تظل المملكة السعودية بما يحمله وجودها بكيانها وكينونتها، وبيئتها بجغرافيتها وتاريخها، وماهيتها بهويتها وثقافتها من خصوصية وتفرد بيئة خصبة للإبداع العربي، ومعين ثقافة لا ينضب للفكر الإبداعي، ونهر زاخر متدفق للفن والادب، ينتظر من ينهل من طيب تبره ما يشاء، ويغترف من عمق جواهره من يشاء من كتاب وأدباء وشعراء وغيرهم، فيصيغ وينسج ويُحكم صنعته، والحقيقة الواضحة أن إبداعات مثقفي المملكة السعودية وأدبائها ومفكريها لم تتوقف بأي وقت ولا بأي زمان، وعندما آن الأوان لإماطة اللثام عن نهضتها الحديثة، وتطوراتها الفتية خرجت تلك الإبداعات تبهر العالم، وتذهل البشر، وفق رؤية 2030، والتي أرادت المملكة من خلالها أن تحرز قصب السبق وتمتطي صهوة المستقبل وتتبوأ مكانتها المميزة بين الأمم المتقدمة.
وفي ظل الاحتفال باليوم الوطني السعودي الـ 93 سيدتي تعرفك على أبرز المفكرين والمثقفين والأدباء السعوديين وبعض من إبداعاتهم التي أثروا بها المشهد الثقافي العربي باقتدار بالسياق التالي..
• د. غازي القصيبي الفيلسوف الكاتب
كاتب وفيلسوف وأديب وشاعر وسياسي سعودي شهير، عُين سفيرًا دبلوماسيًا للمملكة، وقد كان وزيرًا لوزارة الصناعة والثروة المعدنية، ووزيرًا للصحة، وقد درس الحقوق بالقاهرة وحصل عل الماجستير من أمريكا والدكتوراة من انجلترا، وقد كان للقصيبي ميول أدبية جادة، فقد كان معروفًا بثقافته العميقة وأفكاره المستنيرة، والتي ترجمها عبر دواوين شعرية وروايات قصصية، وهو يُعد أحد أشهر الأدباء السعوديين، وظل رمزاً ونموذجاً يحتذى به للشباب في ذلك الوقت، ولم يتوقف إبداع القصيبي في لحظة ما حتى أُطلق عليه سندباد الشعر السعودي الحديث؛ فقد استطاع أن يترجم بعضاً من أشعاره إلى اللغة الإنجليزية من خلال ديوانه المسمى (الشرق والصحراء)FROM THE ORIENT AND THE DESERT حيث استطاع من خلال الترجمة الوصول إلى قراء الإنجليزية،
من أشهر ما أثري به المشهد الثقافي العربي روايات: شقة الحرية، دنسكو، أبو شلاخ البرمائي، العصفورية، سعادة السفير، حكاية حب، رجل جاء وذهب، وفي السيرة: حياة في الإدارة، الوزير المرافق، العودة سائحا إلى كاليفورنيا، ومن أشهر دواوينه الشعرية: أشعار من جزائر اللؤلؤ، قطرات من ظمأ، في ذكرى نبيل، معركة بلا راية، أنت الرياض، العودة إلى الأماكن القديمة وغيرها.
توفي عن عمر يناهز السبعين عامًا بالعام 2010 عقب معاناة طويلة مع المرض.
• د. عبد العزيز بن عبد الله بن علي الخويطر عميد الوزراء المؤلف الأديب
أحد أهم المثقفين والمفكرين الفاعلين بالمشهد الثقافي السعودي منذ إرهاصاته الأولى، تقلد العديد من المناصب الهامة، فقد كان الوزير المفكر المحنك، والأكاديمي الموسوعي المخضرم، والمثقف العربي الذي لا يشق له غبار، وهو أمهر من تولى وجمع بين حقائب وزارية عدة، إلا أنه قبل وبعد وأثناء الوزارة، كان الأديب والكاتب الأكاديمي المذهل، ذو الإسهامات البليغة، والمساهمات الجليلة في عالم التدوين والكتب والمؤلفات،وقد تفرد بكتاباته وصياغاته وأدبياته متخطيًا عقودًا من زمن الإبداع والتجلي الأدبي أمضاها في كنف خمسة ملوك بدءاً من عهد الملك سعود وحتى عهد الملك عبدالله رحمهم الله جميعا.
أطلق على الخويطر العديد من الألقاب منها رجل الدولة الأول، صاحب الإنجازات، السياسي المحنك، المؤلف الأديب، كما أطلق عليه عميد الوزراء لكثرة الوزارات التي تولاها وتنقل بينها. واضافة على كل هذا التاريخ المشرق، إلا أن اللافت في د. الخويطر اهتمامه البالغ بالكتابة والأدب إلى جانب التاريخ من خلال العديد من مؤلفات التراث، والتي كرس من خلالها لنشر المعرفة ونقلها إلى جيل الشباب بذلك الوقت، إسهامات الخويطر الأدبية والفكرية يصعب حصرها وجمعها نظرًا لكثرتها وتعدد مجالاتها إلا أن أهم مؤلفاته كانت خمس مجلدات بعنوان "أي بني" وهي بمثابة الموسوعة التراثية الكاملة ومن مؤلفاته سلسلة موسوعة "وسم على أديم الزمن " وبلغت 44 مجلد، وسلسلة كتب " رصد لسياحة الفكر "، وسلسلة كتب إطلالة على التراث، وعشرات الكتب الأخرى في مختلف المجالات والعلوم، وغيرها الكثير
توفي الوزير المفكر الأديب موسوعي الثقافة أحد أهم الأدباء السعوديين د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر عن عمر ناهز (91) سنة، وقد رثته المملكة ومختلف الشعوب العربية بمثقفيها ومفكريها وعلمائها حزنًا على رجل قل الزمان أن يجود بمثله.
• عبده خال أول أديب سعودي يحصد جائزة بوكر العربية
أحد أشهر الأدباء السعوديين على الساحة الأدبية العربية وهو كاتب صحفي وروائي سعودي له العديد من الإسهامات الروائية الهامة والتي لفتت الانظار للأدب والرواية السعودية وأعادت لها الألق والوهج عبر العديد من الروايات والمجموعات الأدبية الإبداعية.
وعبده خال أول كاتب سعودي يحصد جائزة البوكر الجائزة العالمية للرواية العربية، عن روايته "ترمي بشرر" وقد عُرف عنه أنه الأكثر وفاءً للكتابة الروائية، وهو أحد أهم من كتبوا الرواية في وقت لم تكن بدأت فيه طفرة الكتابة الروائية السعودية التي نراها اليوم، والتي جعلتها أقرب إلى الصرعة عنها إلى الانشغال الإنساني الفكري والإبداعي (حسب الناقد سعد البازغي)
من أهم أعمال خال مدن تأكل العشب، رواية الأيام لا تخبئ أحداً، الاوغاد يضحكون، رواية نباح، رواية الطين، قالت حامدة، وشائج ماء، دهشة لوميض باهت وهي محموعة من القصص القصيرة جدًا، ومن أهم إنجازاته تبنيه هاشتاق على موقع التواصل (إكس) تويتر سابقَأ، للقصة القصيرة جدا شارك فيها أكثر من 600 كاتب من المبتدئين والمشهورين، وأصدر هذه المشاركات في كتاب عن دار مدارك باسم شقشقات وقدم ريع الكتاب وأهداه لجمعية سند لمرضى السرطان، وهي أحد اللفتات الإنسانية البليغة التي عًرفت عنه.
قدم خال كذلك: عدد من القصص المترجمة ومجموعة من قصص للأطفال مأخوذة من مجموعة «حكايات المداد»، كما ترجم له فصل من روايته «مدن تأكل العشب» إلى الإنجليزية، وكذلك إلى اللغة الفرنسية.
• جار الله الحميد أحد قامات المملكة الأدبية الشامخة
فيديو ل #جارالله_الحميد عندما حلّ ضيفاً على نشرة الرابعة على @AlArabiya رحمه الله #السعودية pic.twitter.com/VDZEiY54Ea
— Rima Maktabi (@rimamaktabi) August 4, 2022
أحد أعمدة الرواية بالمملكة وأحد قاماتها الأدبية الشامخة، إسهاماته الأدبية والثقافية يُشار لها بالبنان، وقد كان كاتب فذ وروائي قدير، وهو قاصٌ مثقف على درجة متفردة من الوعي والإنسانية والثقافة، كما كان شاعرًا مرهف الحس متوهج السليقة امتاز شعره بقوة البيان وجزالة الصياغة وفرادة التراكيب، بدأ مسيرته القصصية في 1977. حيث كان عضوا في نادي حائل الأدبي ومجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي، حيث برزت موهبته الادبية وأميط اللثام عن توهج ملكته الإبداعية، والتي أشاد بها مثقفو ومبدعو عصره بذلك الوقت، مارس جار الله الكتابة الصحفية بالعديد من الصحف العربية والسعودية على رأسها الجزيرة السعودية، والقبس الكويتية، وصحيفة عكاظ السعودية، والعربية.نت،وغيرها، وتبوأ مكانة رفيعة ومنزلة بليغة بين الأدباء السعوديين والعرب. من أعماله أحزان عشبة برية، وجوه كثيرة أولها مريم، ورائحة المدن، ظلال رجال هاربين، الأعمال الكاملة والتي تشرت بالعام (2010)، عن نادي حائل الأدبي، ومؤسسة الانتشار العربي ببيروت. توفي جار الله بالعام 2022 عقب صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 68 عام.
• د. محمد حسن علوان وجيل الشباب الواعي المثقف
روائي وأديب شاب أثرى الحياة الادبية السعودية بكتاباته الرشيقة الشابة، هو محمد حسن علوان، والذي يتقلد الآن منصب الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية (منذ العام 2020)، وقد حصل على جائزة البوكر الجائزة العالمية للرواية العربية بالعام 2017، عن روايته "موت صغير"، وهو ثالث أديب سعودي يحصد ذات الجائزة الهامة، وعلوان يمثل جيل الشباب الواعي بالمملكة تمّ اختياره عام (2010) ضمن أفضل 39 كاتب عربي تحت سن الأربعين، وأدرج اسمه في أنطولوجيا بيروت.
امتازت كتابات علوان بروحها الشبابية الغضة، وتعبيراته المفعمة بالطاقة والحيوية، وهو يعبر بقوة عن الشباب وقضاياهم ويطرح رؤاهم بأسلوب واعي متفهم، فهو أحد الأدباء السعوديين الواعيين بقضايا ومشاكل الشباب الطامحين الحالمين بمستقبل أفضل للمملكة وهو ما رشحه لتقلد منصبه الهام. يكتب علوان مقالة أسبوعية منذ ست سنوات في صحيفتيّ الوطن والشرق السعوديتين، كما نشرت له صحيفتا نيويورك تايمز الأمريكية والغارديان البريطانية مقالات وقصصاً قصيرة، صدرت له ست روايات سقف الكفاية (2002)، صوفيا (2004)، طوق الطهارة (2007)، القندس (2011)، موت صغير (2016) وكتاب واحد الرحيل نظرياته والعوامل المؤثرة فيه (2014) رواية (جرما الترجمان ) وقد فازت النسخة الفرنسية من روايته القندس بجائزة معهد العالم العربي في باريس كأفضل رواية عربية مترجمة للفرنسية في العام 2015.
