة، وركزي انتباهك على كل شهيق وزفير.
- استخدام التأمل الموجه: إذا كنت مبتدئة، يمكنك الاستعانة بتطبيقات أو تسجيلات صوتية تقدم جلسات تأمل موجهة.
- جعلها عادة يومية: حتى لو كان لديك وقت محدود، حاولي ممارسة التأمل لمدة 5-10 دقائق يومياً، واستمري في زيادة المدة تدريجياً.
دراسات علمية حول التأمل
يؤكد العديد من الدراسات العلمية فوائد التأمل على الصحة النفسية، على سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة JAMA Internal Medicine أن الأشخاص الذين مارسوا التأمل لمدة 8 أسابيع لاحظوا تحسناً كبيراً في مستويات التوتر والقلق لديهم، كما أظهرت دراسة أخرى أن التأمل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على وظائف الدماغ، مثل تحسين الذاكرة وتقليل الإجهاد العاطفي.
ربما يكون من الجيد الإطلاع على أكثر 10 أطعمة تساعد في تحسين المزاج والحد من التوتر
تجربتي مع التأمل
تقول سارة (35 عاماً) لـ"سيّدتي": "التأمل كان معروفاً في الثقافات الشرقية، إلا أن جذوره موجودة أيضاً في التراث العربي والإسلامي، ففي الصلاة والتسبيح والتفكر، كنت أشعر وكأنني أعيش حالة من التأمل الروحي التي ساهمت في تعزيز السلام الداخلي لديّ كلما كنت أعاني من ضيق أو حزن أو مشاكل معينة، وربما هناك العديد ممن يشاركونني هذا الرأي. كنت أستعين بالمزيد من الصلوات، فضلاً على ممارسة تمارين التنفس التي ساعدتني كثيراً في التخلص من القلق والحزن في كل مرة".
فوائد التأمل: خاتمة
التأمل هو أداة فعّالة لتحسين الصحة النفسية والعقلية، ويمكن لأي شخص الاستفادة منه بغض النظر عن عمره أو ظروفه، في ظل الحياة العصرية المليئة بالضغوطات، يمكن أن يكون التأمل بمثابة ملاذ هادئ يساعدك على استعادة توازنك الداخلي والشعور بالرضا والسعادة، ابدئي اليوم بجعل التأمل جزءاً من روتينك اليومي لتجني ثمار هذه الممارسة البسيطة والعميقة في الوقت نفسه، وفق ما أكدت الاختصاصية فانيسا حداد.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.